سيول ليبيا.. آمال بالعثور على ناجين وتحذيرات من تكدس الجثث
تاريخ النشر: 15th, September 2023 GMT
تواصل فرق الإنقاذ المحلية والأجنبية في مدينة درنة وباقي المناطق المتضررة من الإعصار والفيضانات جهودها في البحث عن مفقودين وإخراج أحياء من وسط الركام، مع تأكيدات الصليب الأحمر بأنه لا يزال هناك أمل في العثور على ناجين في المناطق المنكوبة.
كما تواصلت جهود انتشال الجثث المتناثرة في الشوارع وفي البيوت المتأثرة بالفيضانات.
وأدّى تدفّق المياه ليلة الاثنين إلى انهيار سدّين في مناطق بأعلى درنة، مما تسبب بفيضان الوادي الذي يعبر المدينة، بصورة خاطفة بحسب ما أفاد سكان، موضحين أن المياه تدفقت بارتفاع عدة أمتار.
ويقول السكان إن مئات الجثث لا تزال مطمورة تحت أطنان الوحول والأنقاض المتراكمة.
وتخشى السلطات أن تكون الحصيلة البشرية فادحة، وسط خسائر هائلة في المدينة التي كان تعدادها 100 ألف نسمة قبل الكارثة.
مأساة وخسائر
وتكشف أعداد أكياس الجثث التي وزعت في المدينة عن حجم المأساة، وأفادت اللجنة الدولية للصليب الأحمر وحدها بتأمين 6 آلاف منها.
وقال المسؤول عن عمليات المساعدة لليبيا في الصليب الأحمر، تامر رمضان، اليوم الجمعة، إنه "لا يزال هناك أمل بالعثور على أحياء" بعد الفيضانات الكارثية التي ضربت هذا البلد وأسفرت عن سقوط آلاف القتلى والمفقودين في نهاية الأسبوع الماضي.
وامتنع المتحدث ذاته خلال مؤتمر صحفي عن إعطاء حصيلة بعدد القتلى مؤكدا أنها "لن تكون نهائية أو دقيقة".
وبحسب تصريحات المتحدث ذاته للجزيرة، فإن حجم الكارثة في مناطق الإعصار كبير جدا ويفوق قدرات الصليب الأحمر، مشيرا إلى الحاجة الملحة للدعم الدولي.
في غضون ذلك، ومع تصاعد أعداد القتلى والمفقودين، ارتفعت وتيرة المناشدات من داخل درنة والمناطق الأخرى طلبا لمزيد من الآليات والمعدات وفرق الإنقاذ والخدمات.
مساعدات ومعوقات
وقال مراسل الجزيرة في درنة، تامر الصمادي، إن الطريق من بنغازي إلى درنة كانت طويلة ومزدحمة بقوافل المساعدات، لجهات رسمية ومنظمات دولية ومتطوعين من الأهالي الذين هبوا لإغاثة المنكوبين من ضحايا الفيضانات.
وقال الصمادي إن الأحياء في المدينة متشابهة وهي مغطاة بالوحل والطين ومقطوعة عن بعضها البعض، في حين تتكدس المركبات المحطمة في كل مكان من المدينة.
وبيّن أن شبكات المياه والكهرباء والاتصالات تعاني من أضرار السيول المدمرة، التي أدت إلى تعطلها.
وقال الصمادي إن عددا من الناجين رووا للجزيرة روايات مفزعة بشأن ما حدث، مشيرا إلى أن آثار الصدمة لا تزال تخيّم على وجوه الأهالي، وإلى أن رائحة الموت تنتشر في كل مكان بالمدينة.
ولفت مراسل الجزيرة إلى أن الجهات الحكومية تتحدث عن نقص كبير في المساعدات وفي فرق الإنقاذ، لكنها تعمل بما لديها من إمكانيات.
عاصفة وضحايا
والأحد الماضي، اجتاحت عاصفة ناجمة عن الإعصار دانيال عدة مناطق شرقي ليبيا، أبرزها مدن درنة وبنغازي والبيضاء والمرج وسوسة، مخلفة أكثر من 6 آلاف قتيل وآلاف المفقودين، وفق ما أعلنه وكيل وزارة الصحة في حكومة الوحدة الوطنية سعد الدين عبد الوكيل قبل يومين.
من جهته، أعلن الهلال الأحمر الليبي أن عدد المفقودين نتيجة السيول والفيضانات في مدينة درنة يتجاوز 10 آلاف شخص، وفق معطيات أولية.
وأسفرت السيول والفيضانات عن اختفاء أحياء، وانهيار جسور، ودمار واسع في شبكة الطرق لمدينة درنة وما جاورها، بينما تكثف فرق الإنقاذ المحلية والأجنبية جهودها للبحث عن ناجين وانتشال ودفن الجثث المتناثرة في المدينة.
