الانتهاء من تعزيز الشمول المالي والرقابة المصرفية بدعم الاتحاد الأوروبي وGIZتعليمات بشأن استخدام بطاقات الخصم خارج مصر

 

قرر البنك المركزي المصري فتح وتفعيل الحد الائتماني الأقصى الممنوح للبطاقة الائتمانية للاستخدام في الخارج بمجرد قيام العميل بالتواصل مع مركز خدمة العملاء بالبنك المصدر للبطاقة وإخطارهم بسفره للخارج .


 

قال البنك المركزي في بيان عاجل، إن تلك التعليمات تأتي وفق الإجراءات التنظيمية المطبقة لدى البنك.

ننسق مع البنك المركزي لتدبير العملة..اتحاد الصناعات: الدولة تستورد 98% من الزيوت قانون البنك المركزي يحظر على البنوك تجاوز القيمة الأسمية للحصص.. تفاصيل

ولحين تلقي البنك المصدر إخطارًا من العميل لتفعيل الحد الائتماني للبطاقة وفق ما تقدم.

 

حد أقصى شهري لاستخدام البطاقة الائتمانية 

وأوضح أنه سيتم وضع حد أقصي شهري لاستخدام البطاقة الائتمانية وفقًا لما يقرره كل بنك.

 

وذكر البنك أن تلك التعليمات تأتي حرصًا منه على تلبية احتياجات المواطنين وتيسير استخدامهم لبطاقاتهم الائتمانية لتغطية نفقاتهم خلال السفر للخارج، خاصة في ظل ما لوحظ مؤخرًا من إساءة استخدام بعض المضاربين لتلك البطاقات من خلال إجراء سحوبات نقدية من الخارج دون السفر فعليًا

 

وأعلن كل من البنك المركزي المصري والاتحاد الأوروبي والوكالة الألمانية للتعاون الدولي GIZ، عن الانتهاء بنجاح من مشروع الدعم الفني "تعزيز الشمول المالي والرقابة المصرفية في مصر"، والذي تم إطلاقه في نوفمبر2018 بتمويل قدره 4.12 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي والوزارة الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية، ونفذته الوكالة الألمانية للتعاون الدولي.

 

يأتي ذلك في إطار حرص البنك المركزي المصري على تعزيز التعاون مع المؤسسات والهيئات الدولية والمحلية لدعم الجهود الوطنية الرامية إلى تحقيق نظام مالي شامل، بما يتوافق مع أفضل الممارسات العالمية لتدعيم النمو الاقتصادي الشامل والمستدام.

 

وحقق المشروع العديد من الإنجازات والنتائج الإيجابية، منها صياغة استراتيجية الشمول المالي (2022-2025) التي أعدها البنك المركزي المصري اعتمادًا على نتائج المسح الميداني للخدمات المالية على عينة ممثلة للأفراد والمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، شملت القطاعين الرسمي وغير الرسمي، وذلك بالتعاون مع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء والوزارات والهيئات المعنية.

وشهدت مؤشرات الشمول المالي التي أصدرها البنك المركزي في ديسمبر 2022 زيادة كبيرة في معدلات الشمول المالي خلال الفترة 2016-2022، بمعدل نمو قدره 147%، ليصل إجمالي ملكية واستخدام الحسابات إلى 42.3 مليون مواطن، وهو ما يمثل 64.8% من إجمالي 65.4 مليون مواطن (16 سنة فأكثر)، أما بالنسبة لمؤشرات الشمول المالي الخاصة بالمرأة فقد أظهرت ارتفاعًا في عدد الإناث اللاتي يمتلكن ويستخدمن حسابات إلى 18.3 مليون سيدة بنهاية عام 2022، وهو ما يمثل57.6% من إجمالي 31.8 مليون سيدة بمعدل نمو بلغ 210٪ مقارنة بعام 2016.

كما ساهم المشروع في إطلاق منصة "افهم بيزنس" بالتعاون مع المعهد المصرفي المصري، والتي تهدف لتقديم الدعم الفني للشركات الناشئة والشركات الصغيرة.

وعلى صعيد التعاون في مجال الرقابة المصرفية، فقد تم الانتهاء من تطوير نموذج تقييم المخاطر المكون من 12 عنصرًا، تماشيًا مع أفضل الممارسات الدولية لتعزيز الرقابة والإشراف على البنوك، ويستكمل قطاع الرقابة والإشراف بالبنك المركزي تطبيق النموذج واختباره دوريًا.

