نكبة ثالثة أم تَحوّل استراتيجي؟
تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT
صراحة نيوز- حسين الرواشدة
نكبة جديدة أم تحول تاريخي؟ إذا تجاوزنا فرحة الانتصار وصدمة الإبادة ، وما بينهما من احتشاد دولي غير مسبوق ، وانكفاء عربي مخجل ، ومن ألغاز لم نفلح بفك شيفرتها، وألغام نخشى ان نقع فيها ، عندئذ يمكن أن نفكر بعقل بارد عن إجابات تستفز وعينا ويقظتنا، على الأقل ، لفهم ما حدث ، والاستعداد لما هو قادم، وأخذ ما يلزم من دروس لمواجهة أنفسنا وما فعلناه بها ، ثم مواجهة الآخر ،الحليف والعدو، لاكتشافه من جديد ، لا أقصد الاكتشاف المعرفي ، وإنما انكشاف وجه السياسي والعنصري ، دون أي مكياج.
ما لم يصحُ العالم العربي ، وأعتقد ،حتى الآن ، أنه لم يصح ، فإننا أمام نكبة ثالثة تبدو أخطر مما حدث في العامين 48 و67 من القرن المنصرف، لا يخطر ببالي أن أثير الفزع، أو أبدو متشائما ومُثبطا، لكن ما نراه بأعيننا ،بعد ثمانية أيام على واقعة غزة، يشير إلى ذلك بوضوح ، لقد حان الوقت لتصفية القضية الفلسطينية ، وحسم الفصل الأخير من الصراع عليها ، هكذا تفكر تل أبيب ،ومعها حلفاؤها الذين تبنوا روايتها ، وتجمعوا ، بما لديهم من إمكانيات عسكرية وسياسية ، لمشاركتها في عدوانها، ليس ضد غزة فقط ، وإنما ضد كل من تعتقد أنه يشكل خطرا عليها.
صحيح ، قد تأخذ الحرب أحد مسارين : مسار محدود تكون فيه غزة هدفا للإنتقام، ومسار أوسع تمتد فيه الحرب إلى أطراف أخرى ، وتشمل أهدافا تشكل “السلة “الاستراتيجية للمشروع الصهيوني، لكن من يدفع الثمن في النهاية هو العالم العربي ، خاصة الأقطار التي تراها تل أبيب ملاذات سهلة لتصدير أزماتتها إليها ، وإذا كانت الديمغرافيا ،سواء في غزة أو الضفة الغربية، أبرز تهديد لمشروع الاحتلال، فإن الترانسفير سيكون فرصة لتحقيق فكرة الدولة اليهودية ، كما سيكون باباً لإنهاء المقاومة ، وفق التصور الصهيوني.
كنت أتمنى ، وما أزال ، أن يكون انتصار غزة فاتحة لتحول تاريخي يضع الفلسطينيين ، ومعهم بلداننا العربية ، على سكة السلامة والكرامة، أو أن يضعهم (اضف الإيمان ) على طاولة تسوية جديدة بموازين قوة أفضل من الماضي، كنت أتمنى ،أيضا، أن تصل رسائل ما حدث إلى عواصمنا العربية والإسلامية فنسمع كلاما آخر ، أو حركة تردع هذا الصلف الدولي الذي انحاز للإحتلال ، لكن هذا- للأسف -ما زال حلما بعيد المنال ، ومن المفارقات أن تبرز إيران ومحورها كحليف لغزة، ثم يقف غيرها من أبناء “الملة ” متفرجين على الفلسطينيين وهم يُذبحون ، وعلى طهران وهي تتمدد، وتُنصّب نفسها “إماما ” للدفاع عن المظلومين.
ليس لدي وصفة جاهزة لما يمكن أن نفعله لتجنب نكبة ثالثة ، هذا يحتاج إلى فعل عربي كبير وموحد، وجاهزية لتغيير شامل في التحالفات القائمة ، والأساطير التي بنينا عليها مواقفنا وعلاقاتنا مع بعضنا، ومع الآخر ، أخشى ما أخشاه أن يكون ذلك متاحا بعد أن تقع الواقعة لا سمح الله ، لكن ربما تكون أمامنا فرصة أخيرة ، أرجو أن لا نفوتها، أقصد فرصة استخدام كل ما نملك من أوراق الضغط سياسي لوقف العدوان على غزة ، أعرف أننا في الأردن نتصدى لهذه المهمة بكل ما لدينا من إمكانيات وعلاقات دولية وإقليمية، لكن وحدنا لن نستطيع أن نؤثر في عالم اغلق آذانه عن سماع أي رواية غير الرواية الصهيونية، الأمر الذي يستدعي ” وقفة” عربية وإسلامية جادة ، وهذا ممكن إذا صدقت النوايا ، وصحت العزائم.
انتبهوا : اما نكبة ثالثة، أو تحول استراتيجي وتاريخي، الخيار الأول سيعيدنا إلى الوراء ، وسندفع كلفته الباهضة من أمننا واستقرارنا ،ومستقبل أجيالنا ، وسينُصّب المحتل وكيلا أو شرطيا لمنطقتنا كلها، اما الخيار الثاني فسيزرع فينا روحا جديدة، وأملا بحياة أفضل ، و سيجعلنا ندّا في هذا العالم الذي لا يحترم إلا الأقوياء ، علينا أن نختار ، فالتاريخ لا يرحم ، والأجيال القادمة لن تسامح.
يا خفي ّالألطاف ، نجنا مما نخاف.
