السودان.. واشنطن ستفرض عقوبات على شقيق قائد "الدعم السريع"
تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT
خطوة استهداف عبد الرحيم دقلو، شقيق قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، بالعقوبات هي الأبرز منذ بدء الصراع في السودان.
ستعلن المبعوثة الأمريكية لدى الأمم المتحدة خلال رحلة إلى حدود تشاد مع السودان اليوم الأربعاء (السادس من سبتمبر/ أيلول 2023) أن الولايات المتحدة ستفرض عقوبات على نائب قائد قوات الدعم السريع شبه العسكرية في السودان بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان.
قتل 25 مدنيا على الأقل بينهم طفلان خلال 48 ساعة مع تزايد حدة الاشتباكات بين قوات الجيش و"الدعم السريع" في السوادان. وكانت غارة جوية على حي سكني في جنوب الخرطوم قد أودت بحياة 20 سودانيا السبت.
نقص الأدوية والرعاية الطبية يفاقم أوجاع اللاجئين السودانيين في تشادتتواصل معاناة اللاجئين السودانيين في تشاد والذين فروا من الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع. لكن أوضاع هؤلاء آخذة في التدهور مع نقص الرعاية الطبية والأدوية وسط مخاوف متزايدة من انتشار الأمراض بينهم.
البرهان يؤكد استمرار الحرب ويستبعد التفاوض مع "الدعم السريع"أكد قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان استمرار الحرب والقتال "لإنهاء التمرد" مستبعدا أي فرصة للمفاوضات مع قوات الدعم السريع، وذلك غداة إعلان هذه القوات ما أسمتها "رؤية للحل الشامل وتأسيس الدولة السودانية الجديدة".
حميدتي يطالب بتغيير قيادة الجيش السوداني لإنهاء القتالطالب قائد قوات الدعم السريع بتسليم قيادات الجيش السوداني لأنفسهم في مقابل وقف الحرب، مؤكداً أنه وقواته ليسوا من دعاة الحرب، مبدياً اعتذراه للسودانيين "عن المأساة التي خلفتها هذه الحرب".
وخطوة استهداف عبد الرحيم دقلو، شقيق قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي، بالعقوبات هي الأبرز منذ بدء الصراع بين قواتهما والجيش السوداني في منتصف أبريل/ نيسان. وتأتي ردا فيما يبدو على أعمال العنف التي تشهدها ولاية غرب دارفور والتي توجه اتهامات لقوات الدعم السريع وميليشيات موالية لها بارتكابها.
قوات الدعم السريع تنفي الاتهامات
وتنفي قوات الدعم السريع الاتهامات التي توجهها لها جماعات تراقب مجريات الصراع وجماعات معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان وروايات شهود بأنها تقف وراء هذا العنف، وتقول إن أي جندي تخلُص إلى تورطه فيها سيقدم للعدالة.
وعبد الرحيم دقلو هو أول مسؤول من أي من طرفي الصراع ستفرض عليه عقوبات منذ بدء الحرب. وفُرضت العقوبات السابقة على شركات، كما استهدفت الجيش السوداني.
ووفقا لملاحظات اطلعت عليها رويترز، ستقول ليندا توماس غرينفيلد مبعوثة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة للصحفيين إن عقوبات ستفرض على عبد الرحيم دقلو "لعلاقته بالانتهاكات التي ترتكبها قوات الدعم السريع بحق مدنيين في السودان بما يشمل أعمال عنف جنسي تتعلق بالصراع والقتل على أساس الانتماء العرقي".
وستعلن توماس غرينفيلد ذلك بعد لقائها في تشاد مع لاجئين سودانيين فروا من أعمال العنف العرقية والجنسية في دارفور، وهو أمر قالت إنه "يذكر" بالفظائع التي ارتكبت قبل 20 عاما في الإقليم ووصفتها واشنطن بأنها إبادة جماعية.
وروى بعض ضحايا أعمال العنف عن استهداف عرقية المساليت وتدمير أحياء بأكملها وعمليات نهب واغتصاب واسعة النطاق مما دفع مئات الآلاف للفرار إلى تشاد. وأعلنت المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق في أعمال العنف تلك.
واندلعت الحرب في السودان في 15 أبريل/ نيسان بعد أربع سنوات من الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في انتفاضة شعبية. وتصاعد التوتر بين الجيش وقوات الدعم السريع، بعد أن اشتركا في انقلاب في 2021، ليتحول إلى قتال بسبب خلاف بشأن خطة انتقال للحكم المدني تشمل دمج قواتهما.
