ما هي رسالة النبي شعيب.. وهل حمل معجزات إلى قومه؟| أسرار يغفلها الكثيرون
تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT
يشغل ذهن الكثيرون الحديث عن أنبياء الله تعالى، خاصة ما هي رسالة النبي شعيب؟، وما هي معجزة نبي الله شعيب عليه السلام؟ أسئلة نجيب عنها في التقرير التالي.
النبي شعيب عليه السلام، هو واحد من أنبياء الله تعالى الذين ذكروا في القرآن الكريم في 11 موضعًا، حيث يقول تعالى:"وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ".
والنبي شعيب عليه السلام هو شعيب بن مدين بن سام بن نوح بن إدريس المصري بن شيث بن آدم عليه السلام، وهو ابن عم نبي الله لوط عليه السلام، وقد بعثه الله تعالى بعد النبي لوط إلى قوم مدين، العرب الذين سكنوا مدينة مدين، القرية الواقعة على أطراف الشام، بالقرب من بحيرة قوم لوط التي يقال إنها كانت في الأردن، وهم قوم من بني مدين بن مديان بن النبي إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
وكان أهل مدين كفارًا، يقطعون السبيل ويخيفون المارة، وكانوا من أسوأ الناس معاملة، يبخسون المكيال والميزان فيأخذون بالزائد ويدفعوم بالناقص، فبعث الله فيهم رسولًا منهم وهو النبي شعيب عليه السلام.
أخذ نبي الله شعيب يدعو قومه لعبادة الله وحده لا شريك له، ونهاهم عن الأفعال القبيحة، فآمن معه بعضهم وكفر أكثرهم، فاستمر في وعظهم وتذكيرهم بالعذاب المهيب الذي حل بقوم النبي لوط ابن عمه، عندما أهلكهم الله فجأة بسبب ارتكابهم الفواحش والزنا بإتيانهم الرجال من دون النساء، لكن قوم شعيب استهانوا ولم يؤمنوا أو يتوقفوا عن إيذاء البشر.
ولما وجد شعيبًا العند من قومه واستهانتهم بعذاب الله دعا عليهم، والله لا يرد دعاء رسله إذا استنصروه على الذين كفروا فأخذتهم الرجفة والنصيحة، وأرسل الله عليه شرارًا ونارًا فهلكوا.
ذكر المفسِّرون أن الأيكة شجرةٌ كبيرةٌ عظيمةٌ نسب إليها قوم أطلق عليهم أصحاب الأيكة.
وجاء ذكر أصحاب الأيكة في القرآن الكريم، في قوله تعالا في سورة الشعراء: "كذب أصحاب الأيكة المرسلين، إذ قال لهم شعيب ألا تتقون إني لكم رسول أمين، فاتقوا الله واطيعون".
ومن العلماء من يقول إن أصحاب الأيكة كانوا ملحقون بأهل مدين وليسوا منهم، وكانوا مشمولين بدعوة سيدنا شعيب.
ولم ينسب الله عز وجل النبي شعيب إلى أصحاب الأيكة بإضافة كلمة أخاهم، كما أشار في الآية السابقة إلى قوم مدين، لكنه عز وجل قال: "إِذ قال لهم شعيب ألا تتقون إني لكم رسول مبين"، كما يقول سائر الرسل، لذا فيعتقد أن أصحاب الأيكة ليسوا قوم مدين.
ويقع قبر النبي شعيب عليه السلام، في جنوب مدينة السلط مركز محافظة البقاء بالمملكة الأردنية الهاشمية، ويظهر المقام بالفعل في غرفة منفصلة داخل المسجد الذي يأوي رفاة النبي الكريم عليه السلام.
لكن يوجد مقام آخر للنبي شعيب في قرية حطين في فلسطين، يعتقد فيه الدروز أنه يضم رفات النبي شعيب بالفعل، ويُعتبر هذا المقام أحد أقدس المواقع عند الطائفة الدرزية، ومقصدًا هاما لهم.