ويحذر المسؤولون في المدينة من خطر تفشي الأمراض والأوبئة بسبب انتشار الجثث.
من جانبه، قال مراسل الجزيرة في درنة محمد البقالي، إن رائحة الموت تنبعث من المكان، بسبب عدم استخراج عدد من الجثث تحت الأنقاض.
وبيّن البقالي أن التركيز منكب الآن على العثور على ناجين رغم تضاؤل الآمال، بسبب حجم الكارثة وما خلفته، وبيّن أن هناك حديثا عن إنقاذ 500 شخص خلال الأيام الماضية بعضهم من فوق المنازل وآخرون من تحت الأنقاض.
وبحسب مراسل الجزيرة فلا أحد لديه رقم دقيق بخصوص القتلى في درنة، وأكد أن المختصين يدقون ناقوس الخطر بشأن كارثة صحية وبيئية تهدد المدينة سببها الجثث التي لم يتم انتشالها بعد.
كارثة وتقديرات
واليوم الجمعة، أعلن مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث، أن حجم الكارثة في ليبيا الناتجة عن انهيار سدين وجسور بتأثير عاصفة وأمطار غزيرة، لا يزال مجهولا.
وقال متحدثا عن حجم الكارثة خلال مؤتمر صحافي في جنيف، "أعتقد أن المشكلة بالنسبة إلينا هي في تنسيق جهودنا مع الحكومة ومع السلطات الأخرى في شرق البلاد، ثم اكتشاف حجم الكارثة.
وأضاف "لم نتوصل إلى ذلك بعد، لا نعرف ذلك". وأضاف أن "مستوى الحاجات وعدد القتلى لا يزال مجهولا"، مشيرا إلى الحاجة الملحة إلى البحث عن جثث تحت الأنقاض.
وأرجع المسؤول الأممي وقوع هذه الكارثة إلى ما أسماه تصادم "المناخ بالإمكانيات"، وقال "في ليبيا، حيث لا يزال الوصول إلى درنة صعبا للغاية… هذه مأساة تصادم فيها المناخ مع الإمكانيات".
وبيّن أن مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة أرسل فريق تنسيق لمواجهة الكوارث يضم 15 شخصا تم نقلهم من المغرب الذي تعرض لزلزال الأسبوع الماضي.
وكانت الأمم المتحدة قد أطلقت يوم أمس، نداء عاجلا لتقديم 71 مليون دولار لتلبية احتياجات نحو 250 ألف شخص هم الأكثر تضررا جراء السيول في ليبيا.
تحذير من الدفن الجماعي
وحذرت الأمم المتحدة من الارتفاع المحتمل في الوفيات وفي معدلات الإصابة بالأمراض إذا لم يتم إرسال مساعدات ملائمة على الفور للمناطق المتضررة.
ويمكن أن يجري تحديث النداء العاجل بمجرد توافر معلومات إضافية.
وتأتي هذه التطورات بينما دعت منظمة الصحة العالمية ومنظمات إغاثة السلطات في ليبيا إلى التوقف عن دفن ضحايا الفيضانات في مقابر جماعية بعد أن أظهر تقرير للأمم المتحدة أن أكثر من ألف شخص دفنوا بهذه الطريقة حتى الآن منذ وقوع الكارثة.
وقال مسؤول في برنامج الطوارئ الصحية التابع لمنظمة الصحة في بيان مشترك مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر "نحث السلطات في المناطق المنكوبة بالمأساة على عدم التسرع في عمليات الدفن الجماعي".
ودعا البيان إلى تحسين إدارة عمليات الدفن لتكون في مقابر فردية محددة وموثقة بشكل جيد قائلا إن عمليات الدفن المتسرعة يمكن أن تؤدي إلى مشكلات نفسية طويلة الأمد لذوي الضحايا بالإضافة إلى مشاكل اجتماعية وقانونية.
وذكر تقرير للأمم المتحدة نشر -أمس الخميس- أن أكثر من ألف جثة في درنة وما يزيد عن 100 جثة في البيضاء دفنت في مقابر جماعية.
وفي سياق متصل بالمساعدات الدولية، أعلن سفير روسيا لدى ليبيا، أيدار أجانين، أن موسكو تعتزم إرسال طائرات مساعدات إلى المناطق المتضررة من الفيضانات.
