ملامح الشرق الأوسط الجديد الذي يريده نتنياهو
تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT
فلسطين – يقول خبراء فلسطينيون إن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يستثمر الحرب على قطاع غزة لتنفيذ مشروعه الاستعماري الذي من شأنه إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط من جديد.
ويقول الخبراء في أحاديث منفصلة، إن نتنياهو يسعى لعقد تحالفات وتطبيع مع الدول العربية على حساب القضية الفلسطينية، وتهجير جزء كبير من سكان قطاع غزة إلى مصر.
وتعد فصائل المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” حجر العثرة أمام المشروع الإسرائيلي.
وكان نتنياهو، قال الإثنين، إن الحرب على قطاع غزة “ستستغرق وقتا”، وتوعد “بتغيير منطقة الشرق الأوسط”.
والسبت أطلقت الفصائل فلسطينية في غزة عملية “طوفان الأقصى”، ردا على “اعتداءات القوات والمستوطنين الإسرائيليين المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني وممتلكاته ومقدساته، ولا سيما المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة”.
في المقابل، أطلق الجيش الإسرائيلي عملية “السيوف الحديدية” ويواصل شن غارات مكثفة على مناطق عديدة في قطاع غزة، الذي يسكنه أكثر من مليوني فلسطيني يعانون من أوضاع معيشية متدهورة، جراء حصار إسرائيلي متواصل منذ 2006.
ومساء الاثنين، أعلنت وزارة الصحة بقطاع غزة، ارتفاع حصيلة القتلى الفلسطينيين إلى 687، بينهم 140 طفلا و105 سيدات، جراء الغارات الإسرائيلية المتواصلة لليوم الثالث على التوالي، بينما أفادت وسائل إعلام عبرية بأن عدد القتلى الإسرائيليين في المواجهة مع الفصائل الفلسطينية وصل 900، والجرحى 2616.
تهجير غزة إلى سيناءمدير مركز يبوس للدراسات، سليمان بشارات، يقول إن شرق أوسط جديد عبارة يجب التوقف عندها في خطاب نتنياهو الذي يترافق مع تشاورت مع قادة دول أوروبيين، والتحرك الأمريكي العسكري من خلال حاملة الطائرات.
ويضيف: “الرؤية الإسرائيلية الأمريكية ومحاولة استغلال الفرصة في تنفيذ مخطط سعت له إسرائيل وأمريكا منذ زمن بعيد وهو إعادة رسم الشرق الأوسط الجديد، والذي يتمثل في جزء منه تهجير جزء كبير من سكان قطاع غزة إلى سيناء عبر اشتداد وتكثيف القصف وتشديد الحصار ومنع وصول المواد الغذائية والمياه والمواد الطبية للقطاع لدفع السكان للهجرة”.
ويشير إلى أن هذا المخطط يهدف إلى تحقيق مفهوم البعد الجغرافي للفلسطينيين عن مستوطنات غلاف غزة وبالتالي تأمينها مستقبلا.
كما ويهدف المخطط إلى إضعاف أو تدمير البنية التحتية للمقاومة الفلسطينية التي عملت على تعزيزها خلال السنوات الماضية، وفق المتحدث.
ويرى بشارات أن إسرائيل أمام خيارين، الأول الاستمرار بضرب الأهداف داخل قطاع غزة عبر الطائرات، وثانيا الدخول في حرب برية، معتبرا أن الحرب ما تزال في بدايتها بحسب المعطيات.
إنجاز مشروع التطبيعبدوره يرى المختص بالشأن الإسرائيلي خلدون البرغوثي، أن “نتنياهو يسعى لرسم خارطة شرق أوسط جديد عبر إنجاز مشروع التطبيع مع الدول العربية وترك القضية الفلسطينية وراء الظهر بدون حل وإبقاء الفلسطينيين تحت واقع الاحتلال”.
ويقول البرغوثي للأناضول، إن “نتنياهو يرى في فصائل المقاومة بغزة حجر عثرة أمام هذا المشروع وقد حان الوقت لكي يزيح هذه العقبة لتحقيق مشروعه وضمان أمن إسرائيل”.
و”يسعى نتنياهو لأن تصبح إسرائيل ركنا أساسيا في المنطقة دون أن يقول لها أحد: لا”، وفق المتحدث.
وبشأن تطورات العملية العسكرية في قطاع غزة يرى البرغوثي أن المستويات العسكرية والسياسية في إسرائيل تتساءل بشأن العملية البرية وقدرة الجيش على تحقيق مكاسب في ظل تطور أدوات المقاومة والخشية من مفاجآت على الأرض قد تكبد الجيش خسائر .
ولفت إلى أنه من الصعب حسم اتجاه إسرائيل بهذه الناحية حتى الآن.
