من الذي أوصل الشعوب العربية إلى هنا؟
تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT
من الذي أوصل #الشعوب_العربية إلى هنا؟
د. #فيصل_القاسم
حتى تلاميذ المدارس الصغار صاروا يعرفون من الذين أوصلوا بلداننا وشعوبنا إلى هنا، مع ذلك مازال هناك رهط ممن يسمون أنفسهم مثقفين، مازالوا يحاولون تغطية عين الشمس بغربال، ويبعدون الأنظار عن المجرمين الحقيقيين الذين تسببوا بكل ما وصل إليه العديد من الشعوب العربية المنكوبة.
قرأت قبل أيام مقالاً لأحد الديماغوجيين القومجيين الذي يعتبره «بتوع» الأنظمة القومجية أفلاطون عصره، لأنه، برأيهم، يأتي دائماً في تحليلاته الخنفشارية ما لم يأت به الأوائل. هذا المتفلسف المفضوح يحاول دائماً أن يأكل بعقول الناس حلاوة، وهو للأمانة ماهر في ذلك، لأنه شاطر جداً في الكذب والفبركة واللف والدوران وذر الرماد في العيون والضحك على الذقون. اليوم يريد أن يقول لنا هذا المفضوح إن كل ما يحدث في البلدان العربية المنكوبة، وكل ما وصلت إليه البلاد من خراب ودمار وانهيار سببه الخارج، وأن الأنظمة بريئة من الكارثة كبراءة الذئب من دم يوسف. ويتساءل صاحبنا قائلاً: «من الذي أحرق القمح في أراضينا؟ إنها أمريكا؟ من الذي دمر العملات؟ إنها أمريكا. من الذي يمنع الوقود عن محطات الطاقة في بلادنا؟ إنها أمريكا. ومن الذي أخذ خبزنا ونفطنا وخيراتنا العربية علناً وأمام عيون الدنيا؟ إنها أمريكا». مقالات ذات صلة الهلال يقلب الطاولة على الاتحاد في سيناريو مثير 2023/09/02
من يريد تقسيم بلداننا اليوم؟ طبعاً ليست الشعوب التي تتعرض لأبشع أنواع القمع والسحق، فترفع أصواتها قليلاً مطالبة بقليل من أوكسجين الحياة، بل الذين يدفعون إلى تقسيم الأوطان وإزالتها عن الخارطة هم الذين يمارسون كل أنوع التنكيل المنظم والتهجير والتجويع وتحويل حياة الناس الى جحيم لا يُطاق
لا أريد هنا طبعاً أن أدافع عن أي جهة خارجية تدخلت في العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا والسودان وتونس، وسأتفق معه مائة بالمائة أن القاصي والداني تدخل في بلادنا لمصالحه الخاصة، وهو ليس بريئاً مطلقاً مما وصلت إليه من انهيار وكوارث. دعنا نتفق على هذه النقطة كي لا يتهمونا بأننا ندافع عن الخارج بكل أصنافه الدولية والإقليمية والعربية. الكل مدان بإيذاء الشعوب والبلدان المنكوبة، إلا من رحم ربي. لكن، هل يريد ذلك «المتفلسف» أن يقول لنا إن الأنظمة الطاغوتية والطغاة العرب الذين ثارت عليهم الشعوب كانوا حملاناً وديعة، وهم مجرد ضحايا للغزاة والمحتلين؟ لن أختلف معه بأن هناك مخططات ومشاريع خارجية مكشوفة، ومن السخف أصلاً أن تسميها «مؤامرات» لأن المؤامرات عادة تُحاك في الغرف المظلمة بعيداً عن الأنظار والإعلام، لكن المخططات الخارجية معروفة ومفضوحة ويعلن عنها أصحابها جهاراً نهاراً بكل وقاحة وصفاقة دون أن يرمش لهم جفن كمشروع «الفوضى الخلاقة» سيئ الصيت، مع ذلك كل ما يفعله بعض الحكام العرب ليس التصدي للمخططات الخارجية وإحباطها وإفشالها، بل يفعلون أقصى ما بوسعهم لتسهيل نجاحها وتنفيذها في بلادهم، كما لو أن مهمتهم أن يكونوا الوكيل الحصري لتمرير تلك المؤامرات.
سأتفق وأتفق جدلاً أن هناك مخططاً شيطانياً لتقسيم بلدان عربية عدة وإزالتها عن الخارطة وتهجير شعوبها بكل وسائل التنكيل والإذلال والتجويع. لن أختلف معكم. لكن السؤال: ما هو الدور الذي لعبته الأنظمة في تنفيذ هذا المخطط الشرير؟ هل هي بريئة، أم مشاركة في هذه اللعبة؟ ألم تساهم في تنفيذها وإنجاحها يوماً بعد يوم بالطرق المطلوبة كالتجويع والقهر والفقر والمخدرات والتهجير والتنكيل المنظم؟
من يريد تقسيم بلداننا اليوم؟ طبعاً ليست الشعوب التي تتعرض لأبشع أنواع القمع والسحق، فترفع أصواتها قليلاً مطالبة بقليل من أوكسجين الحياة، بل الذين يدفعون الى تقسيم الأوطان وإزالتها عن الخارطة هم الذين يمارسون كل أنوع التنكيل المنظم والتهجير والتجويع وتحويل حياة الناس الى جحيم لا يُطاق. لا تلوموا من يرفع صوته اليوم في وجه الظلم والطغيان، بل لوموا المتورطين في مؤامرة كبرى لتفتيت بلادنا وإفراغها من شعوبها بكل وسائل الوحشية والمخدرات والإجرام وجعل لقمة الخبز وكأس الماء وحبة الدواء حلماً بعيد المنال للسواد الاعظم من الشعوب المسحوقة وبيع الثروات للغزاة والمحتلين كي يحموا أنظمتهم الذليلة.
