اليوم 24:
2024-06-12@10:12:52 GMT

إسرائيل وحَيْوَنَة الإنسان

تاريخ النشر: 13th, October 2023 GMT

تعاود أذاننا وعيوننا وعقولنا على مر ساعات اليوم الواحد في الجرائد وعلى الشاشات وعلى مواقع التواصل الاجتماعي وفي عزلتنا ومع أصدقائنا وذوينا عدة مفردات منها تقتيل- ترويع- تشريد- دمار- مقاومة- دفاع عن النفس- تهجير – قصف – تجويع … كيف لنا أن نرتب علاقات وروابط هذه المفردات؟ هل الدفاع عن النفس يستدعي الإبادة والتقتيل والوحشية؟ هل الدمار والتشريد والترويع والترهيب تقابله المقاومة؟ ماذا لو لم تكن هناك مقاومة؟ أيخيل للمرء أنه سينتفي الدمار والإبادة، أم أنهما خاصيتين إسرائيليتين؟

أفعلا يمكن أن نتصور أن إسرائيل تريد أن تعيش في سلام ! إن ما نشهده من تقتيل وإبادة وجرائم لا ينم عن نية صريحة أو استعداد لقبول بوضع مسالم مع الفلسطينيين.

هل بصورة عامة يمكن أن نحسم بأن العنصر الإسرائيلي عنصر يعيش على شَيْطَنَة ورفض الآخر وعلى إيديولوجية “إكزنوفوبيا” (كره الآخر) و”حَيْوَنَة” (اعتبار الإنسان حيوانا) كل ما هو فلسطيني أو يدافع على فلسطين؟ إذا صح هذا الاستنتاج، فكيف تعمل الآلة الإسرائيلية على تثبيت دعائم هذه الإيديولوجية داخل وخارج إسرائيل؟ للإجابة على هذا التساؤل يمكن أن نحيل على بعض ركائز هذه الشَيْطَنَة والحَيْوَنَة، ومنها لا للحصر :  نموذج الضحية وأسطورة السلام والتعايش وأسطورة الديمقراطية وأسطورة الدفاع عن النفس.

 

فيما يخص أسطورة “الضحية” فإسرائيل تقدم نفسها على أنها “ضحية” جميع” الحركات الرديكالية والمتطرفة” كما يسميها منظرو  إكزنوفوبيا فلسطين. وهذه الحركات تتخذ جميع الأشكال الممكنة فهي تارة “إسلامية”، “إرهابية”، “متوحشة”، “ضد السامية”، “مقاومة”،  “انتحارية”، “مخربة”، “متطرفة”، “أصولية”، “داعشية”، “حيوانية”، “الشر المطلق” … ولتيقنها بأنها “أولى الضحايا” و”الضحية المثلى” فإن إسرائيل تستثمر في جميع المجالات لمناهضة هذه الحركات: مجالات عسكرية، مجالات استخباراتية، مجالات علمية، مجالات إعلامية، مجالات ثقافية …

أما أسطورة السلام والتعايش فلا سلام إلا سلام إسرائيل ولا تعايش إلا تعايش إسرائيل. فهي المنظومة التي تأثث وتحكم السلام-كل ما يكمن أن يقترحه الآخر- ومفهوم الآخر عند إسرائيل هو أساسا فلسطين ومن يقف في صفها أضحى عداءا وظلما وجورا وإرهابا في حق “الضحية” إسرائيل. إنها “ضحية تاريخية” أما فلسطين فهي “ضحية ظرفية” وجب عليها قبول السلام والتعايش لكي يجبر ضرر “الضحية”. فيظهر أن على فلسطين أن تتقمص دور “ضحية الضحية” دون أن تحرك ساكنا أو تصدر صوتا أو أنينا مثلها مثل “حيوان” تتم إبادته والفتك به. كل ما تريده “الضحية” فهو صواب لأنه يدخل في إطار التعويض عن الحرمان وجبر الضرر. وهل فلسطين هي المجرم ؟ أهي من ألحق الضرر بإسرائيل؟ وهل إسرائيل هي “ضحية” فلسطين؟ فماذا لو عكسنا هذه الأسئلة؟ ما إمكانية السلام والتعايش؟

