إزالة الكربون.. مبادرات إماراتية مبتكرة لخفض الانبعاثات
تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT
سيد الحجار (أبوظبي)
أخبار ذات صلةتحت شعار «إزالة الكربون أسرع معاً»، تنطلق فعاليات معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول «أديبك 2023» خلال الفترة من 2 إلى 5 أكتوبر 2023، ما يبرز الدور البارز للإمارات في دعم الجهود العالمية لخفض الانبعاثات الكربونية، ومواجهة تحديات التغير المناخي.
وبالتزامن مع إعلان الإمارات عام 2023 باعتباره «عام الاستدامة»، تسابقت العديد من الجهات والشركات الإماراتية مؤخراً في الكشف عن مبادرات ومشاريع جديدة لإزالة الكربون وخفض الانبعاثات.
وتسعى «أدنوك» لتعزيز مكانتها مزوداً موثوقاً ومسؤولاً للطاقة منخفضة الانبعاثات، حيث خصصت 55 مليار درهم (15 مليار دولار) لتطوير مجموعة من المشاريع عبر سلسلة القيمة لعملياتها المتنوعة بحلول عام 2030.
وتشمل هذه المشاريع تنفيذ استثمارات في الطاقة الكهربائية النظيفة، والتقاط الكربون وتخزينه، وزيادة الاستثمارات في الهيدروجين والطاقات الجديدة، وتحسين كفاءة الطاقة، وتطوير تدابير جديدة تُعزز من جهود الشركة في مجال الحد من عمليات حرق الغاز، ما يسهم في دعم مبادرة الإمارات الاستراتيجية للحياد المناخي بحلول عام 2050.
وأعلنت «أدنوك»، المزود الموثوق والمسؤول للطاقة منخفضة الانبعاثات، مطلع العام الحالي استراتيجية جديدة طموحة لدفع التقدم في جهود الحد من انبعاثات عملياتها على مستوى العالم، وذلك تماشياً مع توجيه مجلس إدارة «أدنوك» في نوفمبر 2022 بتسريع تنفيذ استراتيجيتها للنمو منخفض الكربون، وكذلك اعتماد خطتها لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050.
إمدادات مياه مستدامة
وأعلنت «أدنوك» وشركة أبوظبي الوطنية للطاقة «طاقة»، الأسبوع الماضي، إنجاز صفقة تمويل بقيمة 8.3 مليار درهم (2.2 مليار دولار) لتمويل مشروعهما الاستراتيجي الذي يهدف لتوفير إمدادات مستدامة من المياه إلى عمليات «أدنوك» البرية. ويهدف هذا الاستثمار الاستراتيجي إلى تطوير وتشغيل مرافق لمعالجة مياه البحر بشكل مستدام، وتوريدها لعمليات «أدنوك» البرية في حقلي «باب»، و«بو حصا» في أبوظبي. ومن المتوقع أن يساهم المشروع في خفض استهلاك الكهرباء التي تحتاج إليها عمليات حقن المياه بنسبة تصل إلى 30%، وذلك من خلال استبدال نظام المياه الجوفية العميقة عالية الملوحة المستخدم حالياً في الحقول. ويُتوقع أن يحصل المشروع على كامل احتياجاته من الكهرباء المُولَّدة من مصادر نظيفة.
التقاط الكربون
وأعلنت «أدنوك» الشهر الماضي، اتخاذ قرار الاستثمار النهائي لتطوير أحد أكبر مشاريع التقاط الكربون في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وسيكون لمشروع «حبشان» الرائد لالتقاط الكربون واستخدامه وتخزينه القدرة على التقاط 1.5 مليون طن سنوياً من غاز ثاني أكسيد الكربون، وحقنها وتخزينها بشكلٍ دائم في تكوينات جيولوجية عميقة.
وسيساهم المشروع من خلال استخدام أفضل تقنيات التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه في زيادة قدرة «أدنوك» على التقاط الكربون ثلاثة أضعاف لتصل إلى 2.3 مليون طن سنوياً، أي ما يعادل إزاحة أكثر من 500 ألف سيارة عاملة على البنزين عن الطرقات كل عام.
وسيتضمن المشروع الذي ستقوم «أدنوك للغاز» ببنائه وتشغيله وصيانته نيابةً عن «أدنوك»، وحدات لالتقاط الكربون في مصنع «حبشان» لمعالجة الغاز، وبنية تحتية متكاملة لخطوط الأنابيب، وشبكة آبار لحقن غاز ثاني أكسيد الكربون.