لماذا لا تعترفون أن المؤامرة والأنظمة وجهان لعملة واحدة وهدف واحد وهو تدمير أوطاننا؟ إذا كانت المؤامرة المزعومة التي يقودها ضباع العالم تستهدف وكما صدعتم رؤوسنا وحدة تراب البلاد وتفتيتها ونهب وسرقة وتهريب ثرواتها وإفلاسها وتدمير الصحة والتعليم والصناعة والزراعة وتهجير كفاءاتها وقتل سكانها وتشريدهم وإفقارهم وتجويعهم ومنع النهضة والتطور وإذلال شعوبها والانتقاص من كرامتها وسيادة البلاد ورفع الجهلة والحرامية واللصوص والزعران وحماية المافيات، فهذا بالضبط ما كانت تفعله الأنظمة على مدى عقود وسنوات. أنتم أيها الطواغيت الذين تتباكون اليوم على ضياع بلداننا وانهيارها جزء لا يتجزأ من المؤامرة. ومن المستحيل أن تمر من دونكم. لا يمكن للصياد أن يصطاد من دون كلب صيد، وأنتم كنتم ومازلتم كلاب الصيد التي اصطاد بها الطامعون بلادنا ونهشوا لحوم شعوبها.
كاتب واعلامي سوري
[email protected]
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: الشعوب العربية فيصل القاسم إنها أمریکا من الذی
إقرأ أيضاً:
مؤكدة الالتزام بدعمهم.. الجامعة العربية تحيي اليوم العربي للأشخاص ذوي الإعاقة
تحيي جامعة الدول العربية، بالتعاون مع دولها الأعضاء، اليوم العربي للأشخاص ذوي الإعاقة، الذي أقره مجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب، ويوافق الثالث عشر من ديسمبر من كل عام، تأكيدًا على الالتزام العربي بدعم حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتعزيز مشاركتهم الكاملة والفاعلة في المجتمع.
وأكدت الجامعة، أن إحياء هذا اليوم يأتي في إطار حرصها على متابعة تنفيذ الالتزامات العربية والدولية ذات الصلة، وفي مقدمتها الإعلان الصادر عن مؤتمر القمة العالمي الثاني للتنمية الاجتماعية (الدوحة – نوفمبر 2025)، إلى جانب الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، والغايات ذات الصلة ضمن خطة التنمية المستدامة 2030.
وأشارت إلى أنه من المنتظر أن تصدر عن أعمال الدورة الخامسة والأربعين لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب، المقرر عقدها في العاصمة الأردنية عمّان، عدد من القرارات الهامة التي من شأنها دعم جهود الدول العربية في تنفيذ تلك الالتزامات وتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
كما أكدت جامعة الدول العربية استمرارها، وبالتنسيق مع الدول الأعضاء، في تنفيذ مبادرة الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، المعنونة بـ «العقد العربي الثاني للأشخاص ذوي الإعاقة 2023 – 2032»، والتي اعتمدتها القمة العربية في المملكة العربية السعودية عام 2023، باعتبارها أعلى سلطة لاتخاذ القرار في المنظومة العربية.
ويُعد هذا العقد إطارًا استراتيجيًا شاملًا لتعزيز الجهود الوطنية والإقليمية في مجالات الحماية والتمكين والإدماج، بما يضمن تعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
وفي هذا السياق، تولي الجامعة أهمية خاصة لتنفيذ مبادرة التصنيف العربي للإعاقة، باعتبارها إحدى المبادرات المحورية ضمن العقد العربي الثاني، لما تمثله من أداة رئيسية لتوحيد المفاهيم ومعايير جمع البيانات، وبناء أنظمة وطنية أكثر فاعلية ودقة.
وانطلاقًا من هذا الالتزام، أعلنت الجامعة عن تنظيم ورشة عمل متخصصة بالتعاون مع الجمهورية التونسية، تستهدف مسؤولي ملفات الإعاقة في الدول العربية، وتهدف إلى رفع القدرات وتوضيح الجوانب الفنية والتطبيقية لتنفيذ التصنيف العربي للإعاقة على المستوى الوطني، بما ينسجم مع أفضل الممارسات الدولية ويعزز الجهود الإقليمية في هذا المجال.
وفي ختام بيانها، جددت جامعة الدول العربية دعوتها إلى مواصلة العمل العربي المشترك لتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وتكثيف الجهود الرامية إلى بناء مجتمعات شاملة تضمن كرامتهم وتكافؤ الفرص للجميع، بما يتسق مع أهداف التنمية المستدامة 2030 والالتزامات الإقليمية والدولية للدول الأعضاء.