الصين تدخل على خط أزمة غزة للمساعدة في إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
تاريخ النشر: 15th, October 2023 GMT
قال المبعوث الصيني الخاص لقضية الشرق الأوسط، تشاي جون، اليوم الأحد، إنه سيزور دول الشرق الأوسط الأسبوع المقبل للمساعدة في إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والدفع نحو محادثات السلام.
واضاف تشاي في مقابلة مع هيئة الإذاعة الصينية 'سأزور الدول المعنية الأسبوع المقبل في الشرق الأوسط لتعزيز التنسيق مع جميع الأطراف المعنية بهدف وقف القتال وحماية المدنيين وتخفيف الوضع ودفع محادثات السلام قدما'.
وتابع تشاي أيضًا إن جذور القضية الفلسطينية تكمن في حقيقة أن رغبة الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة تم تجاهلها لسنوات.
واستطرد المبعوث الصيني الخاص لقضية الشرق الأوسط، إن “الحل يكمن في إقامتها الدولة المستقلة وتنفيذ حل الدولتين، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى التعايش السلمي بين فلسطين وإسرائيل”.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: إسرائيل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي القضية الفلسطينية المبعوث الصيني الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
حين يتصارع العملاقان: واشنطن وبكين على أعتاب تحول عالمي!
في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، يطفو على السطح مشهد دولي يتقاطع فيه التاريخ مع المستقبل: صراع محتدم بين الولايات المتحدة والصين، يشمل الأمن والتكنولوجيا والاقتصاد والثقافة، ويتجاوز حدود آسيا ليبلغ الشرق الأوسط وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. لم يعد الأمر مجرد تنافس بين نظامين سياسيين أو اقتصاديين، بل بات صراعًا على صياغة من سيكون مركز الثقل في النظام العالمي الجديد.
في آسيا، حيث قلب التوتر ينبض، تتسارع الأحداث حول تايوان وبحر الصين الجنوبي. الصين، بثقة القوّة الصاعدة، تعزز مناوراتها البحرية والجوية، وتبعث برسائل عسكرية متكررة للغرب عبر تحركاتها الإقليمية. في المقابل، تؤكد واشنطن التزامها العميق بـ"حرية الملاحة" و"الدفاع عن الحلفاء"، وتزيد من وجودها العسكري في اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين. إنها لحظة اختبار للردع الأمريكي في وجه طموح القوة الصينية.
لكن ما قد يبدو للبعض شأناً آسيويًا صرفًا، يكشف عن وجهه الحقيقي حين نُدير البوصلة نحو الشرق الأوسط. هنا، تُترجم معادلة الصراع إلى لغة الجغرافيا السياسية المباشرة: من جهة، تمد الصين أذرعها الاقتصادية ضمن مبادرة "الحزام والطريق"، وتنسج تحالفات ناعمة مع دول الخليج وإيران، وتطرح نفسها كوسيط دبلوماسي قادر على إخماد حرائق المنطقة، كما فعلت في رعاية المصالحة بين الرياض وطهران. ومن جهة أخرى، تسعى الولايات المتحدة لإعادة تثبيت نفوذها التقليدي، عبر شراكات أمنية، وصفقات تسليح، وعودة التوازن لسياسة "الاحتواء المزدوج" بنسخة محدثة.
الصراع هنا ليس عسكريًا فحسب، بل يمتد إلى التكنولوجيا والعملة والمعلومات. الولايات المتحدة تقود حربًا صامتة ضد صعود الصين في مجال الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات، من خلال قيود تصدير صارمة ودعم شركاتها الوطنية. بينما تعمل بكين على الاستقلال التكنولوجي، وتستثمر في تطوير شبكات الاتصالات، وأنظمة الدفع، وحتى تحالفات الفضاء السيبراني. هذا المشهد يضع الشرق الأوسط أمام خيارات مصيرية: هل ينخرط في ثنائية القطبية الجديدة، أم يبحث عن صيغة توازن تحافظ على استقلاليته وتنوع علاقاته؟
وفي هذا السياق، تلوح في الأفق مقاربة تاريخية مقلقة: هل تعيش الدول العربية اليوم ما يشبه حالة الانقسام التي شهدتها المنطقة بعد الحرب العالمية الثانية، عندما وجدت نفسها موزعة بين معسكر شرقي بقيادة الاتحاد السوفيتي، وغربي بقيادة الولايات المتحدة؟ آنذاك، انقسمت العواصم بين تبنّي الخط القومي الاشتراكي وبين الانحياز إلى الرأسمالية الليبرالية. واليوم، تتكرّر الملامح ولكن بأدوات وأقطاب جديدة: الصين تمثل الشرق برؤيتها الاقتصادية-الأمنية ذات الطابع الاستراتيجي، فيما تظل الولايات المتحدة الحارس القديم للمصالح الغربية، ولكن بقبضة أقل إحكامًا مما كانت عليه في القرن العشرين.
هذه الحرب الباردة الجديدة لا تُدار عبر الانقلابات أو صفقات السلاح فقط، بل عبر اتفاقيات البنية التحتية، وخطط الربط الرقمي، وتوظيف الثروات السيادية. الصين لا تعرض على الدول العربية أيديولوجيا بديلة، بل نموذجًا براغماتيًا يقوم على الربح المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وتوسيع النفوذ بصمت. أما واشنطن، فتجد نفسها مضطرة للتعامل مع واقع جيوسياسي جديد، حيث حلفاؤها التقليديون باتوا يتعاملون بندّية، ويبحثون عن شراكات متعددة.
في قلب هذه المعادلة، تبدو دول الخليج وإيران وتركيا وإسرائيل لاعبًا رئيسيًا في ترجمة هذا الصراع الدولي على أرض الواقع. فالإمارات والسعودية تحتفظان بشراكات استراتيجية مع واشنطن، لكنهما تفتحان أبوابًا واسعة للاستثمارات الصينية في الطاقة والموانئ والذكاء الاصطناعي. إيران، المحاصَرة من الغرب، تجد في بكين شريان حياة اقتصاديًا وسياسيًا. وتركيا توازن بين عضويتها في الناتو وشراكاتها الآسيوية. أما إسرائيل، فهي تدرك أن علاقتها مع الولايات المتحدة لا تمنعها من نسج مصالح تجارية مع الصين، في حدود الخطوط الحمراء الأمريكية.
وفي السياق ذاته، تلعب الحرب في غزة، والأزمات في اليمن وسوريا ولبنان، دورًا حاسمًا في تموضع القوى الكبرى. فبينما تركز واشنطن على أمن إسرائيل والحد من نفوذ إيران، تسعى الصين إلى التهدئة وكسب النفوذ من خلال الدبلوماسية الاقتصادية وعدم الانخراط المباشر. وهكذا يظهر الشرق الأوسط كساحة اختبار استراتيجية لطريقة تعامل كل قوة عظمى مع الأزمات المعقدة: هل عبر الحضور العسكري، أم عبر الاستثمارات والحلول السياسية؟
النتيجة أن الشرق الأوسط لم يعد مجرد هامش في حسابات القوى الكبرى، بل بات عنصرًا مركزيًا في تحديد من ستكون له اليد العليا في العقود القادمة. وإذا كان القرن العشرين قد شهد تفوقًا أمريكيًا شبه مطلق، فإن القرن الحادي والعشرين يخط مسارًا لتعدد الأقطاب، وصراعًا ناعمًا حادًا يتقاطع فيه الاقتصاد مع الأمن والسيادة الرقمية.
اليوم، يبدو العالم مقبلًا على لحظة مفصلية: إما تعاون عالمي يجنّب الكوكب صدامًا مدمرًا، أو انزلاق نحو تصعيد تقوده الحسابات الخاطئة والمصالح المتضاربة. وفي هذا المشهد، على دول الشرق الأوسط أن تتجاوز دور المتلقي، وتتحول إلى صانع للسياسات، يستثمر في تنوع علاقاته، ويبني قوته الذاتية، ويبحث عن توازن حقيقي بين واشنطن وبكين، دون الارتهان لأي محور.
فما بين شِراك التكنولوجيا، وخيوط الطاقة، وظلال الجيوش، يُعاد رسم خريطة العالم من جديد!