تكللت الصفقة النادرة والمفاجة بين إيران والولايات المتحدة بالنجاح بعد وصول الأمريكيين الخمسة المفرج عنهم إلى واشنطن.

ومساء الاثنين وصلت، طائرة قطرية تقل 5 أميركيين كانوا محتجزين لدى السلطات الإيرانية إلى مطار حمد الدولي في الدوحة إتماما لصفقة تبادل سجناء بوساطة قطرية.

وتتضمن الصفقة الإفراج عن 5 سجناء إيرانيين في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى وصول الأموال الإيرانية المفرج عنها من كوريا الجنوبية إلى الحسابات الإيرانية المسجلة في مصارف قطرية.



وذكرت وسائل إعلام أن الإيرانيين وصلوا طهران قادمين من الدوحة بعد إطلاق الولايات المتحدة سراحهم.

جانب من وصول محتجزي الولايات المتحدة الأمريكية لدى الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى مطار الدوحة الدولي ، تنفيذا للاتفاق بين البلدين الذي تم بوساطة قطرية.#الخارجية_القطرية pic.twitter.com/f5n4E4jP89 — الخارجية القطرية (@MofaQatar_AR) September 18, 2023

تفاصيل الصفقة
اشترطت إيران وصول الأموال لحسابات إيرانية في قطر لإطلاق سراح المحتجزين، وهذا ما حدث بالفعل بعد وصول 6 مليارات دولار كانت محتجزة في كوريا الجنوبية لمصرفين في الدوحة.

بعد انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في من الاتفاق النووي الإيراني في 2018، فرضت عقوبات قاسية على طهران، بهدف تقليص صادراتها من النفط الخام للحد الأدنى، في إطار حملة ممارسة الحد الأقصى من الضغط عليها.

وفي 2019, جمدت سبعة مليارات دولار من إيرادات النفط الإيرانية في كوريا الجنوبية التي كانت من بين أكبر المشترين للنفط الإيراني، بعد أن فرضت الولايات المتحدة حظرا كاملا على صادرات النفط الإيرانية وعلى قطاعها المصرفي في 2019، وذكرت طهران أنها خسرت ما يقرب من مليار دولار من أصولها المودعة في البداية في سيول، بسبب انخفاض قيمة العملة الكورية الجنوبية مقابل الدولار الأمريكي.

عقب ذلك وصل المحتجزين الأمريكيين إلى الدوحة قبل عودتهم للولايات المتحدة وهم كل من:

وصول المحتجزين الأميركيين إلى #قطر بالصور. pic.twitter.com/zycWatr6v6 — ZaidBenjamin زيد بنيامين (@ZaidBenjamin5) September 18, 2023

سيامَك نمازي 
وهو رجل أعمال إيراني يحمل الجنسية الأمريكية اعتقلته قوات الأمن الإيرانية وحُكم عليه بالسجن 10 سنوات أواخر 2016 بتهمة العمل لصالح واشنطن.

عماد شرقي 
اقتصادي إيراني أكمل دراسته في الولايات المتحدة، واعتقل منتصف عام 2018 وحكم عليه بالسجن 10 أعوام بتهمة "التجسس وجمع معلومات عسكرية"، ثم أفرج عنه بكفالة بعد 8 أشهر بانتظار النظر في استئناف الحكم.

مراد طاهباز 
يهودي من أصول إيرانية يحمل الجنسية البريطانية والأمريكية، ويعمل في مجال حماية البيئة، حيث اعتقلته استخبارات الحرس الثوري الإيراني مطلع 2018، مع 7 من زملائه بمؤسسة "ميراث بارسيان" بتهمة "التجسس وجمع بيانات سرية عن مناطق ومؤسسات إستراتيجية وعسكرية تحت غطاء النشاط البيئي".



ولم يكشف الجانبان الإيراني والأمريكي عن أسماء اثنين آخرين من بين السجناء المفرج عنهم بطلب من عائلاتهما.

وذكرت شبكة "سي إن إن" الأمريكية أن المفرج عنهم، "سيكون لديهم خيار المشاركة في برنامج البنتاغون، (أنشطة دعم ما بعد العزلة) لمساعدتهم على التأقلم مع الحياة الطبيعية، بعد عودتهم إلى الولايات المتحدة.

