(١)
صرح الاخ بابكر فيصل بابكر رئيس المكتب التنفيذي للتجمع الاتحادي في يوم ١٣ ابريل ٢٠٢٣ (ان المخرج الوحيد للبلاد للخروج من هذا المأزق هو التوقيع على الاتفاق الاطاريء وبدونه ستتجه البلاد نحو الحرب في ظل التشظي والانقسام الواقع في المؤسسة العسكرية)
عند تشريح هذا التصريح فهو باديء ذي بدء ينم عن عقلية الاستبداد الاحادية والتي بدأت باحتكار ثورة ديسمبر ٢٠١٨ ومنجزاتها خلال المرحلة الانتقالية حتى فض الشراكة مع المكون العسكري في اكتوبر ٢٠٢١، ثم استمر ذات العقل الاستبدادي في احتكار ادارة الازمة الثورية مع المكون العسكري من داخل ذات الصندوق القديم الذي انتج الازمة حتى ابرام صفقة الاتفاق الاطاريء ،وبدلا من الانفتاح على مبادرات القوى السياسية والمجتمعية الاخرى لبناء رؤية وطنية شاملة حول مهام المرحلة الانتقالية والمشروع الديمقراطي المستدام لانهاء حالة الاستقطاب الوطني جعلت قحت الاتفاق الاطاريء هو سفينة نوح من تخلف عنها كان من المغرقين ومع ذلك أغلقت باب السفينة بالضبة والمفتاح في وجه الاخرين خشية الاغراق!!
انه التناقض الفكري والسياسي وهو سمت المستبدين.

(٢)
ايضا التصريح ينم عن زهد قحت في القاعدة الثورية والمجتمعية بعد انهيار جدار الثقة بين هذه الشرائح وقحت، ومنطق الثورة الصبورة يتطلب استعادة الثقة والتصالح مع صناعها ولكن قحت اقتفت بالاثر الميكافلي الذي يقول من يبني على الشعب يبني على الطين فهرولت قيادات قحت لاعادة الشراكة من جديد مع المكون العسكري ، والثورات الديمقراطية العميقة تقتضي ان يكون تمثيل المكون العسكري في مؤسساتها رمزيا ومرحليا لدواعي وضرورات الانتقال.
والثورات الديمقراطية العميقة ايضا تقتضي تفكيك وتصفية اي مليشيا شبه عسكرية تم تصميمها لحماية النظام المباد واركانه وبناء مؤسسة عسكرية مهنية وقومية وموحدة وظيفتها صيانة الهوية الوطنية، وحماية الدستور والنظام الديمقراطي.
ان عبرة المسير خلال تجربة المرحلة الانتقالية من سبتمبر ٢٠١٩ الى فض الشراكة في اكتوبر ٢٠٢١، والى قرار الفريق البرهان في يوليو ٢٠٢٢ والقاضي بخروج المؤسسة العسكرية من العملية السياسية، تعزز من ان بناء اكبر كتلة تاريخية توافقية من القوى السياسية والمجتمعية هو الخيار لتحويل خروج المؤسسة العسكرية التكتيكي الى خروج استراتيجي من العملية السياسية لأن ذلك يصب في صالح وحدة المؤسسة العسكرية ،ووحدة القوى السياسية والمجتمعية والثورية. ومن ثم تحصين المشروع الوطني الديمقراطي من ارتدادات الثورة المضادة.