تبريد المباني
وأعلنت «أدنوك» والشركة الوطنية للتبريد المركزي «تبريد»، أغسطس الماضي، تحقيق إنجاز كبير في مشروع الاستفادة من الطاقة الحرارية الجوفية الأول من نوعه في منطقة الخليج، وذلك بعد استكمال اختبار بئرين حراريتين في «مدينة مصدر» بأبوظبي.
ويهدف المشروع الرائد إلى خفض انبعاثات تبريد المباني في «مدينة مصدر»، والمساهمة في تنويع مزيج الطاقة في دولة الإمارات. وأنتج البئران ماءً ساخناً تجاوزت حرارته 90 درجة مئوية بمعدل تدفق بلغ 100 لتر في الثانية تقريباً.
وسيتم تمرير الحرارة الناتجة عن مياه الآبار عبر نظام مبردات امتصاص لإنتاج مياه مبردَة يتم ضخها في شبكة تبريد المناطق التابعة لشركة «تبريد» في «مدينة مصدر» والتي تلبي نسبة 10% من احتياجات المدينة للتبريد.
إدارة الكربون
ووقعت «أدنوك» و«أوكسيدنتال»، أغسطس الماضي، اتفاقية تعاون استراتيجي لتقييم فرص الاستثمار المحتملة في مراكز التقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون في دولة الإمارات والولايات المتحدة بهدف تطوير منصة لإدارة الكربون لتسريع تحقيق أهداف الحياد المناخي للشركتين.
وتستند الاتفاقية إلى «الشراكة الاستراتيجية الإماراتية الأميركية للاستثمار في الطاقة النظيفة» التي تم إطلاقها في نوفمبر 2022 والمتوقع أن تحفز جمع 367 مليار درهم (100 مليار دولار) لتنفيذ مشروعات للطاقة النظيفة وإدارة الكربون، تشمل التقاط وتخزين الكربون و«الالتقاط المباشر للهواء» (DAC) بحلول عام 2035.
وكانت كل من دولة الإمارات والولايات المتحدة قد أعلنتا في يناير 2023 تشكيل لجنة خبراء لإدارة «الشراكة الاستراتيجية الإماراتية الأميركية للاستثمار في الطاقة النظيفة».
وكجزء من الاتفاقية، تقوم «أدنوك» و«أوكسيدنتال» بتقييم تطوير منشآت «الالتقاط المباشر للهواء» في دولة الإمارات، بما يشمل منشأة سيتم تطويرها في دولة الإمارات من المحتمل أن تكون أول مشروع ضخم من نوعه يتم إنشاؤه خارج الولايات المتحدة.
ووفقاً لاتفاقية الشراكة الاستراتيجية، ستستكشف «أدنوك» أيضاً فرص مشاركتها في عدد من مراكز «الالتقاط المباشر للهواء» و«احتجاز ثاني أكسيد الكربون» في الولايات المتحدة والتي يجري تطويرها بوساطة شركة «ون بوينت فايف» التابعة لشركة «أوكسيدنتال».
وقود الهيدروجين
وأعلنت «أدنوك» يوليو الماضي بدء إنشاء أول محطة في منطقة الشرق الأوسط للتزود «فائق السرعة» بوقود الهيدروجين.
وستنتج المحطة التي يتم تطويرها في «مدينة مصدر» الهيدروجين النظيف من الماء باستخدام محلل كهربائي مدعوم بشبكة كهرباء نظيفة.
وتتعاون «أدنوك» في هذا المشروع مع شركتي «تويوتا موتورز كوربوريشن» (تويوتا) و«الفطيم للسيارات» لاختبار محطة في التزود «فائق السرعة» بوقود الهيدروجين باستخدام عدد من المركبات التي تعمل بالهيدروجين النظيف.
مصادر نظيفة
وضمن جهودها لتسريع تنفيذ استراتيجيتها للنمو منخفض الكربون، أعلنت «أدنوك» ديسمبر الماضي تأسيس قطاع جديد للحلول منخفضة الكربون والنمو الدولي.
وكشفت «أدنوك» خلال الأعوام الأخيرة عن مبادرات عدة للحد من الانبعاثات، من بينها اتفاقية استراتيجية وقعتها «أدنوك» تحصل موجبها على 100% من احتياجات شبكتها الكهربائية من مصادر الطاقة النووية والشمسية النظيفة لشركة «مياه وكهرباء الإمارات»، لتصبح أول شركة في قطاع الطاقة تؤمن احتياجات عملياتها من الكهرباء الخالية من الانبعاثات من خلال اتفاقية للطاقة النظيفة.
