القدس المحتلة- أعاد تردد الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، البدء بالمعركة البرية في قطاع غزة، التساؤلات بشأن مدى جاهزية الجيش الإسرائيلي للاجتياح البري للقطاع، وكذلك طبيعة أهداف المعركة وإمكانية تحقيقها والمخاوف من التورط بغزة، وسط التقديرات أن الجيش سيتكبد خسائر فادحة بالجنود.

عكس هذا التردد، تباين المواقف بين المستوى السياسي والجيش بشأن ملامح وطبيعة وأهداف الاجتياح البري لغزة، في وقت بدأ فيه الجيش الإسرائيلي تسريح جنود الاحتياط بالزي العسكري، شريطة أن يكونوا على أهبة الاستعداد لأي استدعاء طارئ.

وحظي هذا الإجراء بانتقادات من قبل مختلف الأوساط الإسرائيلية، حتى بين قوات الاحتياط البرية التي تعتقد أن قرار تأخير المعركة البرية قد يضر بمعنويات القوات الميدانية، حيث أنهى معظمها استعداداته للمعركة.

وأصبحت عملية صنع القرار على المستوى السياسي والعسكري، وحتى "كابينت الحرب" أمام اعتبارات متعددة بكل ما يتعلق بمدى جاهزية القوات النظامية للمعركة البرية على جبهة غزة، في وقت يمارس فيه حزب الله ضغوطه على الحدود الشمالية، مما يضع الجيش الإسرائيلي أمام تحديات الجاهزية لمعركة برية متعددة الجبهات.

ويجمع المحللون على أن الجيش الإسرائيلي يريد تدمير البنية التحتية في غزة، وقتل أكبر عدد من المسلحين، واستنزاف حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والفصائل حتى تتآكل قدراتها العسكرية والصاروخية، وهي الإجراءات التي من شأنها أن تخفف من وطأة التوغل البري المحدود على قوات الجيش.


اعتبارات وضغوطات

ويعتقد المراسل العسكري لموقع "واللا" الإخباري، أمير بوحبوط، أنه تم تأجيل موعد بدء المعركة البرية لعوامل عدة من الاعتبارات العملياتية العسكرية والإقليمية والدولية، ومنها الحشد وجاهزية الجيش واستدعاء قوات الاحتياط الذي يستغرق وقتا، وكذلك الثمن والخسائر البشرية بصفوف الجيش الإسرائيلي.

وأوضح أن ترحيل المعركة يعود بالأساس إلى تخطيط وتجهيز الخطط العملياتية العسكرية للجيش الإسرائيلي وفق أهداف الحرب التي من المفروض أن يقرها "كابينت الحرب"، وهي الأهداف التي لم تقر ولم تعلن، وهو ما يعكس التباين بالمواقف بين المستويين السياسي والعسكري.

إضافة إلى كل ما سبق، قال المراسل العسكري إن "إسرائيل تسعى للحصول على مظلة شرعية على الساحة الدولية لتوغل بري واسع في المناطق الحضرية المأهولة بالسكان المدنيين، وكذلك الحصول على الضوء الأخضر من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن".

إسرائيل استدعت قواتها إلى "غلاف غزة" عقب عملية "طوفان الأقصى" (الجيش الإسرائيلي) تسريح وتراجع

وأشار بوحبوط إلى أن الاعتبار الأول للحكومة الإسرائيلية والجيش من الإعلان عن استدعاء شامل لقوات الاحتياط التي تصل إلى نحو 400 ألف، هو القضاء على المسلحين لكتائب عز الدين القسام في "غلاف غزة" وعدم تقدمهم نحو المزيد من البلدات الإسرائيلية بالجنوب.

وعليه، يقول بوحبوط "تم اتخاذ قرار في الحكومة الإسرائيلية بترحيل موعد المعركة البرية بضغط من الإدارة الأميركية، وذلك لتسوية القضايا الإنسانية في قطاع غزة، وعندها فقط سيتم بدء العملية البرية".

وفي ظل تجديد التأجيل للمعركة البرية، أوضح المراسل العسكري أنه تقرر تسريح جنود الاحتياط، في حين لم يتضح بعد حجم التسريح في هذه المرحلة، مشيرا إلى أن ذلك من شأنه أن يضر بمعنويات الجنود والجاهزية الميدانية وتراجع المعنويات القتالية.

رئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي مع ضباط وجنود من وحدة "جولاني" (الجيش الإسرائيلي) جاهزية وإستراتيجية

وأمام هذه التقديرات، بدا المدير السابق لوزارة الأمن الإسرائيلي، ديفيد عيفري، أكثر وضوحا، حين كتب تقدير موقف بعنوان "لا تجرؤ على الدخول إلى غزة في الوضع الحالي"، قال فيه إن "اجتياح بري لقطاع غزة، سيكون خطأ من ناحية إستراتيجية".

ويعتقد أن التوغل البري سيفتح على الجيش الإسرائيلي جبهة برية ثانية في الضفة الغربية ولربما جبهة برية ثالثة مع حزب الله ولبنان، قائلا "لا جاهزية حتى للجيش النظامي لسيناريو من هذا القبيل".

ورجح المدير العام السابق لوزارة الأمن الإسرائيلية في تقدير الموقف الذي نشرته صحيفة "هآرتس" أن غزة هي الفخ الذي نسير فيه بحسب التطلعات الإيرانية لجر إسرائيل إلى جبهات أخرى.

وأضاف أن "غزة لا تشكل تهديدا وجوديا، ويمكن التعامل معها جوا وبالضغط الاقتصادي. إذا توغل الجيش الإسرائيلي بغزة فإن الفخ يمكن أن يشكل تهديدا وجوديا".

وتابع عيفري "الاجتياح البري خيار صحيح في حال قررت إسرائيل البقاء في قطاع غزة، لكن هذا عقاب إستراتيجي لسكان غزة ولإسرائيل".

ولفت إلى أن الدخول والخروج البري لن يترتب عليه عقوبة أكبر مما يتم تحقيقه من القصف الجوي أو من خلال المدفعية، وسيترتب على بقاء الجيش بغزة الكثير من القتلى والضحايا الجنود، "ولا نعرف متى سننسحب".

قوات من الاحتياط تنتشر في بلدات إسرائيلية في الجنوب سعيا لاستعادة السيطرة (الجيش الإسرائيلي) أزمات وتحديات

وكان معهد "يروشاليم" للإستراتيجية والأمن قد استعرض حالة السجال بشأن مدى جاهزية قوات الاحتياط للمشاركة بأي معارك برية قد يخوضها الجيش الإسرائيلي، وحذر منها من خلال تقدير موقف بعنوان "قبل فوات الأوان.. حول أزمة نظام قوات الاحتياطي".

وناقش تقدير الموقف الذي أعده كل من الباحث بالشؤون العسكرية غابى سيبونى، والباحث في الشؤون العسكرية والأمنية والقائد السابق لقوات الاحتياط يوفال بزاك، بوادر أزمة قوات الاحتياط التي أخذت تتضح ملامحها الأولى ببداية القرن الـ21، وانعكاسات هذه الأزمة على الاتجاهات الإستراتيجية والاجتماعية على نظام قوات الاحتياط لما يسمى بـ"جيش الشعب".

ووصفت بعض المناقشات الوضع السائد في جهاز قوات الاحتياط بالمؤزم، ومنهم من تحدث عن تحديات ومشكلات يواجهها الجهاز، ولا بد من إيجاد حل لها، وذلك عقب التحولات التي حدثت في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، التي كان لها تأثير عميق في قوات الاحتياط بالجيش الإسرائيلي.

ووفقا للتقديرات، فإن التغيرات في خريطة التهديدات لإسرائيل، وخاصة تراجع التهديد الوجودي، إلى جانب التغيرات الديمغرافية والاقتصادية، قللت من ضرورة وإمكانية تعبئة المجتمع الإسرائيلي بالكامل، وتشكل وضع أصبح فيه جزء صغير من المجتمع يتحمل العبء الأمني.

إن الميل المتزايد بالمجتمع الإسرائيلي نحو المادية والفردية باتت تتفوق على قيمة ومكانة الخدمة العسكرية النظامية والاحتياط، ثم إن غياب الإجماع الإسرائيلي على ضرورة وأهمية الخدمة العسكرية في الضفة الغربية وقطاع غزة أدى إلى انخفاض دور وحدات الاحتياط بالعمالة العسكرية التشغيلية، وتقليص حاد بأيام خدمة الاحتياط.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی المعرکة البریة قوات الاحتیاط

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تدخل الفتات لغزة وتقتل منتظري المساعدات

غزة- لم تسمح قوات الاحتلال الإسرائيلي سوى بإدخال 15% من احتياجات الفلسطينيين في قطاع غزة للمواد الغذائية الأساسية، منذ أن قررت مساء السبت الماضي "تحسين" الاستجابة الإنسانية للسكان عبر فتح ممرات لإدخال المساعدات والأدوية.