أما بالنسبة لتعزيز إطار التعليمات الرقابية، فقد ركز المشروع على تدعيم القدرات الرقابية ورفع كفاءة الجهاز المصرفي لتطبيق مقررات بازل 3 – إصلاحات ما بعد الأزمة – خاصة فيما يتعلق بمخاطر السوق والائتمان والتوريق، وكذا رأس المال الرقابي.

علاوة على ذلك، قدم المشروع الدعم الفني لقطاع التعليمات الرقابية بالبنك المركزي لتعزيز آليات التعاون الدولي بين البنك والجهات الأجنبية المناظرة، بالإضافة إلى بناء القدرات لتفعيل إطار تقييم الأثر بالنسبة للتعليمات الرقابية التي يصدرها البنك المركزي للقطاع المصرفي.

وفيما يتعلق بالاستقرار المالي على المستوى الكلي، وفر المشروع الدعم الفني اللازم لقطاع مراقبة المخاطر الكلية للبنك المركزي بهدف تعزيز الهيكل المؤسسي للاستقرار المالي والإطار التحليلي ومجموعة أدوات السياسة الاحترازية الكلية.

وفي هذا السياق، صرحت مي أبو النجا، وكيل أول المحافظ،، بأن "قطاع مكتب المحافظ يعكس المشروع الشراكة الاستراتيجية للبنك المركزي المصري مع كل من الاتحاد الأوروبي والتعاون الإنمائي الألماني في إطار حرص البنك على تعزيز الشمول المالي وإتاحة الخدمات المصرفية لجميع فئات المجتمع من المواطنين والمشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة بما يعزز التمويل المستدام".

من جانبه قال محمد أبو موسى، وكيل أول المحافظ، قطاع الرقابة المكتبية، الرقابة والإشراف: "ساهم المشروع في تعزيز الرقابة والاشراف بما يدعم قوة الجهاز المصرفي متضمنا الرقابة على مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وفقًا لأفضل الممارسات الدولية".

فيما قال السفير كريستيان بيرجر، رئيس وفد الاتحاد الأوروبي في مصر: "يعد مشروع تعزيز الشمول المالي والرقابة المصرفية في مصر جزءًا حيويًا من جهود الاتحاد الأوروبي لدعم التنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي في مصر. حيث تمكنا من خلال هذا المشروع، من العمل عن كثب مع شركائنا لإنشاء نظام مالي أكثر شمولًا يمكنه تلبية احتياجات جميع المصريين بشكل أفضل، بما في ذلك النساء والسكان المستبعدين ماليًا. كما ساهم المشروع أيضًا في تعزيز التعليمات الرقابية، وهو أمر بالغ الأهمية للحفاظ على الاستقرار المالي وتعزيز النمو المستدام. نحن فخورون بأن نكون جزءًا من هذه المبادرة المهمة ونتطلع إلى البناء على هذه الإنجازات في تعاوننا المستقبلي مع مصر".

وقالت  ستيفاني سورتسن، نائب رئيس التعاون الإنمائي الألماني في مصر: "نحن فخورون بدعم البنك المركزي المصري بجانب الاتحاد الأوروبي بصفتنا شريكًا في المشروع، حيث نتحد لتحقيق تقدم كبير نحو تعزيز الشمول المالي وتعزيز الرقابة المصرفية في مصر، وهذا المشروع هو شهادة على التزامنا بدعم النمو الاقتصادي المستدام والتنمية الاجتماعية في مصر، ونتطلع إلى مواصلة تعاوننا مع شركائنا في مصر".

من جانبه، أكد أندرياس روب، مدير مشروع تطوير القطاع المالي في الوكالة الألمانية للتعاون الدولي: "شهدنا التزام البنك المركزي بتعزيز الرقابة المصرفية في مصر، بالإضافة إلى حرصه على زيادة معدلات الشمول المالي في المجتمع، ونحن فخورون بما حققناه معًا في هذا المشروع الطموح. ولقد أعجبنا بمستوى المهارة والتأهيل والقدرة على التحمل والتحفيز الذي رأيناه في البنك المركزي وهذا مؤشر نجاح رئيسي للمشروع. نشكر البنك المركزي المصري على هذا التعاون الناجح ونحن سعداء للتعاون في مشاريع مستقبلية".

