التمديد للمفتي دريان: ضرورات فرضت التعديل
تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT
كتب صلاح سلام في" اللواء": قد يعتبر البعض أن تمديد ولاية المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان قد تمت باكرًا، وقبل سنة ونصف تقريباً من إنتهاء الولاية الحالية. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن التمديد لم يكن هو الهدف بعينه، بقدر ما كان المطلوب توفير حالة من الثبات والإستقرار في قيادة المؤسسة الدينية، التي من المفترض أن تقوم بأعباء الأمة، ليس على المستوى الروحي وحسب، بل وأيضاً على المستويين السياسي والإجتماعي في هذه الظروف الصعبة التي يمر فيها لبنان، والتي تفاقمت تداعياتها على أهل السنّة ومناطقهم.
البعض الآخر يتساءل عن الإنجازات التي حققها المفتي دريان في السنوات التسع الماضية، سواء على مستوى دار الإفتاء، أو في الأوقاف، أو حتى في ضبط التعليم الديني، حيث يتخرج سنوياً المئات من المشايخ الشباب، دون حسيب أو رقيب على المناهج، أو جدية الإمتحانات.
وهنا أسمح لنفسي، كمشارك في الإجتماعات التي سبقت ترشيح الشيخ دريان للإفتاء، وفي حلقات النقاش التي جرت قبل حسم خيار الترشيح والتصويت له، أن سماحته كان من أشد المتحمسين للإصلاحات التي كانت تطالب بها نخبة من المهتمين، والمتابعين عن كثب لدور ومسؤوليات دار الفتوى، منذ عهد المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد، وكان مساهماً في وضع بعض الدراسات الأولية لتنظيم التعليم، وإقفال العديد من «الدكاكين»، التي جعلت من التعليم الديني ستاراً لأهداف لا تمت إلى الدين بصلة.
ولكن واقع البلد، الذي غرق في لجج من عدم الإستقرار والتسيّب في السلطة، فضلاً عن الأزمات السياسية والإقتصادية، التي أدت إلى حجز أموال المؤسسة الدينية والأوقاف في المصارف، وغيرها العديد من الصعوبات، لم تمكن المفتي دريان من تحقيق برنامجه الإصلاحي، بل وأدّت إلى إجهاض أكثر من محاولة للنهوض بالأوقاف، وتوفير الأموال اللازمة، وتمويل التقديمات الضرورية، من صحية وتربوية خاصة، لرجال الدين وعائلاتهم، وللعاملين في الإفتاء والأوقاف والقائمين بالتعليم الديني.
أما موضوع تمديد الولاية، والذي كان إحدى الإشكالات مع سلفه، فقد كان غير قابل للبحث بالنسبة «للقاضي» دريان، الذي كان في مقدمة المعارضين لمحاولات التمديد للمفتي السابق الشيخ محمد رشيد قباني. وبقي المفتي رافضاً مبدأ التمديد، مؤكداً لزواره من اللبنانيين والديبلوماسيين، بأنه لن يُقدم على ما كان يرفضه لغيره.
وإزاء رياح الخلافات التي هبّت على إنتخابات المجلس الشرعي منذ الإعلان عن موعد الانتخابات، وفتح باب الترشيحات، كان لا بد بالنسبة لمؤيديه، من إتخاذ إجراءات إستثنائية لحماية آخر المرجعيات ودورها الروحي والوطني، من عواصف الخلافات والتعطيل والتغييب، بتعديل المرسوم ١٨، ورفع سن تقاعد مفتي الجمهورية إلى ٧٦عاماً، فوراً ودون تأجيل، وتجنيب المؤسسة الدينية الأم أية خضة محفوفة بكثير من التداعيات السلبية، والتي قد يخرج بعضها عن السيطرة.
وكان أن جرت الرياح كما يريد مؤيدو التعديل، بدعم مرجعيات حكومية سابقة وحالية، بإستثناء معارضة الرئيس فؤاد السنيورة، وبغض النظر عن مضمون وجدوى البيان الصادر عن المكتب الإعلامي لدار الفتوى!
