أمريكا تصادر 14 مليار دولار من بيتكوين مرتبطة برجل أعمال صيني
تاريخ النشر: 27th, October 2025 GMT
يواجه رجل الأعمال تشن تشي، البالغ من العمر 37 عامًا والمنحدر من أصول صينية، اتهامات خطيرة بوصفه "العقل المدبر لإمبراطورية احتيال إلكتروني ضخمة" وصفتها وزارة العدل الأميركية بأنها "مشروع إجرامي قائم على معاناة البشر".
ورغم ملامحه الهادئة وذقنه الخفيف التي تمنحه مظهرًا أصغر من عمره الحقيقي، فإن ثروته تضخمت بوتيرة مذهلة، إذ أعلنت وزارة الخزانة الأميركية مصادرة نحو 14 مليار دولار من عملة بيتكوين مرتبطة به، في أكبر عملية ضبط للعملات المشفّرة على الإطلاق.
لكن المفارقة أن الموقع الرسمي لشركته "Prince Group" يقدّمه بوصفه "رائد أعمال بارزًا وفاعل خير معروفًا"، مشيدًا بـ"رؤيته وقيادته التي حولت المجموعة إلى كيان اقتصادي رائد في كمبوديا يلتزم بالمعايير الدولية"، بحسب ما أوردته هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) ونقلته "العربية بزنس".
من شركة ألعاب متعثرة إلى إمبراطورية مالية
وُلد تشن في مقاطعة فوجيان جنوب شرقي الصين، وبدأ مشواره بشركة صغيرة لتطوير الألعاب الإلكترونية، إلا أنها لم تحقق نجاحًا يُذكر.
وفي نهاية عام 2010 أو مطلع 2011، انتقل إلى كمبوديا حيث استغل الطفرة العقارية آنذاك وبدأ في بناء ثروته عبر مشاريع التطوير العقاري.
جاءت هذه الطفرة مدفوعة بتوافر أراضٍ شاسعة حصلت عليها شخصيات نافذة، إلى جانب تدفق رؤوس الأموال الصينية في إطار مبادرة "الحزام والطريق" أو عبر مستثمرين صينيين يبحثون عن بدائل أرخص من السوق العقاري المحلي.
ومع تزايد أعداد السياح الصينيين، تغيّرت ملامح العاصمة بنوم بنه ومدينة سيهانوكفيل الساحلية، التي تحوّلت من منتجع هادئ إلى مركز مزدحم بالكازينوهات والفنادق الفاخرة، مستقطبة المقامرين الفارين من القوانين الصينية التي تحظر القمار.
جنسيات متعددة ومشاريع ضخمة
في عام 2014، حصل تشن على الجنسية الكمبودية مقابل استثمار أو تبرع لا يقل عن 250 ألف دولار، بعد أن تخلّى عن جنسيته الصينية.
وفي عام 2018، حصل على ترخيص مصرفي لتأسيس Prince Bank، كما نال جواز سفر قبرصي مقابل استثمار قدره 2.5 مليون دولار، ثم أضاف لاحقًا جواز سفر من فانواتو.
وسع نشاطه ليشمل الطيران، فأسس ثالث شركة طيران في كمبوديا وحصل على ترخيص لشركة رابعة عام 2020، كما شيد مراكز تسوق فاخرة وفنادق خمس نجوم ومشروعًا ضخمًا بقيمة 16 مليار دولار لبناء مدينة بيئية تحت اسم "Bay of Lights".
وفي عام 2020، منحه الملك الكمبودي لقب "نياك أوكنها"، وهو أعلى وسام شرف في البلاد. كما أصبح مستشارًا لوزير الداخلية سار خينغ وشريكًا تجاريًا لابنه سار سوخا، فضلًا عن علاقاته الوثيقة برئيس الوزراء السابق هون سين ونجله هون مانيت.
رغم ظهوره الإعلامي المحدود، فقد احتفت به الصحف المحلية باعتباره فاعل خير، إذ موّل منحًا دراسية وساهم في جهود مكافحة جائحة كورونا.
انهيار مفاجئ وعقوبات قاسية
في أغسطس 2019، وبضغط مباشر من بكين، أصدر رئيس الوزراء هون سين قرارًا بحظر القمار الإلكتروني، ما أدى إلى انهيار النشاط الاقتصادي في سيهانوكفيل ورحيل نحو 450 ألف صيني.
ورغم ذلك، واصل تشن توسيع إمبراطوريته المالية، منفقًا ببذخ على عقارات فاخرة حول العالم.
فقد كشفت السلطات البريطانية أنه اشترى قصرًا بـ12 مليون جنيه إسترليني شمال لندن ومبنى مكاتب بقيمة 95 مليون جنيه في الحي المالي، فيما تؤكد واشنطن أنه اقتنى عقارات في نيويورك وطائرات خاصة ويخوتًا فارهة ولوحة من أعمال بيكاسو.
