الجزيرة:
2025-06-16@11:57:08 GMT

فجر السابع من أكتوبر.. جواب أم سؤال جديد؟

تاريخ النشر: 8th, October 2023 GMT

فجر السابع من أكتوبر.. جواب أم سؤال جديد؟

ربما هي المرة الأولى في تاريخ الصراع التي تصبح فيها المعركة داخل الأراضي التي قامت عليها "إسرائيل" عام 1948. والمرة الأولى منذ 50 عاما بالتمام والكمال على آخر فجر قاتل فيه الإسرائيليون دفاعا لا هجوما. لا تحكي هذه المفاجأة نجاح الحرب، بقدر ما تحكي فشل السلام، وسنن السياسة التي تجاهلها الاحتلال والمجتمع الدولي على مدى عقود.

إن جردة حساب سريعة لـ17عاما الفائتة لا بد منها لفهم ما يجري. فمنذ انتهاء الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وقبول حماس بلعبة الانتخابات، وخوضها غمار العملية السياسية، التي رفض الاحتلال والعالم الديمقراطي الغربي من خلفه نتائجها، يدفع الفلسطيني ثمن خياراته، إن سالم أو قاتل.

منذ اليوم التالي لفوز حماس بالانتخابات، في 26 يناير/كانون الثاني 2006 وحتى 24 سبتمبر/أيلول 2023، قتل الاحتلال -وفق منظمة بيتسليم الإسرائيلية- 7890 فلسطينيا، 5316 منهم لم يشاركوا في أي قتال. من هؤلاء الشهداء 1750 طفلا و886 امرأة. أما قطاع غزة الذي طالما كان الانسحاب الإسرائيلي منه جزءا من دعاية الاحتلال وسرديته في الإعلام الغربي، فقد كان نصيبه 6244 شهيدا، أي نحو 80% من الضحايا. من هذه السنوات الـ17، عاش مليونان من أهل غزة تحت الحصار 16 عاما حتى اليوم، في مساحة 360 كيلومترا مربعا، دون مياه صالحة للشرب، وببنية تحتية لا تصلح لحياة البشر، وبلا كهرباء أو مصادر طاقة مستدامة.

غزة طوال هذه الفترة كانت ولا تزال السجن الكبير الذي بات الخروج منه كحلم السجناء بالحرية، بسبب منع السفر والحصار. غزة التي وصلت فيها نسبة البطالة إلى الأعلى في العالم، بمعدل 47% من مجمل القوة العاملة، و55% في وسط الخريجين الجامعيين.

أما الضفة الغربية فهي بلا أفق، لا دولة ولا دولتين ولا حتى حكم ذاتي حقيقي. تغيب الآمال لأي تطلعات سياسية أو اقتصادية في بيئة مقطعة الأوصال جغرافيا بنحو 600 حاجز للاحتلال، ونحو 700 ألف مستوطن يعيشون في نحو 144 مستوطنة، مع عشرات المواقع العشوائية للاستيطان، وجدار فصل عنصري يمثل التصور الأوضح لنظام الأبارتهايد.

مجموعات بشرية محشوة بأيديولوجيا القتل والكراهية للفلسطينيين، وبحماية كاملة من الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن والشرطة، ودعم مؤسسي للتوحش من أعلى الهرم الحكومي الإسرائيلي. مارس المستوطنون أبشع ما يمكن تصوره بحق الفلسطينيين، من حرق محاصيل وسيارات، واعتداءات على المرافق والممتلكات والأفراد، وصلت حد حرق الأطفال أحياء. تحولت حياة الفلسطينيين إلى جحيم، وممنوع الهروب منه. تتلاشى السلطة الفلسطينية، ويمضي الاحتلال في إعادة إنتاجها ضمن جزء من خصخصة قطاع الأمن الإسرائيلي في أفضل الحالات.

حماس التي تحكم غزة منذ 16 عاما، ليس لديها ما تخسره، بل إن مثل هذا الهجوم غير المسبوق قد يغير قواعد التعاطي السياسي مع غزة والمشهد الفلسطيني برمته

أما عمق الاستفزاز كان في المحاولة المستمرة لدوس كبرياء الفلسطينيين في دينهم ومقدساتهم من خلال الاقتحامات المتكررة والسلوك الممنهج في تدنيس المسجد الأقصى، ودخول الجنود بسلاحهم وأحذيتهم إلى داخل ثالث أقدس مقدسات المسلمين. كل ذلك توجته حكومة استيطان قليلة الكفاءة تعليميا وسياسيا، كان كَرتُها الانتخابي الوحيد إلى السلطة خطاب الكره الهائل تجاه الفلسطينيين والرغبة في قتلهم ومحوهم، وهو ما عبروا عنه بتصريحات واضحة لا يشوبها غطاء، ولا تحتمل تفسيرات أخرى، مثلت جوهر الخطاب اليمين المتطرف الحاكم. في حين يقبع نحو 5000 أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية، يواجهون إجراءات قمع يومية، إذ يركز وزير الأمن المتطرف، بن غفير، في طرق إذلالهم وإخضاعهم بشكلٍ خاص. هذا المشهد المحلي الفلسطيني، خزان من الضغط الاجتماعي والنفسي، تحت سطوة استعلاء قوة غير مسبوق.

في الجانب الإقليمي، يبدو قطار التطبيع بلا كوابح عند أي محطة من محطات القتل الإسرائيلي، ولا عند الاستفزاز الأعمق لمشاعر المسلمين في تدنيس المسجد الأقصى، الذي بات مشهدا يوميا على شاشات التلفزة. بل إن الإقليم يطرح نفسه مع المحتل ضمن مشاريع اقتصادية وتنموية كبرى تتجاهل وجود شعب بأكمله تحت الاحتلال، الذي يطبق نظام فصل عنصري هو الأبشع على الإطلاق، حتى لو قارنته بنظام التفرقة العنصرية في جنوب أفريقيا.

عالميا، فإن المجتمع الدولي، الذي يمثل الغرب طليعته، مشغول بازدواجية فاضحة منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا. وهو مشهد عكس إلى حد كبير أن نظام التفرقة العنصري يشكل جزءا من هوية النظام الدولي الذي ينادي بالديمقراطية والحريات والتنمية وحقوق الإنسان وفقا للون والعرق والتموضع الجغرافي. بل إن دولا عظمى وذات تاريخ ممتد، باتت تعتبر ما يسمى "أمن إسرائيل" معيار سياستها الخارجية في الشرق الأوسط، وكأنها سفارات خارجية للاحتلال، وليس حكومات ذات سيادة.

هذا المشهد الذي يتكامل في صناعة التراجيديا الفلسطينية كان دائما يطرح سؤالا ما الحل؟

لا يمكن لحماس وهجومها المباغت في فجر السابع من أكتوبر/تشرين الأول، الذي يبدو أنه لن يكون تاريخا عابرا في رزنامة الصراع، أن يدعي الإجابة عن السؤال، لكنه بالتأكيد يطرح أسئلة جديدة تدفع أطرافا أخرى، غير الفلسطينيين، لتدخل في أزمة السؤال وإجابته. فمثل هذا الهجوم وحده بالتأكيد لن يعيد تشكيل الصراع، حتى لو نجح في تغيير قواعده. قبل هذا الهجوم وبعده، لا تزال "إسرائيل" دولة نووية والأكثر تسليحا واستعدادا للقتل دون رادع في الإقليم بأكمله.

ولا تزال المقاومة الفلسطينية، بكل ما طورته من وسائل قتالية، عاجزة عن تحقيق توازن مع الاحتلال. إذا لماذا تخوض حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية هجوما، قد تكون كلفته أكبر من مردوده؟ هذا سؤال جوهري في مشهد اليوم، ولكنه غير منبتّ عن سياق المعاناة السابق الذي طرحناه في مختلف مناحي حياة الفلسطيني. حماس التي تحكم غزة منذ 16 عاما، ليس لديها ما تخسره، بل إن مثل هذا الهجوم غير المسبوق قد يغير قواعد التعاطي السياسي مع غزة والمشهد الفلسطيني برمته. وإن لم يغير، فالقناعة أنه لن يأتي بما هو أسوأ. مثل هذه العملية العسكرية تعتمد قناعة أن الأسوأ قد حدث بالفعل. عند هذه النقطة تحديدا، يفشل الردع مهما كان رهيبا في قدرته ورغبته في القتل والتدمير.

لقد فشلت "إسرائيل" سياسيا قبل أن تفشل استخباريا، وهذا الأخير قد يحتاج  إلى كثير من الدراسات للحديث عنه. إذ لا يُعقل أن تتحكم بأنفاس الناس في القطاع، ثم تفشل في التنبؤ بقدرتهم على إنتاجك كوحش من ورق، في مشهد هو الأكثر إذلالا لجيش دعايته هي جوهر حربه. إن الفشل المزمن إسرائيليا، ولدى حلفائها الدوليين، هو في فهم العلاقة التي تربط الردع بالمكتسبات.

فردع الاحتلال العسكري قائم على اعتقاده بهيبة جيشه في قناعات الطرف الآخر، مفاده أن عملا معاديا لن يمر بدون عقاب شديد. يغدو الردع فشلا عندما يرتبط بعقاب متحقق على الطرف الآخر أصلاً. لا تستطيع ردع أعمى بتهديده أنك ستفقأ عينيه. لن يكون بمقدور "إسرائيل"، بكل دمويتها وكراهيتها للفلسطينيين، أن تقتل أكثر مما تقتل في محطات أقل وطأة من هجوم طوفان الأقصى. لن يكون ممكنا تدمير أكثر من حياة واحدة للإنسان الفلسطيني، الذي لا يعيش استثناء بيولوجيا فيمتلك أكثر من روح وجسد. مع هذا الهجوم يصبح الردع معادلة معكوسة تماماً، فالخسارات ممكنة أكثر، في بعدها السياسي والأمني والعسكري والدعائي لدى الطرف الأقوى والأكثر استقراراً في حياته اليومية، وهو اليوم الاحتلال.

اعتباراً من اليوم ستعيد مراكز التفكير والترشيد السياسي الغربي فتح أدراجها التي أغلقتها منذ فوز حماس في 2006، لتعيد طرح الأسئلة البديهية عمّن وكيف ولماذا حصل ما حصل. لن تحتاج الإجابة أكثر من التدقيق في الغبار الذي نفضته يد الإستراتيجيين عن تلك الملفات المغلقة منذ 17 عاماً، حين تجاهلوا الحقائق، وفوتوا فرصة بناء نظام سياسي فلسطيني ديمقراطي يمكنه الإسهام في إعادة إنتاج مشروع فلسطيني ما بحد معقول من الحقوق.

 

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: هذا الهجوم

إقرأ أيضاً:

مختصون يجيبون عن سؤال الساعة: متى يحق الزواج للمعاق ذهنيا؟ وما هي الشروط؟

يعد الزواج المبكر، ظاهرة من أخطر الظواهر، التي شغلت الرأي العام على مدار السنوات الماضية، حيث يعتبرها البعض جريمة يجب أن يعاقب عليها القانون.

ويحاول العديد من الحقوقيين والمهتمين إيجاد حلول لهذه القضية شديدة التعقيد للحد من انتشارها وتشكيل الوعي وتوجيه أنظار المجتمع إلى خطورتها، الأمر الذي أثار جدلا واسعا خلال الآونة الأخيرة.

ولم تقتصر الزواج المبكر على حداثة سن الزوجين، بل تعدتها إلى متغير جديد تمثل في مسألة زواج ذوي الهمم (أصحاب الاعاقات المختلفة) من قاصرات، الأمر الذي دفع الكثيرين إلى التساؤل حول صحة عقد الزواج من الناحية الشرعية.

زواج ذوي الهمم من القاصرات

يقول إبراهيم عيسى (مأذون شرعي) لـ «الأسبوع» إن زواج من لديه إعاقة ذهنية بأي شكل من الأشكال، من فتاة وافقت على الزواج منه في حضور الأهل والأقارب، وولي أمره أو القيم عليه الذي يدير شؤون حياته، يعد زواجا صحيحا من الناحية الشرعية والقانونية، مشيرا إلى أن دار الإفتاء المصرية في الفتوى رقم 441 لسنة 2005، نصت على أن من حق المعاق عقلياً أن يتزوج، والشرط لعقد الزواج هو وجود ولي وشهود فقط.

شروط عقد زواج ذوي الهمم

ويوضح عيسى، أن من شروط عقد زواج ذوي الهمم، هو موافقة الفتاة دون إجبار على الزواج طبقا للمذهب الحنفي، ولكن إذا أجبرت البنت على الزواج في العقد باطل لا يصح، وبالنسبة للولد يجوز شرعاً أن يتزوج، ولكن دون أن يسبب ضرر أو إيذاء نفسي أو جسدي للطرف الآخر.

ويطالب عيسى بضرورة إجراء تقييم نفسي لأصحاب الإعاقات، حتى يتمكن المأذونون الشرعيون من عقد زواج صحيح، لا تشوبه شائبة.