وكانت «أدنوك» قد افتتحت في عام 2016 «الريادة»، أول منشأة تابعة لها في أبوظبي لالتقاط الكربون ونقله وتخزينه، والتي تستطيع التقاط ما يصل إلى 800 ألف طن من غاز ثاني أكسيد الكربون المنبعث من «مصنع حديد الإمارات أركان» سنوياً.
بالإضافة إلى ذلك، تواصل «أدنوك» العمل على تنفيذ صفقة تمويل مشروع بتكلفة قدرها 14 مليار درهم (3.8 مليار دولار) لإنشاء أول شبكة لنقل الكهرباء تحت سطح البحر، حيث من الممكن أن يساهم هذا المشروع عند اكتماله في خفض الأثر البيئي لعمليات «أدنوك» البحرية بنسبة تصل إلى 50%.
مشروع تجريبي
وأعلنت «أدنوك» مطلع العام الحالي تعاونها مع كل من مؤسسة الفجيرة للموارد الطبيعية، وشركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر»، وشركة «44.01»، لإطلاق مشروع تجريبي قائم على تكنولوجيا تعمل على تعدين ثاني أكسيد الكربون وتحويله إلى صخور بشكل دائم ضمن التكوينات الصخرية الموجودة في إمارة الفجيرة.
وسيستخدم المشروع، تقنية شركة «44.01» لالتقاط الكربون وتعدينه (CCM)؛ وذلك بهدف إزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي.
شراكة
وقعت «مبادلة للطاقة»، وشركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» منتصف العام الحالي، اتفاقية لاستكشاف فرص التعاون في مجال مبادرات خفض وإزالة الكربون وتحول الطاقة. وستشهد الشراكة بين الطرفين بحث سبل التعاون والاستفادة من الخبرات والمهارات التقنية العميقة لشركة مبادلة للطاقة عبر محفظة أعمالها التشغيلية وغير التشغيلية، إلى جانب خبرات شركة مصدر الرائدة عالمياً في تقنيات إزالة الكربون وتحول قطاع الطاقة.
وستركز هذه الشراكة على المناطق الأساسية في محفظة أعمال مبادلة للطاقة، بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب شرق آسيا، بالإضافة إلى إمكانية استكشاف مناطق أخرى ذات أهمية لكلا الطرفين، ويشمل ذلك إيجاد حلول تقنية لإزالة الكربون، وتحسين كفاءة استهلاك الطاقة في مشاريع إنتاج النفط والغاز، وإمكانية الاستثمار المشترك في مشاريع مهمة ضمن قطاع الطاقة الجديدة والمنخفضة الكربون، بالإضافة إلى المبادرات المتعلقة بإدارة الانبعاثات.
وأظهر تقرير مبادلة للطاقة السنوي للاستدامة لعام 2022، أن العام الماضي شكل نقلة محورية للشركة، حيث أطلقت فيه استراتيجيتها الجديدة التي تُركّز على توسعة أعمالها في مجال الحلول منخفضة الانبعاثات الكربونية لدعم التحوّل في قطاع الطاقة، بالتزامن مع إطلاق الاسم والعلامة التجارية الجديدين للشركة.
وفيما يتعلق بالمعايير البيئية، سجّلت الشركة انخفاضاً في كثافة الانبعاثات المسبّبة للاحتباس الحراري من النطاق الأول بنسبة 41% بين عامي 2021 و2022، إلى جانب انخفاض بنسبة 20% في الكثافة الإجمالية لاستخدام الطاقة، وذلك كنتيجة أساسية لزيادة تركيز الشركة على الغاز الطبيعي، كونه مصدراً للوقود منخفض الانبعاثات الكربونية.
المركبات الكهربائية
وقّعت «أدنوك للتوزيع»، و«طاقة» مطلع العام الحالي على اتفاقٍ بهدف إطلاق شراكة جديدة تحت اسم «E2GO» لإنشاء وتشغيل البنية التحتية اللازمة لشحن المركبات الكهربائية في إمارة أبوظبي ومختلف أنحاء الدولة. وأعلنت شركة أبوظبي الوطنية للطاقة «طاقة»، نهاية العام الماضي استراتيجيتها الشاملة للمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة لعام 2030، والتي تتضمن الأهداف المرحلية التي وضعتها شركة المرافق الوطنية الرائدة منخفضة الكربون، والرامية لخفض انبعاثات غازات الدفيئة المسبّبة للاحتباس الحراري.