وتتحسب إسرائيل بحسب البرغوثي من فتح جبهات جديدة في المنطقة كجبهة لبنان الشمالية مع “حزب الله”، الأمر الذي سيخفف عن قطاع غزة ويغير المعادلة التي تسعى إسرائيل لتطبيقها.
حل سياسي شاملبدوره يقول أحمد رفيق عوض، الخبير السياسي الفلسطيني، إن السيناريوهات كلها مفتوحة في التوتر المتصاعد في قطاع غزة، وإن لأي حرب نتائج وتغير استراتيجي.
ويضيف للأناضول، أن إسرائيل تسعى لقذف قطاع غزة إلى مصر عبر هجرة جديدة إلى صحراء سيناء، وجعلها مسؤولية عربية بعيدة عن إسرائيل.
ورغم صعوبة ذلك يقول عوض، إنه “ربما تفتح أيضا جبهات جديدة ويتم إسقاط دول وتغيير ديمغرافي، وأيضا قد يكون هناك العكس قد تجبر إسرائيل على التسوية ويكون هناك دولة فلسطينية”.
ويرى الخبير أنه من الممكن أن يكون ما بعد الحرب تسوية سياسية لأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي سيبقى مرتبطا بحل سياسي شامل.
وفي حال طول عمر الحرب توقع الخبير الفلسطيني خروج الشعوب العربية للشوارع الأمر الذي سيصيب مصالح الأنظمة التي ستجبر على اتخاذ مواقف رسمية تجاه الصراع والحرب.
الأناضول
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: الشرق الأوسط قطاع غزة غزة إلى
إقرأ أيضاً:
حرب الشرق الأوسط الجديد
في غاراتها الجوية التي شنّتها ضد أهداف في مختلف أنحاء إيران، أفادت التقارير أن إسرائيل قتلت قادة عسكريين كبارًا فضلًا عن شخصيات بارزة في البرنامج النووي الإيراني. يبدو أيضًا أن إسرائيل قد زادت الدفاعات الجوية الإيرانية ضَـعفا، وضربت أهدافا عسكرية إضافية، وهاجمت منشأة واحدة على الأقل ذات صلة بالبرنامج النووي - وربما أكثر من ذلك.
على الرغم من ادّعاء إسرائيل أنها كانت تتصرف بشكل استباقي، فإن الهجمات تشكل عملًا وقائيًا ردعيًا كلاسيكيًا شُـنّ ضد تهديدٍ متنامٍ، وليس ضد خطرٍ وشيكٍ. وهذا الاختلاف ينطوي على عواقب قانونية ودبلوماسية، حيث تميل الهجمات العسكرية الوقائية الردعية إلى أن تكون مثيرة للجدال بدرجة أكبر كثيرا، وتندرج تحت عنوان الحروب الاختيارية. أما الهجمات الاستباقية فيُنظر إليها على أنها شكل من أشكال الدفاع عن النفس، وتميل إلى أن تكون مقبولة باعتبارها ضرورية. هذه فروق دقيقة لا تنطوي على اختلافات حقيقية من منظور إسرائيل، التي نفّذت مثل هذه الضربات (وإن كانت محدودة) ضد برامج نووية عراقية وسورية وليدة في الماضي. والتحرك ضد إيران، فضلًا عن ذلك، له مردود إيجابي على المستوى المحلي: فهي واحدة من القضايا القليلة التي قد يتفق عليها معظم الإسرائيليين - المنقسمين بشدة حول الحرب في غزة، ودور المحاكم في ديمقراطيتهم، والتوازن العلماني-الديني في إسرائيل. لكن اختيار إسرائيل القيام بهذه العملية الآن يظل في احتياج إلى تفسير مُـرضٍ، وفقًا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، «في الأشهر الأخيرة، اتخذت إيران خطوات غير مسبوقة، فسَـعَـت إلى تحويل اليورانيوم المخصب إلى سلاح». ولكن يظل من المهم أن نعرف ما إذا كانت الحكومة الإسرائيلية تلقت معلومات استخباراتية جديدة أو طورت تقييمًا جديدًا للقدرات والنوايا الإيرانية. نحن نعلم من الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) أن إيران كانت تنتج بنشاط يورانيوم عالي التخصيب ولم تكن صريحة بشأن أنشطتها المرتبطة بالبرنامج النووي، إلا أن مسؤولين في الاستخبارات الأمريكية أكدوا في الأسابيع الأخيرة أن تقييمهم يتلخص في أن إيران لم تقرر بعد إنتاج سلاح نووي، وفقًا لتقارير تستند إلى حد كبير إلى تصريحات مسؤولين إسرائيليين، كانت الولايات المتحدة على علم مسبق بالهجوم المزمع ولم تحاول إيقافه. وفي حين أننا سنعرف في الأرجح ما إذا كانت أعطت حقًا ضوءًا أخضر بدلا من الضوء الأصفر، فيبدو من المؤكد أنها لم تعطِ ضوءًا أحمر كما فعلت في أوقات أخرى على مر السنين.
