يركز تقرير "نيويورك تايمز" على موقف رئيس الوزراء اللبناني، نواف سلام، الذي وصف إسرائيل بأنها "لاعب مُطلَق العِنان يتصرّف كقوة مُهيمِنة".

عرضت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية في تقرير موسع صورة "قاتمة" للوضع في لبنان بعد عام على وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، مشيرة إلى أنّ الغارات الإسرائيلية المتواصلة تُبقي الجنوب في حالة "منطقة رمادية" بين الحرب والسلام، فيما تتعرض بيروت لضغوط أميركية متصاعدة لاستكمال نزع سلاح حزب الله، وسط شكوك عميقة في قدرة الجيش اللبناني على تنفيذ هذه المهمة.

التقرير ينطلق من حادثة اغتيال القيادي في حزب الله حسن عبد الكريم شحرور في 20 أيلول/سبتمبر بصاروخ أطلقته طائرة إسرائيلية مسيّرة قرب قلعة الشقيف، وتعرض الصحيفة هذه الضربة بوصفها نموذجاً لوقف إطلاق نار "توقفت فيه الحرب شكلياً فقط".

منظر لمنطقة صناعية دمرتها غارة جوية إسرائيلية في وادي الكفور، قضاء النبطية، جنوب لبنان، السبت 17 أغسطس/آب 2024. Mohammad Zaatari/Copyright 2024 The AP. All rights reserved. سلام: إسرائيل "لاعب مُطلق العِنان"

يركز التقرير على موقف رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام، الذي وصف إسرائيل بأنها "لاعب مُطلَق العِنان يتصرّف كقوة مُهيمِنة"، مضيفاً أنّ نفوذ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "يزداد يوماً بعد يوم". ويرى سلام أنّ إسرائيل تربط انسحابها الكامل من الأراضي اللبنانية بنزع سلاح حزب الله، بينما يتمسّك الحزب بسلاحه ما دامت القوات الإسرائيلية تحتفظ بخمسة مواقع عسكرية داخل لبنان. وتقول الصحيفة إنّ هذه المعادلة تخلق "مستنقعاً من انعدام الثقة" يعطّل أي تقدّم نحو تثبيت الهدنة.

ويشير سلام إلى أنّ إسرائيل كانت قد تعهدت خلال الهدنة السابقة بالانسحاب خلال ستين يوماً، لكنها بقيت في مواقع مرتفعة داخل الأراضي اللبنانية. ويضيف أنّ إسرائيل، بما تمتلكه من وسائل مراقبة متطورة تشمل الأقمار الصناعية والطائرات المسيّرة، "لا تحتاج إلى البقاء على قمة تل بارتفاع سبعمئة متر" لمتابعة الوضع، معتبراً أنّ هذا الوجود يناقض روح اتفاق وقف إطلاق النار.

وتشير "نيويورك تايمز" إلى أنّ فرنسا طالبت رسمياً بانسحاب القوات الإسرائيلية من هذه المواقع، في حين لم تُظهر واشنطن أي ضغط علني مماثل.

Related "مهندس إعادة بناء القدرات".. تفاصيل اغتيال رئيس أركان حزب الله تتكشّف: ما الذي كان يخطّط له؟عام من "الصبر وضبط النفس".. هل تدفع إسرائيل حزب الله نحو المواجهة الحتمية؟لبنان عند "مفترق تاريخي".. هل تضمّنت برقية ترامب إنذارًا مبطّنًا حول سلاح حزب الله؟ ضغوط أميركية "بلا خطوات مقابلة"

يسلط التقرير الضوء على الزيارات الأميركية المتكررة إلى بيروت، حيث تنقل الصحيفة عن المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس إصرارها على أن يُنجز الجيش اللبناني عملية نزع سلاح حزب الله بالكامل قبل نهاية العام، من دون تقديم أي إشارة إلى خطوات مقابلة من إسرائيل.

