بقلم: شعيب متوكل

بعد مرور عامين على الزلزال الذي هزّ منطقة الحوز وخلف خسائر بشرية ومادية جسيمة، عادت الأضواء مجددًا إلى المنطقة، ليس بسبب كارثة جديدة، وإنما بفعل زيارات ميدانية مفاجئة قامت بها أحزاب سياسية، جمعيات مدنية، وشخصيات معروفة في المشهد العام. هذه التحركات، التي جاءت بعد فترة من الاحتجاجات والمطالب الاجتماعية من طرف السكان المتضررين، تثير تساؤلات حول دوافعها وتوقيتها.

خلال العامين الماضيين، شهدت عدة مناطق متضررة من الزلزال وقفات احتجاجية متكررة، طالب فيها السكان بالإسراع في إعادة الإعمار وتوفير الخدمات الأساسية، دون أن تلقى تفاعلاً ملموسًا من أغلب الجهات السياسية، باستثناء بعض المداخلات المحدودة تحت قبة البرلمان. هذا الغياب فسّره البعض بالتقصير، فيما رأى آخرون أن طبيعة المرحلة فرضت أولويات وإكراهات حالت دون استجابة شاملة.

ومع عودة الوفود إلى المنطقة في الأيام الأخيرة، تتباين الآراء بين من يرى فيها تفاعلًا إيجابيًا حتى وإن جاء متأخرًا، وبين من يخشى أن يكون مرتبطًا بتحضيرات انتخابية أو حسابات ظرفية. ورغم أن بعض المبادرات تحمل طابعًا تنمويًا أو إنسانيًا، إلا أن توقيتها يظل محل نقاش في أوساط المتتبعين وتفوح منه رائحة العنبر السياسي.

كما أن السكان المحليون، الذين ذاقوا مرارة الزلزال وتبعاته، وذاقو مرارة الصدود عنهم في وقت الحاجة. لم يخفوا شكوكهم إزاء هذه التحركات المفاجئة، متسائلين عن سبب الغياب الطويل للمسؤولين.

من جانبهم، يؤكد عدد من الفاعلين المحليين على أهمية أي تدخل يساهم في تحسين أوضاع المتضررين، مشددين في الوقت ذاته على ضرورة اعتماد مقاربة مستدامة، تتجاوز منطق المناسبات أو التحركات الموسمية. كما يشددون على ضرورة التنسيق بين مختلف الجهات المعنية لضمان عدالة الإنصاف وفعالية الإنجاز.

في النهاية، تظل هذه الزيارات، مهما كانت خلفياتها، فرصة لإعادة تسليط الضوء على معاناة استمرت طويلاً، وربما تشكل بداية لتصحيح مسار التفاعل مع الأزمات. غير أن نجاح أي تدخل يظل رهينًا بمدى استمراريته، وابتعاده عن منطق التوظيف السياسي، لصالح مصلحة المواطن أولاً وأخيرًا.

ما يحدث اليوم بالحوز يعكس أزمة ثقة بين المواطن والمؤسسات، ويؤكد الحاجة إلى مقاربة تنموية عادلة تتجاوز منطق الاستغلال الظرفي وتضع مصلحة الساكنة فوق الحسابات السياسية.

 

المصدر: مملكة بريس

إقرأ أيضاً:

