وزير التنمية الاجتماعية السوداني للجزيرة نت: حجم المعاناة أكبر مما يراه العالم
تاريخ النشر: 20th, November 2025 GMT
الخرطوم- كشف وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية السوداني معتصم أحمد صالح في حوار خاص مع الجزيرة نت، أن أعداد النازحين واللاجئين جراء الحرب في تغير مستمر، حيث تشير التقديرات إلى أكثر من 16 مليون نازح داخليا ونحو 5 ملايين لاجئ خارج السودان، إلى جانب وجود 23 مليون شخص تحت خط الفقر.
وقال إن مدينة الفاشر ليست حالة معزولة، بل تمثل جزءا من مسلسل متواصل من الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها "مليشيا الدعم السريع" في دارفور والخرطوم وولايتي الجزيرة وسنار، ولذلك فإن حجم المعاناة أكبر مما يراه العالم على السطح.
وأفاد صالح بأن الوضع الإنساني الذي أفرزته جرائم الدعم السريع في الفاشر وغيرها من المناطق يحتاج إلى دعم يتناسب مع حجم الأزمة، لا إلى تدخلات متفرقة ومحدودة، مشيرا إلى وجود جهود دولية مقدرة، لكنها "لا ترقى إلى مستوى الكارثة".
وأوضح أن قبول أي هدنة يجب أن يضمن وقفا حقيقيا للانتهاكات، ووصول الإغاثة إلى جميع المحتاجين دون استثناء، وألا تتحول إلى فرصة "لإعادة تسليح المليشيا"، وأكد "نحن مع حماية المدنيين، لكننا ضد أي ترتيبات تكافئ من ارتكبوا جرائم جماعية".
وفيما يلي نص الحوار..
ما حجم الوضع الإنساني انطلاقا من سقوط الفاشر التي لفتت الأنظار أكثر إلى السودان؟
الفاشر كانت تحت حصار طويل، تلاه اقتحام شهد انتهاكات واسعة وعمليات تصفية وتعذيب ونهب شامل، الأمر الذي أدى إلى موجات نزوح كبيرة نحو الولايات الأخرى، وهنالك عشرات الآلاف لا زالت المليشيا تمنعهم من مغادرة المدينة.
وصل إلى الولاية الشمالية وحدها في منطقتي الدبة ودنقلا وما حولهما حوالي 50 ألف نازح من الفاشر وغرب كردفان، ومعظمهم من النساء والأطفال وكبار السن، أينما تتجه اليوم في السودان تجد أسرا مدمرة اجتماعيا واقتصاديا تبحث عن الحد الأدنى من الأمان.
الفاشر ليست حالة معزولة، بل جزء من مسلسل متواصل من الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع في دارفور والخرطوم وولايتي الجزيرة وسنار، ولذلك حجم المعاناة أكبر مما يراه العالم على السطح.
إعلان ما حجم الجهد الدولي الإنساني لمعالجة آثار الحرب في السودان؟هناك جهد دولي لكنه لا يوازي حجم الكارثة، بعض الوكالات الدولية تبذل جهودا مقدرة، ودول شقيقة وصديقة قدّمت دعما مهما، لكن عندما يكون لديك 23 مليون شخص تحت خط الفقر و16 مليون نازح داخليا و5 ملايين لاجئ خارجيا فإن الاستجابة الحالية لا تغطي سوى جزء بسيط من الاحتياجات.
الوضع الإنساني الذي أفرزته جرائم مليشيا الدعم السريع في الفاشر وغيرها من المناطق يحتاج إلى تدخّل يتناسب مع حجم الأزمة، وليس إلى تدخلات متفرقة ومحدودة.
#عاجل | نائب مدير برنامج الأغذية العالمي للجزيرة: قوات الدعم السريع تمنعنا من الوصول إلى مدينتي كادوقلي والفاشر
– السودان يعيش أكبر أزمة انعدام أمن غذائي في العالم
– نحن بحاجة لتمويل إضافي للوصول إلى نحو 5 ملايين شخص في السودان pic.twitter.com/Eo0OPQPteM
— قناة الجزيرة (@AJArabic) November 19, 2025
ما مدى رضاكم عن الجهد الإنساني لمعالجة آثار الحرب في السودان؟ وهل لديكم مآخذ عليه؟نحن نقدّر كل جهد صادق يصل للناس، لكن الرضا الكامل غير موجود، لدينا 3 ملاحظات:
الأولى: بطء الإجراءات الداخلية الخاصة بالمنظمات وبيروقراطية التحرك. الثانية: تركيز بعض التدخلات على مناطق دون أخرى. الثالثة: ضعف الاستثمار في برامج التعافي الاقتصادي مقابل التركيز على توزيع الغذاء فقط.نحن بحاجة لاستجابة إنسانية متوازنة تشمل إغاثة وتعافيا اقتصاديا يعيد إلى الناس القدرة على الكسب.
