habusin@yahoo.com

أفكار حول تقنية الاستنساخ الآني للأصوات ومفهوم التزييف العميق

لا تطمح هذه المقالة لحسم الجدل حول موت حميدتي أو حياته و إنما هي محاولة لفهم مسالة إستمراريته كمؤثر هام بعد موته و هل هذا ممكن وفق أحدث التقنيات العلمية في استنساخ الأصوات.
‏The state of the art in voice cloning

من حيث المبدأ، ليس لدي شك في أن حميدتي أداة في أيدي جهات معينة تستخدمه لتنفيذ مخطط كبير في السودان.

ومسالة أن بعض السودانيين لا يرون ذلك و يحصرون الخلاف في قضية من بدأ الحرب، و سيطرة الفلول علي الجيش إلي آخر الأفكار الصغيرة، تدل علي أننا ما زلنا نناقش أمورنا المصيرية علي مستوي السطح دون التعمق المطلوب! هذا المستوي من الحوار لا يساعد كثيرا في فهم أبعاد هذا الصراع المعقد و الذي يتجاوز الخلافات السياسية السودانية لصراعات أقليمية و دولية أكبر و أكثر تعقيدًا.
ضرورة هذه المقدمة هي أن دور حميدتي حيا قد لا يختلف كثيرا عن دوره ميتا، ويتمثل، ببساطة، في حرب بالوكالة ضد أهله من خلال تسخير شباب القبائل العربية في غرب السودان. هذه هي الصورة الكبري لمن يدرك كيف تدار الحروب الحديثة حول العالم. و مهما تعددت المسميات و الرؤي و الفلسفة و التنظير فإن ما يطرحه حميدتي حيا أو ميتا من مناهضة لفلول النظام السابق أو دفاعه عن الإتفاق الإطاري، ليس سوى محض أكاذيب لا تنطلي علي فطن. كل ما في الأمر أن جهة ما تستخدم حميدتي للعب علي تناقضات إقليمية وإثنية لإشعال حرب أهلية لخلق فوضي تمكنها من تمرير أهداف كبيرة في السودان. و حتي علاقة حميدتي بالنظام السابق كانت بداية لهذه اللعبة، ويستطيع الحاذق أن يقرأ هذا التاريخ ابتداء بفكرة أن حميدتي هو من ذهب للنظام و ليس العكس، كما يظن الكثيرون. و أهمية ذلك في أن النظام السابق ابتلع هذا الطعم مبكرا ..و إذا كان ثمة إمكانية لإستمرار حميدتي في لعب هذا الدور حتي بعد موته، فلم لا!
عودة إلي موضوع استنساخ الأصوات عن طريق ال AI، نجد أن هذا المجال المتطور يسير بسرعة جنونية و بدأ في خلق مشاكل حقيقية لاقترابه من الإتقان.. وتكمن أهمية متابعة مستوي هذا التطور في حقيقة إمكانية استنساخ صوت لشخص و استخدامه مستقبلا بدقة متناهية. و هذا يغير المعطيات بما يقود للآتي:
*فرضية موت حميدتي و حياته، متساوية، استنادا علي خطاباته المسجلة. فإذا كان بالإمكان استنساخ الصوت و إعادة إنتاجه، فإنه يصبح من الصعب حسم قضية الحياة والموت استنادا علي التسجيل الصوتي فقط، في غياب بينات أخرى.
عندما نتعرض لأساليب التقنية المتقدمة في هذا المجال، سيتضح لنا أن التسجيل الصوتي أكثر تضليلا من الفيديو الذي يتطلب تناسق النص الصوتي مع الصورة .
أما في حالة التسجيل الصوتي، فقط، فأن الأمر لا يتعدي استنساخ الصوت ومن ثم إعادة انتاجه آنيا.
*لا فرق بين حميدتي حيا أو ميتا، إذا أدت خطاباته دورها في تحفيز جنوده لمواصلة القتال.
*إذا كان المقصود هو خلق الفوضي و تأجيج الحرب، فحميدتي ميتا أفضل كقائد منه حياً.
يتداول الناس عبارة ذكاء صناعي عندما يتناولون الإطلالات المفاجئة لحميدتي دون فهم حقيقي لما يحدث.. أيضا هنالك خلط واضح بين مفهوم دبلجة الصوت و استخدام الذكاء الصناعي لاستنساخ الأصوات مما يعقد إختبار مصداقية المحتوي. ففي حالة الدبلجة البسيطة للصوت يستطيع المتلقي ملاحظة بعض الثغرات الخفيفة مما يثير فرضية التلاعب و لكن في حالة الإستنساخ الصوتي من الصعب جدا ملاحظة أي ثغرات لأن ما يحدث ببساطة هو أن خطابا حقيقيا واقعيا يقدم بصوت مختلف و نبرات مختلفة في ما يعرف بمفهوم الإستنساخ الآني Real-time voice cloning.
و قد وصلت التكنولوجيا في هذا المجال حدا مذهلا يستخدم خوارزميات الذكاء الصناعي لمحاكاة الصوت المستهدف بحيث يكاد يستحيل على أي كائن تمييز الفرق بين الأصل والنسخة. حيث يتم تسجيل عينة للصوت المستنسخ لا تتعدي دقيقة واحدة يتم انزالها في برنامج الإستنساخ الصوتي و من ثم يتم إعادة انتاج حديث آخر بنفس الصوت و في نفس اللحظة و هذا يختلف كثيرا عن توليد الكلام اصطناعيا من النص.
يشرح أحد أختصاصي عملية استنساخ الصوت لشخص ما بطريقة مبسطة بأنه تتم عن طريق جمع فقرات من حديث واضح له، ومن ثم تقوم البرمجيات بإنشاء نموذج للصوت المستنسخ بما يتيح استخدامه في محتويات جديدة مستقبلا.
هذه التكنولوجيا متاحة الآن إلا أن التكلفة لا تزال باهظة لإستخدام أحدث تقنياتها! و بالضرورة اذا ما كان في مصلحة جهة ما استمرارية الوجود الرمزي لحميدتي فلن يصعب عليها تمويل ذلك.
من يريد أن يفهم هذا الأمر جيدا عليه متابعة قضية شغلت الأوساط الأوروبية والعالمية في الأسابيع الماضية. وهي قضية الفرنسي أنيس العياري الذي استنسخ كثيرا من الأصوات من بينها صوت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون و قدمه لتجربة تفاعل مع الجمهور بطرح أسئلة يجاوب فيها من يمثل ماكرون، و قد حدث أن خرج عن النص بدرجة أدت لإيقاف قناته.
كما قام العياري باستنساخ أصوات كثير من المشاهير من السياسين و أصحاب المال و قد صرح بأنه عندما يدرك الناس المدي الذي وصل له التزييف العميق، سيزداد الحس النقدي لديهم بما يقود للتشكيك في كثير من المحتويات الصوتية المسجلة.
خلاصة الأمر إن الخطابات المسجلة لحميدتي غير كافية لحسم الجدل حول حياته و ينبغي أن تكون هنالك دلائل أخري لتعزيز ذلك.