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: البنک المرکزی المصری تعزیز الشمول المالی الألمانیة للتعاون الاتحاد الأوروبی تعزیز الرقابة الدعم الفنی

إقرأ أيضاً:

منظومة القمع المصري.. اختراق الحدود وملاحقة المعارضين بأي ثمن

اللجوء الذي لم يعد ملاذا

في أحد مطارات إحدى الدول، يدخل شاب مصري مقيم في دولة أوروبية منذ خمس سنوات إلى صالة الوصول، حاملا جواز سفر يحمل تأشيرة دخول؛ فجأة، تحيط به الشرطة ويُقاد إلى غرفة التحقيق، هناك يُعلم بأن اسمه على قائمة الإنتربول بناء على طلب مصري، بتهمة "الانتماء لجماعة إرهابية". في نفس اليوم، يُقتحم منزل أسرته في أحد أحياء القاهرة، ويُعتقل شقيقه بتهم ملفقة ويهدد برسائل لاعتقال أمه وأخته. هذه ليست قصة خيال، بل حالة متكررة في ملف النظام العسكري المصري الذي حوّل القمع من ممارسة محلية إلى صيد عابر للقارات.

الفصل الأول: التشريع كسيف مسلط على الرقاب البعيدة

هندسة القوانين لتصدير القمع

لم تترك السلطات العسكرية في مصر شيئا للصدفة، فمنذ تمدد المعارضة خارج الحدود وتمرد الشباب على المعارضة التقليدية، شرعت في هندسة ترسانة قانونية تسمح بملاحقة من يعتبرهم النظام "أعداء" أينما وجدوا. تم تعديل قوانين مكافحة الإرهاب والتجسس وقانون العقوبات لتوسيع نطاق الاختصاص القضائي المصري ليشمل أي فعل "يُضِر بالمصلحة العليا للدولة" حتى لو حدث خارج إقليمها، وصيغت النصوص بعبارات فضفاضة مثل "الإضرار بالاقتصاد الوطني" أو "النيل من هيبة الدولة" أو "نشر أخبار كاذبة"؛ مصطلحات قابلة للتأويل لتشمل أي انتقاد للنظام من الخارج، وما الصحفية المصرية بسمة مصطفي المقيمة في ألمانيا، أو عبد الرحمن عز المقيم في لندن، وأنس حبيب وحاتم شريف وإيناس إسماعيل وكاتب هذه السطور المقيمين في هولندا؛ عنكم ببعيد، فهي نماذج حية للقمع العابر للقارات.

القضايا الهلامية

يظهر نمط من القضايا الجماعية التي تُرفع ضد مئات الأشخاص، معظمهم يقيمون خارج مصر. تُصنع هذه القضايا في أروقة الأمن الوطني، حيث تُختلق وقائع غير موجودة إلا في مخيلة ضابط الامن الوطني، وتُجمع أسماء عشوائية، وتُقدم للمحاكم كـ"قضايا كبرى". إحدى هذه القضايا الشهيرة تضم أكثر من 300 متهما، بينهم 200 على الأقل في الخارج، متهمين جميعا بـ"الانضمام لجماعة إرهابية" و"التمويل الإرهابي" و"التخابر لصالح جهات أجنبية". القضية لا تحوي أدلة مادية، بل تعتمد على اعترافات منتزعة تحت التعذيب من معتقلين آخرين، وروابط افتراضية على مواقع التواصل الاجتماعي.

محاكمات الغياب كآلية إرهاب

تم إصدار أحكام غيابية بالمؤبد وحتى الإعدام على عشرات النشطاء في الخارج، في جلسات تستغرق دقائق معدودة، دون محامين للدفاع، ودون أدلة حقيقية كما ذكرها الضابط المنشق ماجد عثمان في فيديوهاته.

هذه الأحكام ليست للتنفيذ في الواقع -فمن الصعب تسلم المطلوبين من دول أوروبية- بل هي رسالة ترهيب واضحة: "نستطيع الوصول إليكم قانونيا، ونستطيع أن نعلنكم مطلوبين للعدالة".

