التكامل الثقافي الخليجي
تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT
حمد بن وهب الملحم العنزي **
تشترك دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بعدة نقاط التقاء منها الدين واللغة والعادات والتقاليد والتراث والثقافة، وتتعاون في شتى المجالات ليكون هناك تكامل اقتصادي وصحي وعلمي وغير ذلك من التكاملات المُهمة.
في هذه المساحة، سأتحدَّث عن تكامل مُهم وجوهري وله دور كبير في نشر ثقافتنا الأصيلة المُمتدة جذورها عبر التاريخ، ألا وهو التكامل الثقافي، فرغم تشابه الثقافات في منطقة الخليج إلّا أنها ذات غنى وتنوع، وكثير من تراثها مسجلٌ ضمن التراث العالمي، ويحتاج إلى تسليط الضوء عليه ونقله للعالم بأبهى صورة تليق بإمكانيات وقدرات المثقف الخليجي الذي وضع بصمته على المستوى العالمي؛ سواءً في التراث المادي أو المعنوي، فمد جسور التعاون مطلب في هذا الوقت الذي أصبح عصر التكتلات والحروب الفكرية؛ حيث إنها نجحت وبفعالية عالية جدًا -الدبلوماسية الناعمة- في نشر السلم والمحبة اللتين؛ هما حجر الأساس في مبادئ ديننا الإسلامي الحنيف وأخلاقنا العربية الكريمة.
ولو تكلمنا بشكل أدق عن مفهوم الثقافة وتعرفنا على تعريفها (Culture) لاتضحت لنا الصورة؛ فهي لغة: ضبط النفس، وسرعة التعلم، والحذاقة.
واصطلاحًا: تُعرف بأنها مجموعة من العادات والأفكار التي يكتسبها الفرد من مجتمعه، وتختلف ثقافة كل مجتمع عن الآخر، وتعرف أيضًا بأنها الكل المركب الذي يحتوي على الفنون، والعقائد، والأخلاق، والمعارف، والقوانين، والعادات، التي يرثها الأفراد من المجتمع.
فنحن نحتاج إلى تبادل الخبرات والمعارف والأفكار لنساهم في رقي مجتمعاتنا الخليجية ونستفيد من بعضنا البعض في نشر هذه الثقافة المميزة لتعم الفائدة على الإنسانية جمعاء، نحتاج إلى تغيير الصورة النمطية عن العربي والمسلم لدى الغرب مؤكدين على هويتنا التي يؤطرها التسامح وتملؤها المحبة.
مؤلمٌ جدًا أن نذهب بعيدًا للبحث عن ثقافات بعضها ضحلة، مهملين ثقافتنا العميقة الشاملة بشتى المجالات كالأدب والفنون والعلوم والطب، فلكل دولة خليجية هامات وقامات بكل علم وثقافة، ولكن نحتاج لإبراز ثقافتنا والتعريف بها وزيادة التعاون في هذه المجالات ليكون هناك تكامل ثقافي لا يقل أهمية عن أنواع التكاملات الأخرى.
** كاتب سعودي
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الوكيل يكتب : نحتاج ثورة بيضاء يقودها سمو ولي العهد
صراحة نيوز ـ كتب : الدكتور احمد الوكيل
تمرّ المجتمعات في تاريخها بمنعطفات حاسمة، تستدعي تحولات جذرية وإعادة تشكيل الأولويات، لا عبر الانقلابات أو الصراعات، بل من خلال ما يُعرف بـ “الثورة البيضاء”؛ وهي ثورة يقودها العقل والتخطيط والرؤية، وتُبنى على الإصلاح المؤسسي، وتجديد العقد الاجتماعي بين الدولة والمواطن.
واليوم، في الأردن، لا نبالغ حين نقول إننا في أمسّ الحاجة إلى ثورة بيضاء يقودها سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، شابٌ ينتمي إلى جيل المستقبل، ويملك من الكاريزما والطموح والانفتاح ما يؤهله لقيادة مشروع وطني شامل يعيد الثقة، ويجدد الأمل، ويزرع بذور التغيير الهادئ، لكن العميق.
إن الحراك الذي يشهده الأردن من حيث التحولات الاقتصادية، وملف التحديث السياسي، وإعادة هيكلة القطاع العام، يشكل أرضية خصبة لإطلاق مشروع وطني يقوده سمو ولي العهد، تتلاقى فيه إرادة الإصلاح مع هموم الناس وتطلعات الشباب.
ثورة بيضاء لا تقوم على هدم المؤسسات، بل على إعادة بنائها وفق معايير الشفافية والكفاءة والعدالة. ثورة لا تعني الصدام، بل تعني مراجعة السياسات، ومحاسبة المقصّرين، وتمكين الكفاءات، وتفكيك البيروقراطية المعطلة، ومكافحة الفساد بكل أشكاله، خاصة ذاك الذي يرتدي عباءة الوجاهة والنفوذ.
إن الشباب الأردني – الذين يشكلون النسبة الأكبر من المجتمع – بحاجة لمن يثق بهم ويمنحهم الأدوات والفرص، لا من يكتفي بالخطاب التحفيزي. هنا يأتي دور ولي العهد، الذي طالما أكد في خطابه ومبادراته أن الشباب ليسوا مجرد جمهور في مدرج الوطن، بل هم اللاعبون الأساسيون في ميدان البناء والنهضة.
نحتاج إلى سياسات جريئة في التشغيل والتعليم والتدريب، تحوّل الجامعات إلى منصات إنتاج، وتربط التخصصات بسوق العمل، وتستثمر في العقول الأردنية داخل وخارج البلاد.
الثورة البيضاء التي ننشدها لا يمكن أن تتم دون إعادة ترميم العلاقة بين المواطن والدولة، وهي علاقة اهتزت بفعل تراكمات الإحباط، وضعف الثقة، والشعور بالتهميش. يجب أن تكون دولة القانون هي المرجعية، وأن يكون المسؤول خادمًا لا سيدًا، والموقع العام تكليفًا لا امتيازًا.
وليس ثمة قائد أنسب لقيادة هذه المرحلة من سمو ولي العهد، لما يتمتع به من حضور شعبي، وتفاعل حي مع القضايا الوطنية، واطلاع واسع على تحديات الدولة، واستعداده الدائم للتواصل المباشر مع الناس.
إن الثورة البيضاء ليست مشروع شخص، بل مشروع دولة؛ لكنها بحاجة إلى راية يحملها صاحب رؤية، يُحسن الإصغاء ويملك الشجاعة للتغيير. هذه المواصفات تتجسد بوضوح في سمو الأمير الحسين، الذي قدّم في مناسبات عدّة تصورًا لشكل الأردن الذي نحلم به: دولة حديثة، عادلة، منتجة، ذات مؤسسات فعالة ومجتمع متماسك.
نعم، نحتاج إلى ثورة بيضاء يقودها ولي العهد، ثورة تعيد الأردن إلى موقعه الطبيعي كأنموذج عربي في الاستقرار والتنمية والعدالة، وتضعه على مسار جديد من الثقة والنهضة.
فالتاريخ لا يرحم الفرص الضائعة، ونحن اليوم أمام فرصة لا يجب أن نفوّتها.