habusin@yahoo.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

عبد الصادق يوقع مذكرة تفاهم بين المعهد القومي لعلوم الليزر والأكاديمية الأوروبية

نظم المعهد القومي لعلوم الليزر بجامعة القاهرة تحت رعاية وحضور الدكتور محمد سامي عبد الصادق رئيس جامعة القاهرة، وإشراف الدكتورة جالا العزب عميد المعهد، الندوة الدولية الثانية حول " الليزر في الحنجرة"، برئاسة الدكتور حازم محمد صالح، أستاذ الأذن والأنف والحنجرة بالمعهد، وبحضور نخبة من الخبراء المحليين والدوليين في علوم الليزر، وذلك بقاعة المؤتمرات بمركز استشارات وبحوث التنمية والتخطيط التكنولوجي بالجامعة.

وتضمنت الندوة، توقيع الدكتور محمد سامي عبد الصادق رئيس جامعة القاهرة، والدكتورة بيريت شنايدر ستيكلر رئيس الأكاديمية الأوروبية لأمراض الصوت، مذكرة تفاهم بين المعهد القومي لعلوم الليزر، والأكاديمية الأوروبية لأمراض الصوت، لمدة ثلاث سنوات في مجالات البحوث والتعليم وبرامج التدريب، وتبادل أعضاء هيئة التدريس والطلاب، وتنفيذ ورش عمل وبرامج تدريبية، إلى جانب تنفيذ عدد من المشروعات البحثية والبرامج التدريسية المشتركة.