الفصل الثاني: عُقدة العائلة.. عندما يصبح الحب سلاحا

الاعتقال الاستباقي للأقارب

طورت الأجهزة الأمنية ممارستها القمعية المنهجية والتي تعرف بـ"الاعتقال الاستباقي" أو "الاعتقال الاحتياطي" لأقارب النشطاء في الخارج. بمجرد أن يظهر اسم ناشط في برنامج تلفزيوني معارض من الخارج، أو ينظم وقفة احتجاجية أمام سفارة، تتحرك الأجهزة الأمنية لاعتقال أقاربه من الدرجة الأولى في مصر. الهدف واضح: تحويل نشاط المعارض في الخارج إلى تهديد وجودي لأسرته، وعلى سبيل المثال القضية الاخيرة برقم 1282 لعام 2024 والتي هي مثال للاعتقال الاستباقي للأقارب.

النساء دروع بشرية

لاحظ المراقبون تركيزا خاصا على اعتقال النساء من عائلات النشطاء. الأمهات تحديدا يتحولن إلى أهداف استراتيجية، فاعتقال أم ناشط في الثلاثينيات من عمره يولد ضغطا عاطفيا هائلا لا يتحمله معظم الأبناء. وفي حالات كثيرة، تُعتقل الزوجات والأخوات، ويواجهن ظروف احتجاز قاسية في سجون سيئة السمعة، أحيانا مع أطفالهن الرضع، وما أم عبد الرحمن الشويخ عنا ببعيد.

أسلوب "الرهائن"

في إحدى الحالات الموثقة، اعتقلت الأجهزة الأمنية والد ووالدة وأخوَيْن لناشط مقيم في قطر، وتركت لهم رسالة غير مباشرة: "أقنعوا ابنكم بالتوقف عن النشاط المعارض، وسنفرج عنكم". وأحيانا تكون الطلبات خيالية مثل نزول الناشط لمصر وتسليم نفسه، فتحولت الأسرة إلى رهائن سياسيين، وأصبح اتصالهم بابنهم في الخارج عبارة عن جلسات مراقبة ومحاولات للضغط عليه. العديد من النشطاء يقعون في مأزق أخلاقي لا حل له: إما التوقف عن نشاطهم السياسي الذي يؤمنون به، أو تحمل مسؤولية تعذيب واستغلال أحبائهم.

الخوف كفيروس مجتمعي

لا تستهدف هذه الممارسات النشطاء وعائلاتهم فقط، بل تخلق حالة من الرعب المجتمعي العام. صار الناس يخافون من وجود قريب في الخارج، ويتجنبون الحديث عن أبنائهم المغتربين، ويمتنعون عن مشاركة أخبارهم على وسائل التواصل خوفا من أن تجذب الانتباه الأمني، وفي أحيان كثيرة يقومون بحظرهم خوفا من الملاحقة والمراقبة. تحولت الهجرة واللجوء -التي كانت مصدر فخر لدعم الأسرة- إلى مصدر تهديد وخطر.

الفصل الثالث: الإنتربول.. القفاز القانوني للقبضة الأمنية

تحويل الشرعية الدولية إلى سلاح

تأسست المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول) لمكافحة الجريمة العابرة للحدود مثل الاتجار بالمخدرات والأشخاص والجرائم المالية الكبرى، لكن النظام المصري استطاع تحويل هذه الآلية الدولية المحايدة إلى أداة للملاحقة السياسية. أصبح "الإشعار الأحمر" -الذي يفترض أنه تحذير للشرطة الدولية عن مجرم خطير هارب- مجرد وسيلة لملاحقة صحفيين وحقوقيين ومدونين والامثلة ذكرت سابقا وغيرها الكثير.

آلية الاختطاف القانوني

تتبع مصر استراتيجية خبيثة في استخدام الإنتربول: تقدم طلبات بإشعارات حمراء ضد ناشطين بناء على أحكام غيابية صادرة من محاكم استثنائية، مثل الزيارة الغريبة التي تحدث عنها أنس حبيب في أحد الفيديوهات الأخيرة.

تستغل الثغرة في نظام الإنتربول الذي لا يتحقق من شرعية القضايا الأساسية، بل يكتفي بالتحقق من اكتمال الأوراق. وهكذا يتحول ناشط سلمي إلى "مطلوب دوليا" بناء على قضية ملفقة بالكامل.

حالات مفجعة

في عام 2018، اعتقلت السلطات الإسبانية ناشطا حقوقيا مصريا لدى وصوله إلى مطار مدريد، بناء على إشعار أحمر من مصر. قضى 40 يوما في السجن قبل أن ترفض المحاكم الإسبانية طلب التسليم لعدم وجود أدلة حقيقية، لكن التجربة دمرته نفسيا وجعلته يعيش رهاب السفر والمطارات. وفي حالة أخرى، منعت سلطات مطار فرانكفورت شابة مصرية من السفر إلى بريطانيا لحضور مؤتمر أكاديمي، لأن اسمها كان على قوائم المراقبة بناء على طلب مصري. وافتح القوس ولا تغلقه مثلما حدث مع الناشط عبد الرحمن عز، والصحفي المرموق أحمد منصور الإعلامي في الجزيرة.

