في ذكرى مقتل "الرومانسي الأخير في العالم العربي"
تاريخ النشر: 20th, October 2023 GMT
أقرب توصيف للزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، أنه كان شخصية جدلية على مدى 42 عاما من قيادته لبلاده، ما يعني صعوبة شطبه أو وضعه في خانة واحدة.
إقرأ المزيديبدو ذلك جليا مع استمرار تمسك أنصاره به وتقديرهم له في ليبيا وفي أنحاء العالم على الرغم من أن صفحة حكمة الطويلة طويت ونظامه انتهى بقتله بطريقة مرعبة بعد أن قصفت طائرات أمريكية وفرنسية موكبه أثناء خروجه من مسقط رأسه سرت، ثم القبض عليه وعلى نجله المعتصم ووزير دفاعه أبو بكر يونس جابر، وإعدامهم مع العشرات من الحراس، في مشاهد وثقتها حينها كاميرات الهواتف النقالة.
منظمة هيومن رايتس ووتش كانت سجلت على لسان بيتر بوكيرت، مدير الطوارئ فيها أنه "إضافة إلى القذافي وابنه، قتل ما لا يقل عن 66 شخصا آخرين، كانوا في قافلة من 50 سيارة تحاول الفرار من سرت. تم القبض عليهم ووضعهم على جدار خرساني واستجوابهم وضربهم وإهانتهم، ثم أطلقوا النار عليهم بالقرب من فندق المهاري في سرت، وأصيب العديد منهم في مؤخرة الرأس".
ضحكت بابتهاج وزير الخارجية الأمريكية وقتها هيلاري كلينتون، حين سمعت بما جرى للقذافي، وقالت: "هذه أخبار جيدة"!
مع ذلك، لا يزال علم القذافي الأخضر يرفرف في المناسبات الوطنية في عدة قرى ومناطق وخاصة في الجنوب الليبي، بل ويحن للاستقرار في عهده الكثير من المواطنين الليبيين الذين يشاهدون، على مدى سنوات طويلة، تمزق بلادهم وتحولها إلى كيان هش، لم يستطع حتى الآن أن يخرج من دوامة الفوضى والفشل.
دبلوماسي دولي كان عرفه عن قرب والتقى به مرات عديدة وصفه بأنه "آخر رومانسي في العالم العربي".
السفير الروسي السابق في ليبيا فلاديمير شاموف كان قال عن القذافي في حوار صحفي: "رأيته مرات عديدة، وسمعته مرات كثيرة، وعلى الرغم من كل إسرافه، وكل أصالته وتصرفاته الغريبة، كان شخصا فريدا. من المؤسف أن مصيره انتهى على هذا النحو، وأن النجم هوى وتمزق أيضا بوحشية. هذا بالفعل عار، لأننا نفهم أن قيمة مجتمعنا، حتى من الناحية الدولية، هي التنوع".
من بين النقط المضيئة في عهد القذافي، يشير عدد من الباحثين إلى مشروع "النهر الصناعي العظيم" الذي كان هدفه ليس فقط القضاء على مشاكل نقص مياه الشرب وتخليص ليبيا، البلد الواقع الواقعة في صحراء قاحلة، من الحاجة إلى استيراد المنتجات الزراعية، بل وإظهار ما تملكه ليبيا، إلى جانب احتياطيات النفط الضخمة، من مخزونات هائلة من المياه العذبة، ما يشير إلى تنبهه إلى أن نقص المياه، تعد واحدة من أكثر المشاكل المستقبلية إلحاحا على الأرض، ومن يمتلك المياه العذبة يمتلك الحياة في المستقبل.
من بين الأمور الأخرى، جانب يضع يده عليه، عضو أكاديمية العلوم الروسية أناتولي إيغورين في قوله: "على خلفية وفاته الرهيبة، يبدو كل شيء غير مقنع. لا النفط الليبي، ولا مشروع الدينار الذهبي البديل للدولار، ولا الطموحات الجيوسياسية للعقيد في القارة الأفريقية. في السنوات الثمانية بعد رفع العقوبات الدولية ضد ليبيا، أظهر القذافي مرارا للغرب قدرته على التفاوض".
القذافي في هذا السياق كان سلم إلى الولايات المتحدة في عام 2003 برنامجه النووي والصاروخي، وحمل جسرا من طائرات النقل الأمريكية معدات البرنامجين، إلا أن الغرب لم يسامحه على سنوات العداء مع من كان يسميها في خطبه النارية بـ "الإمبريالية الأمريكية"، واقتص منه بطريقة بشعة.
شخصية القذافي الجدلية كما يراها العديد من الأكاديميين والمحللين السياسيين، كانت ظهرت بقوة في شكل رد فعل بعد شهرين من مقتله الرهيب في استقصاء على الإنترنت أجرته منظمة العفو الدولية، وصوتت الأغلبية للقذافي باعتباره ضحية لعنف مفرط، وأصبح شخصية العام 2011.
هذه النتيجة صدمت الكثيرين في الغرب، ولم يتوقع هؤلاء أن يصوت لصالح القذافي حتى رواد الإنترنت في الغرب ذاته، ولذلك جرى بسرعة في 31 ديسمبر 2011 حذف نتائج التصويت من الموقع.
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أرشيف معمر القذافي منظمة العفو الدولية هيومن رايتس ووتش
إقرأ أيضاً:
في ذكرى رحيل العالم الرباني بدر الدين الحوثي.. الرهوي: كان منارة علمية وروحية تصدت للضلال ووقفت في وجه الطغيان
يمانيون | صنعاء
شارك رئيس مجلس الوزراء، أحمد غالب الرهوي، اليوم في فعالية إحياء الذكرى السنوية لرحيل العالم الرباني السيد بدر الدين الحوثي، التي أقيمت في العاصمة صنعاء، بحضور رسمي وعلمي وثقافي واسع، في محطة استذكار وطنية وروحية تجدد الوفاء لقامة علمية تركت بصمتها العميقة في الفكر والجهاد والدعوة والإصلاح.
وفي كلمته بالمناسبة، شدد الرهوي على أهمية إحياء هذه الذكرى العظيمة، لما تمثله من إلهام في زمن الصمت والخنوع، مؤكداً أن العلامة بدر الدين الحوثي لم يكن مجرد فقيه أو مفسر، بل كان قائداً روحياً وأخلاقياً، ومثالاً نادراً لعالمٍ جمع بين العلم الرباني والجهاد الصادق في وجه مشاريع الطغيان والتيه الثقافي.
وقال رئيس الوزراء: “العلامة بدر الدين الحوثي كان منارة هدى في زمن الظلمات، لم يساوم على دينه، ولم يخش في الله لومة لائم. كان همه الأول هو إرضاء الله، وخدمة الأمة، ونصرة المظلوم، وكشف زيف التضليل الذي مارسه أدعياء الدين الذين حوّلوا الشريعة إلى أدوات تبرير للظلم والفساد.”
ولفت إلى أن الفقيد كان شديد الحرص على إقامة الحجة، وتوضيح معالم الدين، ومحاربة المفاهيم المنحرفة التي سعت لتمزيق الأمة وإغراقها في تفاصيل لا تمت إلى جوهر الإسلام بصلة، مشيراً إلى أن دوره لم يقتصر على التنظير، بل جسّد العلم في الميدان، مجاهداً ومرشداً ومصلحاً في واقع مضطرب.
وتطرق الرهوي إلى الأوضاع الجارية في فلسطين المحتلة، وخاصة في قطاع غزة، مؤكداً أن المجازر الصهيونية اليومية بحق المدنيين تعكس وجه الاحتلال البشع وحقيقة المشروع الغربي في المنطقة.. وأوضح أن ما يتعرض له أبناء غزة من حصار وتجويع وإبادة جماعية، يجسد الصورة الأكثر قتامة لعصر يهيمن فيه الباطل بقوة الحديد والنار.
وأشار إلى أن العدوان المستمر على الجمهورية الإسلامية الإيرانية لا ينفصل عن هذا السياق العدواني الشامل، بل هو امتداد للنهج الاستكباري الذي يتزعمه الكيان الصهيوني، المدعوم من أمريكا والغرب الإمبريالي، لسحق كل صوت حر ومقاوم في هذه الأمة.
وأضاف: “إيران اليوم، بقيادتها وشعبها، تثبت أنها قادرة على رد الصاع صاعين، وما نراه من دمار في المنشآت الحيوية للكيان الصهيوني بفعل الصواريخ والمسيرات الإيرانية ما هو إلا البداية، والقادم أعظم بإذن الله.”
ودعا الرهوي إلى استلهام روح العلامة بدر الدين الحوثي في مواجهة مشاريع التجهيل والاستكبار والهيمنة، والسير على نهجه في مقاومة الباطل والانحراف والانتصار للحق والعدل.
وفي الفعالية التي حضرها عدد من الوزراء وأعضاء مجلسي النواب والشورى، والشخصيات الدينية والعلمية، ألقى عضو رابطة علماء اليمن، العلامة فؤاد ناجي، كلمة مؤثرة استعرض فيها مآثر الراحل الكبير، مؤكداً أن العلامة بدر الدين كان شخصية استثنائية تحركت في زمن الخوف وأضاءت الطريق لأجيال من العلماء والمجاهدين.
وأشار إلى أن الفقيد لم يكن فقط عالماً ورعاً ومجاهداً، بل قائداً لمعركة الوعي، ومفكراً جريئاً تصدى لثقافة التكفير والتمزيق، وواجه بشجاعة محاولات طمس روح الإسلام المحمدي الأصيل، مجسداً بذلك صورة العالم الرباني الذي يحمل همّ الأمة ولا ينكفئ داخل جدران المدارس والمعاهد.
وأضاف ناجي أن العلامة بدر الدين الحوثي ترك أكثر من أربعين مؤلفاً فقهياً وتفسيرياً وعقدياً، أبرزها “تفسير القرآن الكريم”، و”تحرير الأفكار”، و”الإيجاز في الرد على فتاوى الحجاز”، وكلها أسهمت في بلورة فكر مقاوم ومتجدد، يتصدى للانحراف الديني والانبطاح السياسي.
وتحدث الناشط الثقافي والتربوي يحيى أبو عواضة، أحد تلاميذ العلامة بدر الدين الحوثي، عن المسيرة العلمية والروحية للفقيد، مشدداً على أنه لم يكن مجرد ناقل للمعرفة، بل مصلحاً اجتماعياً، وداعية نهضة، واجه تيارات التكفير والتضليل، وأسهم في إحياء الفكر القرآني في نفوس الأجيال.
وأشار إلى المنهج الفريد الذي اعتمده العلامة في محاضراته، ومقدرته الفائقة على تبسيط المفاهيم الدينية العميقة، وتفنيد البدع والشبهات التي علقت بالمناهج الدينية، فضلاً عن حضوره الميداني بين الناس، حيث لم ينأ بنفسه عن هموم المجتمع، بل نذر حياته لخدمته بالعلم والنصيحة والإرشاد.
كما أكد أن ذكرى رحيله تمثل محطة وعي متجددة، لاستخلاص الدروس من حياة رجلٍ جمع بين الزهد والعلم والشجاعة، وبين التربية والجهاد، مجسداً مدرسة متكاملة في العطاء والمقاومة.
وشهدت الفعالية مشاركة لافتة من المسؤولين والعلماء والشخصيات الاجتماعية، وتخللتها قصيدة شعرية ألقاها الشاعر بديع الزمان السلطان، عبّرت عن مآثر الفقيد، وسيرته الزاهدة، وروحيته العالية، وجهاده بالكلمة والموقف في سبيل إعلاء كلمة الله وكرامة الأمة.