إبراهيم شقلاوي يكتب: التحول الرقمي .. مدخل للإصلاح التنموي والسياسي
تاريخ النشر: 6th, November 2025 GMT
أعلن رئيس الوزراء د. كامل إدريس بالأمس عن تأسيس ثلاث هيئات وطنية تحت إشراف وزارة التحول الرقمي والاتصالات، تشمل هيئة التحول الرقمي، وهيئة البيانات والذكاء الاصطناعي، وهيئة الأمن السيبراني. ماذا يعني ذلك؟
هذه الخطوة المهمة تعني ان حكومة “الأمل” بدأت تعمل في إعادة بناء الدولة ووضع السودان على طريق المؤسسات الحديثة، مستندة إلى المعرفة، الكفاءة، والتحول الرقمي، وهو توجه يعكس إدراك القيادة لأهمية التكنولوجيا كأداة استراتيجية للإصلاح السياسي والإداري والتنموي.
تسعى هذه الهيئات إلى توحيد البنية التحتية الرقمية وتحسين إدارة البيانات والمعلومات بما يعزز قدرة الدولة على اتخاذ قرارات دقيقة وفعالة، ويعيد الثقة بين المواطن والحكومة وكافة مؤسسات الدولة التي باتت ملزمة بالمواكبة والتطوير والانسجام ضمن هذه الخطة الواعدة التي تضع البلاد في الطريق الصحيح. أسوة بباقي البلاد التي دخلت هذا المجال مبكرا.
فقد أثبتت تجارب دول مثل سنغافورة، ماليزيا، وكوريا الجنوبية أن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني لا يقتصر على تطوير التكنولوجيا فحسب، بل يترجم إلى حوكمة رشيدة، تعزز الكفاءة، ضبط الأداء، ودعم القرار وتعزيز السيادة الوطنية.
سنغافورة على سبيل المثال، استفادت من المنصات الرقمية لإدارة الخدمات العامة بكفاءة عالية وزيادة العدالة في توزيع الموارد، بينما استثمرت ماليزيا في الذكاء الاصطناعي لتعزيز القدرة الاستراتيجية على اتخاذ القرار وحماية بنيتها التحتية الحيوية.
في السودان، يمثل تأسيس هيئة الأمن السيبراني خطوة أساسية لضمان السيادة الوطنية وحماية البيانات، بما يمكّن الدولة من التحكم الكامل في معلوماتها وتطبيق قواعد واضحة لإدارة المعرفة، وهو ما يعزز قدرة الحكومة على ضبط المؤسسات ومواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
بالموازاة تعمل هيئة البيانات والذكاء الاصطناعي على توظيف المعرفة كأداة قوة استراتيجية، من خلال تحليل البيانات لتطوير الخدمات العامة واتخاذ قرارات تعتمد على الأدلة، وهو ما يعيد صياغة مفهوم الإدارة العامة ويضع الحوكمة على أسس علمية ومنهجية واضحة تؤسس لنهضتنا.
وفي هذا السياق، أوضح المهندس أحمد درديري غندور، وزير التحول الرقمي والاتصالات، أن إطلاق الهيئات الجديدة يمثل خطوة عملية لترسيخ بنية مؤسسية قادرة على إدارة التحول الرقمي والاتصالات بكفاءة ومسؤولية، بما يعزز حماية السيادة الرقمية وتنظيم البيانات والخدمات ضمن إطار وطني موحد.
مشيراً إلى أن التحول الرقمي في السودان ليس مشروعاً تقنياً فحسب، بل ركيزة لبناء الدولة الحديثة وإصلاح الإدارة العامة وإعادة الثقة في الخدمات الحكومية عبر كوادر وطنية مؤهلة، مؤكداً أن القرار يأتي تتويجاً لجهود تنسيقية بين مؤسسات الدولة لتأسيس منظومة رقمية وطنية ترفع كفاءة الأداء، وتواجه التحديات السيبرانية ، وتفتح المجال أمام شراكات استراتيجية مع القطاعين العام والخاص لبناء اقتصاد رقمي واعد يكرس مرحلة جديدة من الإصلاح المؤسسي والتنمية المستدامة.
يفتح المشروع المجال واسعًا أمام مشاركة الشباب، إذ يمثل دورهم عنصرًا محوريًا لا يقل أهمية عن الهيئات ذاتها، لذلك ينتظر إسهام الكوادر الوطنية الشابة بما يعزز ابتكار الحلول التقنية المحلية، وتوطين المعرفة، وبناء أنظمة رقمية مستقلة تقلل من الاعتماد على الخارج.
كما يخلق ذلك مشاركة فعالة للشباب في إدارة الدولة ، ويؤسس لثقافة مؤسسية جديدة قائمة على المعرفة، والشفافية، والمسؤولية. توظيف الطاقات الشابة سيتيح أيضًا بناء جيل قادر على قيادة مشاريع التحول الرقمي مستقبلًا، ويعزز الاستدامة الطويلة الأجل لهذه المبادرات.
التوقعات بعد إنشاء هذه الهيئات بحسب خبراء تشير إلى تغيير جذري في أسس الدولة السودانية، بدءًا من تحسين كفاءة المؤسسات، مرورًا بتعزيز قدرة الحكومة على اتخاذ القرارات الاستراتيجية، وانتهاءً بخلق بيئة مؤسسية تعتمد على الحوكمة القائمة على البيانات والمعرفة. القرار يمهد الطريق لإطلاق شراكات استراتيجية مع القطاع الخاص والمستثمرين الدوليين، ويفتح الباب أمام اقتصاد رقمي متنامٍ ومستدام، في ظل دولة تتمتع بالسيادة والاستقلالية التقنية والسياسية.
