في عالم يقوده التقدم التكنولوجي والطلبات المتزايدة باستمرار، فإن السؤال الذي يلوح في الأفق لكافة سكان الكرة الأرضية: هل نحن نستهلك المستقبل؟ لو تم ضغط تاريخ الأرض في سنة تقويمية واحدة، لكانت حياة الإنسان الحديث موجودة لمدة 37 دقيقة فقط وفقا لما نشره موقع ذا ورلد كونتس.

 

مع ذلك، فمن المثير للصدمة أننا في آخر 0.

2 ثانية فقط من هذا القياس الذي دام عاماً كاملاً، تمكنا من استنفاد أكثر من ثلث الموارد الطبيعية للأرض. إن تداعيات استهلاكنا الشره ليست مخيفة فحسب، بل هي أيضًا تذكير صارخ بأن لدينا كوكبًا واحدًا فقط لنعتبره موطنًا لنا.

 

الواقع الصارخ

إن الأرض، وهي جرم سماوي تشكل منذ حوالي 4.5 مليار سنة، كانت مسكننا لمجرد لمح البصر في الزمن الجيولوجي - حوالي 315000 سنة. ومع ذلك، يحذر الصندوق العالمي للحياة البرية (WWF) من أنه في غضون ثلاثين عامًا فقط، تمكنت البشرية من تدمير أكثر من ثلث الموارد الطبيعية للكوكب. يتم قياس هذا الاتجاه المثير للقلق من خلال البصمة البيئية، وهو مقياس طورته شبكة البصمة العالمية لقياس الطلب البشري على النظم البيئية للأرض.

 

عندما تتجاوز البصمة البيئية الواحد، فهذا يعني أننا "نستعير الطبيعة" من الأجيال القادمة. والحقيقة الصعبة هي أن معدل استهلاكنا الحالي يتطلب حوالي 1.75 كرة أرضية لتلبية احتياجاتنا واستيعاب نفاياتنا. وبحلول عام 2030، من المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى كوكبين مذهلين. 

 

التجاوز البيئي: المسار الخطير

التجاوز البيئي هو حالة محفوفة بالمخاطر حيث يتجاوز طلب البشرية على الطبيعة قدرة النظم البيئية على العرض. إنه السيناريو الذي نستخرج فيه موارد طبيعية أكثر مما يستطيع المحيط الحيوي تجديده. والرمز لهذه الكارثة التي تلوح في الأفق هو يوم تجاوز الأرض، وهو اليوم الذي نستنفد فيه "الطبيعة" لمدة عام كامل.

 

عام 2019، صادف يوم تجاوز الأرض يوم 29 يوليو، مما يعني أنه منذ ذلك اليوم فصاعدًا، كانت البشرية تعيش بما يتجاوز القدرة البيئية لكوكبنا. والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أنه في كل عام، يتقدم يوم تجاوز موارد الأرض للأمام، وهو مؤشر واضح على استهلاكنا المتزايد. في عام 2012، كان يوم 22 أغسطس، وفي عام 2009، كان متأخرًا حتى 25 سبتمبر.

 

ميكانيكا الاستهلاك

تحدد البصمة البيئية مدى سرعة استنفاد الموارد الطبيعية وتوليد النفايات مقارنة بقدرة الطبيعة على تجديد الموارد واستيعاب النفايات. ويشمل ذلك استهلاكنا للوقود الأحفوري، مما يؤدي إلى إطلاق ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، فضلاً عن استخدامنا للأسماك والمأكولات البحرية ومنتجات الغابات واللحوم والحبوب وتوسيع الأراضي الحضرية بالمباني والأسفلت والخرسانة.

 

الإحصائيات المثيرة للقلق

لوضع هذه الأزمة في منظورها الصحيح، دعونا ننظر في البصمة العالمية: تستخرج البشرية 88 مليار طن من الموارد الطبيعية من الأرض سنويا (اعتبارا من عام 2017). هذا يتضمن:

الكتلة الحيوية: 22.5 مليار طن

الوقود الأحفوري: 15 مليار طن

الخامات المعدنية: 9.1 مليار طن

المعادن اللافلزية: 41.7 مليار طن

وهذا يعادل أكثر من 11 طنًا من الموارد الطبيعية لكل شخص على وجه الأرض، والأرقام في مسار تصاعدي لا هوادة فيه. تشير التوقعات إلى أنه بحلول عام 2050، سوف نستهلك ضعف ما نستهلكه ما لم يتم إجراء تغييرات جذرية.

 

عصر الأنثروبوسين: عصر الإنسانية

أدى التأثير العميق للبشرية على الأرض إلى الاعتراف الرسمي بعصر جيولوجي جديد، وهو عصر الأنثروبوسين، والذي غالبًا ما يطلق عليه اسم العصر البشري أو عصر الإنسان. ومن السمات المميزة لهذا العصر ما يلي:

 

- إزالة الغابات على نطاق واسع، حيث يتم فقدان ما متوسطه 28 مليون هكتار سنويًا منذ عام 2016.

معدل خطير لانقراض الأنواع وتدمير الحياة البرية، حيث أن أكثر من 20% من الأنواع معرضة لخطر شديد.

تصاعد انبعاثات الغازات الدفيئة وتغير المناخ، مع احتمال ارتفاع درجات الحرارة العالمية بمقدار 5 درجات مئوية بحلول عام 2100.

التلوث المتفشي للهواء والمحيطات والأرض، والذي يتجلى في تضاعف تلوث المياه الجوفية بين عامي 1960 و2000 والإحصائيات المثيرة للقلق التي تشير إلى أن 8.9 مليون شخص يموتون بسبب تلوث الهواء سنويا.

