الشهادة في سبيل الله.. بيعةُ الخلود وفوزُ العابدين
تاريخ النشر: 6th, November 2025 GMT
(إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أنفسهُمْ وَأموالهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ..) في ذكرى يوم الشهيد، وفي خِضَمِّ الأحداث التي يشهدها العالم اليوم، نتذكر أن الدفاع عن العقيدة الإسلامية وحماية الأوطان ودفاعًا عن المستضعفين في الأرض، يتطلّب قوةً في الإيمان، وشجاعةً في المواجهة.
الشهيد هو من تتوافر لديه قوة الإيمان والشجاعة؛ مِن أجلِ نصرة الحق وأهله، فهو يحمي الحق ويدافع عنه؛ لأَنَّه يؤمن بأن عليه واجبًا لا بد له من القيام به دون تردّد، طاعة لله، وجهادًا في سبيله، دفاعًا عن دينه ووطنه، وتضحية في سبيل الولاء للقيم والمبادئ الإسلامية والإنسانية، فهو لا يساوم على دينه أَو وطنه مهما كان الثمن، يقدم النفس والمال في سبيل ما يؤمن به (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أنفسهُمْ وَأموالهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالقرآن وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّـهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
إن حماية الأوطان من الغزو، وحماية العقيدة من الإبادة، وحماية المستضعفين من العدوان، لا تتم دون جهاد وتضحية، والشهيد من يقاتل في سبيل الله، لا يقر الظلم ولا يستسلم للظالمين، بل يواجههم ويقاتل ليعيد الحقوق إلى أصحابها، فهو يحمي العدالة ويُنهي الطغيان.
والشهداء الذين سقطوا دفاعًا عن العقيدة الإسلامية وعن أرض فلسطين، ضحوا بأنفسهم في سبيل الله؛ مِن أجلِ حماية دينهم وبلدانهم، فهم رمز الشجاعة الخالدة، وهم القُدوة في حب الأوطان والشهادة؛ مِن أجلِها.
فالشهادة في سبيل الله هي وسيلة لدفع الظلم، وحماية للحق من أن يطغى عليه الباطل، فهي ذروة الإيمان، والتجسيد العملي للتضحية، وهي السبيل لبقاء الحق قائمًا، وأمة الإسلام عزيزة كريمة، وهي سبيل للفوز برضوان الله وجنته.
فالموت في سبيل العز أولى من الحياة في الذل والهوان، وبالشهادة يتحقّق العزة والكرامة للإنسان، والشهيد يعلم أن رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها، كما روي عن الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
والشهادة في سبيل الله، وفي سبيل حماية الأوطان ممن يحاول غزوها، ويستبيح أرضها، وينهب ثرواتها، هي لقاء رفيع بين الإرادَة الإلهية والإرادَة الإنسانية، فهي:
دينيًّا: نعمة عظيمة للفوز برضوان الله، والجنة، والحياة الدائمة، التي لا نَصَبَ فيها ولا كَدَرَ.
إسلاميًّا: تطبيق عملي لأخلاقيات الإسلام في أعلى حالات الابتلاء، تجمع بين الإخلاص والقوة والرحمة.
إنسانيًّا: تجسيد لأسمى قيم الإنسانية من تضحية وإيثار ودفاع عن الكرامة والعدل.
لهذا يظل الشهداء أحياء في البرزخ، أحياء في قلوب المؤمنين، ونبراسًا للهدى، وشهداء على أممهم يوم القيامة، ورموزًا للخير في الذاكرة الإنسانية جمعاء، قال تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ).
فالشهيد لا يُسَمَّى ميتًا في الحقيقة، بل هو حي في عالم آخر، (وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِنْ لَا تَشْعُرُونَ).
فالشهادة في سبيل الله؛ مِن أجلِ تحرير المقدسات الإسلامية، وتطهير الأقصى الشريف من دنس الصهيونية، من أعظم القربات، قال تعالى: (وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ).
والشهداء هم سبب لنصر الأُمَّــة، ونزول النصر، وعلامة على صدق التوجّـه إلى الله، فذروة التضحية والإيثار هي التضحية بالحياة، وهي أغلى ما يملك الإنسان؛ مِن أجلِ حماية الآخرين، بل هي أعلى تجليات الإيثار والتضحية.
والشهادة هي رفض للذل والاستعباد، وهي التي تذكر العالم بأن بقاء المجتمعات وازدهارها يقوم على الجهاد، ومن المؤسف أن نرى في العالم الإسلامي من ينتسب إلى هذه الأُمَّــة ولا تتجلى فيه شيء من الصفات الحميدة، حينما يصر على معاونة الظالمين، ويقوم بفرض حصار على المؤمنين الموحدين في غزة وفي يمن الإيمان والحكمة، وكأنه لا يؤمن بقيم الإسلام وتعاليمه، «إِنَّ المؤمن للمؤمن كالبنان أَو كالبنيان يشد بعضه بعضًا» معرضًا نفسه ومجتمعه وتابعيه للهلاك، (أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأكثر جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ).
ولقد كان القائد الشهيد السيد العالم حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- في عصرنا هذا رمزًا للتضحية والفداء، ورفع راية الجهاد في سبيل الله والدعوة إلى نصرة المجاهدين المستضعفين في فلسطين، فظفر بالشهادة، ونيل الحُسْنَى وزيادة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
وها هم أنصار الله وحزبه في يمن الإيمان والحكمة يرفعون راية الجهاد، ويبذلون أرواحهم ومهجهم في سبيل الله، ويجاهدون؛ مِن أجلِ إعلاء كلمته ونصرة لفلسطين تحت قيادة قائد المسيرة القرآنية السيد القائد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي حفظه الله، وأصدق مثل على ذلك استشهاد المناضل الجسور رئيس أركان القوات المسلحة اليمنية محمد عبدالكريم الغماري وثلة من قادة الدولة اليمنية ورموزها في حكومة الإعمار والبناء، وعلى رأسهم رئيس الحكومة وزملائه من أهل الصدق والوفاء من الوزراء وغيرهم الكثير من أبناء يمن الإيمان والحكمة، الذين يتبوؤون مكانة رفيعة، ويتحلون بصفات حميدة.