هيكل قيادة شخصي
في العاصمة الخرطوم، توجه اتهامات إلى قوات الدعم السريع بالنهب إلى جانب إطلاق صواريخ على المناطق السكنية مثلها مثل الجيش. وستجمد الإجراءات الأمريكية أي أصول يملكها عبد الرحيم دقلو في الولايات المتحدة وتمنع المواطنين الأمريكيين من ممارسة أي أعمال تجارية معه.
ويختلف هيكل قوات الدعم السريع عن الجيش السوداني إذ يعتمد بشكل كبير على الشخصنة ويتمحور حول حميدتي وأقاربه ورفاقه المقربين. ورغم أن العقوبات ذات ثقل سياسي فمن غير الواضح مدى تأثيرها على مسار الصراع الدائر. وتعمل قوات الدعم السريع منذ وقت طويل على تعزيز علاقاتها الخارجية بالإمارات وروسيا.
وعلى عكس شقيقه الذي شغل منصب نائب قائد الجيش في المجلس السيادة الذي حكم البلاد منذ 2019 وحتى اندلاع الحرب، لم يشغل عبد الرحيم دقلو أي منصب رسمي في الحكومة لكنه لعب دورا رائدا في تطوير العلاقات السياسية لقوات الدعم السريع.
وبعد أن ظل بعيدا عن الأضواء قبل الحرب، ظهر في رسائل مصورة في وقت مبكر من الصراع وهو محاط بقوات الدعم السريع، داعيا جنود الجيش السوداني إلى الهرب. وكانت الولايات المتحدة قد فرضت في يونيو حزيران عقوبات على شركات تتهمها بتأجيج الصراع في السودان.
واستهدفت وزارة الخزانة الأمريكية شركتين على صلة بالجيش السوداني وشركتين على صلة بقوات الدعم السريع، متهمة إياها بجمع أرباح من الصراع والمشاركة في القتال. وأظهر تحقيق لرويترز في 2019 أن عبد الرحيم دقلو كان مدرجا كمالك لشركة الجنيد للذهب التي طالتها العقوبات.
ع.ش/ أ.ح (رويترز)
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: دويتشه فيله دويتشه فيله قائد قوات الدعم السریع الولایات المتحدة عبد الرحیم دقلو الجیش السودانی أعمال العنف فی السودان
إقرأ أيضاً:
إبراهيم شقلاوي يكتب: حفتر وحسابات السودان الجديدة
لم يكن صباح العاشر من يونيو يوماً عاديًا في سياق الحرب السودانية المستمرة منذ أكثر من عامين، إذ حمل تطورًا نوعيًا وخطيرًا، بإعلان القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية عن تعرّض نقاط حدودية داخل المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا لهجوم مشترك شنّته مليشيا الدعم السريع، بدعم مباشر من قوات الجنرال الليبي خليفة حفتر، وتحديدًا “كتيبة السلفية” التابعة له.
هذا الحدث يمثّل نقلة نوعية، تُنذر باحتمال انتقال الصراع السوداني من إطار الاحتراب الداخلي إلى مشارف التدويل الإقليمي، حيث تتشابك المصالح والأطماع والنفوذ في مشهد متجدد .
الدعم العسكري الذي قدمته قوات حفتر للمليشيا المتمردة – وفقًا لمنصة “أخبار السودان” – لم يقتصر على الإسناد الميداني، بل شمل عمليات نقل للأسلحة والمعدات عبر الكفرة، واستخدام طائرات مسيّرة إماراتية ، إلى جانب رصد طائرات شحن من طراز IL-76TD في محيط العمليات. هذه المؤشرات تؤكد أن الهجوم جاء ضمن خطة أوسع ، أُعدت بعناية في مراكز قرار إقليمية داعمة للمليشيا، بهدف إعادة ضبط موازين القوة على الأرض، بعد تكبّدها خسائر كبيرة في جبهات شمال دارفور، وغرب كردفان، والنيل الأبيض، والخرطوم.
المثلث الحدودي، الذي أصبح ساحة اشتباك، لطالما كان نقطة تماس حساسة تتقاطع عندها حسابات الخرطوم والقاهرة وطرابلس. ورغم أن الهجوم نُفّذ بأيادٍ ليبية وسودانية متمردة، إلا أن خلفيته تُشير بوضوح إلى دور فاعلين إقليميين، وعلى رأسهم حكومة أبوظبي، التي تُتهم مرارًا “تقارير اممية” بإدارة وتفعيل شبكة الدعم اللوجستي والمالي للمليشيا، انطلاقًا من جنوب ليبيا، بعد تعثّر خطوط الإمداد القادمة من تشاد في الأشهر الأخيرة.
وفي هذا السياق، برز تطوّر تشادي لافت، تمثّل في برقية تهنئة أرسلها الرئيس محمد إدريس ديبي إلى الرئيس السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، بمناسبة عيد الأضحى. هذه البرقية ، تحمل دلالات سياسية مهمة، إذ تُعد أول تواصل رسمي بين البلدين بعد أشهر من الفتور، على خلفية اتهامات سودانية لتشاد بإيواء عناصر الدعم السريع والتغاضي عن عبور إمدادات عسكرية عبر أراضيها.
