تُعيد المناظرات تعريف علاقتنا باللغة؛ يراها البعض مجرّد فن للإقناع، ولكنها في حقيقتها وسيلة للارتباط باللغة العربية بوصفها لغة فكر ومنطق ومساحة للحوار البنّاء.

وهذا ما أكدته فعاليات البطولة الآسيوية، إذ تُذكّرنا كل مناظرة بأنها "تجربة" إنسانية تُبرز أن اللغة العربية، بما تحمل من دقة وثراء، هي لسان الفكر المتزن والسليم مهما اختلفت هوية المتحدث بها.

تفاصيل الاستضافة

قال ناصر الهنائي، الرئيس التنفيذي لمركز مناظرات عُمان: إن استضافة عُمان للنسخة الثالثة من البطولة تأتي في إطار تحقيق أهداف المركز من خلال تمكين مجتمع المناظرة في سلطنة عُمان من استضافة الأحداث المرتبطة بهذا الفن، سواء كانت الإقليمية أو الدولية، أو حتى الفعاليات المصاحبة المشتقة من فن المناظرة.

وأضاف الهنائي: إن هذه الاستضافة "تمثّل أهمية كبرى من ناحية إشراك العدد الأكبر من المهتمين بهذا الفن على مختلف المستويات؛ على مستوى التحكيم، والتناظر، والتطوع، والتنظيم".

وأشار إلى أن إشراك هذا العدد الواسع في الأحداث القارية، إلى جانب الشراكة مع مركز مناظرات قطر، أسهم في نقل خبرات متعددة وذات مستوى عال في تنظيم الأحداث المحلية، مما انعكس على البطولة الوطنية للمناظرات التي استمرت للسنة التاسعة على التوالي.

وأوضح الهنائي، أن من أهم الأهداف هو «مدّ جسور تواصل الحوار بين الشباب بمختلف جنسياتهم الآسيوية، ومناقشة قضاياهم المشتركة وقضايا التنمية التي تسهم في تشكيل المستقبل».

وتابع: «حرصنا في هذه النسخة على إشراك أكبر عدد من الكفاءات العُمانية، حيث يشارك ستة فرق عُمانية، وهو العدد الأكبر منذ انطلاق البطولة، إلى جانب ثلاثين حكما محليا، وأكثر من ثلاثين منظما، وخمس وأربعين متطوعا في إنجاح الحدث».

وبيّن الهنائي، أن مركز مناظرات عُمان تقدّم في مايو 2024 بملف استضافة الحدث وسط تنافس من سبع دول، وأُعلن في نوفمبر من العام نفسه عن فوز سلطنة عمان بالاستضافة، مشيرًا إلى أن التحضيرات انطلقت مبكرًا من خلال شراكات فاعلة مع وزارة الثقافة والرياضة والشباب ممثلة في المديرية العامة للشباب، إضافة إلى الجامعة العربية المفتوحة التي فتحت أبوابها كمقر رئيسي للحدث، والجامعة الشرقية كراعٍ برونزي، والشركة العُمانية للأعلاف والموساد كراعٍ رئيسي.

منصة حوار شبابي

من جانبها، أكدت عائشة يوسف النصف، رئيسة قسم الاتصال والشؤون التنفيذية في مركز مناظرات قطر، أن البطولة الآسيوية تمثل إحدى البطولات الإقليمية التي ينظمها المركز، وانبثقت فكرتها من البطولة الدولية للمناظرات باللغة العربية.

وقالت: إن البطولة جاءت لتكون منصة تجمع متحدثي اللغة العربية في قارة آسيا، بهدف تعزيز ثقافة الحوار البنّاء والتفكير النقدي والتواصل الحضاري بين الشباب.

وأضافت: إن المركز يسعى من خلال هذه الفعاليات إلى توسيع دائرة الحوار خارج الحدود المحلية، وتمكين الشباب من تبادل الخبرات مع نظرائهم من الدول الآسيوية الشقيقة التي تجمعهم اللغة والعادات والمنطقة الجغرافية الواحدة، مما يسهم في رفع مستوى التنافس ويُثري المشهد الفكري في المنطقة.