يقول الدكتور مختار مرزوق عبدالرحيم أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين جامعة الأزهر فرع أسيوط، إنه قد ورد في القرآن الكريم ما يدل على أن شعبيًا عليه السلام له معجزة ولكن لم يرد بيان هذه المعجزة من أي الأنواع كانت قال تعالى (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا)، قال الفخر الرازي رحمه الله تعالى: اﻋﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺣﻜﻰ ﻋﻦ ﺷﻌﻴﺐ ﺃﻧﻪ ﺃﻣﺮ ﻗﻮﻣﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻵﻳﺔ ﺑﺄﺷﻴﺎء:
اﻷﻭﻝ: ﺃﻧﻪ ﺃﻣﺮﻫﻢ ﺑﻌﺒﺎﺩﺓ اﻟﻠﻪ ﻭﻧﻬﺎﻫﻢ ﻋﻦ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﻏﻴﺮ اﻟﻠﻪ ﻭﻫﺬا ﺃﺻﻞ ﻣﻌﺘﺒﺮ ﻓﻲ ﺷﺮاﺋﻊ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﻧﺒﻴﺎء ﻓﻘﺎﻝ: اﻋﺒﺪﻭا اﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﻟﻜﻢ ﻣﻦ ﺇﻟﻪ ﻏﻴﺮﻩ
ﻭاﻟﺜﺎﻧﻲ: ﺃﻧﻪ اﺩﻋﻰ اﻟﻨﺒﻮﺓ ﻓﻘﺎﻝ: ﻗﺪ ﺟﺎءﺗﻜﻢ ﺑﻴﻨﺔ ﻣﻦ ﺭﺑﻜﻢ ﻭﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ اﻟﻤﺮاﺩ ﻣﻦ اﻟﺒﻴﻨﺔ ﻫﺎﻫﻨﺎ اﻟﻤﻌﺠﺰﺓ ﻷﻧﻪ ﻻ ﺑﺪ ﻟﻤﺪﻋﻲ اﻟﻨﺒﻮﺓ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﺇﻻ ﻟﻜﺎﻥ ﻣﺘﻨﺒﺌﺎ ﻻ ﻧﺒﻴﺎ ﻓﻬﺬﻩ اﻵﻳﺔ ﺩﻟﺖ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﺣﺼﻠﺖ ﻟﻪ ﻣﻌﺠﺰﺓ ﺩاﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﻗﻪ. ﻓﺄﻣﺎ ﺃﻥ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻌﺠﺰﺓ ﻣﻦ ﺃﻱ اﻷﻧﻮاﻉ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻠﻴﺲ ﻓﻲ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﺩﻻﻟﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﺤﺼﻞ ﻓﻲ اﻟﻘﺮﺁﻥ اﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﻌﺠﺰاﺕ ﺭﺳﻮﻟﻨﺎ.
ﻗﺎﻝ ﺻﺎﺣﺐ «اﻟﻜﺸﺎﻑ» : ﻭﻣﻦ ﻣﻌﺠﺰاﺕ ﺷﻌﻴﺐ ﺃﻧﻪ ﺩﻓﻊ ﺇﻟﻰ ﻣﻮﺳﻰ ﻋﺼﺎﻩ ﻭﺗﻠﻚ اﻟﻌﺼﺎ ﺣﺎﺭﺑﺖ اﻟﺘﻨﻴﻦ ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻗﺎﻝ ﻟﻤﻮﺳﻰ: ﺇﻥ ﻫﺬﻩ اﻷﻏﻨﺎﻡ ﺗﻠﺪ ﺃﻭﻻﺩا ﻓﻴﻬﺎ ﺳﻮاﺩ ﻭﺑﻴﺎﺽ ﻭﻗﺪ ﻭﻫﺒﺘﻬﺎ ﻣﻨﻚ ﻓﻜﺎﻥ اﻷﻣﺮ ﻛﻤﺎ ﺃﺧﺒﺮ ﻋﻨﻪ. ﺛﻢ ﻗﺎﻝ: ﻭﻫﺬﻩ اﻷﺣﻮاﻝ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﺠﺰاﺕ ﻟﺸﻌﻴﺐ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ ﻷﻥ ﻣﻮﺳﻰ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﻣﺎ اﺩﻋﻰ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ. «مفاتيح الغيب عند تفسير هذه الآية في سورة الأعراف»، مشددًا : هناك معجزة لشعيب عليه السلام لكن لم يرد في تعيينها دليل صحيح من القرآن والسنة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الله تعالى
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: الاستغفار والصلاة على النبي ولا اله الا الله طريق المسلم للثبات
قال الدكتور علي جمعة ، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ، إن سفيانُ بنُ عبدِ اللهِ جاء إلى النبيِّ ﷺ فقال له: يا رسولَ الله، تشعَّب بنا الإسلامُ، فقل لي في الإسلامِ قولًا لا أسألُ عنه أحدًا بعدك. فقال ﷺ: «قُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ ثُمَّ اسْتَقِمْ».وجاءه شخصٌ آخر فقال: يا رسولَ الله ﷺ، أريد شيئًا لا أسأل أحدًا بعدك عنه، يَجتمع لي به أمرُ الإسلام، فقال ﷺ: «لا يزال لسانُكَ رَطْبًا مِن ذِكْرِ اللهِ».
واضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إذًا الذي يُساعِد على الالتزام بالدين وأوامرِ الله تعالى هو الذِّكر. يقول الله عز وجل: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}؛ أي: ولذِكرُ الله أكبرُ من كلِّ شيء، ومن ذلك الصلاةُ نفسُها.
عندما يبدأ الإنسانُ بذِكرِ الله كثيرًا، يبدأ بما يُسمِّيه أهلُ الله «الأساس»، وهو أن يقول: «أستغفرُ الله» أو «أستغفرُ الله العظيم» مائةَ مرة، ثم يُصلِّي على النبي ﷺ بأي صيغةٍ مائةَ مرة، ثم يقول «لا إله إلا الله» مائةَ مرة؛ بهذا الترتيب: الاستغفار، ثم الصلاة على النبي ﷺ، وهو الواسطة بين الحقِّ والخلق، صاحبُ الوحيَيْنِ: الكتابِ والسُّنَّة، النبيُّ المرسَل صلى الله عليه وآله وسلم الذي ارتضاه الله لنا، فنُكثِر من الصلاة والسلام عليه؛ قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.
ثم بعد ذلك نذكر كلمةَ التوحيد؛ قال النبي ﷺ: «خيرُ ما قلتُ أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله».
هذه هي حقيقةُ الكون، وهذه هي مُلخَّصات الإسلام، وهذه هي حقيقةُ الدين، وهذه هي حقيقةُ الإنسان: أنَّه لا إله – خلقه ورزقه وأحياه وأماته – إلا اللهُ سبحانه ربُّ السماواتِ والأرضِ وربُّ العرشِ العظيم.
نقول – صباحًا ومساءً – هذه المئات الثلاثة:
مائةَ مرة «أستغفرُ الله»، ومائةَ مرة «الصلاةُ على النبي ﷺ»، ومائةَ مرة «لا إله إلا الله».
والليلُ يبدأ من الغروب إلى الفجر، والصبحُ أو النهارُ أو «اليومُ» يبدأ من أذانِ الفجر إلى أذانِ المغرب؛ قال تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}، فالليلُ يدخل بأذانِ المغرب، وقال تعالى: {حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ}، فهذا هو ابتداءُ النهار.
علينا إذن أن نذكر الله كثيرًا، وأقلُّ ما يُسمَّى «ذكرًا كثيرًا» هو هذه المئاتُ الثلاثة التي تُشِير إليها الآيةُ الكريمةُ في الاستغفار: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ¤ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ¤ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}.
إذًا الإنسانُ في مسيرتِه إلى الله يبدأ خطوةً خطوة؛ فقد قيل: «إنَّ المنبِتَّ لا أرضًا قطع، ولا ظهرًا أبقى»؛ أي إنَّ مَن أحبَّ أن يُسرِعَ جدًّا بمشقَّةٍ على نفسِه، يُتعِب راحلتَه – الجمل – وفي الوقتِ نفسِه لا يقطع مسافةً تُذكَر؛ فعَلينا بالهُوَيْنَى.
ومَن يشعر بالتقصير، فهذا شعورٌ طيِّب، لكن ينبغي ألا نجعله يُعطِّلنا عن الاستمرار، ولا أن يُحدِث في نفوسِنا شيئًا من الإحباط، بل يكون باعثًا على مزيدٍ من الإقبال على الله بذكرِه وطاعتِه.