يقال إن الحكومة كانت تتردد في السماح بمرور المساعدات من تشاد عبر معبر أدري، هل أنتم تتحكمون فيه؟ وهل فعلا كان مشكوكا في أمره؟موقفنا ثابت، نرحب بأي مساعدات تصل إلى المحتاجين، لكن عبر آليات واضحة تضمن عدم استخدامها لأهداف عسكرية أو سياسية.
وبالنسبة إلى معبر أدري كان النقاش حول ضمان الرقابة والجهات التي تتحكم فعليا في مسار الشحنات ومنع وقوع المساعدات في يد المليشيا.
نحن لا نرفض مبدأ العبور عبر تشاد، ولكن نصرّ على أن يكون ذلك ضمن منظومة متفق عليها تحمي سيادة السودان وتضمن وصول الإغاثة إلى مستحقيها فقط، وليس للمليشيات.
المشهد الإنساني في السودان يزداد تأزّمًا مع تواصل المعارك واتساع جبهاتها.. المنظمات الإنسانية تقول إن البلاد تتحول إلى ميدان تشريد ونزوح داخلي غير مسبوق، مع الفرار اليومي من ساحات المعارك والقصف | #تقرير: شيماء بوعلام#الأخبار pic.twitter.com/f0DHRBoHAk
— قناة الجزيرة (@AJArabic) November 15, 2025
أصبحت نسبة السودانيين هي الأكبر على مستوى العالم نزوحا ولجوءا، كيف يمكن مواجهة هذا الوضع؟هذه أزمة غير مسبوقة وتتطلب معالجة على 3 مستويات:
داخليا: تأمين الولايات المستقرة وإعادة الخدمات الأساسية، وتمكين الأسر النازحة من حياة كريمة حيث توجد الآن. إقليميا: تنسيق عالي المستوى مع دول الجوار التي تستضيف اللاجئين لضمان كرامتهم وحقوقهم. دوليا: خطة استجابة كبيرة وطويلة الأجل. هل يمكن إعطاؤنا خارطة تقريبية للنازحين واللاجئين؟الأرقام تتغير يوميا، لكن التقديرات تشير إلى أكثر من 16 مليون نازح داخليا موزعين في ولايات دارفور وكردفان والخرطوم والجزيرة وسنار والنيل الأبيض والنيل الأزرق والبحر الأحمر والشمالية ونهر النيل.
إعلانكما تشير إلى حوالي 5 ملايين لاجئ خارج السودان في تشاد ومصر وجنوب السودان وأوغندا وإثيوبيا وأفريقيا الوسطى وليبيا ودول أخرى.
وتعمل الوزارة مع شركائها على تحديث السجل الاجتماعي الموحد لحصر الأسر المتضررة وخدمة عمليات الدعم.
ما حجم الأموال الحكومية المرصودة والمساعدات التي تتلقونها؟موارد الدولة محدودة حاليا بسبب ضعف الإيرادات وزيادة الإنفاق الحكومي لتغطية احتياجات الحرب، ومع ذلك خصصت الحكومة موارد مقدرة لبرامج الحماية الاجتماعية والتأمين الصحي والتمويل الأصغر.
كما نعتمد على موارد الزكاة والصناديق القومية وبرامج بنك الأسرة وبنك الادخار في تمويل مشروعات الأسر والنساء والشباب.
جزء من المساعدات الخارجية يأتي عبر الأمم المتحدة والمنظمات، لكنه لا يمر كله عبر الحكومة، ونطالب بآلية تنسيق أفضل وتوجيه متسق مع خططنا الوطنية.
كيف تنظرون للاستجابة الإنسانية الإقليمية والدولية لنازحي الفاشر؟نشيد بالدعم القطري، فقد جاء في وقت حرج وأسهم في إحداث فارق ملموس في أوضاع نازحي الفاشر، كان هناك التزام مهني، وتنسيق مع الجهات الرسمية السودانية، وابتعاد عن أي توظيف سياسي.
نأمل أن تقتدي دول أخرى بهذه التجربة، وأن يتحول الدعم إلى شراكات طويلة المدى في إعادة الإعمار.
هناك رأي يقول إن تغييرا ديمغرافيا حدث في السودان بسبب الحرب، هل سيستمر؟النزوح الكبير من مناطق الحرب هو تعبير واضح عن رفض الناس جرائم مليشيا الدعم السريع، ولجوئهم إلى الولايات التي لا زالت فيها الدولة قائمة.