 

قوة الاختيارات الفردية

وفي نهاية المطاف، فإن أزمة الإفراط في الاستخدام الحالية هي نتيجة لأنماط الاستهلاك لدينا، واستخراج وإنتاج وتوزيع واستخدام والتخلص من السلع والخدمات. كمستهلكين، نحن نمتلك القدرة على قيادة التغيير. كل خيار نتخذه، بدءًا من ما نشتريه وحتى طريقة عيشنا، يمكن أن يساهم في مستقبل أكثر استدامة.

 

في مواجهة هذا الواقع الذي لا يمكن إنكاره، يتعين علينا أن نتحرك، لأننا بالفعل نستهلك مستقبل كوكبنا. باعتبارنا حراس الأرض الوحيدة التي لدينا، يجب علينا أن نتحرك بسرعة وحسم لضمان أن ترث الأجيال القادمة عالما لا يزال غنيا بالموارد الطبيعية ويعج بالحياة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: حياة الانسان

إقرأ أيضاً:

نائب الاتحاد المصري للتنمية الذهنية: التعاون مع الأزهر لتدريب المعلمين خطوة لتنمية الموارد البشرية

أكد الدكتور الجندي شاكر الجندي، نائب رئيس مجلس إدارة الاتحاد المصري للتنمية الذهنية للنشء، أن الدورة التدريبية التي نظمها الاتحاد بالتعاون مع الأزهر الشريف، وتقدم لها أكثر من ٨٢٠ معلمًا ومعلمة من قطاع المعاهد الأزهرية، معظمهم من حملة الماجستير والدكتوراة – تُعد خطوة نوعية في إطار الجهود المشتركة لتنمية الموارد البشرية.

وأوضح الجندي، خلال كلمته اليوم بالحفل الختامي للدورة التدريبية لتنمية مهارات معلمي المعاهد الأزهرية، أن التعاون مع الأزهر الشريف عبر توقيع مذكرات تفاهم سريعة التنفيذ، بفضل كفاءة فرق العمل، أسفر عن إقبال غير مسبوق من المعلمين خلال ٤٨ ساعة فقط من الإعلان عن البرنامج، موجها التحية لفضيلة الدكتور/ محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، وقيادات التعليم الأزهري، مؤكدًا أن هذا التعاون يُعتبر نواة لتوسيع نطاق البرنامج عبر تعيين منسقين على مستوى الجمهورية.

ولفت الجندي، إلى أن برامج تدريب معلمي الأزهر اعتمد على أحدث الوسائل التكنولوجية مثل منصات "زوم" و"تيمز"، مع متابعة دقيقة للحضور وتقييم الأداء لضمان تحقيق النتائج المرجوة، كما تضمنت ورش العمل محتوى تدريبيًا مكتملًا صُمم بواسطة خبراء محليين ودوليين في مجالات التنمية الذهنية.

وكشف الجندي عن أن الحفل شهد عرضًا لأبرز مخرجات الشراكة بين الاتحاد وقطاع المعاهد الأزهرية، بما في ذلك تطوير استراتيجيات لتعزيز الذكاء الاصطناعي في التعليم، مؤكدا أن هذه الخطوة تعكس التزام مصر بمواكبة التطورات العالمية في تنمية مهارات النشء، معربًا عن أمله في تعميم التجربة على جميع المؤسسات التعليمية بالتعاون مع وزارتي التربية والتعليم والشباب والرياضة.

وينظم قطاع المعاهد الأزهرية بالتعاون مع الاتحاد المصري للتنمية الذهنية للنشء، حفل ختام الدورة التدريبية وورش العمل الخاصة بتنمية مهارات معلمي الأزهر الشريف، والتي تضمنت محتوى تدريبيًّا متميزًا اشتمل على أنشطة تفاعلية وتمارين عملية لتنمية المهارات الذهنية والإبداعية، قدمها خبراء متخصصون في التنمية الذهنية، حيث تأتي هذه الدورات في إطار جهود الأزهر لتطوير أداء كوادره التعليمية، بما يتماشى مع رؤية الدولة لتعزيز جودة المنظومة التعليمية.

مقالات مشابهة

  • حيدر كريم الغراوي: تاهيل الموارد البشرية يخدم الجهد الاستثماري
  • “الموارد البشرية والتوطين”: عطلة القطاع الخاص بمناسبة يوم عرفة وعيد الأضحى من 5 إلى 8 يونيو
  • السكاف يبحث مع جمعية عطاء للإغاثة الإنسانية سبل التعاون في مجال تنمية الموارد البشرية
  • «الموارد البشرية» تبدأ تنفيذ خطتها لموسم حج 1446هـ بحزمة مبادرات نوعية
  • بنك الشمول يرعى ملتقى الموارد البشرية الثاني بالتعاون مع وزارة التعليم العالي
  • تأهيل متخصصين في الموارد البشرية لتعزيز الخدمات الصحية بالشرقية
  • بدء فعاليات الملتقى الثاني للموار البشرية في عدن
  • الموارد البشرية تحدد إجازة عيد الأضحى للقطاعين الخاص وغير الربحي
  • المصري للتنمية الذهنية: التعاون مع الأزهر لتدريب المعلمين خطوة نوعية لتنمية الموارد البشرية
  • نائب الاتحاد المصري للتنمية الذهنية: التعاون مع الأزهر لتدريب المعلمين خطوة لتنمية الموارد البشرية