ذكرى وفاة المؤرخ الوطني عبد الرحمن الرافعي.. صاحب السجل الأصدق لتاريخ مصر الحديث
تاريخ النشر: 3rd, December 2025 GMT
تحل علينا اليوم /الأربعاء/ ذكرى وفاة المؤرخ الكبير عبد الرحمن الرافعي، أحد أبرز أعلام الفكر الوطني في مصر وصاحب الموسوعة الأشهر في تاريخ الحركة القومية، فقد كرّس حياته لحفظ ذاكرة الوطن وتوثيق نضاله السياسي والاقتصادي والاجتماعي عبر أكثر من نصف قرن من الكتابة والبحث.
وُلد عبد الرحمن عبد اللطيف الرافعي بالقاهرة عام 1889 لأسرة تنتمي إلى الطبقة الوسطى المصرية التي حملت على عاتقها مقاومة الاحتلال البريطاني، وتستمسك بالدين والخلق والعمل الوطني، تلقّى تعليمه المدني حتى حصل على ليسانس الحقوق عام 1908، غير أن مساره الفكري بدأ قبل ذلك عندما تتلمذ على الزعيم الوطني مصطفى كامل منذ عام 1906، ليكرّس بعدها حياته للكفاح ضد الاستعمار وضد استبداد الأسرة المالكة، مخلصًا لمبدأ الجلاء ووحدة وادي النيل.
عمل بالمحاماة منذ عام 1909، ومارسها في المنصورة حتى 1932 ثم في القاهرة، وفي الوقت ذاته شارك في المؤتمر الوطني ببروكسل عام 1910، وأسهم في المؤتمرات الوطنية اللاحقة، كما اعتُقل خلال الحرب العالمية الأولى بسبب مواقفه الوطنية، وشارك في ثورة 1919 وكان على رأس المطلوب إعدامهم عقب المظاهرات.
دخل الرافعي البرلمان نائبًا عامي 1924 و1925، ثم عاد إلى العمل التشريعي عضوًا بمجلس الشيوخ من 1939 إلى 1951، وتولى وزارة التموين عام 1949، ثم انتُخب نقيبًا للمحامين عام 1954، وفي عهده صدر قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 الذي منح المحامين مزايا غير مسبوقة، كما شارك في المؤتمرات العربية المهنية بالقاهرة ودمشق، وأسهم في إعداد دستور 1953 عقب ثورة يوليو.
وبعد خبرة تراكمت في «جريدة اللواء»، أصدر عام 1912 كتابه «حقوق الشعب» الذي تناول فيه المبادئ الدستورية والفارق بين الحرية في الأنظمة الدستورية والمستبدة، وبدعم من محمد فريد، اتجه إلى دراسة الحركة الاقتصادية والتعاونية، فأصدر كتاب «التعاون» وأسهم في تأسيس النقابات الزراعية.
ومع تطور اهتمامه بالتاريخ، انتقل من التأريخ لمصطفى كامل إلى وضع مخطط شامل لتاريخ الحركة القومية في مصر منذ أواخر القرن الثامن عشر، وهو المشروع الذي تحقق عبر موسوعة ضخمة استغرق إعدادها عشرات السنين، وقد أسهم إبعاده عن الحياة النيابية بين 1926 و1939 في منحه وقتًا أوسع للبحث والتأليف، فأنجز أجزاء موسوعته التي تُعد من أهم ما كُتب في تاريخ مصر الحديث بعد حوليات الجبرتي.
بدأت الموسوعة بكتاب «تاريخ الحركة الوطنية وتطور نظام الحكم في مصر» الذي صدر عام 1929، وتناول نظام الحكم في عهد المماليك والحملة الفرنسية ومقاومة الشعب لها، وتتابعت مؤلفاته: «عصر محمد علي» (1930)، «عصر إسماعيل» (1932)، «الثورة العرابية والاحتلال الإنجليزي» (1937)، «مصطفى كامل باعث الحركة الوطنية» (1939)، و«محمد فريد رمز الإخلاص والوطنية» (1941)، و«مصر والسودان في أوائل عهد الاحتلال» (1942).
وفي عام 1946 أصدر كتاب «ثورة 1919» في جزءين، وبعده أجزاء «في أعقاب الثورة المصرية» التي تؤرخ للفترة من 1921 إلى 1951، ثم جاء كتاب «مقدمات ثورة 23 يوليو 1952» عام 1957، قبل أن يختم موسوعته بكتاب «ثورة 23 يوليو 1952 – تاريخنا القومي في سبع سنوات» (1952–1959) الذي اعتبر فيه الثورة تتويجًا لجهود مصر القومية.
