الشيخ جراح.. ترانسفير جديد يُلاحق سكانه لترسيخ سيطرة الاحتلال عليه

القدس المحتلة - صفا على مدار السنوات الماضية، لم تكتف حكومة الاحتلال الإسرائيلي بممارساتها واعتداءاتها الممنهجة على حي الشيخ شرقي القدس المحتلة، بل اتخذت إجراءات جديدة لترسيخ سيطرتها عليه، بغية تحويله إلى جيب مقطع الأوصال تُحيطه المستوطنات من كل جانب. حي الشيخ جراح أحد أبرز أحياء مدينة القدس وأكثرها أهمية، يقع في الجانب الشرقي من القدس القديمة، وتكمن أهميته في كونه أول الأحياء الفلسطينية خارج أسوار المدينة المحتلة.

ويعاني أهالي الحي من تضييقات إسرائيلية ممنهجة لا تتوقف، بل تصاعدت وتيرتها بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، عقب بدء حرب الإبادة على قطاع غزة، بهدف الاستيلاء على منازلهم وتهجيرهم قسرًا، وترسيخ الوجود الإسرائيلي. ودائمًا ما يتعرض الحي إلى هجمة شرسة وإغلاقات وحصار خانق، مما يحد من حركة تنقل سكانه، ودخولهم إلى منازلهم بمركباتهم، فضلًا عن تخريب الممتلكات، وفرض كاميرات مراقبة وسيطرة عسكرية مشددة، ما يعكس سياسة الاحتلال في إحكام سيطرته على الحي. ومنذ سنوات، تواجه عشرات العائلات المقدسية في الحي خطر الإخلاء والتهجير من منازلها لصالح جمعيات استيطانية، تدعي ملكيتها "للأرض التي أُقيمت عليها المنازل ما قبل عام 1948". سيطرة وتحكم وتسعى سلطات الاحتلال بشتى الوسائل والطرق المتاحة والالتفافية للسيطرة الكاملة على الشيخ جراح وطرد سكانه منه، لإقامة مشاريعه الاستيطانية. وفق ما يقول الناشط المقدسي صالح ذياب ويوضح ذياب في حديث لوكالة "صفا"، أن الاعتداءات الإسرائيلية ضد الحي وسكانه تضاعفت بشكل غير مسبوق بعد السابع من أكتوبر 2023، في محاولة لاستغلال ما يجري في قطاع غزة، لأجل إحكام الاحتلال سيطرته على الحي وتنفيذ مخططاته فيه. ويضيف أن الاحتلال يحاول الاستيلاء على ما تبقى من أراضي ومنازل في الشيخ جراح، بعد أن استولى مستوطنون على منازل بالحي خلال سنوات سابقة، وجرى تحويلها لجمعيات استيطانية. ويؤكد أن حكومة الاحتلال وبلديتها تلتفان على القانون لأجل سرقة أراضي وبيوت المقدسيين في الحي، وتحويلها لخدمة مؤسسات يهودية. أوضاع كارثية وحسب ذياب، فإن الحي يعاني أوضاعًا كارثية، بسبب تصاعد اعتداءات الاحتلال ومستوطنيه، ومحاولاتهم المتواصلة للسيطرة الكاملة عليه، وإقامة الأحياء الاستيطانية. وخلال العام الحالي، أغلقت شرطة الاحتلال حي الشيخ جراح ثلاث مرات، لتأمين احتفالات المستوطنين، وحولته إلى ثكنة عسكرية، ومنعت الأهالي من الدخول للحي بحرية، وأعاقت حركة تنقلهم، ناهيك عن الاقتحامات المتكررة والاعتقالات وعمليات الهدم، بهدف التنغيص على حياتهم وتحويلها إلى "جحيم". ووفقًا لمنظمة "عير عميم" الإسرائيلية اليسارية، فإن الحكومة الإسرائيلية دخلت مرحلة جديدة وخطيرة في مساعيها للسيطرة على حي الشيخ جراح، أحد أبرز أحياء القدس وأكثرها رمزية. وحذرت من أن "الحكومة تستخدم اليوم أدوات قانونية وتخطيطية وإدارية غير مسبوقة لتحقيق هدف تهجير السكان الفلسطينيين وتثبيت الوجود الاستيطاني في قلب الحي". ترانسفير قسري ويتابع الناشط المقدسي أن الاحتلال أقر سابقًا مخططًا لبناء ثمانية طوابق للمستوطنين وشرطة الاحتلال، بالإضافة إلى بناء حي سكني كامل في الجانبين الشرقي والغربي من الحي، يضم حوالي 328 وحدة استيطانية ومقرات دينية وتعليمية يهودية. وتهدف هذه الإجراءات، وفقًا لذياب، إلى "ترانسفير قسري"، وخلق بيئة طاردة تهدف إلى إجبار المقدسيين على الهجرة والرحيل عن الحي، تمهيدًا إلى تكريس أغلبية يهودية. ويحذر ذياب من مخاطر ما تُخطط له حكومة الاحتلال في مدينة القدس، ولا سيما الشيخ جراح، خاصة أن هذه المشاريع تُهدد بتهجير أكثر من 1500 مقدسي يقطنون بالحي. ويشير إلى أن ما تسمى "سلطة أراضي إسرائيل" استولت العام الماضي على الأرض المقام عليها مقر وكالة "أونروا" في الحي، لغرض لإقامة مستوطنة مكانها تضم نحو 2000 وحدة. وكشف تقرير منظمة "عير عميم"، عن جملة من تلك الأدوات التي اتخذتها حكومة الاحتلال تتعلق بـ "⁠مشاريع تجديد حضري واسعة النطاق، تضم نحو 2000 وحدة سكنية للمستوطنين، مع استبعاد الفلسطينيين تمامًا". بالإضافة إلى "تسجيل الأراضي (تسوية حقوق الملكية) في عدد من القطع، ما أتاح للمؤسسات الحكومية والمستوطنين تسجيلها بأسمائهم، فضلًا عن ⁠مصادرة المساحات العامة وإعادة تخصيصها لخدمة مؤسسات دينية يهودية ومشاريع قومية دينية، استخدام مشاريع التراث والسياحة لإعادة تشكيل هوية الحي وتعزيز الوجود الإسرائيلي فيه، على غرار ما يحدث في سلوان ومحيط البلدة القديمة". ويحذر التقرير من أن هذه الخطوات قد تؤدي إلى قطع التواصل الجغرافي بين البلدة القديمة وأحياء القدس الشرقية الشمالية، بما يشكل تهديدًا خطيرًا لمستقبل المدينة بأكملها.

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية