عودة طالبان وانفصال الجنوب (٣)
تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT
بقلم / وضاح اليمن الحريري
كتبت منذ سنتين واكثر بقليل، موضوعين متتاليين يحملان عنوانا واحدا وهو ( عودة طالبان وانفصال الجنوب ١ و ٢) وبغض النظر عن ردود الفعل تجاه الموضوعين في حينها، تعليقا او نقاشا، بين سير الأحداث وتطوراتها مقدار التقارب معهما ضمنا وصراحة، الامر الذي دفعني لفتح نقاشات متعددة حولهما مع مجموعة من الأصدقاء والصديقات، بهدف اثراء فكرة الطبعة الثالثة من نفس العنوان وإذ اشار الموضوعان إلى أن لا صداقة دائمة ولا عداوة دائمة في السياسة، وجدنا أن الأمريكان قد تخلوا عن حلفائهم في افغانستان وانسحبوا تاركينها لطالبان، وهذا البعد السياسي قد يجد منفذا ليتحقق في حرب اليمن بتبدل الادوار والعلاقات بين الحلفاء والأعداء، في ظل ارادات إقليمية هي اقوى واعلى مستوى من الارادات المحلية.
تحركت خلال عامين واكثر أحداث كثيرة، على الصعيد الدولي والإقليمي والمحلي، تبلورت معها بالتأكيد آراء وأفكار ومواقف، بل اخذ مسار تطور الأحداث في حرب اليمن تطورات مختلفة، افضت حتى هذه اللحظة الى فتح حوار مباشر بين الرياض والحوثيين وزيارات متبادلة بين وفودهما كما توقعنا قبل عامين، بهدف الوصول الى اتفاقات وتسويات لوقف الحرب في اليمن، حيث تقدم السعودية نفسها كوسيط لحل هذه الأزمة، بينما كانت منذ قليل حليفا رئيسيا وصريحا ومحاربا مع أحد طرفيها.
كان من أبرز الاسئلة التي خطرت ببالي لأول وهلة منذ متابعتي لهذه الأخبار، هو ما الذي يتطلبه دور الوسيط بين طرفي حرب مندلعة منذ عدة أعوام، الأمر الذي جرني الى أسئلة تالية، جزء منها ستاتي باجاباته الأيام القادمة.
ستلعب السعودية دور الوسيط الإقليمي المؤثر، إما بحيادية وهذا مستبعد لعدة أسباب اهمها المصلحة السعودية نفسها الباحثة عن وقف الحرب، وإما بممارسة الضغوط وفي هذه الحالة فإن الضغوط على الأرجح، ستوجهها بصفة رئيسية نحو الشرعية اليمنية بفسيفسائها الطاغية، وهذه الضغوط ستسفر بلا ادنى شك عن وقف الحرب أو انسحاب السعودية واستمرار الحرب، وهو الخيار الأصعب والأخطر على الجميع، من ناحية تبعاته وتكلفته المادية والبشرية والنفسية. سنتوقف هنا عند هذا المشهد الفخم الذي يحفظ للسعودية دورها السامي في داخل الحرب اليمنية وخارجها، دون ان نصر إنه المشهد الختامي.
بينما يرى الامريكان أن تطمينات سعودية لهم، ستكفي لدعم المفاوضات ونتائجها مع الحوثي، إلا إنهم سيبحثون عن ورق كاف بايديهم لممارسة ادوار تؤكد احتفاظهم بمصالحهم، بالتالي فهم سيكونون الأسرع تحركا من كافة الاطراف محليا او إقليميا، لضمان ذلك، او هذا ما سيسعون لأجله بالاندفاع الى مقدمة المشهد ولو تطلب الأمر منهم تحركات متعددة المستويات لا يستثنى منها الجانب العسكري، يجب ان نلاحظ ان الولايات المتحدة كانت تدعم استخباراتيا دول التحالف في حرب اليمن بقوة، وهي لن تغادر موقعها كسيدة للنفوذ في المنطقة بسهولة.
تتجمع الاحداث والمواقف كأنها غيم سيمطر عما قريب، نارا ودما او ماء ونماء، والسبيل الوحيد الى احد الخيارين هو ما ستسفر عنه مفاوضات السعودية والحوثي.
كالعادة يمارس الحوثي لعبته المفضلة في التعامل مع الالتزامات والاتفاقات، سيقبل بالتسوية لكنه لن يذهب الى الحل النهائي الشامل بسهولة وروقان، لن يدع الفرصة تمر دون مكاسب وابتزاز، هو اذن يبدو كأنه يمارس نضجا سياسيا محترفا، ابدا لا يقطع اشواطه الى الأخير كي لا يصل الى مرحلة الختام التي تعيده إلى اصغر مما يرى نفسه عليه الان، التسوية نعم الحل الشامل سننتظر الى ان يقضي الله أمرا كان مفعولا، مع ذلك فإن الحوثي سيكون على مقربة من السعودية اكثر مما سيكون عليه حلفاؤها.