منحته الدولة جائزة الدولة التقديرية للعلوم الاجتماعية عام 1960 تقديرًا لجهوده العلمية، ولأنه المؤرخ الأول للحركة القومية في الإقليم الجنوبي، فقد عكف على جمع الوثائق والمراجع لأكثر من ثلاثين عامًا ليصدر موسوعته ذات الستة عشر جزءًا، التي اعتمدت على الاستقصاء الدقيق والجرأة في الحكم وصدق العرض، وارتكزت على اعتزازه بقوميته وغيرته على كرامتها.
وترتبط أعماله بتاريخ مصر الحديث منذ ميلاده عام 1889 حتى ثورة يوليو، وتعكس مثاليته الفكرية والقومية والأخلاقية، وتبرز رؤيته التي احترمت تضحيات الشعب وفضحت محاولات الحكم لتزوير التاريخ، وينتمي الرافعي إلى أسرة جاءت من سوريا واستقرت في مصر وعملت في القضاء والصحافة، وتعود أصولها إلى الصحابي الجليل عمر بن الخطاب.
ترك الرافعي عشرات الكتب الأخرى، منها «نقابات التعاون الزراعية» (1914)، «الجمعيات الوطنية» (1922)، «شعراء الوطنية»، «مذكراتي»، و«أربعة عشر عامًا في البرلمان». كما قدم كتبًا في تاريخ الحركة القومية في مصر القديمة، وتراجم تاريخية مثل «الزعيم الثائر أحمد عرابي».
رحل عبد الرحمن الرافعي عام 1966، وبقيت مؤلفاته شاهدًا حيًّا على مسيرة وطن، ومرجعًا رئيسيًا لكل من يريد فهم تاريخ الحركة الوطنية المصرية، ومثالًا للمؤرخ الذي جمع بين صدق الكلمة وأمانة البحث ونقاء الانتماء.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: حفظ ذاكرة الوطن فی تاریخ فی مصر
إقرأ أيضاً:
السجل المثالي يمنح دوبلانتيس وليفروون جائزة الأفضل في ألعاب القوى
جنيف (د ب أ)
فاز نجم القفز بالزانة السويدي موندو دوبلانتيس والنجمة الأميركية المتألقة في سباقات السرعة سيدني ماكلولين-ليفروون بجائزة أفضل رياضي ورياضية في العالم لعام 2025، وذلك خلال حفل توزيع جوائز الاتحاد الدولي لألعاب القوى الذي أقيم في موناكو مساء الأحد. حقق دوبلانتيس البالغ من العمر 26 عاماً، سجلاً مثالياً بعدم تعرضه لأي هزيمة في جميع المسابقات الست عشرة التي خاضها في عام 2025، كما حطّم الرقم القياسي العالمي للقفز بالزانة أربع مرات، ورفع مستواه إلى 3. 6 أمتار في بطولة العالم لألعاب القوى التي أقيمت في طوكيو.
وأصبح دوبلانتيس أول رياضي في التاريخ الحديث لمنافسات القفز بالزانة، يكمل عامين متتاليين دون هزيمة.
وعبّر دوبلانتيس عن سعادته، قائلاً: «هذا شرف عظيم للغاية، أتمنى أن أستمر في تجاوز الحدود، أتمنى أن أستمر في إزعاج كل من سيصوت لي لسنوات قادمة».
وأضاف: «أتمنى أن أتمكّن من إلهام الجيل القادم لتجربة ألعاب القوى، وحتى القفز بالزانة تحديداً».
من جهتها، استمتعت ماكلولين-ليفروون أيضاً بموسم مذهل في كل من سباق 400 متر عدو وسباق 400 متر حواجز، لتُمدد بذلك سلسلة انتصاراتها في سباق الحواجز إلى 24 سباقاً متتالياً.
وفازت النجمة الأميركية البالغة من العمر 26 عاماً بلقب سباق 400 متر في بطولة العالم بطوكيو بزمن قياسي لأميركا الشمالية بلغ 78. 47 ثانية، محطِّمة بذلك الرقم القياسي الذي صمد لمدة 42 عاماً، ومسجّلة ثاني أسرع زمن على الإطلاق في التاريخ، كما أضافت ميدالية ذهبية في سباق التتابع 4×400 متر.
وقالت ماكلولين-ليفروون: «أعتقد أن منافسات المضمار والميدان هي أفضل رياضة في العالم، أريد أن أستمر في إظهار للعالم أننا من أفضل الرياضيين الموجودين».
وأضافت: «بالنسبة لي، كان 2025 عاماً للخروج من منطقة الراحة ودفع حدود ما هو ممكن عقلياً وبدنياً، أريد أن أستمر في دفع هذه الحدود في عام 2026».