في المقابل أفرجت الولايات المتحدة عن خمسة إيرانيين محتجزين لديها، وصل اثنان منهم إلى الدوحة، فيما بقي اثنان في أمريكا بناءا على طلبهما وسيعود آخر لأسرته في دولة ثالثة بحسب وزارة الخارجية الإيرانية، وهم كل من:

مهرداد معين أنصاري
مواطن إيراني اعتقلته السلطات الجورجية عام 2020 وسلمته للولايات المتحدة التي حكمت عليه عام 2021 بالسجن نحو 5 أعوام بتهمة الالتفاف على العقوبات، وإيصال معدات متطورة إلى إيران يمكن استخدامها في صناعة الصواريخ والأسلحة النووية.

كامبيز عطار كاشاني
يحمل كامبيز عطار كاشاني الجنسيتين الإيرانية والأمريكية، وحكم عليه بالسجن 30 شهرا بتهمة الالتفاف على العقوبات عبر شراء معدات وبرامج إلكترونية متطورة جدا من الصناعات الأميركية عقب تسجيله شركتين صوريتين في الإمارات لتسهيل تصدير المعدات إلى إيران.

رضا سرهنك بوركفراني
مواطن إيراني اتهمته الولايات المتحدة منتصف 2021 بتصدير معدات مختبرية بطريقة غير شرعية إلى بلاده، عبر الإمارات، إلى جانب التورط بعمليات غسل الأموال في سبيل توفير النفقات اللازمة لشراء تلك المعدات.

أمين حسن زاده
مهندس إيراني كان يعمل في برنامج طهران الصاروخي قبل الإقامة في الولايات المتحدة عام 2010، حيث أدين زاده في أواخر 2020 بسرقة بيانات تقنية خاصة ببرنامج الجو-فضاء الأمريكي من شركة كان يعمل فيها بين عامي 2015 و2016 وإرسالها إلى شقيقه "سينا" الذي كان زميلا له في الصناعات العسكرية الإيرانية.

كاوه لطف الله أفراسيابي
أكاديمي إيراني عمل أستاذا للعلوم السياسية بجامعة بوسطن الأميركية. اعتقل مطلع علم 2021 بتهمة انتهاك قانون "تسجيل عملاء الدول الأجنبية" وذلك بعد حصوله على الإقامة الدائمة بالولايات المتحدة، بالإضافة إلى تقاضيه راتبا من الممثلية الإيرانية في الأمم المتحدة بنيويورك مقابل مقابل الترويج لمواقف طهران والدعاية لها داخل الأوساط الأمريكية.

لحظة وصول اثنين من السجناء الايرانيين إلى مطار طهران كل من مهرداد معين انصاري ورضا سرهنك بور والتي تم اطلاق سراحهم بعملية تبادل مابين الجانب الإيراني والأمريكي.
لو لا قوة إيران ما خنع وخضع الشيطان الاكبر لشروطها.. pic.twitter.com/RzkAhKKYlb — anwar (@anwar1968814) September 19, 2023




مارثون التفاوض
منذ آذار/مارس 2022 كانت الدوحة مكانا مفضلا بالنسبة لطهران وواشنطن للتفاوض حول عدة ملفات عالقة على رأسها الاتفاق النووي وقضية السجناء.

وعقد الجانبان نحو ثمانية جولات تفاوض غير مباشرة برعاية قطرية، بدأت بالملف النووي، ثم ركزت على السجناء، حيث كانت المحادثات النووية معقدة وقد لا تخلص إلى اتفاق قريب.

في العاشر من آب/أغسطس الماضي أعلن عن الصفقة، حيث سمحت طهران لأربعة مواطنين أمريكيين محتجزين لديها بالانتقال من سجن "إيفين" قرب العاصمة إلى الإقامة الجبرية في المنزل والتي كان يخضع لها السجين الخامس.

في أعقاب ذلك أعلنت واشنطن رفع عقوبات للسماح بتحويل أموال إيرانية إلى بنوك في قطر، التي أخذت على عاتقها مراقبة وضمان صرف إيران لتلك الأموال على سلع لا تخضع للعقوبات الأمريكية.

تفاؤل حذر
رحب الرئيس الأمريكي جو بايدن بالإفراج عن الأمريكيين المحتجزين في إيران، معبرا عن شكره الخاص لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وسلطان عمان هيثم بن طارق اللذين ساعدا لأشهر في تسهيل صفقة تبادل السجناء مع إيران، بحسب بيان للبيت الأبيض.

