زرع قلب خنزير بجسم إنسان.. طبيب يكشف أسرار الجراحة التي هزت العالم
تاريخ النشر: 1st, October 2023 GMT
ثورة طبية حققها مجموعة من الأطباء في الولايات المتحدة الأمريكية، وتمكنوا من زراعة قلب خنزير مُعدل وراثيا في جسم إنسان، وكرروها مرتين خلال أقل من عامين، الأولى في يناير 2022، نجحت وعاش المريض بقلب خنزير ينبض في جسمه أكثر من شهرين، لكن مات فجأة بسبب سوء حالته الصحية، والثانية أجريت الشهر الجاري ومعها أمل أكبر في أن تُكلل بنجاح مُطلق.
الدكتور محمد منصور محيي الدين، مدير برنامج زراعة الأعضاء من الحيوانات في كلية الطب بجامعة ميريلاند الأمريكية حيث أجيرت الجراحة، وقائد فريق الجراحين الذين أجروا الجراحة في كلا المرتين، تحدث لـ«الوطن» عن كواليس ومستجدات الجراحة الأخيرة، والأسباب التي ربما تكللها بنجاح مطلق، بالإضافة إلى بعض الأسرار عن العملية المعقدة والسنوات الـ30 التي قضاها من حياته يدرس هذه المسألة.
كواليس العملية الأخيرة التي خضع لها «لورانس» وآخر تطورات حالته الصحية يوضحها «محي الدين» قائلا: «من السابق لأوانه التعليق بشكل مؤكد، ولكن الجراحة كانت جيدة وأجريت كما كان مخطط لها تماما دون أي مفاجآت غير متوقعة أو غير سارة، وفي اليوم التالي كان لورانس واعيا تماما وبخير، وسنواصل مراقبته ونأمل في تحقيق الأفضل خلال الفترة القادمة، ولم نواجه أي عقبات أو مشاكل على الإطلاق، ولم نلحظ أي مضاعفات جراحية».
تطوير مثبطات المناعة لتسهيل تناغم القلب مع الجسموعن الخطوات الجديدة التي سوف تُتخذ في الفترة القادمة، يقول الدكتور محيي الدين إنه وفريقه يعملون حاليا على تطوير مثبطات المناعة لديهم، وهي نوع من الأدوية تقلل قدرة الجهاز المناعي على محاربة الأجسام الدخيلة، وذلك من أجل إعطاء فرصة لقلب الخنزيز للتناغم مع باقي الأعضاء دون أن يفرز الجسم أجسام مضادات، وتشاركهم في ذلك جميع كليات الطب، ويضيف: «لم تكن هناك أي تجربة أخرى غير عملية الزراعة الأولى لدينا، لذلك كل يوم هو تجربة تعليمية جديدة».
الحالة الأولى التي أجريت لها زراعة قلب الخنزير في 2022 رجل خمسيني اسمه ديفيد بينيت، والحالة الثانية التي خضعت لنفس الجراحة الشهر الجاري رجل خمسيني أيضا يدعى لورانس فوسيت، كلاهما واجه مرضًا خطيرًا في القلب وغير مؤهلان لزرع قلب بشري، لذلك زراعة قلب خنزير كانت «الخيار الوحيد»، لكن بين الحالتين اختلافات جوهرية، تجعل فرص لورانس في النجاة لفترة أطول أكبر بكثير.
وأوضح الدكتور محمد منصور، أن «لورانس لم يكن طريح الفراش في المستشفى ولم يكن أيضًا على آلة الأكسجين الغشائي (ECMO)، ولديه نظام مناعة طبيعي ولا يوجد أي إصابات أو أمراض في أي عضو آخر، لذلك فإن فرصته في النجاة أكبر من بينيت الذي كان طريح الفراش ويعاني مشاكل صحية ومناعية كبيرة جدا قبل الجراحة».
محيي الدين يعتبر من أمهر الخبراء في العالم بمجال زراعة الأعضاء الحيوانية في جسم الإنسان «xenotransplantation»، منذ عام 1991 يجري دراسات وأبحاث في هذا الصدد، ولم ولن يتوقف كما يصف نفسه، وعلى مدار أكثر من 30 سنة من العمل في هذا الشأن، وجد أن فرص نجاح عمل قلب الخنازير تحديدا في أسام البشر أكبر بكثير من أي حيوان آخر ويوضح «أجريت تجارب سابقة على القرود أولاً ولكن بسبب انتقال الأمراض مثل فيروس نقص المناعة البشرية فشل الأمر».
طريقة اختيار الخنزير موضع التجربةضمن الأمور التي تحدث عنها «محيي الدين» هو الأسس التي يختار بناء عليها الخنزير الذي يأخذ منه القلب لتعديله وراثيا وإجراء تجاربه عليه وزراعته في أجسام البشر، في الجراحتين اختار بناءً على اختبار التركيبات الجينية المختلفة بطريقة خاصة توصل لها بفضل أكثر من 30 عامًا من الخبرة والدراسة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: زراعة الأعضاء الأعضاء الحيوانات كلية الطب محیی الدین زراعة قلب قلب خنزیر
إقرأ أيضاً:
الإيجابية السامة وفن التخلي
في عالمٍ يُلح علينا بشعارات التحفيز، والابتسامات المصطنعة، والعبارات اللامعة مثل “كن إيجابيًا مهما حدث”، “تخلى عما يؤذيك” ننسى أن الإيجابية الحقيقية لا تعني إنكار المشاعر الإنسانية، بل الاعتراف بها والمرور عبرها بصدق.
ولكن! ماهي الإيجابية؟
الإيجابية، ببساطة، هي الميل لرؤية الجانب المُضيء من الأشياء، والسعي للسلام النفسي، والنظر للأزمات من زاوية النمو والتعلم. وهي بلا شك سلوك ناضج ومفيد في الحياة.
ولكن… متى تنقلب هذه الإيجابية ضد الإنسان بدلًا من أن تكون لصالحه؟
ومتى تصبح الإيجابية “سامة”؟
تُصبح الإيجابية سامة حين تتحوّل إلى قناع يُخفي الألم الحقيقي، ووسيلة للهروب من المشاعر الصعبة، أو عندما تُستخدم لإسكات الآخرين وتقزيم معاناتهم.
حين يُقال لشخص يتألم: “تجاوز الأمر، على الأقل أنت أفضل من غيرك”، حين يُقال لمن فقد عزيزًا: “كل شيء يحدث لسبب” حين يُقال للمقهور: “كن ممتنًا، فهناك من هو أسوأ حالًا منك”
هنا لا تُمارَس الإيجابية كتعاطف، بل كأداة للإنكار، والتقليل، والعزل.
فالإيجابية السامة تُفقد الإنسان جزءًا من إنسانيته.
وتجعلنا نرفض الاستماع الحقيقي، ونبتعد عن الأحزان، ونخشى أن نتلامس مع الألم.
وبإسمها تحوّلنا إلى كائنات أنانية، تهتم فقط بالمُتعة اللحظية، وترفض العلاقات العميقة، وتُقصي من يعاني، وتضع مُلصق “السلبي” على كل متألم.
وراء كثير من الدعاوى لقطع العلاقات، والانعزال عن “الطاقة السلبية”، تجد أشخاصًا جُرحوا بعمق، ولم يجدوا من يحتويهم، فقرروا ألا يعودوا بشرًا يشعرون، بل “مدربي طاقة”، أو “مرشدي سعادة”، أو “ناجين روحيًا”، يوزعون نصائح مُفرغة من الرحمة.
لكن الحقيقة هي: كل من يطلق وصف “سلبي” على المتألمين، فقط لأنهم يعبرون عن مشاعرهم، هو إنسان فقد شيئًا من إنسانيته، ويريد أن ينتقم من الضعف الذي كان فيه يومًا، بدل أن يضمده.
وفي هذا السياق، نستحضر قول لوري ديشين: “لست مضطرًا لأن تكون إيجابيًا طوال الوقت، فلا بأس تمامًا بأن تشعر بأنك حزين، أو غاضب، أو مُنزعج، أو مُحبط، أو خائف أو قلق، إمتلاكك للمشاعر لا يجعلك “شخص سلبي”، بل يجعلك إنسانًا”
همسة
دعونا نُعيد تعريف القوة.
فالقوة ليست في دفن الألم تحت قناع “كل شيء على ما يرام”، بل في مواجهته.
القوة ليست في إنكار مشاعر الآخرين والتراقص على آلامهم وتسميتها سلبية، بل في الجلوس معهم، والإنصات، والمشاركة.
فالإيجابية الحقيقية ليست أداة فصل عن العالم، بل وسيلة للتواصل معه بصدق.