كابل – قال المتحدث باسم الحكومة الأفغانية ذبيح الله مجاهد إن زعيم حركة طالبان الشيخ هبة الله آخوند زاده زار لأول مرة ولاية نيمروز، التي تقع بمحاذاة الحدود الأفغانية الإيرانية (غربي أفغانستان)، والتقى مسؤولين حكوميين ولجنة العلماء، وتفقّد المدرسة الجهادية في الولاية، كما تفقّد المستشفى الحكومي في ولاية قندهار.

وقد قام الشيخ آخوند زاده منذ وصول طالبان إلى السلطة عام 2021 بزيارات سرية متعددة إلى كل من ولاية هلمند وهرات وزابل، بينما زار العاصمة الأفغانية كابل مرة واحدة، بهدف المشاركة في اجتماع العلماء مع عدد من زعماء القبائل، الذين اجتمعوا في خيمة اللويا جيرغا قبل عام تقريبا.

بعد عامين من الحكم، حكومة طالبان لم تتمكن من تدوين دستور ينظم الحياة السياسية في أفغانستان (الجزيرة) مبررات الاختفاء

لم يظهر زعيم حركة طالبان في وسائل الإعلام أو في أي اجتماع حكومي أو شعبي حتى الآن، لكن خطاباته الصوتية والرسائل المنسوبة إليه ظهرت عدة مرات على وسائل الإعلام، ويرى خبراء الشأن الأفغاني أن عدم ظهور آخوند زاده يعود لأسباب أمنية، ولمحاولة تكريس هيبته وشعبيته بين أنصاره.

وقرر زعيم الحركة البقاء في قندهار (المعقل الرئيسي لحركة طالبان جنوبي أفغانستان) اقتداء بسلفه المؤسس الملا محمد عمر، ويقول وزير الخارجية الأفغاني الأسبق وكيل أحمد متوكل للجزيرة نت "قرر الشيخ هبة الله آخوند زاده البقاء في قندهار ليظهر لأتباعه أنه يتبع طريقة مؤسس الحركة الملا محمد عمر".

من جهة أخرى، يعتقد بعض المحللين الأمنيين أن السبب الرئيسي لعدم ظهور آخوند زاده هو خوفه من الطائرات من دون طيار الأميركية، التي تحلق في الأجواء الأفغانية منذ انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان.

ويقول الكاتب والباحث السياسي حكمت جليل للجزيرة نت إن "قرار بقاء آخوند زاده في قندهار أمني بحت لأنها مدينة صغيرة، وهي حاضنة رئيسية لحركة طالبان، ومن السهل جدا السيطرة عليها مقارنة بالعاصمة كابل، التي يبلغ عدد سكانها 5 ملايين شخص، وتصعب السيطرة على مداخلها ومخارجها".

صلاحيات الزعيم

والملا هبة الله آخوند زاده هو الزعيم الثالث لحركة طالبان، وتم اختياره زعيما للحركة بعد مقتل الملا أختر محمد منصور، الذي اغتيل في غارة جوية شنتها القوات الأميركية في أثناء عودته من إيران في مايو/أيار 2016، وينتمي آخوند زاده إلى قبيلة نورزاي، ويُعرف بأن ابنه شارك في عملية عسكرية ضد القوات الأجنبية عام 2017 فجر فيها نفسه، في مديرية غرشك بولاية هلمند جنوبي البلاد.

من جهته، يقول سفير طالبان السابق لدى باكستان الملا عبد السلام ضعيف، للجزيرة نت، إن الزعيم الحالي لطالبان كان مسؤول المحكمة العسكرية في مدينة جلال آباد ثم العاصمة كابل، ولم يكن من المجموعة التي شاركت في تأسيس الحركة.

وحسب حديث لمصدر حكومي مع الجزيرة نت، فإن جميع التعيينات تأتي من قندهار، وأن الوزراء في كابل والحكام في الولايات ليست لديهم صلاحية تعيين أو فصل الموظفين، وأحيانا يطالب زعيم طالبان بعقد جلسة مجلس الوزراء بمقر إقامته في قندهار، وعلى الوزراء الذهاب إليه.


مقارنات بين فترتين

بعد وصول طالبان إلى السلطة عام 2021، حاول آخوند زاده تعزيز دوره في الشؤون السياسية والعسكرية والاقتصادية بشكل تدريجي، ويقارن المراقبون بين نمط حكمه وحكم سلفه الملا عمر، فيقول السفير السابق عبد السلام ضعيف إن "الشيخ هبة الله يتمتع بصلاحيات واسعة في ممارسة الحكم، ولكن قراراته لا تنفذ مثل سلفه".

ولم يحدث آخوند زاده أي تغيير في الخطاب الأيديولوجي تجاه الشعب الأفغاني والمجتمع الدولي، وفي هذا السياق يؤكد جليل للجزيرة نت أن موقف الزعيمين من المرأة الأفغانية والتعامل مع المجتمع الدولي ومكافحة المخدرات لم يتغير.

ويوضح أن آخوند زاده ينسخ تجربة سلفه في التعامل مع العالم، مشيرا إلى أن أفغانستان تمر اليوم بعزلة دولية، تماما مثل تسعينيات القرن الماضي.

ورغم وصول طالبان إلى السلطة وسيطرتها على كامل التراب الأفغاني، فإنها لم تتمكن خلال عامين من تدوين الدستور. ويعلق وزير الخارجية الأفغاني الأسبق، في حديثه للجزيرة نت، بأن لجنة كلفت بتدوين الدستور.