في سياق هذه التساؤلات القديمة، الجديدة، المتجددة، ترتدي إيديولوجية حَيْوَنَة فلسطين وشَيْطَنَتُها رداء وقناع الديمقراطية. فنسمع من داخل ومن خارج محيط إسرائيل أن هذه الأخيرة تشكل النموذج الأسمى للديمقراطية بالمنطقة. فكيف لها ذلك وهي تنفي جميع مقومات الديمقراطية وحق الحياة للآخر وتعتبره بمثابة “حيوان”. فالإسرائيلي له الحق في اختيار ممثليه كانوا رجال دين متطرفين-ليبراليون-يمينيون-يساريون-شيوعيون…وله الحق كذلك في التمدرس والسكن والتنقل… أما الآخر الفلسطيني فلا حق له في اختيار ممثليه فإذا تم له ذلك وجب على اختياراته أن تلائم تطلعات “الضحية” التي لا ترى لديمقراطية فلسطين إلا ذلك الوجه الذي يفي بحقوقها في التحكم في الشؤون الداخلية والخارجية لفلسطين. إنها تريدها “ديمقراطية بالتفويض” فممثلو الشعب الفلسطيني يفترض بهم  تمثيل تطلعات إسرائيل، فهم مُرَوَّضُون على ذلك  فإن لم يلتزموا بدورهم وجب إزاحتهم بجميع الأشكال الممكنة: قتل-خطف-اغتيال-تسميم-تفجير-سجن-ترحيل- قصف – اقتناص-تجويع – تشريد …

وأخيرا تبقى أسطورة الدفاع عن النفس هي الأكثر تجسيدا لإيديولوجيا حَيْوَنَة الإنسان الفلسطيني لأنها تكشف الجانب النفسي والتشنجي لهذه المنظومة الفكرية حيث تتجلى عقدة الآخر وشَيْطَنَتَه في تنصيبه في وضع ومكانة “الحيوان العدو” “ الحيوان المهاجم” “الحيوان الإرهابي” “الحيوان المخرب”… فكل أشكال مقاومته ودفاعه تصنف على أنها “إرهاب” و”تخريب” لإسرائيل وتهديد لسلمها وأمنها فهي “إرهاب وخرق لكل المواثيق الدولية لحسن الجوار والتعايش”

ويخيل للمرء أن “الضحية” هي التي لها الشرعية المطلقة واللامتناهية في التقتيل والترويع والوحشية والتهجير لأنها تدافع عن نفسها. وكأن الدفاع عن النفس لا يستتب إلا باستمرار الغارات والقصف دون توقف وباستعمال الأسلحة المحظورة والغازات السامة والحارقة بل وتجربة بعض الأسلحة  على ” ضحية الضحية ”  وقطع الماء والكهرباء ومنع وصول المساعدات الغذائية والطبية. فتعدو غزة المحاصرة كمختبر للتجارب والفلسطينيين  “حيوانات كوباي”. عن إي دفاع عن النفس تتحدث إسرائيل ومناصريها؟ إن منطق كل فكر أو عقيدة تحب وتحترم الإنسان لا يمكن إلا أن ترفض هذه الشَيْطَنَة و الحَيْوَنَة .

فبين الدمار والإبادة الشاملة والمقاومة تبقى أشلاء وجثت أطفال ونساء وشيوخ ومدنيو غزة مدخلا لا إنسانيا للقرن الواحد والعشرين. ولكي يتيقن كل من يحب ويقدر العنصر البشري أن إسرائيل تجسد بممارساتها العسكرية نوعا متشنجا لحَيْوَنَة الإنسان من خلال إكزنوفوبيا مرضية و شَيْطَنَة عنصرية.

 

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: السلام والتعایش الدفاع عن النفس

إقرأ أيضاً:

رابطة العالم الإسلامي تطلق 11 مبادرة لحشد الدعم الإعلامي للاعتراف بدولة فلسطين

أعلنت رابطة العالم الإسلامي اليوم الاثنين إطلاق 11 مبادرة لحشد الدعم الإعلامي الدولي للاعتراف بدولة فلسطين.