ويبرز في التقرير موقف وزير المالية اللبناني ياسين جابر، الذي اعتبر أنّ الجيش "لا يمكنه صنع المعجزات وهو يفتقد الوسائل الأساسية"، مؤكداً أنّ السلوك الإسرائيلي على الحدود "يُقوّض" قدرة الدولة على تنفيذ ما يُطلب منها.

براك: "إسرائيل ستردّ في أي وقت وفي أي مكان"

وينقل التقرير تصريحات لتوم براك، السفير الأميركي في تركيا والموفد الخاص إلى لبنان وسوريا، الذي قال إنّ "إسرائيل تعتمد نهجاً مباشراً في التعامل مع التهديدات"، مضيفاً: "إذا شعرت إسرائيل بأي تهديد، فسوف تردّ في أي وقت وفي أي مكان".

وتعرض الصحيفة إقرار براك بصعوبة نزع سلاح حزب الله، باعتباره حزباً سياسياً واسع النفوذ في بيئته وفي الوقت نفسه مصنفاً أميركياً كمنظمة إرهابية.

أنصار حزب الله يهتفون بشعارات خلال احتجاج ضد توم باراك، مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، الذي كان من المفترض أن يزور مدينة صور، الأربعاء 27 أغسطس/آب 2025. Mohammad Zaatari/Copyright 2025 The AP. All rights reserved.

ويقول براك إنّ الجندي اللبناني الذي يتقاضى نحو ثلاثمئة دولار شهرياً ويعمل في وظائف إضافية "قد يضطر لطرق باب منزل في منطقة شيعية بحثاً عن أسلحة مخزنة، وهو بذلك يعرّض نفسه للخطر". ويرى أنّ لبنان يحتاج إلى "جيش واحد فقط"، مشيراً إلى أنّ أي تقدم في ملف السلاح يمكن أن يفتح الباب لعودة الاستثمارات الخليجية التي تراجعت بسبب الفساد السياسي.

وتنقل الصحيفة عن نواف سلام أنّ براك طرح عليه فكرة تقوم على خطوات متزامنة بين حزب الله وإسرائيل، بحيث يُخفّض الحزب جزءاً من سلاحه ويُخلي مناطق محددة مقابل انسحاب إسرائيلي تدريجي من بعض المواقع داخل لبنان. واعتبر سلام الفكرة "ممتازة"، لكنه أضاف أنّ "شيئاً لم يتحقق".

الجنوب: دمار مستمر وهدنة تتآكل

يعرض التقرير مشاهد الدمار الواسع في بلدات مثل النبطية وبنت جبيل والخيام نتيجة الضربات الإسرائيلية المتجددة. ويورد حادثة 21 أيلول/سبتمبر في بنت جبيل، حيث استهدفت طائرة مسيّرة إسرائيلية شادي شرارة، ما أدى إلى مقتله مع توأميه هادي وسيلان البالغين 18 شهراً، وابنتهما سيلين ذات الثماني سنوات، إضافة إلى رجل كان على دراجة نارية.

وقال الجيش الإسرائيلي للصحيفة إنه كان يستهدف "عنصراً في حزب الله لم يُسمَّه"، وإنّ السيارة المدنية "اقتربت من الهدف" خلال العملية، معرباً عن "الأسف لأي ضرر يلحق بمدنيين غير متورطين". وتصف الصحيفة جنازة العائلة التي شارك فيها الآلاف، باعتبارها مثالاً صارخاً على الثمن الإنساني المتزايد للتوتر.

لبنان يقف في "مساحة ضبابية"

تختتم الصحيفة تقريرها بالتأكيد أنّ لبنان يقف في مساحة ضبابية بين حرب لم تنتهِ وسلام لم يولد بعد. فالحرب التي امتدت إليه بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 تباطأت لكنها لم تتوقف، بينما تواصل إسرائيل ضرباتها، وتواصل الولايات المتحدة ضغوطها لنزع السلاح، ويبقى الجيش اللبناني عاجزاً عن تنفيذ المهمة المطلوبة منه.