الشرعية التي اضعفها الانتقالي في الجنوب، ستحمل ورقة الجنوب للضغط في المفاوضات اليمنية اللاحقة للتفاهم السعودي الحوثي، لكن ما الذي سيجعل ورقة الجنوب ورقة ضغط في مواجهته، ما قيمتها إذا قرر الإقليم والمجتمع الدولي، إنها ليست ورقة للعب ويجب اغلاق هذا الملف، والا فإن الحرب ستستمر وعلى الشرعية والانتقالي ان يدبرا امورهما في تلك اللحظة، سيمضون وحيدين، او ستتوقف هذه اللعبة هنا عند خانة التسوية، ساعتها فإن السيف الذي تحدث عنه رئيس المجلس الانتقالي نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي في حديثه لقناة ال بي بي سي (وليته لم يذكره) إما سيكسر او سيستخدم ببطش ولكن في غير زمانه ومكانه، هنا قد يتسأل الكثيرون عن دور الإمارات وموقفها من دعم الانتقالي حتى يخوض حربا خاتمتها الانفصال، يمكننا القول ان من الصعوبة بمكان، أن تتحدى إرادة الامارات ارادتي السعودية وايران مجتمعتين ما لم تجد الارادة الاماراتية مساندة حاسمة من الامريكان والبريطانيين اذا هدفا للتعطيل، اما بغير هذه المساندة فإن موقفها لن يتجاوز الارادتين الاقليميتين الايرانية والسعودية، ما أعنيه ان قضية الجنوب ما لم تؤيدها ارادات خارجية لها اهدافها وأغراضها الخاصة بها، ستكون اضعف واوهى الاوراق في مواجهة الحوثي هي (الورقة الجنوبية) ، وقد تفرق مسالة توقيت استخدام هذه الورقة فرقا حاسما، على الاقل بالنسبة للجنوبيين، اذا كان من اشتراطات الحوثي والسعودية مبكرا عدم الحديث عنها الا من زاوية رؤية ان تكون في اطار الدولة الاتحادية ولا غيرها، وهنا لا تعتمد المسائل على مقدار ضعف الحوثي او قوته في المفاوضات بقدر ما ستعتمد على ترحيب السعودية بخيار انفصال الجنوب او عدم تبنيها له.
يظل السؤال هل هناك اوراق ضغط اخرى على الحوثي، يمكن ان تستخدمها القوى المحلية في المفاوضات اليمنية اليمنية في حالة حيدت السعودية موقفها واخذت دور الوسيط المحايد، وهل يمكن ان يكون للجنوب دور في استعادة الدولة.. اقصد اليمنية، طبعا كي يحاول استعادة دولته فيما بعد في اطار مغاير عن الراي السائد في ان يكون الجنوب اولا على قائمة وفد الشرعية المفاوض، على اساس ان استعادة الدولة اليمنية ضمن شراكة التسوية مع الحوثي هو الخيار الاول، طالما وان فرصة فرض الجنوب اولا قد لا تتحقق بالخالص..إن غدا لناظره قريب.
المصدر: موقع حيروت الإخباري
إقرأ أيضاً:
ما الذي تخشاه أوروبا من انهيار السودان؟
حظيت قضية تداعيات حرب السودان على أوروبا بنقاشات موسعة داخل البرلمان الأوروبي في بروكسل، في الجلسة التي جرى تخصيصها لبحث تطورات الصراع المستمر منذ أبريل 2023، وما بات يحمله من تداعيات تتجاوز الإطار الإنساني إلى تهديدات مباشرة تطال استقرار القارة الأوروبية، في مقدمتها الهجرة غير النظامية، وتصاعد نفوذ قوى متطرفة، وتدخلات إقليمية ودولية متشابكة.
التغيير _ وكالات
وجاء المؤتمر، الذي عُقد تحت عنوان “السودان في أزمة: من الاستجابة الإنسانية إلى السلام المستدام”، بمشاركة أعضاء في البرلمان الأوروبي وخبراء أمنيين وصحفيين وباحثين، ليعيد طرح سؤال ملح في بروكسل: لماذا لم تعد حرب السودان شأنا داخليا، بل مصدر قلق أوروبي متصاعد؟
ويرى محللون في حديثهم بحسب موقع “سكاي نيوز عربية”، أن استمرار الحرب في السودان يفتح جبهات تهديد غير تقليدية لأوروبا، تبدأ من تصاعد موجات النزوح والهجرة عبر شمال إفريقيا والبحر المتوسط، ولا تنتهي عند خطر تحول السودان إلى ساحة نفوذ لقوى معادية للمصالح الأوروبية.
تحذير أوروبيأحد أبرز مصادر القلق الأوروبي، يتمثل في تداعيات الحرب على ملف الهجرة، إذ أكد رئيس قسم الاستخبارات الجيوسياسية في وكالة B&K، هيث سلون، أن استمرار النزاع يفاقم الانهيار الاقتصادي والأمني في السودان، ما يدفع بملايين المدنيين إلى النزوح، ويزيد من احتمالات توجه أعداد كبيرة منهم نحو السواحل الأوروبية عبر طرق الهجرة غير النظامية.