واعتبر، في السياق ذاته، أن ما يميز موقف الزعيمين من الدستور هو أن مؤسس حركة طالبان الملا عمر كان يميل إلى تطبيق الدستور الملكي بعد تعديل بعض بنوده، أما الزعيم الحالي فيريد تطبيق دستور عهد الرئيس الأفغاني الراحل محمد داود خان بعد تعديل بعض الفصول والبنود.

ويُنظر إلى زعيم طالبان آخوند زاده على أنه الوحيد الذي تمكن من بسط سيطرته على كامل أفغانستان خلال القرن الماضي، واستطاع السيطرة على مفاصل الدولة، إذ يتدخل في تعيين وفصل الموظفين في الحكومة، بينما لم يكن سلفه الملا عمر قادرا على ذلك.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حرکة طالبان للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

موسكو تقرر الاعتراف بحكومة طالبان الأفغانية.. والأخيرة تصفه بالقرار الشجاع

في تحوّل لافت بالمواقف الدولية تجاه حركة طالبان، أعلنت روسيا، اعترافها الرسمي بالحكومة الأفغانية التي تشكلت عقب سيطرة الحركة على كابل في آب / أغسطس 2021، لتكون بذلك أول دولة في العالم تمنح طالبان اعترافا دبلوماسيا كاملا.

وقالت حكومة طالبان في أفغانستان إن روسيا أصبحت أول دولة تعترف رسميا بحكمها، واصفة ذلك بأنه "قرار شجاع".

وجاء الإعلان عبر المبعوث الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أفغانستان زامير كابولوف، في مقابلة مع وكالة الأنباء الرسمية "ريا نوفوستي"، حيث قال: "نعم، روسيا تعترف رسميا بالحكومة الأفغانية الحالية".

ويأتي الاعتراف الروسي في وقت لا تزال فيه غالبية دول العالم، وعلى رأسها الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، تمتنع عن منح الشرعية السياسية لحكومة طالبان، رغم استمرار التواصل الفني معها في ملفات أمنية وإنسانية.

مشاهد رمزية للاعتراف
في تأكيد إضافي على الخطوة الروسية، رفرف علم طالبان الأبيض والأسود فوق السفارة الأفغانية في موسكو، كما أظهرته وسائل الإعلام الروسية، إيذانًا بتسليم البعثة الأفغانية لطالبان رسميًا.

وأعلنت وزارة الخارجية الروسية أن نائب وزير الخارجية أندريه رودينكو استقبل في موسكو السفير الأفغاني الجديد "غول حسن"، الذي قدّم أوراق اعتماده رسميًا، وهي خطوة ذات دلالة دبلوماسية كبيرة، تُعد بمثابة اعتراف بشرعية الحكومة التي يمثلها.

وفي المقابل، أفادت وزارة خارجية طالبان بأن السفير الروسي الجديد في كابل، ديمتري زاهرنوف، قدّم أوراق اعتماده إلى وزير الخارجية بالوكالة أمير خان متقي، وأبلغه رسميًا بقرار موسكو الاعتراف بحكومتهم، واصفًا القرار بـ"الخطوة التاريخية".


ورحب متقي بقرار روسيا، معتبرا أنه "يمثل انطلاقة جديدة في العلاقة بين البلدين، تقوم على أساس الاحترام المتبادل والتعاون البناء".

ويعكس هذا الاعتراف الروسي رغبة موسكو في تعزيز حضورها في آسيا الوسطى، حيث ترى في أفغانستان بوابة استراتيجية للنفوذ السياسي والاقتصادي، وخاصة في ظل تراجع دور الولايات المتحدة بعد انسحابها العسكري عام 2021.

كما تأتي هذه الخطوة وسط تصاعد القلق الأمني في دول الجوار من تمدد الجماعات المسلحة على حدود أفغانستان، وهو ما دفع روسيا إلى استثمار علاقاتها مع طالبان لضمان التنسيق الأمني، خاصة في جمهوريات آسيا الوسطى مثل طاجيكستان وأوزبكستان.

ومنذ سيطرة طالبان على السلطة، لم تقدم أي دولة على الاعتراف الرسمي بحكومتها، رغم فتح قنوات اتصال معها من قبل عدة أطراف دولية لأسباب تتعلق بالمساعدات الإنسانية ومكافحة الإرهاب، وتشترط معظم هذه الدول على طالبان تشكيل حكومة شاملة واحترام حقوق الإنسان، خاصة حقوق المرأة، كشرط للاعتراف.

مقالات مشابهة

  • مفوضية أممية ترفض خططا ألمانية لترحيل مجرمين إلى أفغانستان
  • الأمم المتحدة تحذر ألمانيا: أفغانستان ليست آمنة للترحيل
  • مفتي القاعدة السابق: بن لادن كاد يُقتل في أول غارة أميركية على أفغانستان
  • هل تفتح قمة أذربيجان باب الاندماج الاقتصادي لأفغانستان؟
  • روسيا تعترف بحكومة طالبان رسميًا لأول مرة
  • بعد اعتراف روسيا رسميا بإمارة أفغانستان الإسلامية ما الدول القادمة؟
  • قطر: التزام ثابت تجاه الشعب الأفغاني
  • الجيش الباكستاني يقتل 30 مسلحا حاولوا التسلل من أفغانستان
  • موسكو "تكسر العزلة": روسيا أول دولة تعترف رسمياً بحكومة طالبان في أفغانستان
  • موسكو تقرر الاعتراف بحكومة طالبان الأفغانية.. والأخيرة تصفه بالقرار الشجاع