وتزامن مرور الكميات المحدودة من الشاحنات التي سمح جيش الاحتلال بوصولها إلى غزة منذ مطلع الأسبوع الجاري مع ارتفاع عدد الشهداء في صفوف منتظري المساعدات الذين قُتلوا أثناء انتظارهم الحصول على الغذاء، مما يكشف إصرار الاحتلال على تجويع القطاع رغم محاولاته تصوير تدفق المساعدات إلى المجوّعين بكميات كافية.

وسمحت قوات الاحتلال منذ الأحد الماضي وحتى مساء أمس الأربعاء بإدخال 381 شاحنة فقط، وعدد محدود من عمليات الإنزال الجوي، حسب البيانات الصادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي.

استمرار التجويع

وتشير الإحصائية التي حصلت عليها الجزيرة نت إلى أن قوات الاحتلال سمحت يوم الأحد الماضي بإدخال 73 شاحنة فقط و3 عمليات إنزال جوي، في حين وصل إلى غزة يوم الاثنين الماضي 87 شاحنة رفضت قوات الاحتلال تأمين دخولها، وتعمدت استهداف عناصر التأمين التي تتبع العشائر والعائلات، مما أدى إلى استشهاد 11 منهم في منطقة السودانية شمال غرب القطاع.

ويوم الثلاثاء الماضي، سمح الاحتلال بمرور 109 شاحنات بالإضافة إلى 6 عمليات إنزال جوي، ووصل غزة أمس الأربعاء 112 شاحنة مساعدات.

ويحتاج أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع إلى 600 شاحنة يوميا من المواد الغذائية، أي ما مجموعه 2400 شاحنة خلال الأيام الأربعة الماضية، مما يعني أن جيش الاحتلال سمح بإدخال 15% فقط من احتياجات غزة الأساسية.

في هذا السياق، قال المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة إسماعيل الثوابتة إن حكومة الاحتلال تواصل الترويج لمزاعم كاذبة تنفي وجود تجويع في القطاع، وترفض السماح بمرور مساعدات تكفي السكان، وتعرقل كل محاولات تأمين وصولها لمخازن المؤسسات الدولية مما يعرض غالبيتها للنهب والسرقة بفعل الفوضى التي يُكرّسها الجيش الإسرائيلي.

إعلان

وأشار للجزيرة نت إلى أن عمليات الإنزال الجوي المحدودة لا تتجاوز كمياتها في أحسن الأحوال حمولة شاحنتين، ويسقط معظمها في مناطق قتال حمراء يوجد فيها جيش الاحتلال، ولا يمكن للمواطنين الوصول إليها مطلقا.

إسرائيل تتعمد منع مرور المساعدات بطريقة آمنة إلى قطاع غزة (الجزيرة)استهداف مرتفع

وأوضح الثوابتة أن جميع محاولات الاحتلال للالتفاف على إدخال المساعدات الغذائية بالكميات الكافية عبر المؤسسات الدولية هي ذر للرماد في العيون، وتُبقي حالة التجويع في قطاع غزة على أشدها، ولا يمكن أن تغير الواقع المعيشي المتردي للفلسطينيين.

وأدان استمرار استهداف الجيش الإسرائيلي منتظري المساعدات مع رفضه تأمين مرورها، محملا الاحتلال والدول الداعمة لعدوانه كامل المسؤولية عن الجرائم المروعة التي يتعرض لها أكثر من 2.4 مليون إنسان في غزة، بينهم 1.1 مليون طفل يُحرمون من الغذاء وحليب الأطفال في ظل حصار خانق وإبادة جماعية ممنهجة.

وطالب المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالتحرك العاجل لفتح المعابر بشكل فوري، وكسر الحصار، وتأمين دخول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ومنظم، تحت إشراف أممي كامل.

ورفعت قوات الاحتلال الإسرائيلي من وتيرة استهدافها لمنتظري المساعدات في شمال ووسط وجنوب قطاع غزة، وذلك منذ أن أعلنت نيتها السماح بإدخال المزيد من المواد الغذائية لهم.

وحصلت الجزيرة نت على إحصائية محدثة من وحدة المعلومات الصحية بوزارة الصحة بغزة، تكشف عن ارتفاع عدد الشهداء في صفوف منتظري المساعدات منذ بداية العام الجاري وحتى ظهر اليوم الخميس إلى 1320 شهيدا وأكثر من 8818 إصابة.

وتشير الإحصائية إلى ارتفاع ملحوظ في عدد الشهداء أمام مراكز توزيع المساعدات وممرات دخولها في الشهرين الأخيرين، حيث بلغ عدد الشهداء في يونيو/حزيران الماضي 581 شهيدا، في حين ارتفع في يوليو/تموز الحالي إلى 739 شهيدا.

قتل متعمد

وتدل الأرقام الصادرة عن وزارة الصحة على أن الاحتلال تعمد قتل العشرات من الفلسطينيين المجوعين خلال انتظارهم دخول المساعدات منذ مطلع الأسبوع الحالي، أي بالتزامن مع قرار الجيش الإسرائيلي زيادة كميات المساعدات الواردة إلى قطاع غزة.

ففي يوم الأحد الماضي قتل جيش الاحتلال 11 فلسطينيا وأصاب 36 آخرين، في حين قتل يوم الاثنين الماضي 25 فلسطينيا، وأصاب 237 آخرين، واستشهد يوم الثلاثاء 22 من منتظري المساعدات، وأصيب 199 شخصا.

وبلغ عدد الشهداء من منتظري المساعدات في قطاع غزة أمس الأربعاء 60 شهيدا وأكثر من 195 إصابة، فيما وصل إلى المستشفيات منذ مساء أمس وحتى ظهر اليوم الخميس 81 شهيدا وأكثر من 666 إصابة.

وكانت مديرة الإعلام والتواصل في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" جولييت توما قد طالبت بوصول آمن للمساعدات إلى قطاع غزة برا من خلال الأمم المتحدة بما في ذلك الأونروا، وبطريقة أكثر أمانا وأسرع وتحفظ كرامة الإنسان.

وشددت -في تصريحات صحفية- على أن الإنزالات الجوية غير ضرورية على الإطلاق، وغير فعّالة، ومكلفة، ومحفوفة بالمخاطر، وإذا تم فتح المعابر إلى قطاع غزة، فستستطيع الأمم المتحدة إدخال 500 إلى 600 شاحنة يوميا محملة بالغذاء والأدوية ولوازم النظافة، للوصول إلى من هم في أمس الحاجة إليها.

إعلان

مقالات مشابهة

  • حقوقيون مغاربة يضربون عن الطعام ضد التجويع الإسرائيلي لغزة
  • إدارة الإعلام والاتصال في وزارة الدفاع لـ سانا: تقوم وحدات الجيش العربي السوري في هذه اللحظات بتنفيذ ضربات دقيقة تستهدف مصادر النيران التي استخدمتها قوات “قسد” في قصف قرية الكيارية ومحيطها بريف منبج، وقد تمكنت قواتنا من رصد راجمة صواريخ ومدفع
  • إدارة الإعلام والاتصال بوزارة الدفاع لـ سانا: نفذت قوات “قسد” صليات صاروخية استهدفت منازل الأهالي بقرية الكيارية ومحيطها في ريف منبج بشكل غير مسؤول ولأسباب مجهولة، ما أدى لإصابة 4 من عناصر الجيش و3 مدنيين بجروح متفاوتة، وتعمل قوى الجيش على الت
  • عقاد بن كوني: نحيي قوات درع السودان التي واصلت التقدم بثبات حتى وصلت إلى إقليم كردفان
  • آلاف المغاربة يطالبون بإدخال المساعدات لغزة ووقف التجويع الإسرائيلي
  • مظاهرات عربية تطالب بوقف التجويع الإسرائيلي لغزة
  • هيئة البث الإسرائيلية: الجيش قرر سحب لواءي الاحتياط 646 و179 من قطاع غزة
  • إسرائيل تدخل الفتات لغزة وتقتل منتظري المساعدات
  • هيئة البث الإسرائيلية: الجيش يقرر سحب لواءي الاحتياط 646 و179 من غزة
  • محللون إسرائيليون: الجيش يطيل أمد الحرب ويعاقب الرافضين العودة لغزة