وبموجب الاستراتيجية، التزمت «طاقة» بخفض انبعاثات غازات الدفيئة المسبّبة للاحتباس الحراري المباشرة وغير المباشرة (النطاقين 1 و2) بنسبة 25% ضمن محفظة وعمليات المجموعة على الصعيد العالمي بحلول عام 2030، وبنسبة 33% ضمن محفظة وعمليات المجموعة داخل دولة الإمارات بحلول عام 2030، وذلك مقارنة بالمعدلات المرجعية المسجّلة في عام 2019.
مصادر الطاقة المتجددة
تمكنت شركة مياه وكهرباء الإمارات في أواخر 2022 من توفير 60% من إجمالي الطلب على الطاقة البالغ 8.6 جيجاوات في أبوظبي والإمارات الشمالية، من خلال مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة، واستطاعت رفع هذه النسبة إلى 80%، كمؤشر على التزامها بتوفير طاقة نظيفة ومستدامة للدولة. وتعمل محفظة شركة مياه وكهرباء الإمارات المتنامية من مشاريع الطاقة المتجددة منخفضة الكربون على تسريع خطة الانتقال في قطاع الطاقة في الدولة، وتتطلع الشركة إلى طرح العديد من المشاريع الرائدة هذا العام.
إزالة الكربون البحري
أعلنت وزارة الطاقة والبنية التحتية منتصف العام الحالي التعاون في إنشاء «مركز الإمارات لخفض الانبعاثات الكربونية في القطاع البحري»، الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والرابع على مستوى العالم.
تمثل هذه المبادرة الرائدة التي تم تطويرها بالتعاون مع هيئة التصنيف النرويجية «دي إن في»، علامة فارقة بالنسبة لدولة الإمارات ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكل عام، كما ستشكل معياراً جديداً لجهود إزالة الكربون البحري في مختلف أنحاء العالم.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الانبعاثات الكربونية انبعاثات الكربون خفض انبعاثات الكربون انبعاثات أديبك الإمارات المناخ التغير المناخي تغير المناخ منطقة الشرق الأوسط وشمال أفریقیا الانبعاثات الکربونیة ثانی أکسید الکربون فی دولة الإمارات لالتقاط الکربون التقاط الکربون منخفضة الکربون مبادلة للطاقة إزالة الکربون العام الحالی ملیار دولار قطاع الطاقة شرکة أبوظبی مدینة مصدر ملیار درهم بحلول عام فی منطقة من خلال عام 2030
إقرأ أيضاً:
الإمارات.. مبادرات إنسانية لا تنقطع عن اللاجئين السودانيين
أحمد شعبان، شعبان بلال (أبوظبي)
أخبار ذات صلةتواصل دولة الإمارات، مبادراتها الإنسانية والإغاثية لتقديم مختلف أشكال الدعم لملايين السودانيين المتضررين من النزاع المسلح، سواء النازحين داخلياً أو اللاجئين في دول الجوار.
وفي هذا الإطار، نفذت الدولة مبادرة إنسانية جديدة في تشاد لدعم اللاجئين السودانيين، عبر توزيع 3000 سلة غذائية في مخيمات دوقي، علاشا، وأبوقدام، إضافة إلى إرسال فريق طبي ميداني لتقديم الرعاية الصحية، مما أسهم في تلبية جانب أساسي من احتياجاتهم الأساسية في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشونها.
وتأتي المبادرة الجديدة، امتداداً لنهج الإمارات الإنساني والتنموي الذي يضع الإنسان في صميم أولوياته، وتعكس التزام الدولة الراسخ بمساعدة المتضررين من الكوارث الطبيعية والنزاعات المسلحة، خاصة في المناطق التي تشهد نزوحاً جماعياً وظروفاً إنسانية قاسية.
نهج إنساني
أوضح أستاذ العلوم السياسية والقانون الدولي، الدكتور هيثم عمران، أن المشروع الإغاثي الجديد الذي نفذته الإمارات لدعم اللاجئين السودانيين في تشاد، يجسد توجهاً إماراتياً ثابتاً نحو تحويل العمل الإنساني إلى أداة استراتيجية مهمة لدعم الاستقرار.
وذكر عمران، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن الحدود التشادية السودانية تشهد تدفقات بشرية هائلة، بسبب الحرب الدائرة في السودان، وقد أصبحت المخيمات في شرق تشاد بؤراً لأزمة إنسانية متفاقمة، مع غياب شبه كامل للخدمات الأساسية، مؤكداً أن المبادرة الإماراتية تمثل استجابة سريعة وواقعية لاحتياجات غذائية وطبية ملحة.