وفي الختام، يظل الشهداء قمة الإيثار والتضحية، وتبقى الشهادة في سبيل الله هي بيعة الخلود وفوز العابدين، والمفتاح الحقيقي للعزة والكرامة التي نسعى إليها.
إنهم ليسوا مُجَـرّد أسماء تُخَلَّد، بل هم مدارس تُعَلِّم الأجيال أن البقاء في الحق يستلزم التضحية والفداء، وأن العيش بكرامة في سبيل الله خير ألف مرة من حياة الذل والهوان.
فكما بيَّن القرآن الكريم، هم أحياء عند ربهم يرزقون، ينيرون لنا دروب الجهاد ويشدون من أزرنا في مواجهة الطغيان.
ولنا في قادتنا وشهداء أمتنا، وعلى رأسهم القائد الشهيد حسين بدر الدين الحوثي، وفي شهداء فلسطين واليمن الأبرار، القُدوة والمَثَل الأعلى.
إن تضحياتهم تؤكّـد أن الأُمَّــة التي تقدم أبناءها للدفاع عن مقدساتها وحماية مستضعفيها هي أُمَّـة حية، يقيض الله لها النصر والعزة.
فلنجعل من ذكراهم نبراسًا يُجَدِّد فينا العهد على مواصلة الجهاد، والتمسك بالحق، والسير على درب العزة حتى يتحقّق النصر والتمكين: (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
وزارة النفط تُحيي الذكرى السنوي للشهيد
الثورة نت/..
أحيت وزارة النفط والمعادن والوحدات التابعة لها، اليوم، فعالية الذكرى السنوية للشهيد 1447هـ.
وفي الفعالية أشار وزير النفط والمعادن الدكتور عبدالله الأمير، إلى أن إحياء هذه المناسبة تجسيدا لعظمة الشهادة ومكانة الشهداء والوفاء لما قدموه من تضحيات في سبيل الحق والذود عن الأمة، معتبرا حالة العزة والكرامة التي يعيشها الشعب اليمني اليوم هو بفضل تضحيات الشهداء الذين بذلوا دمائهم في سبيل الله والدفاع عن الوطن.
ولفت إلى أن هذه المناسبة ليست ذكرى عابرة ولكنها محطة ايمانية ووطنية لتجدد العهد والوفاء لأولئك الذين رحلوا بأجسادهم وبقوا بأرواحهم تضيء طريق الكرامة والصمود.
وأكد الوزير الأمير، أهمية إحياء الذكرى السنوية للشهيد لاستذكار مواقف الشهداء ومآثرهم والسير على دربهم في البذل والعطاء والإخلاص وإتقان العمل ومراعاة الله في كل الأعمال، واستشعار روح المسؤولية الملقاة على عاتق الجميع في الاهتمام بأسر الشهداء ورعايتهم.
وتطرق إلى أن العدو كلما أمعن في استهداف الشعب اليمني ورجاله الأوفياء كلما زادهم ذلك إصرارا وعزيمة دفاعا عن المواقف الثابتة لنصرة الشعب الفلسطيني ودفاعا عن الدين والوطن ومقدسات الأمة.
وفي الفعالية التي حضرها نائب وزير النفط والمعادن محمد النجار ووكيل الوزارة المساعد لشؤون المعادن الدكتور يحيى الأعجم، ورؤساء الوحدات التابعة للوزارة، أكد عضو مجلس الشورى جبري إبراهيم، أهمية استلهام العزم وروح التضحية والفداء والموقف الثابت والقيم والمبادئ العظيمة التي ضحى من أجلها الشهداء.
ولفت إلى مكانة الشهادة وأثرها وعطائها وما يكتبه الله لعباده المستضعفين في جهادهم وصبرهم وتضحياتهم وصمودهم وتوكلهم عليه وثقتهم به وتمسكهم بالموقف الحق، مبينا أن الشهادة في سبيل الله هي تضحية بتوفيق من الله سبحانه وتعالى في موقف الحق وفي إطار قضية عادلة تستحق التضحية.
وحث على تعزيز ثقافة الجهاد والاستشهاد لما لها من أثر في مواجهة قوى الاستكبار العالمي وإفشال مخططات الأعداء.
بدوره أشار عبدالوهاب مطهر في كلمته عن أسر الشهداء، إلى ما تمثله هذه الذكرى من أهمية للتعريف بالتضحيات التي قدمها الشهداء في الدفاع عن الوطن وسيادته.
وأكد أهمية إحياء هذه المناسبة التي تجسد عظمة الشهادة ومكانة الشهداء والوفاء لما قدموه من تضحيات في سبيل الحق والذود عن الأمة، مبينا أن تضحيات الشهداء أثمرت اليوم في المواقف العظيمة للشعب اليمني في مساندة الشعب الفلسطيني.
ولفت إلى دلالات إحياء ثقافة الجهاد والاستشهاد في نفوس المجتمع وترسيخ مبادئ العزة في مواجهة قوى الغزو والاحتلال حتى تحقيق النصر.
تخلل الفعالية، قصائد وفقرات معبرة، وتكريم أسر الشهداء.