وحول التجربة في سلطنة عُمان، أشارت النصف إلى أن العلاقة بين مركز مناظرات قطر وسلطنة عُمان «تمتد منذ تأسيس المركز، وتطورت لتشمل إنشاء مركز مناظرات عُمان وتنظيم بطولاتٍ محلية ناجحة، إلى جانب مشاركة الشباب العُماني في الفعاليات الإقليمية والدولية».

وأوضحت، أن استضافة السلطنة للبطولة الآسيوية للمرة الثانية "تعكس عمق التعاون بين الجانبين"، وقالت: لقد لمسنا تنظيمًا عالي المستوى وكرما عُمانيا أصيلا يعكس الصورة المشرفة لعُمان وقدرتها على احتضان الفعاليات الكبرى بروح من التميّز والاحترافية.

التعبير عن الأفكار بدقة وعمق

ومن بين المشاركين، قال مجيب الرحمن، الطالب اليمني في الجامعة المحمدية في جاكرتا بإندونيسيا: "كانت سلطنة عُمان من أكثر الدول التي رغبت في زيارتها منذ زمن، لقربها الثقافي والجغرافي من اليمن. وجودي هنا فتح أمامي أبوابًا جديدة للتعامل مع ثقافاتٍ أخرى من ماليزيا وتايلاند وغيرها".

وأضاف: إن استعدادات فريقه قبل البطولة «كانت مكثفة من خلال مناظرات داخل الجامعة ومع فرق محلية في إندونيسيا، وقد منحنا ذلك ثقة كبيرة قبل الوصول إلى مسقط.

وأشار إلى أن دخوله عالم المناظرات بدأ عند التحاقه بقسم اللغة العربية في الجامعة بهدف تقوية لغته الفصحى، لكنه اكتشف أنه مجال ممتع ومفيد بجوانب عدة، ليس لغويا فحسب، بل فكريا أيضا.

وأكد مجيب أن اللغة العربية في المناظرات تمثل «مساحة للإبداع، لأنها تُسهّل التعبير عن الأفكار بدقةٍ وعمق، وكلما أتقنتها أصبح من السهل أن توصّل فكرتك بوضوح».

وقال في رسالة إلى الشباب: "أنصح الشباب بدخول هذا المجال، لأنه يُنمّي التفكير النقدي، ويجعلهم أكثر قدرة على تحليل الخطاب ومواجهة التضليل والأخبار الزائفة بالفكر والمنطق".

تأكيد على هوية اللغة

وفي السياق ذاته، قالت نهاد بنت خالد الراشدية، المحكّمة والمدرّبة الدولية في مركز مناظرات عُمان:

خبرتي في مجال المناظرات بدأت منذ الأكاديمية الأولى التي نظّمها المركز، والتي خرجت نخبةً من المحكّمين الذين عمل على تأهيلهم وتدريبهم التدريب الأمثل حتى يكونوا اليوم مشاركين في مثل هذه البطولات الدولية، ويغطّوا الاحتياج في البطولات الوطنية.

وأضافت: استعداداتنا لهذه البطولة بدأت في 25 أكتوبر الجاري من خلال ورشٍ تدريبيةٍ مكثفة أشرف عليها مدربون من مركز مناظرات قطر، وركّزت على التغذية الراجعة، وبناء المواقف، وتسجيل الدرجات، واستمرت لثلاثة أيام.

وأشارت إلى أن هذه التجربة تعني لها الكثير، وتعتبرها إنجازا شخصيا ووطنيا، لأنها تتيح لها نقل الخبرة إلى زملائها، وتمثل أيضًا إنجازًا لعُمان في قدرتها على المشاركة بتحكيم بطولة بهذا الحجم.

وبيّنت الراشدية، أن المناظرات تصنع شخصياتٍ حقيقية وتُنمّي الكاريزما القيادية، وتعلّم أدب الحوار واستراتيجيته.

وفي حديثها عن حضور اللغة العربية تشير الراشدية إلى أنه تأكيد على هويتنا ومسؤوليتنا تجاه لغتنا الأم، خصوصًا ونحن نرى فرقا غير ناطقة بالعربية تتناظر بلغة فصيحة، مما يشكّل دافعا إضافيا للحفاظ عليها وإبقائها حيّة في وجدان الأجيال.

