أمواج عملاقة بحجم ناطحات السحاب تذيب الجليد بصمت.. ماذا يحدث ؟
تاريخ النشر: 6th, November 2025 GMT
في اكتشاف علمي لافت، كشف باحثون من جامعتي زيورخ وواشنطن عن ظاهرة طبيعية خفية تسهم بشكل كبير في تسارع ذوبان الأنهار الجليدية في غرينلاند، تتمثل في أمواج ضخمة تحت سطح البحر، لا ترى بالعين المجردة، لكنها تملك قدرة هائلة على تآكل قواعد الجليد من الداخل.
. مصرع 5 متسلقين ألمان إثر انهيار جليدي مفاجئ
اضطرابات مائية هائلة
ووفقا للدراسة التي تشرت في مجلة Nature، فإن هذه الموجات تتولد عندما تنفصل كتل جليدية هائلة عن حواف الأنهار الجليدية وتسقط في المحيط، لتُحدث اضطرابات مائية هائلة تمتد عميقاً تحت السطح، ما يؤدي إلى خلط المياه الدافئة والباردة، وتسريع عملية الذوبان الجليدي بشكل يفوق التوقعات السابقة.
ولرصد هذه الظاهرة بدقة غير مسبوقة، استخدم الفريق العلمي تقنية الألياف البصرية لقياس التأثيرات الناتجة عن سقوط الجليد في البحر. وتم وضع كابل ألياف بطول 10 كيلومترات في قاع مضيق عند نهر Eqalorutsit Kangilliit Sermiat الجليدي، وهو من أكبر أنهار غرينلاند، إذ يطلق سنوياً نحو 3.6 كيلومترات مكعبة من الجليد إلى المحيط — ما يعادل ثلاثة أضعاف حجم نهر "رون" الجليدي في سويسرا.
وأوضح البروفيسور أندرياس فيلي من جامعة زيورخ، والمشرف على الدراسة، أن "المياه الدافئة القادمة من المحيط تُسرّع تآكل قاعدة الأنهار الجليدية، مما يزيد من انفصال الجليد وفقدان كتل ضخمة من الصفائح الجليدية"، محذراً من أن هذه العملية قد تتفاقم مع استمرار ارتفاع درجات حرارة المياه.
باستخدام تقنية الاستشعار الصوتي الموزع (DAS)، تمكن الباحثون من رصد اهتزازات الكابل الناتجة عن حركة الجليد والأمواج، ليتبين أن الموجات السطحية الناتجة عن الانفصال الجليدي تُخلط الطبقات العليا من الماء، في حين تتشكل أمواج تحت الماء بارتفاع يعادل ناطحات السحاب، تواصل تحريك المياه الدافئة نحو أعماق الأنهار الجليدية حتى بعد هدوء السطح.
الباحث الرئيسي دومينيك غراف أوضح أن هذه التقنية "كشفت للمرة الأولى التأثير المزدوج لانفصال الجليد، وساعدتنا على فهم العلاقة بين الموجات الخفية وذوبان القواعد الجليدية"، مؤكداً أن النتائج ستُسهم في تحسين نماذج التنبؤ بتسارع ذوبان الصفائح الجليدية حول العالم.
أكثر الأنظمة البيئية هشاشة على الكوكبويحذر العلماء من أن صفيحة غرينلاند الجليدية — التي تعادل مساحتها أكثر من 40 ضعف مساحة سويسرا — تعد من أكثر الأنظمة البيئية هشاشة على الكوكب إذ إن ذوبانها الكامل قد يؤدي إلى ارتفاع مستوى البحار العالمي بنحو سبعة أمتار، مع ما يحمله ذلك من تهديد مباشر للسواحل والمجتمعات الساحلية والنظم البيئية البحرية.
وتؤكد الدراسة أن فهم هذه الأمواج العملاقة تحت الماء يعد خطوة حاسمة نحو إدراك أعمق للديناميكيات البحرية في المناطق القطبية، وضرورة تكثيف المراقبة العلمية لهذه البيئات الحساسة لمواجهة التداعيات المتسارعة لتغير المناخ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الألياف البصرية الأنظمة البيئية الأنهار الجلیدیة
إقرأ أيضاً:
ماذا يحدث عندما تضيف الأطعمة المخمرة إلى نظامك الغذائي؟
مع تسارع وتيرة الحياة وزيادة الاعتماد على الوجبات الجاهزة والمصنّعة، أصبح الجهاز الهضمي من أبرز المتأثرين بهذا النمط السريع. فقد أدّت قلة الوقت والعادات الغذائية غير المتوازنة إلى ارتفاع مشكلات الهضم وضعف المناعة.