وتتهمه كل من الولايات المتحدة وبريطانيا بأن مصدر ثروته يعود إلى أنشطة احتيال إلكتروني وغسل أموال واتجار بالبشر، وهي اليوم من أكثر الجرائم ربحًا في آسيا.
شبكة احتيال عابرة للحدود
فرضت واشنطن ولندن عقوبات على 128 شركة و17 فردًا من 7 جنسيات مرتبطة بتشن ومجموعته، وتم تجميد الأصول المرتبطة بهما.
وذكر بيان العقوبات أن مجموعة "Prince" تجني أرباحها من سلسلة من الجرائم العابرة للحدود تشمل الابتزاز الجنسي، القمار الإلكتروني غير القانوني، الفساد، وغسل الأموال، إلى جانب استعباد العمال في مجمعات احتيال إلكتروني تشغل ما لا يقل عن 10 مواقع في كمبوديا.
ويقع في قلب هذه الاتهامات مجمع "Golden Fortune Science and Technology Park" قرب الحدود مع فيتنام، والذي نفت المجموعة علاقتها به، غير أن التحقيقات الأميركية والبريطانية تؤكد وجود روابط تجارية واضحة.
الصحفي جاك آدموفيتش ديفيز، الذي أجرى تحقيقًا موسعًا حول تشن، نقل عن شهود عيان مشاهد ضرب وتعذيب لعمال آسيويين أُجبروا على تشغيل منصات احتيال إلكتروني.
ردود دولية وصمت كمبودي
عقب إعلان العقوبات، سارعت العديد من الشركات إلى النأي بنفسها عن مجموعة "Prince"، وأصدر البنك المركزي الكمبودي بيانًا لطمأنة المودعين، بينما جمّدت كوريا الجنوبية 64 مليون دولار من ودائع المجموعة لديها.
كما أعلنت سنغافورة وتايلاند فتح تحقيقات حول أنشطة فروع المجموعة في بلديهما.
أما الحكومة الكمبودية فاكتفت بتصريحات مقتضبة دعت فيها الولايات المتحدة وبريطانيا إلى التأكد من وجود أدلة كافية قبل توجيه الاتهامات، إلا أن علاقات النخبة السياسية بتشن تجعل من الصعب التنصل من ارتباطها به، خصوصًا في ظل تقارير تشير إلى أن أنشطة الاحتيال قد تمثل نحو نصف الاقتصاد الكمبودي.
واليوم، وبعد فرض العقوبات، اختفى تشن تشي تمامًا.
رجل الأعمال الذي كان أحد أكثر الشخصيات نفوذًا في كمبوديا، لم يُرَ أو يُسمع عنه شيء منذ أسبوع، تاركًا وراءه تساؤلات كثيرة حول مصيره ومستقبل إمبراطوريته الغامضة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الولايات المتحدة بيتكوين صينى وزارة العدل الأميركية واشنطن بكين احتیال إلکترونی فی کمبودیا
إقرأ أيضاً:
سعر النحاس يقترب من مستوى قياسي مع اقتراب اتفاق تجاري أمريكي-صيني
ارتفع النحاس باتجاه مستوى قياسي جديد مع اقتراب الولايات المتحدة والصين من إبرام اتفاق شامل يهدف إلى تهدئة التوترات التجارية، مما يخفف أحد أبرز المخاطر التي تهدد نمو الاقتصاد العالمي.
سجلت الأسعار في بورصة لندن للمعادن، وهو المؤشر العالمي المرجعي، زيادة بنسبة بلغت 0.9% لتصل إلى 11,065.5 دولاراً للطن، أي بفارق 50 دولاراً فقط عن الرقم القياسي الذي صمد منذ النصف الأول من عام 2024.
2024.
اختتم المفاوضون التجاريون من الولايات المتحدة والصين محادثاتهم الأحد، في خطوة يُعتقد أنها تمهد لاتفاق سيبرمه الرئيسان دونالد ترمب وشي جين بينغ في وقت لاحق هذا الأسبوع.
وقال وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت إن تهديد ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% "لم يعد مطروحاً للنقاش"، وإن الصين ستعلّق لمدة عام خططها لتوسيع قيود تصدير العناصر النادرة.
كان النحاس قد بلغ مستوى قياسياً قدره 11,104.5 دولار للطن في مايو العام الماضي، ثم وصل مجدداً إلى حاجز 11 ألف دولار مطلع الشهر الجاري، قبل أن يتذبذب مع تمسك واشنطن وبكين بمواقف متشددة قبيل المحادثات التجارية. وتعتمد قوة أداء المعدن هذا العام والذي ارتفع بنحو 25% في بورصة لندن، إلى حد كبير على سلسلة من الاضطرابات في المناجم لدى الدول المنتجة الكبرى