أيّها المنكوب في المغرب وليبيا.. إنّه قضاء الله تعالى
تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT
دعني أسألك أيّها المحزونُ الرّفيق؛ مَن صاحبُ الأمر كلّه في إيقاع الزّلزال في الأرض ومن صاحب الأمر كلّه في الأعاصير وحدوثها؟ سيجيبك قلبك؛ إنّه الله تعالى الذي يقول في سورة فاطر: "إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا ۚ وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ ۚ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً".
وما دام الله تعالى هو المتصرّف وحده في هذا الكون، وهو الحليم اللطيف؛ فإن الزلزال ما هو إلّا من خلق الله تعالى الذي قضاه بعلمه وقدّره بحكمته، وكذلك الإعصار فهو قدر الله تعالى. وهذا لا ينفي مطلقاً المسؤوليّة التي تسببّ بها المقصرون والمهملون في صيانة السدود والتعامل مع خللها، ولكنّ الزلزال ووقوعه، والإعصار وقدومه، هو قدر الله جلّ في علاه ولا يمكن لمخلوقٍ أن يقف في وجه قدر الله تعالى، ولا يملك المخلوق أمام تصرّف الخالق في مخلوقاته على هذا الشّكل إلّا أن يستشعر ضعفه وضآلته أمام قوّة الله تعالى وعبوديّته أمام تجليّات ألوهيّة القويّ الجبّار، فيفرّ من قدَر الله إلى قدَر الله، ويفرّ من الله إليه، ويوقن أنّه لا ملجأ ولا منجى منه إلّا إليه جلّ في علاه، فيرضى بقضاء الله تعالى وقدره.
الزلزال ما هو إلّا من خلق الله تعالى الذي قضاه بعلمه وقدّره بحكمته، وكذلك الإعصار فهو قدر الله تعالى. وهذا لا ينفي مطلقاً المسؤوليّة التي تسببّ بها المقصرون والمهملون في صيانة السدود والتعامل مع خللها، ولكنّ الزلزال ووقوعه، والإعصار وقدومه، هو قدر الله جلّ في علاه ولا يمكن لمخلوقٍ أن يقف في وجه قدر الله تعالى
فكلّ مأ أصابكَ في هذا الزلزال من فقدٍ أو هدمٍ أو جراحٍ أو موتٍ، وما أصابك في الإعصار من غرق وتهديم وتشريد، إنّما هو بقضاء الله وقدره، وكأنّي برسول الله صلى الله عليه وسلّم يخاطبُ قلبكَ وأنتَ في معاناتك هذه إذ يقول: "واعلَمْ أنَّ ما أخطَأَكَ لم يَكُن لِيُصِيبَكَ، وما أصابَكَ لم يَكُن ليُخطِئَكَ، واعلَمْ أنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبرِ، وأنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَرْبِ، وأنَّ معَ العُسْرِ يُسراً".
وفي هذا الابتلاء الذي يوجعُ قلبك وروحك فإنّ الإيمان بقضاء الله تعالى وقدره هو بلسمُ الجراحات وشفاء لوعة النفس بالأسئلة المتدفّقة.
واسمع إلى الوليد بن عبادة بن الصامت إذ يقول: "دخلتُ على عبادة وهو مريضٌ أتخايلُ فيه الموت، فقلت: يا أبتَاه أوصني واجتهد لي، فقال أجلسوني، قال: يا بنيّ إنّك لن تطعم طعم الإيمان ولن تبلغ حقّ حقيقة العلم بالله تبارك وتعالى حتّى تؤمن بالقدر خيره وشرّه، قلت: يا أبتَاه فكيف لي أن أعلَم ما خير القدر وشره؟ قال: تعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبَك وما أصابك لم يكن ليخطئك".
فما دام أنّ القضاء هو قضاء الله؛ فهو يحبّ منك أن ترضى بقضائه وتستسلم لقدره، وإن من دعاء حبيبكَ محمّد صلى الله عليه وسلّم: "وَأَسْأَلُك الرِّضَا بَعْد القَضَاء".
وممّا يعينك على الرّضا بقضاء الله تعالى أن توقن أنّ قضاء الله تعالى خيرٌ كلّه، وأنّ ما يقضيه الله لك خيرٌ مما تقدّره أنتَ لنفسك بعلمك القاصر فهو الذي خلقك وهو العليم بحالك الخبير بك باطناً وظاهراً، وقد عبّر نبيّنا صلى الله عليه وسلّم عن هذا المعنى بجلاء في قوله: "عجِبْتُ لأمْرِ المؤمِنِ، إنَّ اللَّهَ لا يَقْضي له قَضاءً إلَّا كان خيراً له"، وفي صحيح مسلم: "عَجَباً لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكانَ خَيْراً له، وإنْ أصابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكانَ خَيْراً له".
