مسار التكيف الإسرائيلي مع المقاومة والمسار العربي المضاد للمقاومة

ما هي الإمكانات الكامنة للمقاومة في الضفة والقطاع؛ وقدرتها على فرض المزيد من شروطها في الأشهر والسنوات القليلة المقبلة؟

الاحتلال الذي يهزم في الميدان امام الفلسطينيين يواصل تحقيق انتصاراته وفتوحاته في الميادين الدبلوماسية والاقتصادية في الاقليم والعالم العربي.

التكيف الإسرائيلي مع المقاومة تعني عجزا أمام المقاومة الفلسطينية المسلحة لا يختلف عن العجز أمام المقاومة اللبنانية التي ثبتت معادلة ردع واضحة.

هل تراجع دول الجوار والإقليم العربي سياساتها واستراتيجياتها في التعامل مع الاحتلال؛ ومسار تكيفها السلبي؛ والمعاكس للحقائق على الارض الفلسطينية؟

استهداف مستوطنة "عسهئيل" جنوب الخليل برشقات أسلحة رشاشة نقلة نوعية للمقاومة بالضفة الغربية تزامنت مع انعقاد المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر.

* * *

التكيف يطرح في السياق الايجابي عادة الا انه في الحال الاسرائيلية تكيف اتخذ اتجاها سلبيا؛ عكسه ضغط المؤسسة الامنية والعسكرية الاسرائيلية على الطبقة السياسية الحاكمة في الحكومة المصغرة التي انعقدت يوم امس الاحد برئاسة بنيامين نتنياهو لتخفيف القيود عن قطاع غزة والضفة الغربية.

حكومة نتنياهو والمؤسسة العسكرية والامنية وعلى رأسها الجيش ممثلاً برئيس الاركان هيرتسي هيلفي ووزير الدفاع يؤاف غالانت ورئيس الشاباك رونين بار تعرضت لانتقادات لاذعة من الصحافة الاسرائيلية بعد خضوعهم لشروط المقاومة في قطاع غزة والضفة الغربية والحركة الاسيرة في السجون.

حكومة نتنياهو مكرهة فتحت معبر بيت حانون (ايرتز) بين قطاع غزة والاراضي المحتلة عام 48، وخففت القيود عن معبر كرم ابو سالم مع مصر؛ وزادت في الآن ذاته عدد تصاريح العمل الممنوحة للفلسطينيين في القطاع للتتجاوز العشرين الف تصريح، وهي إجراءات سبقها تجميد قرارات ايتمار بن غفير وزير الامن القومي بفرض مزيد من القيود على الاسرى الفلسطينيين بتأثير من حراك الاسرى والفلسطينيين.

الأهم من ذلك كله السماح بإدخال اموال المنحة القطرية لدفع رواتب الموظفين وتوفير الإعانات والمساعدات للاسر الفقيرة في القطاع.

التكيف الاسرائيلي والخضوع لضغوط المقاومة لم يقتصرعلى قطاع غزة؛ فخشية الاحتلال من انهيار السلطة في رام الله وتآكل المزيد من مكانتها ونفوذها، في مقابل صعود المقاومة وهياكلها في الضفة الغربية دفعتها لتخفيف القيود المالية على السلطة بخفض الضرائب (الإتاوات) التي يفرضها الاحتلال على الوقود وزيادة تحويلات اموال الضرائب التي عطلتها بحجة دفع السلطة رواتب الاسرى الفلسطينيين، وهو تراجع ما كان له ان يتحقق لولا صعود المقاومة المسلحة في الضفة الغربية.

التكيف الاسرائيلي لم يقابله تقديم المقاومة تنازلات في الضفة الغربية او قطاع عزة؛ فالنشاط العسكري والتسليح في القطاع لا زال على قدم وساق؛ في حين تواصلت العمليات الفدائية في الضفة الغربية لتبلغ محافظة الخليل يوم امس الاحد باستهداف مستوطنة "عسهئيل" جنوبي مدينة الخليل برشقات من الاسلحة الرشاشة؛ وهي نقلة نوعية للمقاومة في الضفة الغربية تزامنت مع انعقاد المجلس الوزاري الاسرائيلي المصغر الذي تزعمه نتنياهو.

عمليات إطلاق النار، وتفجير العبوات الناسفة لم تنحسر في الضفة؛ اذ سجل إلقاء أربع زجاجات حارقة، إلى جانب اندلاع مواجهات في 14 نقطة بالضفة، خلال 24 ساعة الماضية، وهو ما دفع الاعلام العبري لانتقاد الحكومة الائتلافية التي سوقت انتصاراتها في مجال التطبيع والخروقات التي حققها وزراء إسرائيليون بالمشاركة في مؤتمرات عقدت في العاصمة السعودية الرياض خلال الايام القليلة الماضية باعتبارها انتصارات وفتوحاً صهيونية لمزيد من العواصم والحصون العربية.

اتخذ التكيف الاسرائيلي مسارا سلبيا بخضوعه للواقع المستجد الذي فرضته المقاومة الفلسطينية المسلحة، والواقع المتغير في الضفة الغربية وقطاع غزة، فالتكيف مسار سلبي عكسه عجز الاحتلال عن قمع المقاومة وخضوعه لشروطها في قطاع غزة والضفة الغربية وفي السجون عبر الحركة الاسيرة.

ختاماً..

التكيف الإسرائيلي مع المقاومة ومحاولة التعايش معها كحقيقة وأمر واقع على الارض ظاهرة تحتاج لتقييم؛ فهي تعني عجزا اسرائيلي كبيرا امام المقاومة الفلسطينية المسلحة لا يختلف من حيث الجوهر عن العجز امام المقاومة اللبنانية التي تمكنت من خلق معادلة ردع واضحة؛ ما يفتح الباب لتساؤلات:

أولاً: حول الامكانات الكامنة للمقاومة في الضفة والقطاع؛ وقدرة المقاومة على فرض المزيد من شروطها في الأشهر والسنوات القليلة المقبلة.

وثانيها: يطرح على دول الجوار والاقليم العربي، لمراجعة سياساتها وإستراتيجياتها في التعامل مع الاحتلال؛ ومسار تكيفها السلبي؛ والمعاكس للحقائق على الارض الفلسطينية، فالاحتلال الذي يهزم في الميدان امام الفلسطينيين يواصل تحقيق انتصاراته وفتوحاته في الميادين الدبلوماسية والاقتصادية في الاقليم والعالم العربي.

*حازم عياد كاتب صحفي وباحث سياسي

المصدر | السبيل

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: فلسطين المقاومة إسرائيل لبنان فی الضفة الغربیة قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

الاحتلال يمنح صفة قانونية لـ 19 مستوطنة في الضفة الغربية

منح مجلس وزراء الاحتلال الإسرائيلي صفة قانونية لمستوطنات في الضفة الغربية المحتلة يبلغ عددها 19 مستوطنة، من بينها مستوطنتان تم إخلاؤهما قبل 20 عاما، في إطار عملية انسحاب كان هدفها تعزيز أمن "إسرائيل" واقتصادها.

ونددت السلطة الفلسطينية الجمعة بالقرار الذي أعلن عنه في وقت متأخر من مساء أمس الخميس. وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن بعض المستوطنات حديثة الإنشاء وبعضها قديم.

وجاء اقتراح التقنين من وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش ووزير الحرب يسرائيل كاتس، بحسب ما نقلت وكالة "رويترز".


وتعتبر معظم القوى العالمية المستوطنات الإسرائيلية، المقامة على أراض احتلتها في حرب 1967، غير شرعية. ودعا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في العديد من القرارات "إسرائيل" إلى وقف جميع الأنشطة الاستيطانية.

ويرفض الاحتلال الإسرائيلي ذلك، ويؤكد أن له روابط تاريخية ودينية بالأرض. وزاد بناء المستوطنات في ظل الحكومة الائتلافية اليمينية المتطرفة في "إسرائيل"، مما أدى إلى تفتيت الضفة الغربية وعزل المدن والبلدات الفلسطينية عن بعضها البعض. وتم بناء بعضها بدون ترخيص رسمي من "إسرائيل".

وتضم المستوطنات التسع عشرة اثنتين انسحبت منهما "إسرائيل" في عام 2005 بموجب خطة أشرف عليها رئيس الوزراء الأسبق أرييل شارون وكانت تركز بالأساس على غزة.

وبموجب خطة الانسحاب، التي عارضتها الحركة الاستيطانية آنذاك، صدرت أوامر بإخلاء كل المستوطنات الإسرائيلية في غزة، وكان عددها 21. ولم تتأثر معظم المستوطنات في الضفة الغربية باستثناء أربع.


ووصف الوزير الفلسطيني مؤيد شعبان رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في بيان صدر هذا الإعلان بأنه خطوة أخرى نحو "إبادة الجغرافيا الفلسطينية"، قائلا "القرار بمثابة تصعيد خطير ويكشف عن النوايا الحقيقية لحكومة الاحتلال في تكريس نظام الضم والفصل العنصري والتهويد الكامل للأرض الفلسطينية".

وأضاف "هذه الخطوة تأتي ضمن سياسة ممنهجة تقودها حكومة المستعمرين بزعامة نتنياهو وسموتريتش، الرامية إلى شرعنة البؤر الاستعمارية وتحويلها إلى مستعمرات رسمية، بما يكرس السيطرة الإسرائيلية الدائمة على الأراضي الفلسطينية".

ووفقا للأمم المتحدة، بلغت هجمات المستوطنين الإسرائيليين على الفلسطينيين أعلى مستوياتها المسجلة في أكتوبر تشرين الأول إذ نفذ المستوطنون ما لا يقل عن 264 هجوما.

مقالات مشابهة

  • آخر الأوضاع بالقطاع| جرائم الاحتلال بغزة تزيد موجة العنف.. شهيد برصاص الاحتلال شمال الضفة الغربية
  • ورقة تحليلية: قرار أممي بإنهاء الاحتلال يفتح مسارًا قانونيًا وسياسيًا جديدًا للقضية الفلسطينية
  • خليل الحية: طوفان الأقصى كسر الردع الإسرائيلي وأعاد القضية الفلسطينية إلى الصدارة
  • العدو الإسرائيلي يشن حملة مداهمات واعتقالات في أنحاء متفرقة من الضفة الغربية
  • إصابتان برصاص جيش الاحتلال وسط وشمال الضفة الغربية المحتلة
  • «لوموند»: العنف الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية يثير قلق المجتمع الدولي
  • الاحتلال يشن حملة اقتحامات واعتقالات واسعة في الضفة الغربية
  • الاحتلال يمنح صفة قانونية لـ 19 مستوطنة في الضفة الغربية
  • الكابينت الإسرائيلي يصادق على تنظيم 19 مستوطنة بالضفة الغربية
  • الكابينت الإسرائيلي يصادق على إقامة وشرعنة 19 مستوطنة في الضفة الغربية