هل سيستمر هذا الوضع؟
قد يستمر جزء منه، لأن بعض المناطق تعرضت لجرائم وتطهير عرقي واسع، ولن يعود الناس إليها بسهولة، لكن توجهنا كحكومة هو توفير حياة كريمة للنازحين حيث يقيمون الآن، والعمل على عودة طوعية آمنة عندما تسمح الظروف، والحفاظ على وحدة النسيج الاجتماعي ومنع تثبيت آثار الجريمة كأمر واقع دائم.
هل يوجد أي تنسيق للمساعدات الإنسانية مع الدعم السريع؟لا يوجد أي تنسيق على الإطلاق، هذه مليشيا مسؤولة عن الجرائم والانتهاكات التي أدت إلى النزوح والجوع والمرض، ولا يمكن للحكومة أن تتعامل معها كطرف في العمل الإنساني، تعاملنا يتم فقط عبر الأمم المتحدة والجهات المعترف بها، ونطالب بضمانات تمنع استخدام المساعدات لتقوية المليشيات.
ما حيثيات رفضكم الهدنة الإنسانية المطروحة؟أي هدنة نقبلها يجب أن تضمن:
وقفا حقيقيا للانتهاكات. وصول الإغاثة إلى كل المحتاجين دون استثناء. عدم تحويل الهدنة إلى فرصة لإعادة تسليح المليشيا. نحن مع حماية المدنيين، لكننا ضد أي ترتيبات تكافئ من ارتكبوا جرائم جماعية.
من خلال زياراتكم للميدان ما أبرز الاحتياجات العاجلة الآن؟
أبرز الاحتياجات هي:
الغذاء والمياه النقية في مناطق النزوح. الأدوية المنقذة للحياة والمحاليل الوريدية. مراكز صحية وعيادات ثابتة، وقد أنشأنا فعلا مراكز جديدة مثل مركز إيواء العفاض الذي افتتحناه في الولاية الشمالية. توسعة المراحيض وتحسين الصرف الصحي لمنع انتشار الأوبئة. الدعم النفسي والاجتماعي للنساء والأطفال. مأوى مناسب لمن فقدوا منازلهم بالكامل. في ظل طول أمد الحرب هل هناك جهود لإعادة دمج النازحين في مجتمعات آمنة؟نعم، لدينا خطة متدرجة تشمل:
أولا: الاستجابة العاجلة للاحتياجات الأساسية بتوفير خيام الإيواء حيث تستقبل مراكز النزوح أعدادا متزايدة يوميا، وتوفير البطانيات ووسائل التدفئة مع دخول الشتاء، وفتح عيادات ومراكز صحية ثابتة كما فعلنا في الدبة ودنقلا، وتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية العاجلة ودعم نفسي واجتماعي للضحايا. ثانيا: التمكين الاقتصادي عبر برامج التمويل الأصغر وتمليك مشروعات صغيرة للعائلات النازحة حتى لا تعتمد على الإغاثة فقط. ثالثا: الاندماج والعودة الطوعية بالتنسيق مع الولايات والمجتمعات المحلية لتهيئة بيئة آمنة، وبرامج إعادة تأهيل الخدمات الأساسية، ومسارات جبر الضرر الاجتماعي والأسري. إعلاننحن نعلم أن الطريق طويل، لكننا ملتزمون بوضع النازحين في قلب خطة التعافي وبناء مجتمع آمن يعيد إلى الناس كرامتهم وحياتهم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات ملیشیا الدعم السریع فی السودان
إقرأ أيضاً:
وزير خارجية فرنسا: نسعى إلى سلام عادل في أوكرانيا
قال وزير خارجية فرنسا، إننا نسعى إلى سلام عادل في أوكرانيا وهذا ما نريده، وروسيا بقيادة بوتين تعرقل الوصول إلى السلام الدائم في أوكرانيا.
وأضاف وزير خارجية فرنسا، أننا سنفرض عقوبات على نائب قائد الدعم السريع بسبب انتهاكات الفاشر، وقوات الدعم السريع ارتكبت انتهاكات عرقية في الفاشر.
وأوضح أن الوضع في الفاشر يزداد سوءا، وسننشر 100 رجل أمن فرنسي بالأراضي الفلسطينية، وندين خروق وقف إطلاق النار التي تحدث في غزة وعلى جميع الأطراف احترام خطة السلام.
ولفت إلى أننا وضعنا تصورا لنزع سلاح حماس واستبعادها من حكم غزة.