(٣).
لكن قحت اختارت تمرير الاتفاق الاطاريء عبر الاستثمار الخبيث في القوى الصلبة والمتمثلة في الجيش والدعم السريع والاستقواء بمحور الثورة المضادة الخارجي وفي طليعته دويلة الشر الامارات ، وعندما أصرت قيادة الجيش السوداني على حشد اكبر توافق سياسي حول الاتفاق الاطاريء، هرولت قيادات قحت لاستقطاب قيادة الدعم السريع عبر محفزات تقضي بإرجاء عملية دمجه في الجيش خلال مدة تتراوح بين عشرة الى عشرين عاما، وتقنين تضخم امبراطورية آل دقلو الاقتصادية والمالية والعسكرية واعادة تأهيل وتسويق حميدتي واسرته اقليميا ودوليا .
لقد انتج استثمار قحت في القوى الصلبة اعادة مليشيا الدعم السريع الى واجهة العملية السياسية ، واتساع الهوة والبينونة بين المليشيا والجيش وتكلل هذا الاستثمار السياسي في التحالف بين قحت المجلس المركزي والدعم السريع باسناد من الرباعية والثلاثية الدولية.

(٤).
ان الاصل في بنية هذا التحالف المساند للاتفاق الاطاريء انه تحالف سياسي، بالتالي فان ادواته هي الحجاج الفكري والسياسي، وان استقطاب حميدتي في هذا التحالف بدواعي ثقله السياسي والمجتمعي وانحيازه لشعارات ثورة ديسمبر، حرية، سلام، وعدالة، بالتالي كان ينبغي ان يرفع هذا التحالف شعارات تعمق روح العقلانية والحكمة ، واعلاء لغة الحوار مع الاخر المغاير وتحييد ادوات العنف والقوة في ادارة الازمة لاتقاء التدحرج في السيناريوهات المدمرة.
ولكن المؤسف ان قيادات قحت رفعت الشعار الصفري والمستفز لكبرياء الشعب وشرف الجيش السوداني يالاتفاق الاطاريء او الحرب. وثالثة الاثافي عندما فشلت في تحقيق الشعار بأدوات الضغط والتدافع السياسي لجأت الى تفعيل الخطة (ب) وهي الحرب ، ولكن لماذا لجأ تحالف ال دقلو وقحت لهذا الخيار؟؟ لأنه التحالف الوحيد الذي يملك كل الاركان المادية المؤهلة ظاهريا لخوض الحرب بل وحسمها في الميدان واختطاف السلطة والدولة ، فهو يملك مليشيا عسكرية مدججة بالسلاح والعتاد ، ويملك حاضنة سياسية مدنية، ويملك المال والذهب ويملك العلاقات الاقليمية والدولية ، ويملك تدفقات المال والسلاح واللوجستيات عبر دويلة الشر الامارات .

ولكن هذا التحالف الشرير اسقط من سنن المدافعة العامل الفاعل لصناعة الصمود والانتصار في المعركة وهو تلاقي ارادة الأمة السودانية مع ارادة الجيش لذلك عندما فشل هذا التحالف في استلام السلطة تحولت حربه الارهابية وغير الاخلاقية ضد كل الشعب السوداني وسقط قناع الديمقراطية والدولة المدنية والتي قوام مرجعيتها هو ذات الشعب الذي تستباح دماءه وتنهب ممتلكاته ، وتنتهك اعراضه ، ولكن الالهام التاريخي يعلمنا ان ارادة الشعب والجيش هي المنتصرة مهما تكسرت النصال على النصال.

عثمان جلال

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الاتفاق الاطاریء المؤسسة العسکریة هذا التحالف

إقرأ أيضاً:

رحل الساحر ولكن.. للثروة حسابات أخرى

حين يُذكر اسم محمود عبد العزيز، يتبادر إلى الذهن فورًا فنان من طراز خاص، لا تُختزل مسيرته في عدد الأفلام أو الجوائز، بل في ما تركه من أثر حقيقي.

 

 

لم يكن من هواة الصخب، ولا من نجوم العناوين العريضة، لكنه كان حاضرًا بقوة في قلوب الجمهور، بأدواره الصادقة، وموهبته.

 

لذلك، يبدو مؤلمًا ومربكًا أن يُستدعى اسمه اليوم في خضم أزمة عائلية، لا تليق بتاريخه، ولا تعبر عن صورته الحقيقية. فالرجل الذي عاش بعيدًا عن الخلافات، واختار دائمًا أن يتحدث فنه نيابةً عنه، لا ينبغي أن يصبح اسمه جزءًا من جدل حول الميراث أو أوراق الطلاق.
 

أن يتحول "الساحر" الذي ألهم الأجيال، إلى اسم عالق في أزمة عائلية، تتنازعه بيانات وتصريحات عن الميراث، وأوراق الطلاق.
الحقيقة أن هذا المشهد لا يُسيء لمحمود عبد العزيز، بقدر ما يجرح صورة نحب أن نحتفظ بها نقية، كما عرفناها. فهو لم يكن يومًا "ثروة" تُقسم، بل "قيمة" تُحترم. رجل عاش ومات بعيدًا عن المزايدات.

 

 

في عام 2016، رحل "الساحر" عن عالمنا، تاركًا إرثًا فنيًا كبيرًا وسيرة عطرة لا يزال يُشهد له بها بين زملائه ومحبيه. واصل نجلاه، محمد وكريم محمود عبد العزيز، المسيرة الفنية بأعمال نالت ترحيب الجمهور، الذي استقبل حضورهما بمحبة تشبه ما كان يكنّه لوالدهما.

 

 

والحق يُقال، لم يزجّ الثنائي نفسيهما في أي خلافات أو مشادات عبر السنوات، بل ظلا حريصين على الدعاء لوالدهما وذكره بالخير في كل مناسبة.

 

 

كما ترك زوجة أحبّته حتى النهاية، هي الإعلامية بوسي شلبي، التي غادرت منزلهما يوم رحيله، مدركةً أنه أوصى بكل ما يملك لنجليه، حسب ما يؤكده عدد من المقربين منهما في الوسط الفني.

 

 

وهنا يطرح السؤال نفسه: ما الذي تغير بعد تسع سنوات من الوفاة، حتى يُزج باسمه في قضايا من هذا النوع؟

 

 

نجله الأكبر، المنتج والممثل محمد محمود عبد العزيز، نفى تمامًا كل ما تردد حول نزاع على قطعة أرض بمليارات الجنيهات، مؤكدًا أن إعلام الوراثة الرسمي الصادر بعد الوفاة لم يتضمن سوى اسمه واسم شقيقه فقط.

 

 

لقد أحبّ محمود عبد العزيز أبناءه حبًا جارفًا، وفضّلهم في حياته على الجميع، وربما اعتقد أن هذا وحده كافٍ ليُدركوا أن قيمة الشرف والاحترام أعلى من أي خلاف على مال. لكن من المؤسف أن يتم الزج باسمه في بيان يطعن في زواجه.

وإن كانت محاولة نفي الزواج مرتبطة بخلاف على الميراث، فهل كان من الأجدر أن تُحل الخلافات في صمت، بدلًا من تشويه صورة فنان عظيم لم يعد بيننا، ولا يملك حق الدفاع عن نفسه؟

 

 

على الجانب الآخر، تقف الإعلامية التي ما دام أكدت في لقاءاتها أنها لا تزال على العهد، وفية لزوجها الراحل، ومخلصة لكل لحظة بينهما، حاملة ذكراه في قلبها كما اعتدنا أن نراها. لكن السؤال المشروع هنا: لماذا قررت إثارة هذه القضايا والخلافات، التي بدأت منذ عام 2021، لإثبات أن الطلاق الذي تم في أواخر التسعينيات — بعد شهور قليلة من الزواج — لم يُوثق بشكل نهائي؟

 

 

 

إذا كانت تمتلك بالفعل أوراقًا رسمية تثبت الزواج، كما تقول، وإن كانت لا تطالب بالمال أو الميراث — كما يدّعي بعض أصدقائها من الوسط الفني — فما الذي يدفعها لفتح هذا الملف الآن؟ وهل يمكن أن يُفهم هذا الإصرار على إثبات الزواج كإشارة إلى أن الراحل قد "ردّها" إلى عصمته شفهيًا دون توثيق؟
 