وبيّن أن هذه المساعدات تشمل فرق الإنقاذ والأطباء، بالإضافة إلى اللوازم المادية، من معدات ضرورية وبطانيات وخيام، مشيرا إلى أن المرحلة العملية تبدأ اليوم، وإلى أن الجانب الليبي يتعاون مع نظيره الروسي بشكل كامل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: للأمم المتحدة مراسل الجزیرة الصلیب الأحمر حجم الکارثة فرق الإنقاذ فی المدینة مشیرا إلى فی لیبیا لا یزال فی درنة إلى أن
إقرأ أيضاً:
غزة وإيران والحوثي.. ماذا يحدث "سرا" بين ترامب ونتنياهو؟
قالت مصادر إن الخلافات بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب تصاعدت مؤخرا، لا سيما بشأن طريقة معالجة التهديدات الإيرانية والحرب المستمرة في غزة والتعامل مع جماعة الحوثي اليمنية.
وأفادت شبكة "إن بي سي نيوز" الإخبارية الأميركية، نقلا عن مصادر، أن ترامب "أثار استياء نتنياهو بتعليقات علنية الأسبوع الماضي، مما أضفى مزيدا من التوتر على علاقات الطرفين".
وأوضح مسؤولان أميركيان ودبلوماسيان من الشرق الأوسط، بالإضافة إلى شخصين آخرين مطلعين على الأوضاع، أن نتنياهو "شعر بالغضب والانزعاج عندما صرح ترامب الأربعاء أنه لم يتخذ قراره بعد بشأن السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم في إطارالاتفاق النووي الذي تتفاوض إدارته عليه حاليا".
غزة
وكان وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، قد نقل استياء نتنياهو إلى المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، خلال اجتماع في البيت الأبيض، الخميس الماضي، وفق "إن بي سي".
في المقابل، شعر ترامب بالإحباط من قرار نتنياهو بدء هجوم عسكري جديد في غزة، وهو ما يراه الرئيس الأميركي متعارضا مع خطته لإعادة إعمار المنطقة، وفقا لمسؤول أميركي آخر وشخص مطلع على التوتر.
وقال مصدران إن ترامب عبر في جلسات خاصة عن اعتقاده أن الهجوم الإسرائيلي الجديد على غزة "جهد ضائع"، لأنه سيجعل عملية إعادة الإعمار أكثر صعوبة.
وتضغط حاليا الولايات المتحدة على إسرائيل وحماس للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار في غزة، وهو أمر كان من المقرر أن يناقشه ديرمر مع ويتكوف خلال زيارته للبيت الأبيض هذا الأسبوع، حسبما أفاد به دبلوماسيان ومصدر كبير في إدارة ترامب.
إيران
ووفقا للدبلوماسيين والمسؤولين الأميركيين، فإن نتنياهو يشعر بالإحباط العميق بسبب رفض ترامب دعم الضربات العسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية، فضلا عن قراره بالسعي بدلا من ذلك إلى التوصل إلى اتفاق مع طهران يهدف إلى منعها من تطوير أسلحة نووية.
وقال أحد المسؤولين الأميركيين إن الإسرائيليون "قلقون من أي اتفاق".
وسبق أن أوضحت إسرائيل للولايات المتحدة أنها لا تريد أن يبرم ترامب اتفاقا نوويا يسمح لإيران بالاحتفاظ بأي قدرة على تخصيب اليورانيوم. لكن ترامب عبر عن انفتاحه على السماح لإيران ببرنامج نووي مدني.
وقال مسؤول أميركي إن فريق الرئيس ترامب يتواصل بانتظام مع المسؤولين الإسرائيليين بشأن سير المفاوضات مع إيران، ويوفر لهم التحديثات وينسق بعض عناصر الاتفاق المحتمل.
وقال المسؤولون الأميركيون إن نتنياهو عبر في جلسات خاصة عن اعتقاده بأن مفاوضات ترامب مع إيران "مضيعة للوقت"، لأن طهران لن تلتزم بأي اتفاق، وفق اعتقاده.
الحوثيون
من جانب آخر، كشفت المصادر أن نتنياهو يشعر بالصدمة والغضب بعد إعلان ترامب وقف الحملة العسكرية الأميركية ضد الحوثيين، وذلك بعد أن وافقت الجماعة المدعومة من إيران على وقف الهجمات على السفن الأميركية في البحر الأحمر.
والثلاثاء قال ترامب إن الحوثيين "استسلموا"، وطلبوا من الولايات المتحدة وقف الغارات عليهم، مشيرا إلى أن القصف الأميركي سيتوقف فورا.
وأضاف أن الولايات المتحدة ستوقف قصف الحوثيين في اليمن بعد أن وافقت الحركة اليمنية المتحالفة مع إيران على التوقف عن تعطيل ممرات الشحن المهمة في الشرق الأوسط.
لكن الاتفاق بين واشنطن والحوثيين لا يشمل إسرائيل، إذ استمرت الجماعة في إطلاق الصواريخ، بينما نفذت الطيران الإسرائيلي هجوما عنيفا على مطار صنعاء ومحطات كهرباء في اليمن الأسبوع الماضي.