يمكن قراءة هذه الخطوة كمحاولة تشادية لفتح نافذة تهدئة، أو كإشارة إلى تراجع تدريجي عن الانخراط في الصراع، مدفوعة بهواجس أمنية متزايدة ترتبط بامتداد قبيلة الزغاوة في البلدين، وبمخاوف من امتداد نيران الحرب إلى الداخل التشادي، خاصةً في ظل تململ داخل المؤسسة العسكرية، وضغوط غربية متزايدة، وتغير المزاج الدولي إزاء الحرب في السودان.
هذا التراجع التشادي، وإن لم يُعلن رسميًا، يفسَّر – وفق مراقبين – بأنه دفعٌ إضافي لأبوظبي للبحث عن بدائل لوجستية، فوجدت ضالتها في محور حفتر، الذي يمثّل بوابة مثالية جغرافيًا وسياسيًا، تتيح استمرار الدعم للمليشيا دون تكاليف سياسية باهظة، على الأقل في الوقت الراهن. وعليه، فإن التحوّل الليبي يبدو تأسيسًا فعليًا لخط دعم بديل، قد يتجاوز في طاقته وأثره الخط التشادي المتراجع.
أما مصر، الحاضرة بالاسم والموقع في بيانات الجيش السوداني، فتجد نفسها أمام معضلة مركّبة. فقوات حفتر، التي نفّذت الهجوم، لا تتحرّك عادة دون تنسيق مع القاهرة، بل تُعد ذراعًا استراتيجية لها في شرق ليبيا. ومع ذلك، تزامن هذا الهجوم مع زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أبوظبي، وفي ظل أحاديث عن ضغوط إماراتية تتعلق بملف معبر رفح وغزة، ما يثير تساؤلات حول ما إذا كان هذا التحرك رسالة ضغط مبطّنة لمصر، مفادها أن “الجنوب قابل للاشتعال إذا لم تُقدَّم تنازلات في الشرق”.
وإذا صحّت هذه التقديرات، فإن الصراع يتجاوز كونه نزاعًا على خطوط إمداد أو نفوذ، ليُصبح صراع إرادات داخل المحور ذاته، بين دولة مانحة للمال (الإمارات)، وأخرى ضامنة للجغرافيا (مصر)، حيث يدرك الطرفان أن استمرار تضارب الأجندات قد يقود إلى انفجار محتمل.
في هذا السياق، تبقى المرحلة المقبلة مفتوحة على عدد من السيناريوهات: أولها، أن يواصل الجيش السوداني التعامل مع الموقف بحزم، كما بدأ خلال الأيام الماضية من خلال الطلعات الجوية التي ألحقت خسائر فادحة بالمليشيا وداعميها.
أو أن يتم تثبيت خط الإمداد الليبي الجديد كأمر واقع تتعامل معه جميع الأطراف. أو ربما تشهد المرحلة تدخلًا مصريًا مباشرًا للحد من تحركات حفتر بما يضمن المصالح المصرية ولا يُحرج شراكتها مع السودان.
كما لا يُستبعد تدخل أطراف أخرى، مثل تركيا، لترتيب المشهد بما يخدم مصالحها وأجنداتها في المنطقة.
وفي ظل هذا المشهد المعقد، تبدو أمام الخرطوم فرصة دبلوماسية ثمينة، ينبغي عدم التفريط فيها، عبر تحويل الرسالة التشادية إلى مسار تفاوضي أمني يُسهم في إغلاق الجبهة الغربية مع تشاد. هذه الخطوة من شأنها أن تُشكّل تحولًا مهمًا في تقليص فرص تمدد المليشيا، خاصة في ظل الضغوط العسكرية المتزايدة عليها في دارفور.
هذا وبحسب ما نراه من #وجه_الحقيقة إذا نجحت الخرطوم في احتواء الموقف التشادي، وتفعيل أدوات الضغط الدبلوماسي على الأطراف الإقليمية الداعمة للتمرد، فإن الطريق سيكون ممهّدًا لعزل مليشيا الدعم السريع إقليميًا، وفتح نافذة جديدة أمام تفاهمات سلام محتملة بدأت تتبلور بين أنقرة والدوحة خلال الأيام الأخيرة. غدا بإذن الله نتناول تأثيرات الحرب الايرانية الاسرائيلية علي السودان في ظل التطورات الأخيرة.
دمتم بخير وعافية.
إبراهيم شقلاوي
السبت 14 يونيو 2025م Shglawi55@gmail.com
إنضم لقناة النيلين على واتساب