نافذة على الثقافة العربية

وقالت ربا نزال من الجامعة الأسترالية الوطنية: إن "البيئة في أستراليا، كحال الدول الغربية جميعها، لا تساعد على ممارسة العربية الفصحى، لذلك نحاول دائمًا التواصل مع متحدثين بالعربية من بلدان أخرى. وكما ترون اليوم، فريقنا مكوّن من أستراليين ليسوا من أصلٍ عربي، ولكنهم يتحدثون العربية بفصاحة.

وأضافت: المشاركة هنا منحتنا فرصة لممارسة اللغة والتفكير بها في سياقٍ واقعي، وهذا مكسب كبير لنا كطلاب نعيش خارج العالم العربي".

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: مرکز مناظرات قطر اللغة العربیة من خلال إلى أن

إقرأ أيضاً:

زكية اليامي.. من حارسة أمن إلى مشرفة على 12 مركزًا صحيًا في نجران بعد تجربة مع السرطان

روت زكية اليامي، التي تعافت من مرض السرطان بعد سبع سنوات من المعاناة، قصة نجاحها الملهمة التي نقلتها من حارسة أمن إلى مشرفة على 12 مركزًا صحيًا في منطقة نجران.

في مقابلة مع قناة الإخبارية، تحدثت اليامي عن معاناتها الطويلة مع المرض وتحديات العلاج، مؤكدة أن الصبر والدعم النفسي كانا أساسيين في تجاوزها لهذه التجربة الصعبة.

وقالت اليامي: "7 سنوات كانت صعبة، وخاصة في مراحل العلاج الكيميائي، لكنني تخطيتها بالصبر والابتسامة، لأن العلاج ليس فقط جسديًا، بل نفسيًا أيضًا"، موضحة أن الدعم النفسي الداخلي كان له تأثير كبير في قدرتها على الاستمرار في مواجهة المرض.

كما أعربت اليامي عن شكرها لوزارة الصحة على المبادرات التي أطلقتها للكشف المبكر عن السرطان، معتبرة أن الفحص المبكر هو الخطوة الأساسية في الوقاية من المرض، قائلة: "أشكر وزارة الصحة على جهودها في نشر الوعي والثقافة الصحية بين المرضى، الفحص المبكر دائمًا هو الأهم، وأتمنى من كل شخص أن يقوم بالفحص بشكل دوري وابتعد عن اليأس."

اليامي، التي تواصل تطورها المهني، أكدت أنها الآن مقدمة على الماجستير، متمنية أن يوفقها الله في تحقيق أهدافها المستقبلية.

متعافية من السرطان زكية اليامي: عانيت مع المرض لمدة 7 سنوات وتجربتي نقلتني من حارسة أمن إلى مشرفة على 12 مركزا صحيا في منطقة نجران pic.twitter.com/CZHwqHD3cs

— قناة الإخبارية (@alekhbariyatv) December 11, 2025 وزارة الصحةالسرطانأخبار السعوديةأخر أخبار السعوديةزكية الياميقد يعجبك أيضاًNo stories found.

مقالات مشابهة

  • سياسات اللغة العربية وآفاقها
  • «سلمان العالمي» يفتح باب التسجيل ببرنامج «تأهيل خبراء العربية في العالم»
  • العربية لغة الحياة
  • التنظيم والإدارة: الاستعلام عن نتيجة التظلمات في مسابقة شغل 25217 وظيفة معلم اللغة العربية
  • زكية اليامي.. من حارسة أمن إلى مشرفة على 12 مركزًا صحيًا في نجران بعد تجربة مع السرطان
  • نتيجة فحص التظلمات في مسابقة وظائف معلم مساعد اللغة العربية
  • انطلاق «مبادرة بالعربي 13» احتفاء باليوم العالمي للغة العربية
  • رابط الاستعلام عن نتيجة تظلمات"25217" وظيفة معلم مساعد مادة اللغة العربية
  • «جونا عربي».. شعار «أيام العربية» ينبض بالحياة ببرنامج حافل
  • افتتاح مركز المعلومات السياحي ببوابة محافظة البريمي