بيد أن مسؤولين أمريكيين سعوا إلى النأي بأمريكا عن العمل الإسرائيلي، مشيرين إلى أن إسرائيل تصرفت من جانب واحد وأوضحوا أنه لا ينبغي لإيران أن تهاجم القوات الأمريكية ردا على ذلك. ومن غير الواضح مدى استعداد الولايات المتحدة لمساعدة إسرائيل في أي عمل عسكري ضد إيران في المستقبل، أو في دعم قدرتها على الدفاع عن نفسها في مواجهة عمل انتقامي من جانب إيران. والآن، تبدو احتمالات إحياء المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، التي اقترح الرئيس دونالد ترامب ضرورة استمرارها، نائية.
من السابق للأوان الآن تقديم تقييم نهائي لمدى نجاح هذه العملية. سوف يعتمد هذا التقييم على عدة عوامل، بدءًا من مدى الضرر والعواقب المترتبة عليه. فلا يزال من غير المعلوم حجم ما أُنـجِـز بالفعل، ومقدار الوقت الذي ستحتاج إليه إيران لإعادة بناء ما خسرته، ومدى عمق تعطل القيادة العسكرية والنووية في إيران. يتعلق سؤال آخر مهم بما إذا كان الهجوم ليؤثر على قبضة النظام الإيراني على البلاد، والتي ربما كان الهدف من الهجوم الإسرائيلي إضعافها، وكيف قد يكون حجم هذا التأثير.
يتمثل اعتبار ثانٍ في نطاق الرد الانتقامي الإيراني في المستقبل. كان رد إيران الأولي متواضعا نسبيا: حوالي مائة طائرة مُـسَـيَّـرة آليا أطلقتها إيران باتجاه إسرائيل، والتي كانت إسرائيل مجهزة لصدها. ولكن بعد ذلك أطلقت إيران عدة موجات من الصواريخ الباليستية (الذاتية الدفع). السؤال الواضح هو ماذا غير هذا قد تختار إيران القيام به ضد إسرائيل وأهداف إسرائيلية في مختلف أنحاء العالم. ولكن من غير الواضح على الإطلاق ما إذا كان لدى إيران مجموعة جذابة من الخيارات، نظرًا لنقاط ضعفها الواضحة. يتبقى لنا أن نرى أيضا ما إذا كانت إيران لتتحرك ضد الولايات المتحدة، التي سحبت عددا كبيرا من أفرادها من المنطقة تحسبًا لأي عمل انتقامي ضدها، أو ضد واحد أو أكثر من جيرانها العرب. على الرغم من جهود إيران المستمرة لتحسين العلاقات مع دول الخليج، فلا يجوز لنا أن نستبعد محاولة إيرانية لإعاقة صناعة الطاقة في المنطقة. هذا من شأنه أن يعرّض مكانتها في الخليج للخطر لكنه سيرفع سعر النفط (الذي ارتفع بالفعل في أعقاب الهجوم الإسرائيلي)، فيتسبب هذا في إلحاق الضرر بالغرب وربما زيادة الإيرادات الإيرانية في وقت حيث لم يعد رفع العقوبات، وهو موضوع المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة، وشيكا. ينطوي الأمر أيضا على احتمال توجيه ضربات عسكرية إسرائيلية إضافية ضد مواقع نووية معروفة ومشتبه بها، وهي الخطوة التي حَـذَّر كل من نتنياهو وترامب من أنها قادمة. وهذا، أيضا، يتطلب تقييمًا لما جرى إنجازه وما هي العواقب التي قد تترتب عليه. سيكون لزاما على إيران، التي تسعى إلى ردع هجوم مماثل لذلك الذي وقع للتو، أن تقرر ما إذا كانت لتضاعف جهودها النووية، وتعيد بناء برنامجها في منشآت يكون تدميرها أصعب، وتواصل التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ما يزيد الأمر تعقيدا هو ما إذا كان شركاء خارجيون - مثل الصين وروسيا وكوريا الشمالية، وجميعهم لديهم خبرة في تطوير الأسلحة النووية - ليقدموا يد العون، وكيف قد ترد الولايات المتحدة وإسرائيل إذا ما فعلوا. قبل تحديد ما إذا كان العمل العسكري هو أفضل سياسة متاحة، نحتاج أيضًا إلى معرفة المزيد حول ما كان من الممكن التفاوض عليه والتحقق منه بين الولايات المتحدة وإيران. فقد يؤثر هذا على ردود الفعل السياسية في كل من إسرائيل وإيران فيما يتعلق بما إذا كان من الممكن أو كان ينبغي تجنب الهجمات.
في الوقت الحالي، التساؤلات أكثر من الإجابات حول ما حدث أو قد يحدث بعد ذلك. الأمر الوحيد المؤكد هو أن هذا الفصل الأحدث في الشرق الأوسط الذي مزقه الصراع ما زال في بدايته.