ويشير عيسى إلى أن هناك شروطا واستثناءات لذوي الهمم لإتمام الزواج، تتمثل في تصريح من محكمة الأسرة بتعيين قيم أو ولي يتولى عقد الزواج نيابة عن المعاق.

خطورة زواج القاصرات والزواج العرفي

ويلفت عيسى، إلى أنه ليس من حق المأذون أن يمتنع عن عقد الزواج، حتى لو كان الشخص طبيعيا ولكنه يحمل مرضا خطيرا، إذ ليس هذا من تخصصه، بما أن جميع الأطراف موافقة على هذا الزواج.

وفيما يخص ظاهرة الزواج العرفي، يؤكد عيسى أن عقد الزواج من هذا النوع يثبت النسب فقط، ولكنه لا يترتب عليه أي حقوق قانونية للفتاة، مطالبا بتشريع قوانين بتجريم واضح وصريح لزواج القاصرات أو للزواج العرفي، لأن كل أبوابه خلفية لأشياء غير قانونية، مشيرا إلى أن الزواج المبكر، كان منتشرا بكثرة قبل 10 سنوات، ولكن قل بنسبة 90%، مع تشديد الدولة، والتوعية الإعلامية من خطورة ذلك.

دار الإفتاء: يجوز للمعاق ذهنيًّا أن يتزوج

تجدر الإشارة إلى أن دار الإفتاء المصرية أفتت بأن من حق المعاق ذهنيًّا أن يتزوج، باعتبار أن الزواج حق من حقوقه، «فهو إنسان مُرَكَّبٌ فيه العاطفةُ والشهوةُ، ويحتاج إلى سَكَنٍ ونَفَقَة ورعاية وعناية، ولكن لا يجوز له أن يباشر عقد الزواج بنفسه، بل وليُّ أمره هو من يُزوِّجه».

وأكدت دار الإفتاء في بيان، أن هذا الحق ثابت للمعاق ذهنيا شرعًا، فإذا كانت الشريعة قد أجازت للمجنون جنونًا مُطبقًا أن يتزوج، فإن من كان في مرتبةٍ دون هذه المرتبة -كالمعاق إعاقة ذهنية يسيرة- يكون زواجه جائزًا من باب أولى، ولا حرج في ذلك، ما دام المعاق مَحُوطًا بالعنايةِ وَالرعايةِ اللازمتين.

واقعة عروس الشرقية وعريس متلازمة داون

وكان مقطع فيديو مدته 27 ثانية، قد انتشر على نطاق واسع خلال الأيام الماضية، أظهر شاباً من المصابين بمتلازمة داون، يحتفل بزفافه على فتاة ظهرت وهي تبكي أثناء مراسم الفرح، مما أثار حالة من الجدل بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين انقسمت آراؤهم بين التعاطف والرفض، فيما شكك البعض في مدى أهلية العريس العقلية لعقد هذا الزواج.

اقرأ أيضاًعريس متلازمة داون.. هل يجوز شرعًا وقانونًا زواج ذوي الهمم؟

بعد واقعة عروس الشرقية وعريس متلازمة داون.. خبير نفسي يوضح شروط زواج ذوي الهمم «فيديو»

سفاجا تشهد مبادرة خيرية لدعم المقبلين على الزواج وذوي الهمم

مقالات مشابهة

  • مختصون يجيبون عن سؤال الساعة: متى يحق الزواج للمعاق ذهنيا؟ وما هي الشروط؟
  • القسام: نقف إلى جانب إيران ونشيد بفعلها الذي هز أركان الاحتلال
  • عصب إسرائيل التقني يتلقى ضربة صاروخية.. ما الذي نعرفه عن معهد وايزمان؟
  • كيف أجيب على سؤال أين الله؟.. الإفتاء توضح الرد الشرعي
  • التعليم العالي:المؤتمر السنوي السابع عشر لمعهد البحوث الطبية بالمركز القومي للبحوث
  • إدارة سجون الاحتلال تلغي جميع زيارات الأسرى التي كانت مقررة اليوم
  • عاجل | الامن العام يوضح حقيقة سقوط صاروخ في منطقة الدوار السابع
  • من هو أبو الصواريخ الإيرانية الذي تردد اسمه بعد قصف الاحتلال الإسرائيلي؟
  • تحديد جلسة محاكمة النائب د. محمد الجراج يوم الثلاثاء السابع عشر من حزيران
  • للرد على الاحتلال الإسرائيلي.. تعرف على الأسلحة التي تملكها إيران في ترسانتها