من جانبه اعتبر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إطلاق سراح الأميركيين الخمسة مزدوجي الجنسية "عملا إنسانيا بحتا"، قد يفتح المجال لإجراءات إنسانية أخرى في المستقبل بين طهران وواشنطن.

ورغم تعبيره عن سعادته بإطلاق سراح المحتجزين الخمسة، فقد جدد وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، تحذيره لمواطني بلاده من السفر إلى إيران، ودعا "أي أميركي متواجد هناك إلى المغادرة فورا".

وقال بلينكن إنه "بينما نحتفل بالإفراج عن هؤلاء المواطنين الأميركيين الخمسة، فإننا ندرك أن المواطن الأمريكي بوب ليفينسون لا يزال مجهول المصير منذ أكثر من 16 عاما، بعد اختطافه من جزيرة كيش بإيران".

وذكر أن واشنطن تمكنت بقيادة إدارة بايدن من إطلاق سراح أكثر من 30 أمريكيا كانوا محتجزين في جميع أنحاء العالم.

بدوره، أعرب رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني عن أمله في أن يمهد الاتفاق الأمريكي الإيراني بشأن تبادل السجناء إلى مزيد من التفاهمات.

كما رحب مفوض السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل باتفاق تبادل السجناء بين الولايات المتحدة وإيران قائلا،"إن الاتحاد الأوروبي سيواصل العمل من أجل إطلاق سراح مواطنيه من حملة الجنسية المزدوجة والمعتقلين في إيران".


انعكاسات الصفقة
وفي ضوء نجاح الصفقة الأخيرة، تبرز أسئلة جوهرية، عن انعكاساتها على علاقة البلدين المتوترة وهل يمكن اعتبارها نقطة تحول فارقة في المسار المتقاطع للولايات المتحدة وإيران؟ 

يرى أستاذ الإعلام في جامعة بغداد الدكتور لقاء مكي، "أنه لا يمكن القول إن الصفقة أعادت الجسور بين البلدين، بل هو كما عبرت عنه وزارة الخارجية الأمريكية أنه ملف منفصل عن بقية الملفات".

وأضاف في حديث لـ "عربي21”, “أن الاتفاق وضع سابقة في العلاقة بين الطرفين يمكن الاحتكام لها عند بحث أي ملف آخر، خصوصا أنه أحدث خرقا في ملف شائك كهذا، كما أنه وضع العمل الدبلوماسي كأولوية للتعامل بين البلدين، تجعله بديلا نجاحا أمام خيارات التصعيد".

وحول إمكانية تمهيده لاتفاق آخر في الملف النووي يرى الأكاديمي لقاء مكي، "إنه بالرغم من النجاح في ملف السجناء الذي يحقق جزءا من الثقة في العمل الدبلوماسي الذي يبعد العالم عن التصعيد، لكن يجب التفريق بين الملفات الثنائية وبين الملفات غير الثنائية مثل الملف النووي".

وتابع، "يجب التفريق بين طبيعة الملفات فقضية السجناء كانت ذات طابع إنساني، وهذا ما تحدثت به واشنطن وطهران لشعبيهما، ولا ننسى أن هناك معارضة لأي اتفاق مع إيران داخل أمريكا وكذلك الأمر في إيران بالنسبة للتفاهم مع الولايات المتحدة".

وأردف، "أن الملف النووي معقد لأنه ليس ثنائيا فهناك عدة أطراف ترتبط بالملف مثل الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين والمنظمات الدولية بالإضافة لدول الخليج ناهيك عن إسرائيل الحليف المهم للولايات المتحدة".

وأكد مكي، "أن الاتفاق النووي يحتاج أكثر من الدبلوماسية، وعلى رأسها المصداقية والثقة وهذا غير متوفر بين طهران وواشنطن خصوصا في الملف النووي الذي عليه تساؤلات كثيرة عن حدوده وطبيعته وتفاصيله".

واستدرك، "أن التعقيدات بالاتفاق النووي لا تتطابق مع ملف السجناء، كما أن هناك تعقيدات في ملفات أخرى على رأسها التوسع الإيراني في المنطقة العلاقة مع روسيا".

وعن مدى انعكاس الصفقة على الوضع العام في المنطقة يعتقد الدكتور لقاء مكي، "أن المقاربات المستخدمة لحل قضايا المنطقة منعزلة نسبيا عن هذا الاتفاق، فإيران لا يمكنها أن تضحي بالفراغات التي ملأتها ولن تقدم فيها تنازلات جوهرية".

