أحمد مظلوم باشا.. رجل صنع تاريخ مصر الحديث
تاريخ النشر: 2nd, December 2025 GMT
أحمد مظلوم باشا كان واحدا من أبرع رجال الدولة المصريين الذين جمعوا بين الخبرة القضائية والإدارية والروح الوطنية المخلصة، ولد في القاهرة عام 1878، في أسرة لها جذور تركية، وكان والده مديرا للأوقاف المصرية، مما جعله ينشأ بين دفء العلم والدين ووعي المسؤولية الوطنية.
من مصر تعلم الأساسيات، ثم أكمل دراسته في باريس، حيث درس الحقوق وتخصص في الاقتصاد، ليعود إلى بلده وهو محمل بالعلم والمعرفة الحديثة، مستعدا ليكون جزءا من نهضة مصر التي كانت على أعتاب التحول من العهد الخديوي إلى العصر الملكي.
مسيرة أحمد مظلوم باشا كانت مليئة بالتحديات والإنجازات، فقد بدأ حياته الوظيفية بوظائف تشريفية ضمن المعية الخديوية، ثم اتجه للقضاء، فتدرج في المناصب حتى أصبح رئيسا لمحكمة الاستئناف، وولى منصب محافظ القناة، مما جعله مطلعا على تفاصيل الحكم والإدارة العامة، وقادرا على التعامل مع ملفات الدولة بكل حنكة ودراية.
لم يقتصر تأثيره على العمل القضائي فقط، بل امتدت خبراته لتشمل الوزارات التنفيذية، حيث شغل منصب وزير العدل، ووزير المالية، ووزير الحربية، ووزير المعارف، ووزير الأوقاف، ووزير الزراعة، فضلا عن فترات توليه المناصب بالنيابة، مما يعكس قدرته الفائقة على التكيف وتحمل المسؤولية.
لكن الأهم في حياته كان دوره في الحياة النيابية المصرية، فقد اختير رئيسا لأول جمعية تشريعية أجريت انتخاباتها في عام 1913، وعقدت أول جلساتها في يناير 1914، ليكون شاهدا على لحظة فارقة في تاريخ مصر، وهي انطلاقة البرلمان المنتخب لأول مرة، الذي أصبح رمزا للتعبير عن إرادة الشعب.
ومرة أخرى، تولى رئاسة مجلس النواب بعد تحولات سياسية كبيرة في بداية عهد الملك فؤاد الأول، ليثبت أن خبرته وتجربته يمكن أن تمثل جسرا بين عهود متعاقبة، وأن الدولة يمكن أن تجد فيها الشخص القادر على الموازنة بين التقاليد ومتطلبات الحداثة.
لم يكن مظلوم باشا مجرد سياسي أو إداري، بل كان إنسانا له رؤية إصلاحية واضحة، فقد أسهم في وضع أسس الاتفاق بين مصر وإنجلترا وفرنسا للحصول على أموال الاحتياطي المصري، وأثبت أن المسؤول الوطني يمكن أن يوازن بين مصالح بلده ومقتضيات السياسة الدولية.
ولم يقتصر عطاؤه على العمل الرسمي، فقد أنشأ أوقافا للخير، خصص ريعها لدعم الجمعيات الخيرية والإسلامية، كما اهتم بالتعليم والصحة، مما يعكس روحه الوطنية الصادقة وحرصه على رفعة مجتمعه.
أحمد مظلوم باشا كان يعرف قيمة الإنسان والمكان، فقد حافظ على علاقات قوية مع كبار رجال الدولة والقيادات السياسية، ومع كبار الأدباء، وكان على علاقة وطيدة بأمير الشعراء أحمد شوقي، وهذا التوازن الاجتماعي والسياسي جعل منه شخصية فريدة قادرة على أن تجمع بين قوة الدولة ودفء المجتمع.
وحتى بعد شغله المناصب العليا، لم يتوان عن المشاركة في المؤتمرات الدولية، ومتابعة الشؤون الاقتصادية والتجارية لمصر، حتى في ظل تدهور حالته الصحية، مما يظهر تصميمه وإخلاصه لوطنه.
توفي أحمد مظلوم باشا عام 1949، بعد حياة حافلة بالتجارب والتحديات والإنجازات، وترك إرثا من الخبرة الوطنية والإدارية والسياسية، وإسهامات واضحة في تطوير الدولة المصرية الحديثة.
ويمكن القول إن مظلوم باشا يمثل نموذجا للرجل الوطني الذي جمع بين الحكمة، والخبرة، والإصلاح، والوفاء لمصر، ليبقى اسمه محفورا في تاريخ الحياة النيابية والسياسية والاقتصادية لمصر، رمزا للإخلاص والعمل المتواصل من أجل رفعة وطنه.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: البرلمان المصري وزراء مصر الحياة النيابية الإصلاح الإداري
إقرأ أيضاً:
نائب حاكم أم القيوين: علامة مضيئة في تاريخ الإمارات
أم القيوين (وام)
شهد سموّ الشيخ أحمد بن سعود بن راشد المعلا، نائب حاكم أم القيوين، أمس، مراسم إحياء ذكرى «يوم الشهيد» التي أقيمت في الديوان الأميري بأم القيوين.
واستهلت المراسم بتنكيس العلَم ووقفة صمت إجلالاً وتقديراً لشهداء الوطن الأبرار وتخليداً لذكراهم الغالية، ثم رفع سموّ الشيخ أحمد بن سعود المعلا، العلَم مع السلام الوطني لدولة الإمارات.
وأكد سمو الشيخ أحمد بن سعود بن راشد المعلا أن يوم الشهيد يُذكِّرنا بصفحات خالدة في تاريخنا، ومناسبة جليلة نُعلِّم من خلالها أبناءنا وأحفادنا والأجيال القادمة أسمى معاني التضحية والإيثار التي قدّمها أبطالنا في سبيل مجد ورفعة وطننا الغالي، حيث يمثّل يوم الشهيد علامة مضيئة في تاريخ دولة الإمارات يستذكر فيه شعب الإمارات ما قدّمه أبناؤها الشهداء من تضحيات وبطولات وفاء لوطنهم وأمتهم، وليستلهم الشباب والأجيال القادمة من تضحياتهم دروس ومعاني العزة والكرامة والتفاني من أجل الوطن الغالي ورفعته.
وأضاف سموّه قائلاً: «بات الثلاثون من نوفمبر رمزاً للعزة والكرامة نستذكر فيه شهداء الوطن الأبرار الذين قدّموا حياتهم فداء لدولة الإمارات ولشعبها لكي تبقى راية الوطن عالية خفّاقة، ونستلهم في هذه الذكرى العظيمة من تضحيات شهدائنا العِبَر والدروس في حب الوطن والتضحية من أجله، والتي تدفعنا نحو تعزيز تلاحمنا من أجل استكمال مسيرة التنمية الرائدة للدولة بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وإخوانه حكام الإمارات.