عربي21:
2025-07-04@20:53:06 GMT

أيّها المنكوب في المغرب وليبيا.. إنّه قضاء الله تعالى

تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT

دعني أسألك أيّها المحزونُ الرّفيق؛ مَن صاحبُ الأمر كلّه في إيقاع الزّلزال في الأرض ومن صاحب الأمر كلّه في الأعاصير وحدوثها؟ سيجيبك قلبك؛ إنّه الله تعالى الذي يقول في سورة فاطر: "إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا ۚ وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ ۚ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً".



وما دام الله تعالى هو المتصرّف وحده في هذا الكون، وهو الحليم اللطيف؛ فإن الزلزال ما هو إلّا من خلق الله تعالى الذي قضاه بعلمه وقدّره بحكمته، وكذلك الإعصار فهو قدر الله تعالى. وهذا لا ينفي مطلقاً المسؤوليّة التي تسببّ بها المقصرون والمهملون في صيانة السدود والتعامل مع خللها، ولكنّ الزلزال ووقوعه، والإعصار وقدومه، هو قدر الله جلّ في علاه ولا يمكن لمخلوقٍ أن يقف في وجه قدر الله تعالى، ولا يملك المخلوق أمام تصرّف الخالق في مخلوقاته على هذا الشّكل إلّا أن يستشعر ضعفه وضآلته أمام قوّة الله تعالى وعبوديّته أمام تجليّات ألوهيّة القويّ الجبّار، فيفرّ من قدَر الله إلى قدَر الله، ويفرّ من الله إليه، ويوقن أنّه لا ملجأ ولا منجى منه إلّا إليه جلّ في علاه، فيرضى بقضاء الله تعالى وقدره.

الزلزال ما هو إلّا من خلق الله تعالى الذي قضاه بعلمه وقدّره بحكمته، وكذلك الإعصار فهو قدر الله تعالى. وهذا لا ينفي مطلقاً المسؤوليّة التي تسببّ بها المقصرون والمهملون في صيانة السدود والتعامل مع خللها، ولكنّ الزلزال ووقوعه، والإعصار وقدومه، هو قدر الله جلّ في علاه ولا يمكن لمخلوقٍ أن يقف في وجه قدر الله تعالى
فكلّ مأ أصابكَ في هذا الزلزال من فقدٍ أو هدمٍ أو جراحٍ أو موتٍ، وما أصابك في الإعصار من غرق وتهديم وتشريد، إنّما هو بقضاء الله وقدره، وكأنّي برسول الله صلى الله عليه وسلّم يخاطبُ قلبكَ وأنتَ في معاناتك هذه إذ يقول: "واعلَمْ أنَّ ما أخطَأَكَ لم يَكُن لِيُصِيبَكَ، وما أصابَكَ لم يَكُن ليُخطِئَكَ، واعلَمْ أنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبرِ، وأنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَرْبِ، وأنَّ معَ العُسْرِ يُسراً".

وفي هذا الابتلاء الذي يوجعُ قلبك وروحك فإنّ الإيمان بقضاء الله تعالى وقدره هو بلسمُ الجراحات وشفاء لوعة النفس بالأسئلة المتدفّقة.

واسمع إلى الوليد بن عبادة بن الصامت إذ يقول: "دخلتُ على عبادة وهو مريضٌ أتخايلُ فيه الموت، فقلت: يا أبتَاه أوصني واجتهد لي، فقال أجلسوني، قال: يا بنيّ إنّك لن تطعم طعم الإيمان ولن تبلغ حقّ حقيقة العلم بالله تبارك وتعالى حتّى تؤمن بالقدر خيره وشرّه، قلت: يا أبتَاه فكيف لي أن أعلَم ما خير القدر وشره؟ قال: تعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبَك وما أصابك لم يكن ليخطئك".

فما دام أنّ القضاء هو قضاء الله؛ فهو يحبّ منك أن ترضى بقضائه وتستسلم لقدره، وإن من دعاء حبيبكَ محمّد صلى الله عليه وسلّم: "وَأَسْأَلُك الرِّضَا بَعْد القَضَاء".

وممّا يعينك على الرّضا بقضاء الله تعالى أن توقن أنّ قضاء الله تعالى خيرٌ كلّه، وأنّ ما يقضيه الله لك خيرٌ مما تقدّره أنتَ لنفسك بعلمك القاصر فهو الذي خلقك وهو العليم بحالك الخبير بك باطناً وظاهراً، وقد عبّر نبيّنا صلى الله عليه وسلّم عن هذا المعنى بجلاء في قوله: "عجِبْتُ لأمْرِ المؤمِنِ، إنَّ اللَّهَ لا يَقْضي له قَضاءً إلَّا كان خيراً له"، وفي صحيح مسلم: "عَجَباً لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكانَ خَيْراً له، وإنْ أصابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكانَ خَيْراً له".