 

«واشنطن» تدعو مجلس الأمن للتصويت.. وترسم خريطة أنفاق غزة مع «تل أبيب» اليوم.. مجلس الأمن يصوت على قرار وقف إطلاق النار في غزة

 

وفي التفاصيل، أطلق الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد بن عبدالكريم العيسى، والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه، أعمال المنتدى الدولي: "الإعلام والحق الفلسطيني: خطوات عملية في البناء على مبادرات الاعتراف بفلسطين" الذي تم تنظيمه "عبر الاتصال المرئي"، بالشراكة بين الأمانة المساعدة للاتصال المؤسسي، واتحاد وكالات أنباء دول منظمة التعاون الإسلامي.

 

وافتُتح المنتدى بمشاركة وكالات الأنباء في الدول الإسلامية، والاتحادات الإعلامية الدولية، ورؤساء وكالات الأنباء العالمية، ونخبة من الشخصيات الدبلوماسية والفكرية.

 

وأصدر المنتدى في ختام أعماله عددا من التوصيات، وتتضمن 11 مبادرة تنفيذية تعزز الدعم الإعلامي الإسلامي والدولي للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، ومنها إنشاء منصة إعلامية تفاعلية متخصصة بالرصد والتوثيق للحراك الدولي والشعبي، في ما يتعلق بالالتزام بالقرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، ونشر تقارير دورية موثقة حول ذلك، وتكثيف النشر الإعلامي حول المبادرات والإعلانات التي تصدر عن مختلف الدول حول العالم بشأن الاعتراف بفلسطين، وتقديم هذه الإعلانات بصورة إيجابية، وإطلاق مدونة إلكترونية للمصطلحات الإعلامية المتداولة حول كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، تحدد المصطلحات المضلِّلة التي يشيع استخدامها في السرديات الإعلامية نحو القضية الفلسطينية، وما يقابلها من مصطلحات دقيقة تستند إلى المرجعيات الدولية.

 

كما تم الإعلان عن مبادرة "إعلاميون من أجل السلام"، والتي تضم متخصصين ونشطاء من مختلف أنحاء العالم، لبناء استراتيجية إعلامية شاملة تتضمن فعاليات وحملات وأنشطة تعزز مسار السلام والحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية.

 

جدير بالذكر أن سلوفينيا كانت قد اعترفت رسميا في 4 يونيو الجاري بفلسطين دولة مستقلة وذات سيادة.

 

وجاء ذلك بعد أن اعترفت إسبانيا وايرلندا العضوان في الاتحاد الأوروبي إضافة إلى النرويج رسميا بدولة فلسطين، بهدف التقدم نحو السلام في الشرق الأوسط، وفق الدول الثلاث، فيما أثارت هذه الخطوة غضب تل أبيب.

 

وصرحت إسرائيل بأنها تأمل في أن يرفض البرلمان السلوفيني توصية الحكومة بالاعتراف بدولة فلسطين التي تعتبر "مكافأة لحماس" بحسب حكومة بنيامين نتنياهو.

 

 

مقالات مشابهة

  • وصول أسرة ضحية عصام صاصا لحضور أولى جلسات محاكمته
  • دلوقتي أقدر أنام.. عصام صاصا يعلن تصالحه مع أسرة ضحية الشاب الذي دهسه بسيارته
  • الدرس الرابع من دروس حكم أمير المؤمنين علي عليه السلام للسيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي (نص+فيديو)
  • نص الدرس الرابع لقائد الثورة من حكم أمير المؤمنين علي عليه السلام
  • محامي ضحية عصام صاصا: أسرة المجني عليه قرروا العفو دون مقابل
  • وزير الخارجية الصيني يؤكد على ضرورة حماية السلام والأمن العالميين بقوة
  • رابطة العالم الإسلامي تطلق 11 مبادرة لحشد الدعم الإعلامي للاعتراف بدولة فلسطين
  • حقوق الإنسان تدين مجزرة الكيان الصهيوني في مخيم النصيرات
  • وزارة حقوق الإنسان تدين مجزرة الكيان الصهيوني في مخيم النصيرات
  • «أبومازن» يشيد بدور البابا فرنسيس في دعم جهود إرساء السلام