وأشار إلى أن اختيار تشاد كموقع للمبادرة الإماراتية، يحمل دلالة استراتيجية مهمة، تؤكد أن المساعدات لا تتوجه فقط إلى داخل السودان، بل تتوجه أيضاً إلى اللاجئين السودانيين في دول الجوار، مما يعكس وعياً إماراتياً بأهمية التحرك الإقليمي المتكامل، ومساندة دول الجوار التي تتحمل أعباء النزوح السوداني، لا سيما في ظل ضعف مواردها.
تخفيف المعاناة
من جهته، أشار مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير صلاح حليمة، إلى أن هذه الخطوة تأتي امتداداً للدور الإنساني المتواصل الذي تقوم به الدولة في دعم الأوضاع الإنسانية والتخفيف من معاناة الشعب السوداني.
وأوضح حليمة، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن استمرار العمليات العسكرية على الأراضي السودانية، أدى إلى تفاقم غير مسبوق في الأوضاع الإنسانية، مما يعزز من أهمية الأدوار التي تضطلع بها الدول المانحة، وفي مقدمتها الإمارات، لدعم الشعب السوداني، وتخفيف المعاناة التي يواجهها المدنيون، سواء النازحين داخلياً أو اللاجئين في دول الجوار، وعلى رأسها تشاد.
وأكد أن الإمارات تلعب دوراً واضحاً وفعالاً في مختلف مجالات دعم الشعب السوداني، مشدداً على أهمية استمرار هذا الدعم بوتيرة سريعة، بما يسهم في تقليص حجم المعاناة التي يعيشها المواطن السوداني، وتقديم يد العون لمن هم بأمس الحاجة إليها، سواء داخل السودان أو خارجه.
خطوة مقدرة
بدوره، أكد الدكتور رمضان قرني، الخبير في الشؤون الأفريقية، أن المبادرة تنطوي على دلالات إنسانية وحضارية بالغة الأهمية، على رأسها أن الإنسان، بقيمته وكرامته، يظل في صلب أولويات السياسة الإماراتية، أياً كان موقعه أو أصله أو معتقده.
وأوضح قرني، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن الدعم الإنساني الإماراتي للشعب السوداني الشقيق لم يتوقف لحظة واحدة، رغم ممارسات «سلطة بورتسودان» العدائية، مما يُبرز ثبات النهج الإنساني للدولة، وعدم تأثره بأي اعتبارات سياسية، مؤكداً أن المبادرة الإماراتية لمساعدة اللاجئين السودانيين في تشاد تُعد خطوة مقدرة، لا سيما أن تشاد تستضيف أكبر عدد من اللاجئين السودانيين، يُقدر بنحو 3 ملايين شخص.
ونوه بأن هذه المبادرة تجسد نهجاً مؤسسياً واستراتيجياً في السياسة الخارجية الإماراتية، يقوم على الاستمرارية والمأسسة، إذ إن الدعم الموجه للاجئين السودانيين لا يقتصر على تشاد، بل شمل أيضاً جنوب السودان، من خلال المستشفى الميداني في «مادول»، بالإضافة إلى مخيمات اللاجئين في أوغندا، وهو ما يؤكد اتساع نطاق العمل الإنساني الإماراتي، ليشمل دولاً أفريقية عدة تستضيف اللاجئين.
وقال الخبير في الشؤون الأفريقية، إن المبادرات الإماراتية تحمل أيضاً بعداً تنموياً، حيث تسهم في دعم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للدول المستضيفة، خاصة تلك التي تعاني تحديات اقتصادية وهيكلية كبيرة، مثل تشاد.
دور مؤثر
بدوره، أشاد الباحث في العلاقات الدولية، محمد خلفان الصفاوي، في تصريح لـ«الاتحاد»، بالدبلوماسية الإنسانية التي تتبناها الإمارات، مما يعزز دورها الاستراتيجي والمؤثر، سواء على المستوى الإقليمي أو العالمي، مؤكداً أن الدولة ملتزمة بدعم الشعب السوداني الشقيق إنسانياً وسياسياً ودبلوماسياً، رغم العراقيل والتعقيدات التي تعترض جهودها الإنسانية والسياسية الرامية لإنهاء الأزمة السودانية.
التزام راسخ
أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن، الدكتور نبيل ميخائيل، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن المبادرة الإنسانية التي نفذتها الإمارات في تشاد لدعم اللاجئين السودانيين، تأتي امتداداً لنهج الدولة الإنساني والتنموي، وتعكس التزامها بمساعدة المدنيين المتضررين من النزاعات والأزمات، خاصة في المناطق التي تشهد نزوحاً جماعياً وظروفاً إنسانية بالغة السوء.