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
معارك "آخر الزمان": كيف تؤثر العقائد الدينية في المواجهة بين إيران وإسرائيل؟
يشير الخطاب الإعلامي في كل من إسرائيل وإيران إلى أنهما تخوضان صراعًا يُوصف أحيانًا بأنه "وجودي"، ويبرز في هذا السياق تأثير المعتقدات الدينية التي تسهم في تشكيل الروايات المتعلقة بـ"معارك آخر الزمان"، والتي يعتقد البعض أنهما يخوضانها. اعلان
ويلعب التيار الديني اليهودي في إسرائيل والتيار الإسلامي الشيعي في إيران دورًا في تعزيز هذه الإسقاطات، مما يطرح تساؤلات حول مدى تأثيرها على طبيعة الصراع بين الجانبين.
منذ نجاح الثورة الإسلامية في إيران بقيادة روح الله الخميني عام 1979، ظهر الخطاب الديني كعنصر أساسي في تشكيل سياسات الدولة.
وقد ارتكز هذا الخطاب على رؤية مفادها أن "الإسلام ليس مجرد دين روحي، بل نظام شامل ينظم شؤون الحياة"، بما في ذلك السياسة والحكم.
وكان واضحًا مدى انعكاس هذه الرؤية على سياسات الجمهورية الإسلامية، خاصة في تشكيل العقيدة العسكرية للحرس الثوري الإيراني، الذي حملت فرقه أسماء ذات طابع ديني، مثل "وحدة خاتم الأنبياء" و"وحدة الإمام الحسين"، وكذلك على الإيديولوجيات.
وتشير أدبيات الحرس الثوري إلى أنه يهدف، باعتقاده، إلى "تمهيد الأرض لظهور المهدي المنتظر"، وهو شخصية من نسل النبي محمد، يؤمن الشيعة والسنة بظهوره، ويعتقدون أنه سيحارب الظلم و"سيملأ الأرض عدلا بعدما مُلئت جورا". وتُعتبر هذه العقيدة محركًا كبيرًا للسياسات الإيرانية، خاصة في تعزيز قدراتها العسكرية ودورها الإقليمي.
Relatedإيران تعلن أنها تسيطر على سماء تل أبيب بفضل صاروخ فتّاح الفرط صوتي.. ماذا نعرف عنه؟ما موقف الرأي العام الأمريكي من انضمام واشنطن لإسرائيل في الحرب ضد إيران حرب بلا نيران.. الفضاء السيبراني وجهٌ آخر من أوجه الصراع بين إيران وإسرائيلكما يشترك السنة والشيعة في الإيمان بعودة المسيح الذي سيكون له دور في دعم إقامة دولة العدل. ومع ذلك، يرى الشيعة أن "التمهيد لظهور المهدي" كما يعبرون، يتطلب بناء قدرات عسكرية قوية، وهو ما ينعكس في سياسات إيران الحالية.
وكان المرشد الإيراني، علي خامنئي، قد عبّر عن تلك الأيديولوجية بقوله: "نريد اليوم العمل والسعي لتحقيق حكومة الإمام المنتظر وينبغي علينا أن نتحرك تمهيدًا لقيام حكومة العدل الإلهي بقيادة الإمام المهدي الذي سيملأ الأرض قسطًا وعدلاً.“
إسرائيل والخطاب الدينيعلى الجانب الآخر، تعزز بعض الروايات الدينية اليهودية في إسرائيل سردية الصراع كجزء من "معارك نهاية الزمان". واحدة من هذه الروايات ترتبط بما يُعرف بـ"لعنة العقد الثامن"، التي تشير إلى أن الدول اليهودية في التاريخ لم تتجاوز فترة 80 عامًا قبل انهيارها.
ومع مرور 77 عامًا على تأسيس دولة إسرائيل الحديثة، تنبعث هذه المخاوف لدى بعض الفئات المتدينة، مما يضيف ضغطًا نفسيًا ودينيًا على النقاش السياسي في البلاد.
ففي وقت سابق، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق نفتالي بينيت: "تفككت دولتنا سابقاً مرتين بسبب الصراعات الداخلية؛ الأولى عندما كان عمر دولتنا 80 عاماً، والثانية عند 77 عاماً. نحن نعيش في حقبتنا الثالثة ونقترب من العقد الثامن، وجميعنا أمام اختبار حقيقي. فهل نتمكن من الحفاظ على دولتنا؟"
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة