الثورة / خليل المعلمي

يعاني الفلسطينيون من وطأة الاحتلال الإسرائيلي وتصرفاته الحمقاء وإجراءاته التعسفية من تقييد لحريات وحركات الفلسطينيين المدنيين العزل في كل البلدات والقرى الفلسطينية، ويستخدم العدو الصهيوني السجون محاولة منه لتركيعهم والسيطرة عليهم ولكن هيهات أن ينال ذلك، فالشعب الفلسطيني هو شعب الجبارين ونضاله مشهود عبر أجيال مضت منذ أكثر من مائة عام ويزيد، حين حطت بريطانيا رحالها على أرضه ودست سموم الصهيونية في أرضه عبر الصهيونية العالمية.


صدر للقائد الأسير مروان البرغوثي كتاب يحمل عنوان «ألف يوم من العزل الانفرادي» عن دار الشروق للنشر والتوزيع في مدينة رام الله المحتلة، والدار العربية للعلوم –ناشرون-، ويقع الكتاب في ٢٥٥ صفحة وقد قدم له الشاعر والإعلامي اللبناني المعروف زاهي وهبي، تحت عنوان (وعد الحر… الحرّية) في ست صفحات كاملة، وهي مقدمة تعطي صورة وافية عن الكتاب، سيما وأن مقدم الكتاب زاهي وهبي سبق له وان عانى مما يعانيه مروان الآن، ومما جاء في التقديم: (فالحرية دونها تضحيات تكتب بالدم والدمع والحبر، وكل ما نستطيع إليه سبيلاً من أشكال مقاومة المحتل الذي لا يفهم لغة أخرى, ولا يرضخ إلا للقوة).
والقارئ لكتاب مروان البرغوثي يجد أنه قد قسم كتابه إلى سبعة فصول هي: «المواجهة، ومملكة المجهول، أو الحرب الخفية، والمحاكمة، والعزل الانفرادي، وحياتي في زنزانة العزل الانفرادي، وحارسةُ حُلُمي والاشتباك مع جهاز المخابرات الإسرائيلي» وهو بذلك قد كتب سرداً لتجربة الأسر التي لا تزال مستمرة بلغة وأسلوب أدبيين، وابتعد عن الشعارات البراقة ولغة التهييج، وقد ظهرت الشخصية الإنسانية للبرغوثي في الكتاب من خلال مواقف ومشاعر كثيرة منها.
يستذكر مروان والديه الفقيرين بكثير من الفخر والاعتزاز، وبكثير من الحنين وطلب الرضى، يتذكر بامتنان كبير كيف كدحت هذه الأم الصابرة في سبيل تحصيل قوت أبنائها، ويشعر بشوق والدته له وعذاباتها من أجله، ويشعر بالخشوع أمام دموعها الغالية، ويحن إلى تقبيل يديها كنوع من البرّ بالوالدين ورد الجميل لأم مكافحة، ويتمنى لو أن الله أطال عمر والده الذي توفي ومروان لا يزال طفلاً، ليرى أبناءه وقد صاروا شباباً، ولم يرد لوالده أن يموت وخلفه أطفال يؤرقه مصيرهم.
ويتطرق مروان البرغوني وبفخر مرات كثيرة إلى زوجته السيدة المحامية «فدوى»، واصفا إياها بالحبيبة الصابرة والمناضلة والوفية، فقد انتظرته عندما سجن للمرة الأولى، ورفضت كل من تقدموا لها، وصبرت واحتسبت، عندهم أنجبت بكرها «قسام» في أكتوبر ١٩٨٥م زوجها مروان في السجن وأسمت المولود بالاسم الذي اختاره له والده السجين وعملت وجدّت في سبيل تربية أبنائها أثناء اعتقال زوجها، والتحقت بالجامعة ودرست الحقوق لتكون محامية تستطيع الدفاع عن حقوقها وحقوق أبناء شعبها ورعت أبناءها في المدارس وحتى الجامعات وجابت أكثر من أربعين دولة، لتشرح قضية الأسرى الفلسطينيين العادلة، ومن ضمنهم زوجها، مطالبة بالإفراج عنهم، وشاركت في تأسيس منظمة تحمل اسم زوجها لتبقى قضيته حية بشكل دائم، وهي أيضاً مناضلة في صفوف حركة فتح.
ويذكر مروان البرغوثي أبناءه عشرات المرات بحب أبوي جارف، فقد عبر عن سعادته البالغة عندما أخبرته زوجته بأنها حامل للمرة الأولى، وأشار إلى مخاوفه من عدم قدرته على الإنجاب، بعدما تعرض لضرب مبرح في اعتقاله الأول، وما أخبره به المحقق حينها، من أنه لن يستطيع الإنجاب، ولحبه للأبناء ولمخاوفه مما تخبئه الأيام القادمة فقد اتفق مع زوجته على أن ينجبا تباعاً، فكان له من الأبناء أربعة منهم بنت، أما المفارقة المؤلمة فتتمثل في إبلاغ مروان باعتقال ابنه قسام، وهو في الزنزانة نفسها التي علم فيها بولادته، فالأب يعيش عذابات العزل الانفرادي، وها هو الابن يقع في الأسر هو الآخر، ومع ذلك فإن مروان الإنسان غير منغلق في إنسانيته وعذاباته، فهو هنا يتذكر فلسطينيين آخرين يعيشون في الأسر هم وأبناؤهم وأشقاؤهم، أو منهم من صعد إلى قمة المجد شهيداً، في حين بقية أفراد أسرته خلف القضبان.
ومروان في كتابه لا يدّعي أنه تعرض لعذاب لم يتعرض له غيره من السجناء الفلسطينيين، بل على العكس من ذلك، فهو يقول في صفحة ٢١: إن كل ما تعرضت له، كان مثالاً بسيطاً لما تعرض له عشرات الآلاف من المناضلين الذين تحدوا الجلادين والسجانين المحتلين.
ويكشف الكاتب في كتابه مختلف الأساليب التي يتبعها المحقق الإسرائيلي في تعذيب المعتقلين والتي صارت معلومة ومعروفة عند الفلسطينيين بعامة، غير أن ما تميز به الكتاب أنه ركز على ما يثبت المعتقل أمام جلاديه، فبيّن أن عليه التحمل والصبر، وإنما النصر صبر ساعة، وأن لا يفرّط بأية معلومة مهما كانت تافهة في رأيه، بل لا يعطي المحققين أية معلومات على الإطلاق، وأن يبقى ثابتاً على أنه طالب حق، وأنه لن يفرط بحقه وأرضه مهما كان الثمن، وأنه سيواصل المطالبة بحقه حتى يسترده أو يموت دونه.
كما أن مروان القائد المناضل استطاع توجيه دفة التحقيق بذكاء وقاد عندما لم يتجاوب مع أسئلة المحققين، فقد حدد محاور التحقيق الأساسية منذ اللحظة الأولى فهو يقول: «تركز التحقيق معي على محاور أساسية اعتبرها المحققون إجبارية ومن أبرزها: العلاقة مع الرئيس ياسر عرفات، والتنظيم وكتائب الأقصى، والتسليح وتبني العمليات ومصادر التمويل والعلاقة مع الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية، والتركيز على العلاقة بعمليات بارزة» (ص ۳۳ – ۳۵)، ومارسوا كل الأساليب للضغط على الأسير مروان البرغوثي، فكان الضغط النفسي الممنهج وسيلتهم الأساسية، بل إنهم وضعوا العملاء معه في زنزانة واحدة معتقدين أن مروان البرغوثي هو دليلهم لإيجاد المبرر والمصداقية لحربهم في مناطق السلطة الفلسطينية، فقد ذكر المحققون “أن رئيس الحكومة، ورئيس الشاباك ووزير الدفاع يتابعون التحقيق أولاً بأول، وهم غاضبون لأنه يرفض الحديث والتقدم شيئاً” ص ٤١.
أما أجمل ما نقرأه في كتاب مروان، فهو أسلوبه الجميل الممشوق في رسالته لابنه القسام، فقد كانت رسالة موجهة ليس للقسام فحسب، إنما هي رسالة موجهة لكل الشباب الفلسطيني، فهذا الجزء من الكتاب يمثل الأقوى أدبياً ولغوياً، فيه اللغة الجميلة وفيه المعلومة المهمة، وفيه الحكمة والتاريخ، وهكذا نرى أن هذا الكتاب يشكل إضافة نوعية للمكتبة الفلسطينية والعربية، حيث يعتبر وثيقة مهمة من وثائق أدب السجون، كما أنه صرخة مدوية من أجل تكثيف الجهود والعمل على تحرير الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

مروان عطية يتحدث عن كأس العالم للأندية ومواجهة الأهلي وميامي

قال مروان عطية، لاعب الفريق الأول لكرة القدم بالنادي الأهلي،  إن الأهلي جاهز لخوص منافسات بطولة كأس العالم للأندية 2025، مشيرًا إلى أنه يتطلع وجميع زملائه من لاعبي الفريق لتقديم أفضل ما لديهم خلال مباريات البطولة.

وأضاف: «الأجواء في كأس العالم للأندية هذه المرة مختلفة ورائعة، ونحن سعداء بالمشاركة في البطولة، ودائمًا معتادون على الظهور  بالمستوى الذي يليق بالأهلي  ويسعد جماهيره، حتى يظل اسم النادي حاضرًا وبقوة في المحافل الدولية».

وأضاف: «التقييم لا يزال مبكرًا على مستوى الأهلي مع الجهاز الفني الجديد، فالأداء في المباريات الودية يختلف تمامًا عن المواجهات الرسمية، ونحن ما زلنا في مرحلة التأقلم على الظروف والأجواء، حتى نحقق النتائج المنتظرة في مباريات كأس العالم للأندية».

وتابع: «المنافسة بين كل اللاعبين ظاهرة صحية وتصب في صالح الفريق، وكل الأسماء الموجودة في قائمة الفريق لاعبون مميزون، ومشاركة أي لاعب تخضع لرؤية المدير الفني، وأي لاعب يشارك بشكل أساسي يحظى دائمًا بالدعم والمساندة، لأننا في النهاية فريق واحد وهدفنا تحقيق النتائج الجيدة».

وواصل: «مواجهة إنتر ميامي في الافتتاح ستكون حدثًا مهمًّا وكبيرًا، واللاعبون يشعرون بحجم الحدث  وجميعنا على قدر المسئولية،  خاصة وأن مونديال الأندية هذه المرة يقام بمشاركة ٣٢ فريقًا وكل مجموعات البطولة قوية، وأي فريق متواجد في هذا المحفل العالمي  هو بالتأكيد من أفضل الفرق على مستوى القارة التي ينتمي لها، والبطولة تضم أندية من أوروبا وإفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية وبالتأكيد المنافسة ستكون صعبة».

وأكمل: «وفرة اللاعبين الجيدين في كل مراكز الملعب أمر مهم للغاية لفريق في حجم النادي الأهلي، وأتمنى أن تكون الصفقات الجديدة موفقة للظهور بأفضل مستوياتها وجميعهم عناصر مميزة ولديهم خبرات كبيرة، وأتمنى لهم التوفيق حتى يصنعوا الفارق  ويساهموا في تحقيق الانتصارات خلال مباريات  البطولة، خاصة وأن الأهلي سوف يواجه فرقًا في منتهى القوة وأصحاب مستوى عالٍ، ولا بد أن نكون في قمة الهدوء والتركيز، ونحضر لهم بشكل جيد».

وتابع: «بالتأكيد مواجهة إنتر ميامي صعبة وسنخوض المباراة ونحن واثقون من قدراتنا بكل تأكيد، ولاعبو الأهلي لديهم قدرات مميزة، وأي لاعب يرتدي قميص الفريق يسعى بكل طاقاته للظهور  بأفضل مستوى ممكن، وإنتر ميامي فريق كبير ويقوده ليونيل ميسي أفضل لاعب في العالم، ولكن في نفس الوقت الأهلي نادٍ كبير، وسنلعب المباراة مثل أي مواجهة أخرى، وهدفنا فقط تحقيق الفوز».

وزاد: «في الفترة الماضية تلقيت عروضًا كثيرة، ولكن أنا موجود مع النادي الأهلي ولم ولن أفكر مُطلقًا في الرحيل، لأنني أرغب في البقاء من أجل كتابة التاريخ وتحقيق البطولات لإسعاد جمهور الأهلي».

وأضاف: «أفضل ذكرياتي في كأس العالم للأندية، هي مباراة الأهلي ضد اتحاد جدة السعودي التي حققنا فيها الفوز بثلاثة أهداف مقابل هدف، وكنت ألعب ضد الثلاثي نجولو كانتي وفابينيو ورومارينيو، وحصلت على جائزة أفضل لاعب في المباراة، وكنت سعيدًا بعد تلك المواجهة التي جاءت بعد فترة من وفاة والدي».

كما أنني بعد انضمامي للأهلي بـ15 يومًا، شاركت مع الفريق في كأس العالم للأندية بالمغرب، ولعبت أمام أوكلاند سيتي لمدة ربع ساعة، ثم شاركت أيضًا في مواجهة فلامنجو البرازيلي، وهذه البطولة كانت المشاركة الأولى لي مع الأهلي في المونديال.

وفي ختام حديثه وجه مروان عطية رسالة لجماهير الأهلي، وقال: «أتمنى أن تكونوا داعمين بقوة لنا، وسنعمل على إسعادكم وتحقيق نتائج تليق باسم الأهلي، وسنبذل قصارى جهدنا لإسعادكم».

مقالات مشابهة

  • التفتيش العاري والتحرش.. سلاح أمن سجون مصر لقهر أهالي المعتقلين؟
  • مروان عطية يتحدث عن كأس العالم للأندية ومواجهة الأهلي وميامي
  • مهم.. رئيس هيئة الأركان اليمني يوجه رسالة مهمة إلى المقاومة الفلسطينية الباسلة
  • أمين عام الناتو يدعو لزيادة الدفاع الجوي 400% والكرملين يعتبر الحلف "أداة للعدوان"
  • الجزيرة تدين الهجوم الإسرائيلي على السفينة مادلين
  • شهادات وذكريات يرويها مصطفى بكري:‬‮الإخوان ‬‭ ‬وطريق‭ ‬الألف ميل‭
  • محكمة صهيونية تمدد اعتقال زوجة الشهيد الأسير وليد دقة حتى 11 يونيو
  • لقطات مرعبة لهجوم سجين على حارس بسجن بريطاني .. فيديو
  • والدة الأسير تسنغاوكر تشن هجوما لاذعا على نتنياهو وتوجه رسالة لزامير
  • والدة الأسير “تسنغاوكر” لرئيس الأركان: مهمتك حماية الإسرائيليين لا أن تتسبب في موتهم