وأوضح الدكتور، محمد سامي عبد الصادق، أهمية توقيع مذكرة التفاهم المشترك بين المعهد القومي لعلوم الليزر والأكاديمية الأوروبية لأمراض الصوت، والتي يمكن من خلالها تحقيق نتائج مثمرة للطرفين، إلى جانب إنه ا تحقق تطورًا ملموسًا في تطبيقات علوم الليزر في المجالات الطبية، مؤكدًا حرص جامعة القاهرة على عقد العديد من اتفاقيات التعاون المشترك في مختلف المجالات الأكاديمية والبحثية مع كبرى الجامعات والمؤسسات الدولية.

ومن جانبها، رحبت الدكتورة جالا العزب عميد المعهد القومي لعلوم الليزر، بالحضور في الندوة الدولية الثانية حول علوم الليزر في الحنجرة، والتي تشهد توقيع بروتوكول تعاون مشترك بين المعهد، والأكاديمية الأوروبية لأمراض الصوت، لتحقيق مزيد من التعاون المثمر بين الطرفين في مجالات البحوث العلمية، والتعليم، وبرامج التدريب، مشيرًة إلى أن الندوة تمثل فرصة لتبادل الأفكار والخبرات بين الخبراء المشاركين، وتتيح الفرصة للتعرف على تجاربهم المتنوعة، والتفاعل مع مساهمتهم الفعالة والاستفادة منها.

وتضمنت فعاليات الندوة تنظيم عدة محاضرات قدمها نخبة من الخبراء الدوليين، من بينهم الدكتور بيريت شنايدر ستيكلر، الأستاذة بجامعة فيينا الطبية ورئيسة الأكاديمية الأوروبية لأمراض الصوت، والدكتور فيليب كافييه، الأستاذ بجامعة برلين الطبية ومستشفى شاريتيه، وسبعة من كبار الخبراء المصريين، كما أدار الجلسات العلمية نخبة من كبار الأساتذة من المعهد القومي لعلوم الليزر، وكليات الطب بمختلف الجامعات المصرية، بالإضافة إلى متخصصين من مستشفيات القوات المسلحة  والشرطة.

وعلى هامش الندوة، تم تنفيذ ورشة عمل متخصصة بمقر المعهد، شارك فيها العديد من الأساتذة وشباب الأطباء في تخصصات الأذن والأنف والحنجرة والتخاطب من مختلف الجامعات المصرية، ومستشفيات ومعاهد وزارة الصحة، ومستشفيات القوات المسلحة والشرطة.

مقالات مشابهة

  • الذكاء الاصطناعي يكتشف باركنسون من نبرة الصوت قبل ظهور الأعراض
  • مذكرة تفاهم بين المعهد القومى لعلوم الليزر والأكاديمية الأوروبية لأمراض الصوت
  • عبد الصادق يوقع مذكرة تفاهم بين المعهد القومي لعلوم الليزر والأكاديمية الأوروبية
  • «الصوت والضوء» يجري أولى عروضه في الأهرامات باستخدام الواقع الافتراضي
  • مجلة أمريكية: أردوغان زعيم عالمي وأحد أقوى الرجال في العالم
  • العقوبات الأوروبية لم تؤثر كثيرا على الاقتصاد الروسي لكن التضخم حاضر وبقوة
  • سقطوا ضحايا لـ ميليشيا «حميدتي».. اكتشاف مقبرة جماعية لـ 465 مواطنا سودانيا جنوب أم درمان
  • بمواصفات رائدة .. إليك أفضل سماعة ألعاب لاسلكية في الأسواق
  • انتصار السيسي تكرم ممثلين مصريين لعبوا أدوارا تدعم أصحاب الهمم في الدراما المصرية
  • رفع فيلمي استنساخ وفار ب 7 ترواح بسبب ضعف إيراداتهم