التكلفة الإنسانية

لا تقتصر آثار إساءة استخدام الإنتربول على الاعتقال أو منع السفر، بل تمتد إلى تدمير الحياة العملية والاجتماعية للناشطين. فوجود اسم الشخص على قوائم الإنتربول -حتى لو تم سحبه لاحقا- يترك أثرا دائما في قواعد البيانات الدولية، وقد يؤثر على فرص العمل والسفر والهجرة مدى الحياة. كما أن مجرد الخوف من الاعتقال في مطار ما يجبر الكثيرين على العزلة والاختباء، مما يحقق للنظام هدفه بإسكات الأصوات المعارضة.

الفصل الرابع: شبكات القمع الإقليمي والدولي

التحالفات الأمنية كأدوات قمع

لا تعمل السلطات المصرية بمفردها، بل هي أحيانا جزء من شبكة إقليمية للقمع العابر للحدود. فمن خلال التحالف مع دول مثل الإمارات العربية المتحدة وغيرها، تتبادل الأجهزة الأمنية معلومات عن النشطاء وتتعاون في مراقبتهم وملاحقتهم. في عدة حالات، تم اعتقال نشطاء مصريين في دول خليجية بناء على طلب مصري، ثم تسليمهم بشكل غير رسمي إلى القاهرة، وما حدث مع الشاعر عبدالرحمن يوسف القرضاوي ليس عنا ببعيد.

الدبلوماسية السامة

تحولت السفارات والقنصليات المصرية في الخارج إلى مراكز للمراقبة والتجسس على الجاليات. يقوم موظفون أمنيون متنكرون بزي دبلوماسيين بجمع معلومات عن النشطاء، وحضور فعالياتهم، وتصوير المشاركين، وترهيب الطلبة المبتعثين عبر التهديد بإلغاء منحهم الدراسية أو منع عائلاتهم من السفر. وما حدث في وقفات أمام السفارات المصرية في عامي الحرب الأخيرة على غزة المطالبة بفتح المعبر خير مثال، حيث لوحقت عائلات المشاركين في حراك حصار السفارات مثل الناشطين عبد الرحمن إيهاب وعمر إيهاب، حيث تم اعتقال عمهم جراء نشاطهم في حراك السفارات.

استغلال حروب مكافحة الإرهاب

تستخدم مصر بخبث الحملة العالمية لمكافحة الإرهاب، للتنكيل بكل معارضة سياسية بأنها "إرهاب"، وتقدم معلومات استخباراتية مشكوكا فيها لدول غربية عن نشطاء على أنهم "إرهابيون".

بعض الدول الغربية، في سعيها للحصول على معلومات استخباراتية عن الجماعات ذات المرجعية الإسلامية، فتقبل هذه المعلومات وتتعامل مع النشطاء كتهديدات أمنية، مما يلحق بهم ضررا بالغا، وما فضيحة مراقبة المساجد في هولندا وغيرها من الدول بتحريض من الإمارات ببعيدة عنا.

عسكرة العلاقات الدولية

تحول التعاون العسكري والأمني الى المحور الأساسي للعلاقات الدولية لمصر. ففي المفاوضات مع الدول الأوروبية حول اتفاقيات تجارية أو هجرة، تقدم القاهرة التعاون الأمني كعملة مساومة: "ساعدونا في ملاحقة المطلوبين لدينا، وسنضمن لكم التعاون في قضايا الهجرة غير النظامية أو مكافحة الإرهاب". وما حدث مع أنس حبيب في بلجيكا ومن إساءة استخدام السيسي للهيئات الدبلوماسية في محاولة للتنكيل بكل صوت يعارضه من الخارج؛ خير دليل.

الفصل الخامس: آثار نفسية ومجتمعية مدمرة

جروح غير مرئية

ما يعايشه النشطاء المصريون في الخارج من ضغط نفسي هائل لا يقل عن ضغط من يسجنون في الداخل. يعاني الكثير منهم من اضطراب القلق العام، ونوبات الهلع، والاكتئاب، واضطراب ما بعد الصدمة. الشعور الدائم بالتهديد، والخوف على الأهل، والإحساس بالعجز عن حماية الأحباء، كلها عوامل تدمر الصحة النفسية.