ويضيف، "أن قضية نفوذ إيران في المنطقة غير مطروحة للنقاش لأنها ذات طابع أمني وعقائدي بالدرجة الثانية وتتعلق بالمصالح الاستراتيجية الكبرى بالنسبة لإيران، لذا لن تقدم تنازلات تعود بها إلى ماقبل 2003 العراق، أو 2011 في سوريا وحتى 2015 في اليمن".

وأوضح، "أن التوتر في المنطقة سيستمر رغم وجود هدن مؤقتة، ومن الصعب الوصول لتسوية شاملة في المنطقة، خصوصا أن السجال حول التوسع الإقليمي بين إيران وإسرائيل، خصوصا أن بقية الأطراف لديها طموحات مختلفة مستقبلا تتركز على الجانب الاقتصادي".

وعن الوساطة القطرية قال مكي، "إن الدوحة تمكنت من تجسير الهوة والتركيز على نقاط التقارب بين البلدين، وهذا مبدأ مهم في الدبلوماسية القطرية، لإيجاد آلية معينة للاتفاق".


 صفقات سابقة
لم تكن صفقة آب/أغسطس الماضي أولى الصفقات بين الولايات المتحدة وإيران اللتان تأزمت علاقاتها بشكل كبير منذ وصول الخميني للحكم عام 1979.

وتعددت قضايا الصفقات بين البلدين لكنها في الغالب كانت تتمحور حول تبادل السجناء، حيث تتهم واشنطن طهران بأنها تستخدم السجناء الذين يحملون جنسيات غربية كرهائن ورقة تفاوض للضغط على المجتمع الدولي.

ودائما ما تعلن إيران عن اعتقال مواطنين غربيين تتهمهم بالتجسس للولايات المتحدة أو إسرائيل، والإضرار بالأمن القومي الإيراني.

في منتصف 2020, اتفقت واشنطن مع طهران على تبادل جندي أمريكي سابق محتجز في إيران، بعالمين إيرانيين محتجزين في الولايات المتحدة.

وأطلقت طهران في حزيران/يونيو 2020, سراح الجندي الأمريكي السابق مايكل وايت، الذي اعتقلته مطلع 2019, ووجهت له عدة اتهامات أبرزها "إهانة المرشد الأعلى" واتهامات أخرى تتعلق بقضايا أمنية، حكم عليه بسبها بالسجن 10 أعوام.

في المقابل أفرجت الولايات المتحدة عن الإيرانيين، سيروس عسكري وهو متخصص في هندسة المواد اعتقل عام 2016, ومجيد طاهري الطبيب المتهم بخرق العقوبات الأمريكية على إيران.

أواخر 2019 أُبرم اتفاق بين طهران وواشنطن بوساطة سويسرية، في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، تطلق الولايات المتحدة بموجبه سراح الأكاديمي الإيراني مسعود سليماني مقابل إفراج طهران عن الباحث الأمريكي شيوي وانغ.

واعتقل سليماني وهو عالم بارز في علوم الدم والخلايا الجذعية عام 2018، بتهمة خرق العقوبات، فيما اعتقل الباحث الأمريكي شيوي في طهران عام 2017، وحكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات.

في عام 2016, وخلال عهد باراك أوباما، أعلن عن صفقة بين طهران وواشنطن لتبادل بين البلدين. حيث أفرجت إيران عن خمسة أمريكيين، أربعة منهم من أصول إيرانية، كانوا معتقلين بتهمة التجسس أبرزهم، مدير مكتب صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية في طهران، جيسون رضائيان.

من جانبها أطلقت واشنطن سراح سبعة إيرانيين اعتقلتهم بتهمة خرق العقوبات الأمريكية على إيران، كما شملت الصفقة الإفراج عن مليار و700 مليون دولار، كانت جزءاً من المدفوعات الإيرانية وأرباحها إبان عهد الشاه مقابل صفقات شراء أسلحة أمريكية ألغيت بعد الثورة عام 1979.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية الصفقة إيران تبادل سجناء الولايات المتحدة الملف النووي إيران الولايات المتحدة صفقة الملف النووي تبادل سجناء سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة تغطيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الولایات المتحدة بین طهران وواشنطن للولایات المتحدة الاتفاق النووی تبادل السجناء الملف النووی علیه بالسجن بین البلدین إطلاق سراح فی المنطقة فی إیران