ويرى التقرير أنّ غياب أي ضغط مقابِل على إسرائيل، واستمرار وجودها داخل الأراضي اللبنانية، يجعل الهدنة قابلة للانهيار في أي لحظة، تاركاً لبنان عالقاً في منطقة رمادية لا أفق واضحاً للخروج منها.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة

المصدر: euronews

كلمات دلالية: إسرائيل الصحة الذكاء الاصطناعي دونالد ترامب لبنان سوريا إسرائيل الصحة الذكاء الاصطناعي دونالد ترامب لبنان سوريا إسرائيل حزب الله لبنان إسرائيل الصحة الذكاء الاصطناعي دونالد ترامب لبنان سوريا إيطاليا حروب الصين دراسة حزب الله واشنطن سلاح حزب الله إلى أن

إقرأ أيضاً:

تقرير: الاحتلال قتل مئات اللبنانيين منذ اتفاق وقف إطلاق النار

قال تقرير لوزارة الصحة اللبنانية، الجمعة، إن دولة الاحتلال الإسرائيلي قتلت 335 لبنانيا وأصابت 973 آخرين، في 1038 اعتداء منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024.

وأضافت الوزارة في بيان أن "حصيلة 1308 اعتداء إسرائيلي على لبنان، منذ التوقيع على اتفاقية وقف الأعمال العدائية في الفترة الممتدة بين 28/11/2024 و27/11/2025 بلغت 335 شهيدا و973 جريحا".

وبوتيرة يومية تنتهك دولة الاحتلال اتفاق وقف إطلاق النار الساري مع "حزب الله" منذ 27 نوفمبر 2024، والذي كان يفترض أن ينهي عدوانها.



وخرقت قوات الاحتلال الاتفاق ما لا يقل عن 10 آلاف مرة، بحسب قوة الأمم المتحدة بجنوب لبنان "اليونيفيل" قبل أيام.

كما تتحدى "إسرائيل" الاتفاق بمواصلة احتلالها 5 تلال لبنانية في الجنوب استولت عليها في الحرب الأخيرة، إضافة إلى مناطق لبنانية أخرى تحتلها منذ عقود.

الخميس، وجه جيش الاحتلال الإسرائيلي الخميس ضربات ودمّر بنى تحتية زعم أنها تابعة لحزب الله في جنوب لبنان.

وقالت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية إن "الطيران الحربي الإسرائيلي شن عدوانا جويا مستهدفا منطقتي المحمودية والجرمق" شمال نهر الليطاني في الجنوب اللبناني.

وقال رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام الخميس إن لبنان "في حرب استنزاف من طرف واحد وهي تتصاعد".



وفي بيان لاحق بمناسبة مرور عام على اتفاق وقف إطلاق النار، قال الجيش الإسرائيلي إنه نفّذ منذ دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ "1200 عملية مركّزة" بغرض "تدمير بنى تحتية إرهابية وإحباط محاولات جمع معلومات استخباراتية ... وضرب القدرات العسكرية" لحزب الله، على حد زعمه.

وبحسب البيان، زعم الجيش أنه منذ ذلك الحين على "370" عنصرا من حزب الله وحماس والفصائل الفلسطينية المختلفة.

مقالات مشابهة

  • تقرير: الاحتلال قتل مئات اللبنانيين منذ اتفاق وقف إطلاق النار
  • رئيس الوزراء اللبناني: سلاح (حزب الله) لم ينجح في الردع ولم يحمي أو ينصر غزة
  • سلام: لبنان يواجه حرب استنزاف وسلاح حزب الله لم يردع إسرائيل
  • جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن تنفيذ ضربات ضد حزب الله في جنوب لبنان
  • الجيش الإسرائيلي يعلن تنفيذ ضربات ضد حزب الله في جنوب لبنان
  • سلام: حزب الله يتمسك بسلاحه ما لم تغادر إسرائيل
  • وزير الخارجية يلتقي رئيس مجلس الوزراء اللبناني في بيروت
  • تقرير لـMiddle East Eye: ماذا يعني التطبيع مع إسرائيل؟
  • جهاد حسام الدين: كارثة طبيعية كوميديا سوداء ومشهد الولادة ارهقني