غياب الثقة

تعد هذه الممارسات تمزيق للنسيج الاجتماعي للمجتمعات المصرية في الخارج. فالخوف من أن يكون أي شخص عميلا للنظام، أو أن المعلومات قد تتسرب عبر الصداقات، يجعل النشطاء يعيشون في عزلة وشك دائم؛ تختفي الثقة بين الناس، ويصعب بناء تحالفات أو عمل جماعي إلا في أضيق الحدود.

تحول مفهوم الوطن

تعتبر علاقة الناشطين في المنفي مع الوطن علاقة معقدة جدا. فمن ناحية، حبه لمصر وشعوره بالمسؤولية تجاهها هو ما يدفعه للنشاط السياسي، ومن ناحية أخرى، فإن الدولة المصرية نفسها (أو النظام الحاكم فيها الذى هو الاحتلال العسكري) يعد مصدر تهديده الرئيسي. هذا التناقض يخلق أزمة هوية عميقة، ويجعل الحنين إلى الوطن محفوفا بالألم والخوف.

إرث للأجيال القادمة

قد ينتقل الخوف عبر الأجيال كإرث، فأبناء النشطاء في الخارج يولدون ويتربون في أجواء من السرية والخوف، يتعلمون ألا يتحدثوا عن عمل والديهم، وألا يشاركوا معلومات عن عائلاتهم، ويعيشون مع فكرة أن هناك "نظاما شريرا" في وطن والدهم يريد إيذاءهم. ويشكل هذا وعيا سياسيا مشوها ومليئا بالخوف للأجيال القادمة، بدلا من الانفتاح والتمتع بالحرية التي حرموا منها في أوطانهم الأصلية.

الفصل السادس: آليات المواجهة والمقاومة

القانون كسلاح ذو حدين

دفعت الممارسات القمعية في دولهم الأصلية إلى استخدام النشطاء لدراسة ومعرفة القانون الدولي والقوانين المحلية في دول اللجوء للدفاع عن أنفسهم. ففي عدة حالات، نجح محامون متخصصون في إلغاء إشعارات الإنتربول الحمراء عن طريق كشف تلفيق القضايا في المحاكم المحلية، كما رفع نشطاء دعاوى قضائية ضد النظام المصري في محاكم أوروبية بتهمة "المطاردة السياسية" و"انتهاك حقوق الإنسان".

توثيق منهجي

طور النشطاء ومنظمات حقوق الإنسان آليات دقيقة لتوثيق كل حالة اعتقال عائلي، وكل إشعار إنتربول، وكل تلفيق قضائي. هذا التوثيق لا يستخدم فقط للدفاع القانوني، بل أيضا لكشف هذه الممارسات إعلاميا، مما يكشف الوجه الحقيقي للنظام المصري على المستوى الدولي وتكون كلفته السياسية باهظة للنظام.

شبكات التضامن

ظهرت شبكات تضامن إقليمية ودولية تدعم النشطاء المطاردين. تتكون هذه الشبكات من منظمات حقوقية، وبرلمانيين، وإعلاميين، وأكاديميين، ونشطاء من جنسيات مختلفة. تعمل على حماية الأفراد المهددين، والضغط على الحكومات لعدم التعاون مع طلبات التسليم السياسية، وتقديم الدعم النفسي والقانوني.

المقاومة الرقمية

استخدم النشطاء التكنولوجيا ليس لنشر أخبار الانتهاكات فقط، بل أيضا لبناء أنظمة حماية رقمية. فمن خلال تشفير الاتصالات، واستخدام شبكات آمنة، وإنشاء قواعد بيانات موزعة عن الانتهاكات، استطاعوا الحد من قدرة النظام على مراقبتهم وملاحقتهم رقميا.

الفصل السابع: مستقبل القمع ومستقبل الحرية

تطور أدوات القمع

مع تطور الوسائل التكنولوجية، تتطور معها أدوات القمع العابر للحدود. فباستخدام الذكاء الاصطناعي، يمكن للنظام تتبع النشطاء عبر منصات التواصل بشكل أسهل، وباستخدام تقنيات الاختراق الإلكتروني المتطورة، يمكن اختراق هواتف النشطاء ومقاطع اتصالاتهم. كما أن أنظمة التعرف البيومتري في المطارات العالمية تجعل من الصعب على المطلوبين السفر حتى بهويات مزورة.