وأضاف أن الخطر لا يقتصر على الأعداد، بل يمتد إلى احتمالات تصدير الأيديولوجيات المتطرفة، في حال تحول السودان إلى ملاذ لشبكات متشددة مسلحة، وهو ما يضع أوروبا أمام تحديات أمنية مركبة.
سياسيًا، وصف خالد عمر يوسف، وزير شؤون مجلس الوزراء السوداني السابق، الصراع الدائر بأنه أسوأ كارثة إنسانية في العالم، مؤكدًا أن الحرب لا يمكن حسمها عسكريًا، داعيًا أوروبا إلى لعب دور أكثر فاعلية عبر دعم خريطة الطريق السياسية، وتكثيف المساعدات الإنسانية، وتعزيز آليات تقصي الحقائق الدولية.
أزمة تجاوزت الحدودوبحسب آخر تقرير للمعهد الأوروبي لدراسات الأمن، والذي اطلع عليه موقع “سكاي نيوز عربية”، فإن حرب السودان باتت أزمة لها أبعاد إستراتيجية وإنسانية تمتد إلى أوروبا، مع تأثيرات واضحة على الأمن الإقليمي والنفوذ الدولي، وسياسات الهجرة واللجوء، والالتزامات الإنسانية الأوروبية، وهو ما يعكس قلقًا أوروبيًا متزايدًا من استمرار الحرب وعدم قدرة خطط الهدنة الحالية على وقفها أو تحقيق استقرار حقيقي.
وأشار التقرير إلى تهديدات إستراتيجية تمتد إلى أوروبا، فالنزاع لا يبقى محصورًا داخل السودان فحسب، بل يتقاطع مع مصالح أمنية أوسع لأوروبا، بسبب الموقع الجيوسياسي للسودان على أبواب البحر الأحمر والممرات الاستراتيجية بين إفريقيا والشرق الأوسط، تداخل مصالح قوى إقليمية ودولية في الصراع، ما قد يعيد تشكيل التوازنات الأمنية في المنطقة ويؤثر في الأمن الأوروبي.
وبالرغم من أن التقرير يركز أكثر على البعد الأمني والإنساني، إلا أنه يؤكد ضمنيًا أن تفكك الدولة السودانية وتفاقم الأزمة يدفعان بمزيد من السكان للنزوح أو التوجه غربًا نحو شمال إفريقيا وأوروبا، وهو أمر سبق أن حذر منه خبراء أوروبيون في سياق تداعيات الحرب على سياسات الهجرة والحدود، مشددا على ضرورة أن يعزز الاتحاد الأوروبي آليات المساءلة عن الجرائم المرتكبة في السودان، ودعم جهود السلام المرتكزة على تعاون دولي وإقليمي، بدل الاكتفاء بالتصريحات الدبلوماسية.
وأوقفت ألمانيا، أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، برنامج إعادة التوطين للاجئين منذ منتصف العام الجاري، في مؤشر على تصاعد المخاوف من ضغوط الهجرة غير النظامية التي يغذيها النزاع في السودان وأزمات مماثلة في مناطق أخرى.
الهجرة.. على رأس الأولوياتمن برلين، قال خبير العلاقات الدولية ومنسق العلاقات الألمانية-العربية في البرلمان الألماني، عبد المسيح الشامي، إن الحرب الدائرة في السودان تحمل تداعيات على أوروبا بوجه عام، مشيرًا إلى أن “التأثير الأبرز يتمثل في موجات اللجوء المحتملة، في ظل النزوح الواسع الذي تشهده دول الجوار، إضافة إلى دول إفريقية أخرى، وصولًا إلى بلدان شمال إفريقيا مثل ليبيا وتونس والجزائر والمغرب، التي أصبحت بالفعل محطات رئيسية للمهاجرين”.
وأوضح الشامي في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “ملف الهجرة بات قضية حيوية للاتحاد الأوروبي، لا سيما في السياق السياسي الداخلي، حيث تحول إلى عامل انتخابي وأداة دعاية مركزية لدى عدد من الأحزاب الأوروبية، في إطار السعي للحد من تدفقات اللجوء وتقليص انعكاسات الصراعات والحروب في الشرق الأوسط ومناطق أخرى من العالم على الداخل الأوروبي”.
وأضاف أن “التأثير الأوروبي لا يقتصر على البعد الأمني أو السياسي، بل يمتد إلى البعد الإنساني، فالعالم بات مترابطًا على نحو يجعل من المستحيل عزل أي أزمة عن محيطها الدولي، واستمرار الحروب وما يصاحبها من انتهاكات يسهم في تصاعد مستويات العنف عالميًا، ويغذي مشاعر عدائية وصورًا نمطية تنتشر سريعًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بما يترك ارتدادات سلبية داخل المجتمعات المختلفة، بما فيها الأوروبية”.
الوسومأوروبا البرلمان الأوروبي بروكسل تداعيات حرب السودان تصدير الأيديولوجيات المتطرفة نقاشات موسعة