وفي ظل هذا الواقع، برزت الأطعمة المخمّرة كخيار طبيعي فعّال يساعد على استعادة التوازن في الجهاز الهضمي ودعم صحة الأمعاء. فهي غنية بالبكتيريا النافعة التي تسهم في تحسين عملية الهضم وتعزيز امتصاص العناصر الغذائية، لتصبح بذلك إحدى الركائز الأساسية في الأنظمة الغذائية الحديثة التي تهدف إلى تعزيز العافية من الداخل.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2غيّر طبقك.. لماذا ينصح الخبراء باستبدال الشعير بالأرز؟list 2 of 2شاي بتلات الورد.. إكسير عطري يحارب السمنة ويساعدك على الاسترخاءend of listما الأطعمة المخمرة؟الأطعمة المخمّرة منتجات تخضع لعملية تحويل طبيعية تتم بفعل كائنات دقيقة مثل البكتيريا النافعة والخميرة، حيث تعمل هذه الكائنات على تفكيك السكريات والنشويات إلى أحماض عضوية أو كحول، مما يمنحها نكهة مميزة ويزيد من قيمتها الغذائية.
ولا تقتصر فوائدها على حفظ الطعام فحسب، بل تمتد لتشمل تحسين الهضم، ودعم المناعة، والحفاظ على توازن الميكروبيوم في الأمعاء بفضل احتوائها على البروبيوتيك، وهي بكتيريا حية تساعد على تعزيز صحة الجهاز الهضمي.
ومن أشهر أنواع الأطعمة المخمّرة: الزبادي، الكفير، الكيمتشي الكوري، الساوركراوت الألماني، الميسو والناتو الياباني، الكومبوتشا، والمخللات التقليدية
البروبيوتيك.. البكتيريا المفيدةالعنصر الذي يمنح الاطعمة المخمرة تميزها الحقيقي هو البروبيوتيك، وهي بكتيريا حية مفيدة تدعم صحة الجهاز الهضمي. وعند تناولها، تستقر هذه الكائنات في الأمعاء وتساعد على إعادة توازن الميكروبيوم، وهو مجتمع ضخم ومعقد يضم تريليونات الميكروبات التي تعيش داخل الجهاز الهضمي. ويمثل الميكروبيوم المتوازن أساسا للصحة العامة، إذ يسهم في تعزيز الصحة وتنظيم العديد من وظائف الجسم، في حين أن اختلاله يرتبط بظهور طيف واسع من الأمراض والاضطرابات المزمنة.
إعلان دعم الجهاز الهضمي تحسين توازن الميكروبيومعند إدخال الأطعمة المخمّرة إلى النظام الغذائي، تبدأ البكتيريا المفيدة بالاستقرار في الأمعاء، مما يساعد على استعادة التوازن الصحي للميكروبيوم المعوي، وهو عنصر أساسي لدعم كلٍّ من الهضم والمناعة. ويسهم هذا التوازن في الحد من نمو البكتيريا الضارة، والحفاظ على بيئة معوية سليمة.
وأظهرت دراسة أجراها باحثون في جامعة ستانفورد الأميركية عام 2021 أن اتباع نظام غذائي غني بالأطعمة المخمّرة لمدة 10 أسابيع يؤدي إلى زيادة تنوّع الميكروبيوم وتحسين استجابات الجهاز المناعي، مما يؤكد الدور الحيوي لهذه الأطعمة في تعزيز صحة الأمعاء والمناعة العامة.
تُسهم الأطعمة المخمّرة في التخفيف من اضطرابات الجهاز الهضمي مثل متلازمة القولون العصبي والانتفاخ والإمساك، إذ تساعد البروبيوتيك الموجودة فيها على تحسين حركة الأمعاء، وتسهيل عملية الهضم، وتقليل الالتهابات المعوية المسببة للانزعاج والألم. كما تُعد منتجات مثل الكفير والزبادي خيارًا مناسبًا للذين يعانون من عدم تحمّل اللاكتوز، لأن البكتيريا النافعة فيها تعمل على تفكيك سكر الحليب مما يجعل هضمه أكثر سهولة وراحة.
تحسين امتصاص العناصر الغذائيةتساهم عملية التخمير في تحطيم المركبات المضادة للمغذيات، مما يسهل امتصاص العناصر الحيوية مثل الحديد والزنك والكالسيوم. وهذا يعني أن الجسم يستفيد بشكل أفضل من العناصر الغذائية الموجودة في الطعام، مما يحسن من الحالة الغذائية العامة.
تُعد الأمعاء مركزًا رئيسيًا للمناعة في الجسم، إذ تضم نحو 70% من مكونات الجهاز المناعي، مما يجعل صحتها عاملًا مباشرًا في تعزيز المناعة العامة. وتُسهم الأطعمة المخمّرة في هذا الجانب بفضل احتوائها على بكتيريا نافعة تعزز حاجز الأمعاء وتمنع تسرّب البكتيريا الضارة والسموم إلى مجرى الدم.
كما تتميّز هذه الأطعمة بخصائص مضادة للالتهابات تساعد على تهدئة الاستجابات المناعية المفرطة، والحد من أمراض المناعة الذاتية والحساسيات. وإضافة إلى ذلك، تساهم البروبيوتيك في تحفيز إنتاج الخلايا المناعية، مما يعزّز قدرة الجسم على مقاومة العدوى.
وتُسهم عملية التخمير أيضًا في زيادة إنتاج بعض الفيتامينات المهمة مثل فيتامين ب12 وفيتامين ك2، وهما عنصران أساسيان لدعم صحة القلب والعظام وتنظيم عمليات الأيض.
تحسين الحالة النفسيةكشفت الأبحاث الحديثة عن ارتباط وثيق بين صحة الأمعاء والحالة النفسية للإنسان. فقد تبين أن التوازن الميكروبي في الأمعاء لا يؤثر فقط على الهضم، بل يمتد تأثيره إلى المزاج والاضطرابات النفسية مثل القلق والاكتئاب حيث تنتج البكتيريا النافعة نواقل عصبية مهمة كالسيروتونين والدوبامين، وهما من المواد الكيميائية التي تنظم المزاج والنوم والشعور بالراحة.
وأكدت دراسة أجريت عام 2024 في جامعة فرجينيا، ونشرت في مجلة الدماغ والسلوك والمناعة، أن تعزيز الميكروبيوم بالأطعمة المخمرة أو البروبيوتيك قد يسهم في تحسين المزاج وتقليل التوتر عبر دعم إنتاج هذه النواقل العصبية بشكل طبيعي ومتوازن.
رغم فوائد الأطعمة المخمرة العديدة، فإن الإفراط في تناولها قد يسبب أعراضا مؤقتة مثل الغازات أو الانتفاخ، خاصة في المراحل الأولى من إدخالها إلى النظام الغذائي، إذ يكون ذلك جزءا من تكيف الجهاز الهضمي مع التغيرات الميكروبية الجديدة. كما تحتوي بعض الأنواع مثل الكيمتشي والساوركراوت على نسب مرتفعة من الصوديوم، مما يستدعي الحذر لدى مرضى ضغط الدم وأمراض القلب، ويفضل اختيار الأنواع قليلة الملح أو تحضيرها منزليا. وينصح الذين يعانون من ضعف في المناعة أو الحوامل باستشارة الطبيب قبل تناولها بكميات كبيرة.
ولتحقيق أقصى استفادة من الأطعمة المخمرة، ابدأ تدريجيا بكميات صغيرة مثل ملعقة أو اثنتين من الزبادي أو الساوركراوت يوميا، ثم زيادة الكمية مع الوقت حتى يتكيف الجهاز الهضمي. واحرص علي تنويع مصادر هذه الأطعمة لأن كل نوع منها يحتوي على سلالات مختلفة من البكتيريا المفيدة، مما يساعد على تحقيق نتيجة. وينبغي اختيار الأنواع الطازجة وغير المبسترة، لأن عملية البسترة تقتل البكتيريا الحية. ولذلك، كما من المهم قراءة الملصقات بعناية والتأكد من احتواء المنتج على بكتيريا حية ونشطة لضمان الفائدة القصوى.
وليست إضافة الأطعمة المخمرة إلى النظام الغذائي مجرد اتجاه عابر، بل استثمار طويل الأمد في صحة الأمعاء التي تعد أساس الصحة العامة. فهي تسهم في تحسين الهضم والمناعة والمزاج والامتصاص الغذائي بطرق متكاملة. ومع الالتزام بالاعتدال والبدء التدريجي، يمكن تحويل هذه الأطعمة إلى عنصر فعال في دعم الجسم وتحقيق نمط حياة أكثر توازنا وصحة.