 

شرعًا، تُعد زوجته. لكن قانونًا، إذا كانت تملك منذ سنوات ما يثبت الزواج، فلماذا لم تُعلن ذلك إلا بعد مرور تسع سنوات على وفاته؟
 

 

وإذا كان الاتفاق — كما يؤكد المقربون منهما — هو ألا تطالب بأي شيء من الإرث احترامًا للعِشرة ولأبنائه، فلماذا تراجعت فجأة؟
هل هذا هو الوفاء الذي اعتادت أن ترفعه ؟ أم أن بعض الأسئلة لا تجد إجابات، لأن الحقيقة ليست دائمًا كما تُروى؟

 

الجميع يقف الآن طرفًا في حرب من تبادل التصريحات، كلٌّ يحاول إثبات صحة موقفه بكل ما أوتي من قوة. لكن هذه المعارك، بكل ضجيجها، لا تليق بمحمود عبد العزيز. فلا يجب أن تُبنى النزاعات على حساب فنان رحل، لا يملك اليوم أن يدافع عن نفسه، ولا أن يروي ما غاب من تفاصيل لا يعلمها سوى الله.

 

 

هو الذي لم يتحدث كثيرًا عن نفسه، ولم يسعَ إلى رسم صورة أسطورية له. اكتفى بأن يكون صادقًا، وترك أعمالًا تُغني عن أي سيرة. من "رأفت الهجان" الذي أصبح رمزًا وطنيًا، إلى أدوار الإنسان البسيط في "الكيت كات"، و"البرئ"، و"الساحر"… لم يكن بطلًا خارقًا، بل إنسانًا يعرف كيف يصل إلى قلوب الناس دون ادعاء.

 

 

وهكذا نحب أن نتذكره: فنانًا صدق نفسه فصدقه الناس، أبًا ترك في عيون أبنائه دفئًا حتى وإن اختلفوا بعده، ورجلًا لم يكن بحاجة لمن يُدافع عنه بعد رحيله.

 

 

الجدل حول المال لا يُغيّب الحقيقة: أن الإرث الحقيقي لمحمود عبد العزيز لا يُقاس بالممتلكات، بل بالمحبة. محبة جمهور لا يزال يستعيد مشاهده، ويرويها للأبناء، وينحني احترامًا لفنٍّ لا يموت.

 

 

ولأن الثروة الحقيقية لا تُورَّث… بل تُستلهم، سيبقى اسمه في المكان الذي يليق به: في القلوب، لا في سجلات المحاكم.

مقالات مشابهة

  • مسيرات حاشدة في 46 ساحة في الجوف تحت شعار “مع غزة.. لمواجهة جريمة الإبادة والتجويع”
  • ترامب: هدفنا إنهاء الحرب في غزة وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني
  • زمزم: “مراكب النجاة” أنقذت القرى الأكثر فقرًا من كارثة الهجرة غير الشرعية
  • تحرك مفاجئ لقيادات في الرئاسي للبحث عن “مظلة جديدة” بعد انكشاف عزلة التحالف!
  • اقتلهم بالرصاص قبل أن يموتوا بالمرض.. شعار إسرائيل في استهدافها المستشفيات بغزة
  • هذه الفوضى ستنتهي بعد هذه الحرب.. الجيش سينتشر على امتداد خريطة السودان
  • الحرب سوف تقضي على أكبر آلة كذب ونفاق يشهدها تاريخ السودان الحديث
  • رحل الساحر ولكن.. للثروة حسابات أخرى
  • اعترافات من داخل الجيش الإسرائيلي: غزة على شفا مجاعة
  • نائب الشيوخ: مصر تتحرك بثقلها الإقليمي لوقف الحرب بغزة