كتب - محمود مصطفى أبوطالب:

قال المهندس عبد الله بيج، خبير الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة الأمريكية: إن الإسلام كما نعلم يتجاوز الزمن، وتعاليمه قابلة للتطبيق في الوقت الحاضر بنفس الفعالية كما كانت قبل أكثر من ألف عام، ومع تقدم التكنولوجيا، يتعين علينا فهمها والمشاركة فيها.

وأضاف خلال كلمته في فعاليات الجلسة الختامية من المؤتمر العالمي الثامن للإفتاء، أن هناك اتصالًا فيما يخص مجال الذكاء الاصطناعي وسياق الدين والتدين، مشيرًا إلى أن المسلمين العظماء، مثل ابن الهيثم، وضعوا أسس المنهج العلمي، والخوارزمي أبو الجبر وضع أُسس الرياضيات الحديثة.

واليوم، ومع وعد الذكاء الاصطناعي بنهضة جديدة، يجب علينا أن نتذكر إرثنا الكبير كأصحاب رسالة قوامها العلم، فالخوارزميات المعقدة التي يديرها الذكاء الاصطناعي ليست سوى صدى حديث للمعادلات المعقدة التي اجتهد بها أسلافنا، ولا يجب أن نكون مجرد مشاهدين، بل يجب أن نكون مشاركين فعَّالين في هذا العصر التكنولوجي.

وحول ضرورة فهم الذكاء الاصطناعي، أكَّد أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد اختراع آخر؛ بل هو تطور لقدرات الإنسان، وأصبح يمس حياتنا اليومية بتنبئه بالطقس، ويحسِّن من عائدات الزراعة، ويساعد الأطباء في التشخيص، بل يمكنه المساعدة في البحث الديني.

وتابع: من طفل مسلم في فلسطين يحاول تعلم تفسير القرآن إلى عالم في القاهرة يدرس الحديث، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحدث ثورة في التعلم الإسلامي، قائلًا: "تخيل أنه يمكن للذكاء الاصطناعي تقدير سؤال يتعلق بالفقه، ثم مراجعة آلاف كتب الفقه والتفاسير والأحاديث والآيات في لمح البصر، تخيل القدرة على ترجمة كتاب إلى 100 لغة في يوم واحد"، مشيرًا إلى أن هذا ليس حلمًا بعيدًا، بل هذه التطبيقات يتم بناؤها اليوم، وكما يملي علينا ديننا الحنيف أن الحكمة ضالة المؤمن، فمن واجبنا أن نتخذ ونوجه ونشكِّل دَور الذكاء الاصطناعي في تحسين أوضاع الأمة الإسلامية لأن الإمكانيات تحمل تحولًا كبيرًا، ولكن مثل جميع الأدوات، تكمن المفاتيح في مستخدمها.

وبشأن الاعتبارات الأخلاقية، أكد عبد الله بيج، أن مع هذه القوة تنشأ تحديات أخلاقية عميقة، مثل: من يبرمج الذكاء الاصطناعي؟ ما التحيزات التي يدرجونها، سواءً بقصد أو بدونه؟ النماذج اللغوية الكبيرة التي تعتمدها تطبيقات مثل ChatGPT تستند إلى معلومات من مجموعات بيانات ضخمة، وإذا كانت هناك أجندة مُعادية للإسلام موجودة في مجموعة البيانات وقام شخص ما بتطوير تطبيق باستخدام هذا النموذج، فسيكون لديه تحيز ضد المسلمين، مشيرًا إلى وجوب وجود المسلمين في مقدمة تطوير هذه التكنولوجيا؛ ذلك لأن كل تطور تكنولوجي يطرح تحديات أخلاقية، والذكاء الاصطناعي ليس استثناءً، إما أن يلتزم بمقاصد الشريعة وأهدافها العليا، أو أن ينحرف عن مبادئ العدل.

وأشار أيضًا إلى العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والعقيدة الإسلامية، وأننا إذا تعمقنا في علم أصول الدين، فسنفهم الفرق بين المعلومات والعلم، وبينما يمتلك الذكاء الاصطناعي القدرة على إنشاء وتوليد المعلومات، إلا أنه ليس لديه العلم، وقد يفك تشكيل البنية اللغوية للقرآن ولكنه لن يتفاعل مع عمقه الروحي. ومع ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي، بتوجيه أيدينا، أن يكون أداة قوية للمسلم، تمامًا كما أننا لا نأخذ علمنا الديني من غير المتخصصين، فإننا لا نأخذ العلم الديني من الذكاء الاصطناعي، ومع ذلك، قيمته تكمن في تسهيل الفهم، وتعزيز الوحدة داخل الأمة، وفي مكافحة الأفكار الخاطئة حول الدين، وكل ذلك من الأهمية بمكان.

ووجَّه نداءً للعمل بقول الله في القرآن: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا"، موضحًا أننا نعلم من معركة الخندق أن المسلمين اعتمدوا استراتيجية اقترحها سلمان الفارسي غير معروفة لدى العرب.

وقد أوضح نبينا (صلى الله عليه وسلم) أن اعتماد الأفكار الخارجية حسب الحاجة ليس مجرد رأي مقبول، بل هو جزء من حضارتنا، وأن أمتنا فريدة أيضًا لكون المسلمين يعيشون في كل زاوية من هذا العالم. الإسلام جزء من مئات الثقافات في جميع أنحاء العالم، وهذه الثقافات يمكن أن تستفيد من بعضها البعض. لهذا السبب، من الضروري أن نعمل مع قادة التكنولوجيا، ونجند أفضل المواهب في جميع أنحاء العالم، ونضمن أن قيمنا الدينية قادرة علي تشكيل وتطوير الذكاء الاصطناعي.

وأشار إلى أنه يجب أن نرعى المبادرات التي تجعل المعرفة الإسلامية الصحيحة متاحة من خلال أدوات الذكاء الاصطناعي. يجب أن نشجع على إنشاء محفزات الأعمال الناشئة والحاضنات التي يمكن أن توفر رأس المال للشباب الأذكياء في المجتمعات المسلمة.

ولفت إلى أنه يجب أن تصبح مؤسساتنا أفضل من مؤسسات أخرى في العالم، و يجب أن نعمل بتركيز أكثر بشكل فائق على أن نصبح أكفاء ومؤثرين في عملنا حتى توفر التكنولوجيا في البلاد الإسلامية قيمة قصوى في سوق الأفكار.

وأكد أن التكنولوجيا ليست الحل الوحيد لكل مشكلاتنا، ولكنها جزء من المعادلة، عندما نشهد مأساة إبادة الفلسطينيين، نرى كيف يمكن استغلال التكنولوجيا في أيدي الأشخاص الخاطئين لنشر الأكاذيب والتضليل، في حي أن الإسلام كنظام ونمط حياة منذ زمن النبي يؤسس إطارًا لمجتمع عادل ومزدهر يعود بالنفع على جميع الناس من خلال دستور أخلاقي صالح للزمان والمكان.

وفى ختام كلمته قال: أبدأ بنفسي اليوم فأعلن أني سأضع خبراتي المتواضعة في خدمة الأمانة العامة لهيئات الفتوى في العالم، وسأعمل مع فريق تكنولوجيا المعلومات بالأمانة لإنشاء برامج ومنصات تسهل عمل المفتين وتعزز قدراتهم بطريقة فعَّالة واحترافية، وأود أن أعيد تأكيد شكري للمنظمين على استضافتي في هذا الحدث الرائع، وأدعو الله أن يبارك في أفراد هذا الجمع المبارك، وأن يساعد الشباب المسلم في جميع أنحاء العالم على تحقيق طموحاتهم وأحلامهم.

المصدر: مصراوي

كلمات دلالية: قمة القاهرة للسلام مستشفى المعمداني طوفان الأقصى نصر أكتوبر الانتخابات الرئاسية أسعار الذهب فانتازي الطقس مهرجان الجونة السينمائي أمازون سعر الدولار أحداث السودان سعر الفائدة الحوار الوطني الذكاء الاصطناعي الولايات المتحدة المؤتمر العالمي الثامن للإفتاء الذکاء الاصطناعی یجب أن

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي يعزز دقة التنبؤ بهياكل الأجسام المضادة

طوّر باحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) نموذجًا حسابيًا جديدًا قادرًا على التنبؤ بهياكل الأجسام المضادة بدقة غير مسبوقة، مما قد يُحدث تحولًا كبيرًا في تصميم أدوية فعالة ضد أمراض معدية مثل كوفيد-19 وHIV.

الذكاء الاصطناعي يتجاوز التحديات السابقة
رغم التقدم الكبير الذي حققته نماذج الذكاء الاصطناعي المعتمدة على "نماذج اللغة الكبيرة" (LLMs) في التنبؤ بهياكل البروتينات، إلا أنها واجهت صعوبات عند التعامل مع الأجسام المضادة، خاصة بسبب المناطق شديدة التغير فيها والمعروفة بـ"المناطق مفرطة التغير". للتغلب على هذه العقبة، ابتكر فريق (MIT) تقنية جديدة تحسّن أداء هذه النماذج وتمنحها القدرة على فهم تعقيدات هذه البروتينات المناعية.
تقول بوني بيرغر، أستاذة الرياضيات في (MIT) ورئيسة مجموعة الحوسبة والبيولوجيا في مختبر علوم الحاسوب والذكاء الاصطناعي (CSAIL): «طريقتنا تسمح بالوصول إلى نطاق واسع من الاحتمالات، مما يتيح لنا إيجاد إبر حقيقية في كومة قش. وهذا قد يوفر على شركات الأدوية ملايين الدولارات بتجنب التجارب السريرية غير المجدية».

نموذج AbMap: أداة ذكية للتنقيب في بحر الأجسام المضادة
النموذج الجديد، الذي يحمل اسم (AbMap)، يعتمد على وحدتين مدربتين بشكل دقيق: الأولى تتعلم من بنى ثلاثية الأبعاد لحوالي 3000 جسم مضاد موجودة في قاعدة بيانات البروتينات (PDB)، والثانية تعتمد على بيانات تقيس مدى ارتباط أكثر من 3700 جسم مضاد بثلاثة أنواع مختلفة من المستضدات.
باستخدام (AbMap)، يمكن التنبؤ بهيكل الجسم المضاد وقوة ارتباطه بالمستضد، فقط من خلال تسلسل الأحماض الأمينية. وفي تجربة واقعية، استخدم الباحثون النموذج لتوليد ملايين التعديلات على أجسام مضادة تستهدف بروتين «سبايك» لفيروس SARS-CoV-2، وتمكّن النموذج من تحديد أكثرها فعالية.
وقد أظهرت التجارب بالتعاون مع شركة Sanofi أن 82 % من الأجسام المضادة المختارة باستخدام النموذج أظهرت أداءً أفضل من النسخ الأصلية.

اختصار الطريق نحو العلاجات الفعالة
يُعد هذا التقدم فرصة ذهبية لشركات الأدوية لتقليص الوقت والتكاليف اللازمة في مراحل البحث والتطوير. ووفقًا للبروفيسور روهيت سينغ، المؤلف المشارك للدراسة: «الشركات لا تريد المخاطرة بكل شيء في جسم مضاد واحد قد يفشل لاحقًا. النموذج يمنحها مجموعة من الخيارات القوية للمضي قدمًا بثقة».

تحليل الاستجابات المناعية على مستوى الأفراد
بعيدًا عن التطبيقات الدوائية، يُمكن للنموذج أن يُحدث نقلة في فهم التباين في الاستجابات المناعية بين الأفراد. فعلى سبيل المثال، لماذا يُصاب البعض بكوفيد-19 بشكل حاد، بينما ينجو آخرون دون أعراض؟ أو لماذا يبقى بعض الأشخاص غير مصابين بـHIV رغم تعرضهم للفيروس؟
الدراسة أظهرت أنه عند مقارنة البنية الثلاثية للأجسام المضادة بين الأفراد، فإن نسبة التشابه قد تكون أعلى بكثير من النسبة التي تُظهرها المقارنة الجينية التقليدية (10%). وهذا قد يفتح الباب لفهم أعمق لكيفية عمل جهاز المناعة وتفاعله مع مسببات الأمراض المختلفة.
يقول سينغ: «هنا يتجلى دور نماذج اللغة الكبيرة بوضوح، فهي تجمع بين نطاق التحليل الواسع القائم على التسلسل الجيني ودقة التحليل البنيوي».

دعم وتمويل دولي
حظي البحث بدعم من شركة Sanofi وعيادة عبد اللطيف جميل لتعلم الآلة في مجال الصحة، مما يعكس تزايد اهتمام المؤسسات العالمية بالذكاء الاصطناعي كأداة استراتيجية في الطب الحيوي.
بهذا الإنجاز، يُبرهن الذكاء الاصطناعي مجددًا على قدرته في إحداث ثورة صامتة في المختبرات الطبية، حيث لا تقتصر فوائده على التسريع والتحليل، بل تمتد لتوجيه القرارات الحاسمة التي قد تُنقذ أرواح الملايين.
أسامة عثمان (أبوظبي)

أخبار ذات صلة «جيميني» يلخص الرسائل الطويلة في «جي ميل» الذكاء الاصطناعي يدخل غرف العمليات الجوية

مقالات مشابهة

  • خبير ينصح بشرط لاستخدام الذكاء الاصطناعي  
  • لا للاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الأحكام الشرعية بماليزيا
  • فيلم «الرمز 8».. الذكاء الاصطناعي يشعل الصراع بين ذوي القدرات الخارقة
  • هل يصبح الخليج قوة عظمى في الذكاء الاصطناعي؟
  • خبراء: الذكاء الاصطناعي لا يهدد الوظائف
  • هل يُعلن الذكاء الاصطناعي نهاية الفأرة ولوحة المفاتيح؟
  • بعد حصولها على جائزتين دوليتين: فَيّ المحروقية تطمح للتخصص في الذكاء الاصطناعي
  • بعد حصولها على جائزتين دوليتين: في المحروقية تطمح للتخصص في الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي يعزز دقة التنبؤ بهياكل الأجسام المضادة
  • أخبار التكنولوجيا|غرامة ضخمة تهدد سامسونج بسبب براءات الاختراع.. هونر تطوير روبوت على شكل إنسان كجزء من جهودها في مجال الذكاء الاصطناعي