إقرأ أيضاً:

بناء السفن.. جبهة جديدة للتنافس بين الولايات المتحدة والصين

نشر موقع "أوراسيا ريفيو" تقريرا تناول فيه توسع التنافس بين الولايات المتحدة مع الصين ليشمل قطاع بناء السفن؛ فقد أصدرت إدارة ترامب في نيسان/ أبريل 2025 قرارًا تنفيذيًا لإحياء صناعة بناء السفن الأمريكية وتعزيز التفوق البحري في مواجهة التقدم الصيني السريع.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمه "عربي 21"، إن إدارة ترامب، رغم تركيزها الظاهري على التجارة وتعظيم المكاسب الاقتصادية، تُظهر تحركاتها الأخيرة أن التنافس البحري مع الصين بات جزءًا أساسيًا من أولوياتها.

وفي 9 نيسان/ أبريل 2025، أصدرت إدارة ترامب أمرًا تنفيذيًا يهدف إلى إحياء صناعة بناء السفن في الولايات المتحدة واستعادة التفوق البحري، في ظل التقدّم المتسارع الذي تحققه الصين في هذا المجال، وهو ما يعكس شعورًا متزايدًا بالقلق داخل الإدارة الأمريكية بشأن تراجع قدراتها البحرية مقارنةً بمنافسها الصيني.

وأشار الموقع إلى أن قدامى المحاربين العسكريين قدموا مشروع قانون "أنقذوا أحواض السفن"، في آذار/ مارس 2025، بهدف تجديد صناعة بناء السفن الأمريكية وتلبية احتياجات الجيش، حيث إن هذه الخطوة، إلى جانب القرارات السابقة، تعكس إدراكًا متزايدًا لدى الولايات المتحدة بضرورة تعزيز تفوقها البحري، خصوصًا في ظل استحواذ الصين على نحو 53 بالمائة من صناعة السفن العالمية خلال العقدين الماضيين.



تفوق الصين في بناء السفن البحرية
وأفاد الموقع أن سوق بناء السفن شهد تغيرًا كبيرًا خلال العقدين الماضيين؛ حيث ارتفعت حصة الصين من 5 بالمائة في سنة 2000 إلى 53 بالمائة في سنة 2024، في حين انخفضت الحصة المشتركة لكوريا الجنوبية واليابان من 74 بالمائة إلى 42 بالمائة. وتحتل الولايات المتحدة أقل من 1 بالمائة من السوق العالمي حاليًا.

وذكر الموقع أن تقدم الصين في بناء السفن التجارية والبحرية جاء بفضل التصنيع المحلي وتكاليف العمالة المنخفضة والدعم الحكومي، مع اعتماد سياسة الدمج العسكري المدني التي تجمع بين القطاعين التجاري والدفاعي، ما يمنحها مزايا إستراتيجية واقتصادية واضحة مقارنة بدول أخرى.

وأضاف الموقع أن الصين تمكنت من الاستفادة من قاعدتها لبناء السفن لأغراض مزدوجة، مما عزز قدراتها البحرية بسرعة. وتمتلك الصين أكبر قوة بحرية في العالم؛ حيث تشغل 234 سفينة حربية مقابل 219 للبحرية الأمريكية، ويبلغ إجمالي قوتها القتالية أكثر من 370 سفينة وغواصة، منها أكثر من 140 سفينة سطحية رئيسية.

ومن المتوقع أن يصل عدد سفن البحرية الصينية إلى 395 بحلول 2025، و435 بحلول 2030. ففي سنة 2005، كان لدى البحرية الأمريكية حوالي 300 سفينة، بينما كان لدى الصين 200. وعلى الرغم من حجم الأسطول الأمريكي سيظل ثابتًا حتى 2030، ستصل البحرية الصينية إلى 450 سفينة، أما في مجال بناء السفن التجارية، فقد شهدت الصين نموًا كبيرًا، مما منحها تفوقًا واضحًا على منافسيها، بما في ذلك الولايات المتحدة.

ومع ذلك، قد تتعثر صناعة بناء السفن الأمريكية بسبب نقص الاستثمار والسياسات الحمائية التي أدت إلى تخلفها عن المعايير العالمية. وتواجه البحرية الأمريكية مشاكل كبيرة مثل تجاوز التكاليف وعيوب التصميم وتأخر التسليمات.