المصدر: صراحة نيوز
كلمات دلالية: اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة ثقافة وفنون علوم و تكنولوجيا اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة ثقافة وفنون علوم و تكنولوجيا زين الأردن أقلام أقلام اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة
إقرأ أيضاً:
حكاية الرياضة الفلسطينية قبل نكبة 48
ثمة إجماع في الوسط الرياضي الفلسطيني على أن الأبحاث والدراسات حول تاريخ الرياضة الفلسطينية سطحية ومستعجلة وتميل للعرض الصحفي لا للتوثيق والبحث الجاد، من منا يعرف اسم أول فريق رياضي لكرة القدم في فلسطين قبل نكبة48 ؟ من منا يعرف اسم أول مدري رياضي فلسطيني، وأول مشاركة رياضية فلسطينية دولية،؟ من منا يعرف أول ملعب رياضي فلسطيني بمواصفات عالمية،؟
في مناهجنا لا ُيذكر تاريخ الحركة الرياضية الفلسطينية، ويكبر الفلسطيني وهو لا يستطيع الرد على سؤال ابنه عن اسم أهم لاعب كرة قدم أو غير كرة القدم.
التقيت بالاستاذ ياسين نظمي الرازم، في شارع الملك سليمان بالقدس، أهداني نسخة من كتابه الصادر حديثا جدا عن دار الجنان للنشر والتوزيع في الأردن، جاء في 344 صفحة من القطع الكبير:( حكاية الرياضة الفلسطينية قبل نكبة 48). لستُ من هواة الرياضة، ولا أتذكر أني تابعت مباراة محلية أو عالمية، لكن الذي يهمني جدا، كفلسطيني يعيش في بلاد مهددة بالمحو، والطمس، هو فكرة التوثيق، وأن أعرف كل شيء عن حياة شعبي قبل 48، في المجالات كافة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتعليمية. دفاعا عن تاريخي وهويتي وأمكنتي.
هذا الكتاب المهم ليس فقط للرياضيين، على كل فلسطيني أن يقرأه، على كل طالب في فلسطين أن يدرسه، سواء عبر منهاج علني او خفي او عبر مبادرة للمعلم، هو لكل فلسطيني محب لبلاده ومنتمي لفكرة استقلاليتها وحريتها وعودة لاجئيها.
قدم الكتاب الأستاذ عيز العصا الذي كتب:( يمكن القول أن هذا الكتاب قد تميز بشموله لكثير من الاحداث السياسية البغيضة التي تشكل ذات الصبغة التآمرية القائمة على الخداع، والتي تشكل في استراتيجية بريطانيا في استعمارها فلسطين، فقد تتبع الباحث جميع ما أمكنه الوصول اليه من ممارسات توارت خلف المظاهر الرياضية وأورد كثيرا من الأمثلة على ما هو موصوف وعلى المستويات كافة، ويضيف الأستاذ عزيز: هكذا نجد أنفسنا أمام عملية توثيق دقيقة، الى حد ما، للحالة الرياضية الفلسطينية، التي تؤكد على قوة الشعب الفلسطيني وحيويته، وقدرته على الفعل في مواجهة استعمار بريطانيا، العظمى للأرض والثروات، وما تمتلك من قوة عسكرية مفرطة).
يكتب مؤلف الكتاب في مقدمته،:( أن أحد الأصدقاء استغرب حين علم أني أعكف على كتابة كتاب عن تاريخ الحركة الرياضية، الفلسطينية منذ مطلع القرن الماضي: 1900 وحتى نكبة فلسطين. وجاء استغرابه على هيئة سؤال: هل كان هناك حقا رياضة فلسطينية في تلك الأيام؟.
عن منهجية البحث يكتب المؤلف: (تم اتباع منهجية خاصة في البحث وذلك بالاعتماد عما توفر بين يديّ ووقع تحت بصري من كتب ومؤلفات وأخذت ما حاز على اجماع الباحثين والكتاب الذين عاشوا تلك الفترة). قسّم المؤلف الكتاب الى فصول: الرياضة في أواخر العصر العثماني، والرياضة البريطانية وعلاقاتها مع الرياضيين العرب واليهود ومرحلة تأسيس الندية الرياضية في فلسطين، والألعاب الرياضية في فلسطين، وحركة رياضية عربية فلسطينية مزدهرة قبل نكبة العام 1948 و حكاية الصراع الرياضي الصهيوني الفلسطيني، والعلاقات الرياضية العربية مع الحركة الرياضية الصهيونية والصحافة الرياضية الفلسطينية.
هذا الكتاب يسد فراغا كبيرا في توثيق الحركة الرياضية الفلسطينية، ويساهم في ترسيخ الهوية الفلسطينية والوجود الفلسطيني . شكرا أستاذ ياسين.
المؤلف في سطور
ياسين نظمي عبد الجليل الرازم مواليد عمان الاردن 25/7/1963 درست في مدارس راس العامود والقدس وخريج الكلية الابراهيمية تخصص ادارة أعمال وعملت موظف في وزارة الشباب والرياضة / المجلس الأعلى للشباب والرياضة لمدة 25 عام / مؤسس نادي الأنصار المقدسي عام 1990ورئيس النادي وعضو اداري لفترات متعاقبة / عضو رابطة أندية القدس / امين صندوق اتحاد الاعلام الرياضي الفلسطيني سابقا/ امين سر الاتحاد الفلسطيني لكرة الطاولة سابقا/ اصدرت العديد من المجلات الرياضية لرابطة اندية القدس / كتابي الأول صدر عام 2023 حمل اسم ( قطوف من تاريخ الرازم في القدس والخليل منذ العهد العثماني .