دعوة لمقاربة شاملة لتنظيم الذكاء الاصطناعي

يحتاج العالم بشكل عاجل إلى مقاربة شاملة لتنظيم الذكاء الاصطناعي للحؤول دون أن يؤدي أي تفلت في هذا المجال إلى تفاقم المخاطر وعدم المساواة، على ما تؤكد الأمينة العامة للاتحاد الدولي للاتصالات، وهي وكالة متخصصة تابعة للأمم المتحدة، في مقابلة صحفية.
تأمل الأميركية دورين بوغدان-مارتن، التي تترأس الاتحاد الدولي للاتصالات منذ عام 2023، أن "يُفيد الذكاء الاصطناعي البشرية جمعاء حقا"، على ما قالت خلال المقابلة التي أجريت معها هذا الأسبوع في جنيف.
وأكدت أن تنظيم الذكاء الاصطناعي أمر أساسي في ظل تزايد المخاوف بشأن مخاطر هذه التقنية، بينها القلق من فقدان الوظائف ومن المعلومات المضللة وانتشار "التزييف العميق" (محتوى مُتلاعب به باستخدام الذكاء الاصطناعي)، وزعزعة النسيج الاجتماعي.
وأضافت "من المُلحّ السعي لوضع الإطار المناسب"، على أن يتم ذلك من خلال "مقاربة شاملة".
تأتي تعليقاتها بعد أن كشف البيت الأبيض أخيرا عن خطة عمل لتعزيز التطوير الحر لنماذج الذكاء الاصطناعي الأميركية في الولايات المتحدة وخارجها، رافضا أي مخاوف بشأن إساءة استخدامها المحتملة.
وقد رفضت بوغدان-مارتن التعليق على هذا التطور الأخير، موضحة أنها "لا تزال تحاول استيعابه".
وقالت "أعتقد أن هناك مقاربات مختلفة" في المسألة، مضيفة "هناك مقاربة الاتحاد الأوروبي، وثمة المقاربة الصينية. واليوم، نشهد على المقاربة الأميركية. أعتقد أن ما نحتاجه هو تفاعل هذه المقاربات".
وأشارت أيضا إلى أن "85% من الدول لا تزال تفتقر إلى سياسات أو استراتيجيات للذكاء الاصطناعي".
ولفتت بوغدان-مارتن إلى أن قضايا الابتكار وبناء القدرات والاستثمار في البنية التحتية ترتدي أهمية محورية بشكل خاص في المناقشات المتعلقة بالتنظيم.
لكنها أبدت اعتقادا بأن "النقاش لا يزال بحاجة إلى أن يُجرى على المستوى العالمي لتحديد مقدار التنظيم اللازم".
أمضت المسؤولة الرفيعة المستوى معظم مسيرتها المهنية في الاتحاد الدولي للاتصالات، وتعتقد أن هذه الوكالة الأممية المسؤولة عن تطوير خدمات وشبكات وتقنيات الاتصالات في جميع أنحاء العالم، تتمتع بمكانة جيدة للمساعدة في تسهيل الحوار بين الدول حول تنظيم الذكاء الاصطناعي.
وأكدت أن "الحاجة إلى نهج عالمي تبدو أساسية بالنسبة لي"، محذرة من أن "المقاربات المجزأة لن تخدم الجميع ولن تصل إليهم".

أخبار ذات صلة "جوجل" تطلق خاصية جديدة لتنظيم نتائج البحث باستخدام الذكاء الاصطناعي «الإمارات الصحية»: برامج وخدمات متكاملة للكشف المبكر عن السرطان المصدر: آ ف ب

مقالات مشابهة

  • «الموارد البشرية» تشرح مفهوم الاتجار بالأشخاص وأشكاله
  • القبيلة والدولة.. الموالي بين منطق الفتح ومأزق التمييز في المشروع الأموي.. كتاب
  • التحضيرات الميدانية لمهرجانات صيدا انطلقت
  • قصة حُلم معطّل 15
  • انقسام داخل المجلس الرئاسي حول توحيد الإيرادات واتهامات للزبيدي بالفساد
  • التحركات المصرية في غزة بين البعد الإنساني والمبادرات السياسية.. وخبير: لها دور محوري باحتواء الأزمة
  • وداعًا للفأرة والكيبورد.. سوار ميتا الثوري للكتابة والنقر بدون لمس أي شيء بيدك
  • المملكة تختتم مشاركتها في المنتدى السياسي رفيع المستوى 2025 المعني بالتنمية المستدامة
  • دعوة لمقاربة شاملة لتنظيم الذكاء الاصطناعي
  • إطلاق حملة للقضاء على ظاهرة “الباركينغ”