لن أطيل عليك أيها الحبيب؛ ولكن مهما اشتدّ وجعك؛ ابقَ موقناً بقضاء الله تعالى، مؤمناً بقدره، ففي ذلك هدأة قلبك، وبلسم جرحك، ورضى نفسك، فأسرع بالأوبة إليه وكثّف الضّراعة بين يديه، واعلم أنّه لن يتخلّى عنك فهو قريب يجيب دعوة الدّاعي إذا دعاه؛ فعلّق قلبكَ به وصِل حبلَك ببابه ولن تندم في الدّنيا والآخرة؛ فهو حسبك وهو نعم الوكيل.

twitter.com/muhammadkhm

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الزلزال ليبيا المغرب زلزال ضحايا عاصفة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

خطيب المسجد النبوي: الذكر يرضي الرحمن ويطرد الشيطان ويقوي الإيمان

أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي بالمدينة المنورة، الشيخ الدكتور صلاح البدير، المسلمين في خطبة الجمعة اليوم بتقوى الله ومراقبته، فهي منبع الفضائل، ومجمع الشمائل، وأمنع المعاقل، من تمسك بأسبابها نجا.

بث مباشر.. خطبة الجمعة من الحرمين الشريفينشئون الحرمين: استبدال كسوة الكعبة في وقت قياسي أقل 4 ساعات عن الأعوام السابقة

وقال الدكتور صلاح البدير: "ذكر الله تعالى رواء الأرواح وشفاء الجراح وعلامة الصلاح وداعية الانشراح وعين النجاح والفلاح قال جل وعز: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ومن واظب على ذكر الله تعالى أشرقت عليه أنواره وفاضت عليه آثاره وتوافدت عليه خيراته وتواصلت عليه بركاته، والذكر هو الزّاد الصالح والمتجر الرابح والميزان الراجح فضائله دانية القطوف وفوائده ظاهرة جليّة بلا كسوف.

ومضى الدكتور صلاح البدير قائلًا: "وقد أمر الله عباده بكثرة ذكره وتسبيحِهِ وتقديسِهِ، والثناءِ عليه بمحامدِهِ وجعل لهم على ذلك جزيل الثواب وجميل المآب قال جل وعزّ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا)، وعن عبدالله بن بسر -رضي الله عنه-: أنَّ رجلًا قَالَ: يَا رسولَ الله، إنَّ شَرَائِعَ الإسْلامِ قَدْ كَثُرَتْ عَليَّ، فَأَخْبِرْنِي بِشَيءٍ أَتَشَبثُ بِهِ قَالَ: «لا يَزالُ لِسَانُكَ رَطبًا مِنْ ذِكْرِ الله» أخرجه الترمذي، فاذكروا الله في البيع والشراء والأخذ والعطاء والعلن والخفاء والصباح والمساء وعلى وجه الأرض وفي جوّ السماء".

وأشار الدكتور صلاح البدير، أن الذكر يرضي الرحمن ويطرد الشيطان ويقوي الإيمان ويبدد الأحزان ويمنح النفوس الطمأنينة والسكينة والأمان، والذّكر يزيل الوحشة ويذيب القسوة ويذهب الغفلة وينزل الرحمة ويشفي القلوب قال أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه:" لكل شيء جلاء وإن جلاء القلوب ذكر الله عز وجل"، والذكر غياث النفوس الظامئة وقوت القلوب الخالية ونور الدروب الشائكة، وبه تستجلب الخيرات والبركات وتستدفع الكربات والنقمات وبه تهون الفواجع النازلات والحوادث المؤلمات فما ذكر الله عز وجل في مصيبة إلا هانت ولا في كربة إلا زالت.

وأبان إمام وخطيب المسجد النبوي في ختام الخطبة أن الأجور المترتبة على الذكر عظيمة لا يعبِّر عن عظمتها لسان ولا يحيط بها إنسان مطالبًا فضيلته المسلمين بالمحافظة على الأدعية والأذكار الصحيحة الواردة في الأحوال المختلفة والإكثار من ذكر الله تعالى في كل حين وأوان.

طباعة شارك المسجد النبوي الحرمين الشريفين خطبة الجمعة صلاة الجمعة

مقالات مشابهة

  • سعة ورحمة.. يسري جبر يحدد سبب تعدد الطرق الصوفية
  • ماذا يحدث لمن واظب على ذكر الله؟.. خطيب المسجد النبوي: ينعم بـ10 أرزاق
  • خطيب المسجد النبوي: الذكر يرضي الرحمن ويطرد الشيطان ويقوي الإيمان
  • خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف
  • خطبة الجمعة من المسجد النبوي
  • ما الواجب على من فاتته صلاة الجمعة لعذر؟.. الإفتاء تجيب
  • تنفيذ حكم القتل تعزيرًا بأحد الجناة في منطقة الحدود الشمالية
  • أذكار الصباح الواردة عن النبي.. حصن نفسك وطمئن قلبك
  • نور على نور
  • هل تقضى الأذكار لمن فاتته بسبب خروج وقتها.. لجنة الفتوى تجيب