باختصار تأسيس هذه الهيئات يمثل مدخلًا عمليًا لإصلاح الدولة السودانية، حيث يصبح التحول الرقمي ، أداة لإعادة بناء المؤسسات، و تعزيز الحوكمة، وتوطين التكنولوجيا بما يضع السودان على الطريق الصحيح نحو دولة حديثة ومستقرة وقادرة على مواجهة تحديات المستقبل.
بهذه الخطوة المهمة بحسب #وجه_الحقيقة ، يدشن السودان مرحلة جديدة من الإصلاح المؤسسي والتحول الرقمي، قائمة على رؤية وطنية واضحة قوامها المعرفة والسيادة والتكامل، من أجل بناء دولة أكثر قدرة واستقراراً، توظف التكنولوجيا لخدمة الإنسان والتنمية الوطنية.
إبراهيم شقلاوي
دمتم بخير وعافية.
الخميس 6 نوفمبر 2025م Shglawi55@gmail.com
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: التحول الرقمی
إقرأ أيضاً:
التحول الرقمي.. لم يعد ترفاً بل ضرورة وطنية
تواصل المملكة العربية السعودية مسيرة التحول الرقمي الحكومي من خلال استضافة النسخة الجديدة من ملتقى الحكومة الرقمية 2025، الذي يجمع أقطاب المجتمع الرقمي لتمكين اللقاء والتواصل وتبادل الخبرات، وبناء الشراكات، ومشاركة التجارب الملهمة، إلى جانب استعراض التوجهات المستقبلية للحكومات الرقمية، والبحث عن الفرص الاستثمارية الواعدة في القطاع الرقمي بالمملكة.
ويأتي الملتقى هذا العام برؤية أوسع، ومنصة دولية تحتضن التجارب المبتكرة، وتبرز التميز الرقمي، وتؤكد التزام هيئة الحكومة الرقمية بدورها المحفّز والداعم للتحول نحو منظومة حكومية أكثر كفاءة، وأكثر قربًا من المستفيد، بما يعكس رؤية المملكة الطموحة في تحقيق بيئة رقمية متكاملة ومستدامة.
ويشكل الملتقى فرصة استثنائية للمختصين والمستثمرين وصانعي القرار للتعرف على أحدث التجارب الرقمية، ومناقشة السياسات والخطط المستقبلية، واستشراف الفرص الاستثمارية التي من شأنها تعزيز مكانة المملكة كمركز رقمي عالمي
وفي إطار مساعٍ حثيثة نحو تنويع اقتصادها وتقوية كفاءة الخدمات الحكومية، تضع المملكة العربية السعودية التحول الرقمي والرقمنة في صلب مشروعها الوطني “رؤية السعودية 2030”. إذ تعمل منظومة التحول الرقمي على إعادة تصميم سير العمل الحكومي، وتوظيف التقنيات الرقمية – مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية – لرفع كفاءة الأداء وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين.
وفق موقع الحكومة الرقمية، تحوّل تقديم الخدمات إلى تجربة رقمية يَسهُل الوصول إليها وإدارتها عبر المنصّات، في انسجام مع هدف الرؤية بأن تصبح المملكة «أمة طموحة» وتحسّن فعالية الحكومة.
ويُشكّل ملتقى الحكومة الرقمية حدثاً محوريّاً في هذا المسار، إذ تنظمه الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي حيث تجمع كبار المسؤولين والخبراء والشركات التقنية، وعرض قصص النجاح ومؤشرات الأداء، وإطلاق مبادرات وشراكات رقمية.
في نسخته الأخيرة، شهد الملتقى مشاركة واسعة لأكثر من 400 جهة حكومية و100 شركة ورواد أعمال، وعُرضت فيه نتائج “مؤشر تقييم التحول الرقمي” وأُعلن عن جوائز التميز في الحكومة الرقمية.
من خلال هذا التكامل، تترسّخ الرقمنة كأداة استراتيجية لتحقيق أهداف رؤية السعودية 2030: رفع جودة الحياة، تعزيز كفاءة الخدمات، وتحفيز الاقتصاد المعرفي.
المملكة اليوم تطمح بأن تكون «أمّةً طموحة» وفق رؤيتها 2030، فإن التحول الرقمي ليس ترفاً بل ضرورة. وملتقى الحكومة الرقمية يمثل محطة مهمة تُظهِر الالتزام بالتحول «الرقمي»
وبينما تتسارع خطى المملكة في هذا المسار، يظل التحول الرقمي أحد أهم أدواتها لبناء مستقبل أكثر كفاءة ومرونة. فالمبادرات الحكومية المتتابعة، والمنصّات الرقمية المتطورة، والملتقيات المتخصصة، ليست سوى دلائل واضحة على أن السعودية تتعامل مع الرقمنة باعتبارها استثمارًا استراتيجيًا لا غنى عنه. ومع اقتراب محطات جديدة في رحلة رؤية 2030، يتأكد أن مستقبل الخدمات والمؤسسات والاقتصاد مرهونٌ بقدرتها على مواصلة هذا التحول، وأن الرقمية لم تعد خياراً إضافياً بل قاعدةً تقوم عليها منظومة التنمية الحديثة.
التحول الرقميأخبار السعوديةأخر أخبار السعوديةملتقى الحكومة الرقمية 2025المجتمع الرقمينايف الحربيقد يعجبك أيضاًNo stories found.