ويعتمد القطاع الخاص بشكل كبير على تلبية عدد السفن المطلوبة، لكنه يواجه صعوبات في الالتزام بالميزانية والجداول الزمنية، مما يعيق تحقيق هدف زيادة حجم الأسطول.

وذكر الموقع أن التحديات التي تواجه صناعة بناء السفن الأمريكية تمثل عائقًا كبيرًا أمام تطوير البنية التحتية البحرية، مما يثير مخاوف واشنطن من قدرتها على حماية ممرات الاتصال البحري والسيطرة على نقاط الاختناق، وهو أمر حيوي للتحكم في التجارة الدولية أثناء الأزمات وحماية التجارة العالمية، وهو الدور الأساسي للبحرية الأمريكية.

تعزيز الوجود في منطقة المحيطين الهندي والهادئ
قال الموقع إن صعود الصين كقوة بحرية وتعزيزها العسكري في المحيطين الهندي والهادئ يثير قلقًا لدى دول مثل الفلبين وكوريا الجنوبية واليابان. وأكد تقرير أمريكي حديث على تصاعد عدوانية الصين وضرورة استعادة الولايات المتحدة لردعها في المنطقة للحفاظ على توازن القوى ودعم حلفائها.

جبهة القطب الشمالي
وأوضح الموقع أن الممرات البحرية في القطب الشمالي أصبحت جبهة حاسمة في المنافسة البحرية بين أمريكا والصين؛ حيث تستفيد الصين، بالتعاون مع روسيا، من تغير المناخ لتسهيل الملاحة وتطوير طريق البحر الشمالي الممتد 3500 ميل، بهدف استغلال الفرص الاقتصادية المحتملة في المنطقة.

وتابع الموقع أن كاسحات الجليد تلعب دورًا أساسيًا في ضمان الوصول المستمر إلى القطب الشمالي على مدار السنة. وقد نشرت الصين ثلاث كاسحات جليد مؤخرًا، بينما تواجه الولايات المتحدة ضعفًا في أسطولها. وتعاونت أمريكا مع كندا وفنلندا لتعزيز القدرات القطبية، وأعلن ترامب في 2025 عن خطة لشراء 40 كاسح جليد كبير، مما يعكس تصاعد المنافسة في المنطقة وسعي أمريكا للحفاظ على مكانتها في المنطقة.

الطريق نحو المستقبل
ولفت الموقع إلى أن الولايات المتحدة تواجه تحديات كبيرة في إعادة تنشيط صناعة بناء السفن، تشمل تأمين تمويل مستمر وتعزيز تنافسية السفن الأمريكية عالميًا وإعادة بناء القدرات الصناعية البحرية، وتطوير القوى العاملة. كما تحتاج إلى تعاون بين الوكالات وتقييم واقعي لقدراتها مقارنة بالصين، ووضع خطة مستقبلية واضحة لمتابعة التقدم.

واختتم الموقع بأن أمر ترامب التنفيذي يؤكد الحاجة الملحة لتعزيز القدرات البحرية الأمريكية لحماية المصالح طويلة الأمد، مع التركيز على المحيطين الهندي والهادئ وأمريكا اللاتينية والقارة القطبية الشمالية، وأن إعادة بناء صناعة بناء السفن المتدهورة تمثل خطوة أساسية لبداية جديدة لواشنطن في حماية مصالحها التجارية والاستراتيجية.

مقالات مشابهة

  • ترامب يتهم الصين بخرق اتفاق الرسوم الجمركية مع الولايات المتحدة
  • ترامب: الصين انتهكت تماما الاتفاق التجاري مع الولايات المتحدة
  • لطالما تعاملت الولايات المتحدة مع ملف السودان بوصفه ثانويًا غير عاجل
  • رويترز: إيران قد تعلق تخصيب اليورانيوم في اتفاق سياسي
  • مصادر إيرانية: طهران مستعدة لتعليق تخصيب اليورانيوم بشرط تلبية واشنطن لمطالب محددة
  • عاجل. ترامب يقول إنّه حذر نتانياهو من ضرب إيران: المحادثات النووية جيدة جدًا
  • الولايات المتحدة تعلن عن سياسة جديدة لشروط التأشيرات
  • تباين أميركي إسرائيلي بشأن التفاوض مع إيران على وقع تهديد بضرب طهران
  • بناء السفن.. جبهة جديدة للتنافس بين الولايات المتحدة والصين
  • ترامب وبوتين يوافقان على تبادل السجناء بينهما