الصراع على السرديات

تعد المعركة الحقيقية اليوم هي معركة سرديات، فالنظام المصري يصور النشطاء على أنهم "إرهابيون" و"خونة" و"عملاء أجانب"، بينما يحاول النشطاء تقديم أنفسهم كـ"مدافعين عن حقوق الإنسان" و"مناهضين للديكتاتورية". نتيجة هذه المعركة تحدد أي السرديات ستتقبلها الحكومات والمحاكم الدولية، وبالتالي تحدد درجة الحماية التي يحصل عليها النشطاء.

حدود القمع

على الرغم من قوة آليات القمع العابر للحدود، إلا أن لها حدودا. فالكثير من الدول الديمقراطية بدأت تدرك إساءة استخدام الإنتربول وتشدد إجراءاتها، كما أن التكلفة السياسية لهذه الممارسات على صورة مصر الدولية تزداد. والأهم، أن صمود النشطاء واستمرارهم في النضال رغم كل شيء يدل على أن القمع له حدود، أما إرادة الحرية فلا حدود لها.

ختاما: كسر دائرة الخوف

إن القمع العابر للحدود ليس مجرد تكتيك أمني، بل هو فلسفة وجودية تستخدمها القوى الاستبدادية وتهدف إلى تحويل العالم كله إلى سجن كبير، حيث لا ملاذ ولا منفى ولا خلاص، إنه محاولة لنفي فكرة اللجوء السياسي ذاتها، التي كانت لقرون منارة أمل للهاربين من الظلم.

لكن في مواجهة هذه الآلة القمعية المعقدة، يظهر شيء نفيس: قدرة البشر على المقاومة. فكل ناشط يرفض الصمت رغم اعتقال عائلته، وكل محامٍ يدافع عن مطلوب إنتربول رغم الضغوط، وكل صحفي يكتب عن هذه الممارسات رغم التهديدات، هم شموع تضيء ظلام القمع العابر للحدود.

تعد هذه معركة طويلة ومعقدة، لكن التاريخ يعلمنا أن الأنظمة التي تحتاج إلى هذه الدرجة من القمع لقمع معارضيها في الخارج هي أنظمة تعاني من شرعية هشة في الداخل، وأن الخوف الذي تنشره قد يعود كالمرتد ليدمر ناشريه. فحين تصبح العائلة سلاحا، تفقد الأسرة معناها، وحين يصبح القانون أداة قمع، تفقد الدولة شرعيتها، وحين يصبح الوطن مصدر تهديد لأبنائه يفقد حقه في الولاء.

الحرية، في النهاية، فكرة لا تعرف الحدود، والنظام الذي يحاول سجنها خارج أسواره سيكتشف أنه يحاول سجن البحر في زجاجة. قد ينجح لفترة، لكن البحر سيجد دائما طريقة للانعتاق، والنشطاء المصريون في الخارج، برغم كل ما يعانوه، هم موج ذلك البحر الذي لا يقهر ولا يمكن سجنه، فهو طوفان لا يمكن إيقافه.

مقالات مشابهة

  • بعد تباطؤ التضخم الشهر الماضي.. هل يخفض البنك المركزي المصري أسعار الفائدة قبل نهاية 2025؟
  • منظومة القمع المصري.. اختراق الحدود وملاحقة المعارضين بأي ثمن
  • البنوك تستمر في تقديم خدمات مجانية للعملاء بمناسبة الشمول المالي لذوي الهمم..تفاصيل
  • عاجل | البنك التجاري الدولي CIB يطلق شهادة جديدة بعائد 17.25%
  • الحد الأقصى يصل 13360 جنيهاً .. زيادة المعاشات لهذه الفئة في يناير2026
  • خبيرة دولية تشيد بجهود مصر فى الشمول المالي والشراكة بين العلم والمعرفة
  • محافظ البنك المركزي: الاستقرار المالي وأولويات الرقابة دعامةتحقيق طموحات التنمية
  • محافظ البنك المركزي: تحديات الاستقرار المالي عابرة للحدود وتتطلب تعاونًا دوليًا لمواجهتها
  • البنك المركزي يقرر خفض أسعار الفائدة
  • فتح باب الاشتراك لمشروع علاج الصحفيين وأسرهم واستخراج بطاقات العضوية الإثنين القادم