لن أطيل عليك أيها الحبيب؛ ولكن مهما اشتدّ وجعك؛ ابقَ موقناً بقضاء الله تعالى، مؤمناً بقدره، ففي ذلك هدأة قلبك، وبلسم جرحك، ورضى نفسك، فأسرع بالأوبة إليه وكثّف الضّراعة بين يديه، واعلم أنّه لن يتخلّى عنك فهو قريب يجيب دعوة الدّاعي إذا دعاه؛ فعلّق قلبكَ به وصِل حبلَك ببابه ولن تندم في الدّنيا والآخرة؛ فهو حسبك وهو نعم الوكيل.
twitter.com/muhammadkhm
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الزلزال ليبيا المغرب زلزال ضحايا عاصفة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
لو دعيت بحاجة معينة تحصل هل هذا اشتراط على ربنا؟ داعية يجيب
أجاب الدكتور رمضان عبد الرازق، الداعية الإسلامي، عن سؤال ورد اليه خلال فيديو منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، مضمونه : لو دعيت ربنا بحاجة معينة تحصل هل هذا اشتراط على ربنا ؟.
ليرد “عبد الرازق”، قائلاً:" ليس اشتراط على الله تبارك وتعالى، أطلب من ربنا ما تريد بحاجة معينة، فكثير من الأنبياء طلبوا أمور معينة، دعا سيدنا سليمان ربنا عز وجل وقال {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأحَدٍ مِنْ بَعْدِي}، ودعا سدينا زكريا ربه قال { رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ۖ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ}، وسيدنا إبراهيم عندما دعا المولى جل شانه قال { رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ}.
وتابع: أطلب وأدعو الله بأدعية معينة، اطلب اللى نفسك فيه اطلب المستحيلات، لو انت مش قادر هو على كل شيء قدير، ولكن إن أعطاك فأنت راضٍ وإن لم يعطك فأنت راضٍ، فالخيره فيما اختاره الله فانا اطلب ما اريد وهو يعطيني ما يريد وانا راضٍ بما يريد.
سرار استجابة الدعاء
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن تحري أوقات وأماكن وأحوال نفحات الله لاستجابة الدعاء ضرورة على كل مسلم، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن لله نفحات، فتعرضوا لنفحات الله».
وبيّن الدكتور علي جمعة، في تصريحات سابقة له، أن هذه النفحات الإلهية تتوزع في مواطن متعددة، على النحو الآتي:
أولاً من حيث الزمان: هناك أوقات مباركة يستحب فيها الإكثار من الدعاء والعبادة، مثل ثلث الليل الأخير، وليلة القدر، والعشر الأوائل من ذي الحجة، ويوم عرفة، ويوم عاشوراء، وليلة النصف من شعبان، وليلة الإسراء والمعراج، وغيرها من الأزمان التي تفتح فيها أبواب الرحمة وتُستجاب فيها الدعوات.
ثانيا من حيث المكان: تضاعف الأعمال الصالحة وتُرجى الإجابة في المساجد، والأماكن الطاهرة، والحرمين الشريفين، فهي بقاع اختصها الله ببركة ومكانة عظيمة.
ثالثًا من حيث الأحوال: تتجلى النفحات عند نزول المطر، أو وقت الشدة والضرورة، أو حين يتعرض الإنسان للظلم، أو عندما يعلو الهم والرجاء في القلب، فهذه أحوال تفتح باب القرب من الله وتُلين القلب للدعاء.
رابعًا من حيث الأشخاص: حث الإسلام على طلب الدعاء من الصالحين، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لسيدنا عمر رضي الله عنه: «أشركنا يا أخي في دعائك»، فدعاء المؤمن لأخيه بظهر الغيب مستجاب.
أفضل سورة لاستجابة الدعاء قبل الفجرورد في أفضل سورة لاستجابة الدعاء قبل الفجر ، أن العلماء وجدوا معادلة أو خطة للدعاء من الله تعالى، في سورة الأنبياء، حيث إن شفرة استجابة الدعاء، في سورة الأنبياء، في قول الله تعالى "فَاسْتَجَبْنَا"، وتكررت 4 مرات في أربع آيات، بعد حدث جلل وضيق عظيم، في الآيات رقم ٧٦ و٨٤ و٨٨ و٩٠، العلماء لفت نظرهم هذا واعتبروا أرقام هذه الآيات هي تليفون إجابة الدعاء من الله عز وجل".
وجاء في الآيات التي ذكر فيها قوله تعالى: "فَاسْتَجَبْنَا"، وهي قول الله تعالى: «وَنُوحًا إِذْ نَادَىٰ مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ » (٧٦ الأنبياء)، و«فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ» (٨٤ الأنبياء)، «فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَٰلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ » (٨٨ الأنبياء)، «فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ» (٩٠ الأنبياء)، حيث إن هذه الآيات تدل على أن الأنبياء تعرضوا للبلاء.
واستجاب الله تعالى لهم، وليس معنى إصابة الإنسان بالابتلاءات دليلًا على أنه غير صالح، فالله تعالى إذا أحب عبدًا سمع من مناجاته، فعلينا الإكثار من الدعاء والتوبة وإخراج الصدقة، فسورة الأنبياء تتحدث عن الأنبياء، وتتحدث عن الابتلاءات والأمراض، والكروب التي تعرضوا لها، وكانوا يدعون الله تعالى يفرج عنهم.