"معلومات الوزراء": التحول إلى نظام الطاقة المتجددة سيؤدي إلى ارتفاع الطلب عليها بمقدار 4 مرات خلال 2040
تاريخ النشر: 30th, October 2023 GMT
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تقريراً استعرض من خلاله سوق المعادن ومدى تأثره بالتحول إلى الطاقة المتجددة، حيث أشار المركز إلى أن المعادن تُعَد من العناصر الضرورية في تصنيع العديد من التقنيات في عالمنا الحديث، بما في ذلك الهواتف المحمولة، وأجهزة الكمبيوتر، والأوراق النقدية، وكابلات الألياف الضوئية، والمعدات الطبية، وهي تلعب دورًا أساسيًّا أيضًا في تحوُّل الدول للطاقة المتجددة، فتدخل في تصنيع العديد من البطاريات القابلة لإعادة الشحن والمركبات الكهربائية وتوربينات الرياح والألواح الشمسية، كذلك تُستخدَم في تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه.
وفي ضوء الأزمة الروسية الأوكرانية وما نتج عنها من اختناقات في أسواق الطاقة، وأيضًا في إطار اتفاقية باريس والتعهُّد بالحد من ظاهرة الاحتباس الحراري لحماية المناخ والطبيعة والإنسان، ارتفع الطلب العالمي على الطاقة المتجددة، وبرز الدور الحيوي الذي تلعبه المعادن في توليد الطاقة المتجددة في الدول.
وأشار تقرير المركز إلى أن الطاقة المتجددة نمَت بوتيرة سريعة على مدى العقدين الماضيين، ووصلت إلى أعلى قِيَمِها في عام 2022 بنحو 3.38 ملايين ميجاوات، وبمعدل نمو قدره 9.4% مقارنةً بعام 2021 وفقًا لبيانات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، وكان هذا النمو مدفوعًا إلى حدٍّ كبير بالسياسات الحكومية، وتزايُد المخاوف بشأن أمن الطاقة والتحديات المستمرة في سلسلة التوريد، وتحسين القدرة التنافسية ضد بدائل الوقود الأحفوري، وانخفاض أسعار الطاقة المتجددة؛ حيث تبيَّن أن تكلفة توليد الطاقة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح أقل في المتوسط بنحو 40% من تكلفة توليد الطاقة من الفحم أو الغاز.
كما أشار التقرير إلى رفع الوكالة الدولية للطاقة معدلات النمو للطاقة المتجددة خلال الفترة من (2022 - 2027) بنحو 30%، ومن المتوقع أن ينمو إنتاج الطاقة المتجددة خلال الفترة من (2022 - 2027) بنحو 85% مقارنةً بالخمس سنوات السابقة، وبمقدار 2400 جيجاوات، ومن المرجح أن تُسهِم الطاقة المتجددة بنحو أكثر من 90% من إجمالي التوسع في إنتاج الطاقة الكهربائية.
وفي هذا السياق، خلقت الطاقة المتجددة نحو 13.7 مليون وظيفة في عام 2022، ارتفاعًا من 12.7 مليون في عام 2021، ويتركز نحو ثلثي الوظائف في آسيا؛ حيث تمثل الصين وحدها 41% من الإجمالي العالمي. وتُعَد وظائف الطاقة الشمسية الكهروضوئية هي الأسرع نموًّا في القطاع؛ حيث بلغت نحو 4.9 ملايين وظيفة ممثلة أكثر من ثلث إجمالي القوى العاملة في مجال الطاقة المتجددة، وتشغل النساء 40% منها. وعلى نحو متصل مثَّلت وظائف الطاقة الكهرومائية في عام 2022 نحو 2.5 مليون وظيفة محققة ارتفاعًا قدره نحو 2.3% مقارنةً بعام 2021، كذلك بلغ حجم الوظائف في مجال الوقود الحيوي نحو 2.5 مليون وظيفة، بينما بلغت الوظائف المرتبطة بطاقة الرياح 1.4 مليون وظيفة، وتتصدر الصين وأوروبا على سائر دول العالم في الوظائف الناتجة عن طاقة الرياح.
وذكر التقرير أن حجم الطلب على المعادن قد مثل من جانب قطاع توليد الطاقة المتجددة نسبة ضئيلة من إجمالي الطلب على المعادن حتى منتصف عام 2010، لكن مع تزايُد وتيرة التحول نحو تقنيات الطاقة المتجددة، أصبح قطاع الطاقة المتجددة هو الشريحة الأكثر طلبًا للمعادن، ويرجع ذلك إلى احتياج البنية التحتية إلى توليد الطاقة المتجددة لقدر كبير من المعادن أكثر من الوقود الأحفوري. فعلى سبيل المثال، تحتاج السيارة الكهربائية نحو ستة أضعاف ما تحتاج إليه المدخلات المعدنية للسيارة التقليدية، كذلك تتطلب محطة الرياح موارد معدنية أكثر بتسع مرات من محطة توليد الطاقة التي تعمل بالغاز وفقًا لمنظمة الطاقة الدولية.
وقد تختلف أنواع الموارد المعدنية المستخدمة حسب تكنولوجيا الطاقة المتجددة؛ فيُعَد كلٌّ من الليثيوم والنيكل والكوبالت والمنجنيز والجرافيت عناصر ضرورية لأداء البطارية وطول عمرها وكثافة الطاقة، بينما تُعَد العناصر الأرضية النادرة ضرورية في بعض الصناعات الأخرى، على سبيل المثال: المغناطيس الدائم (يُستخدَم لتوليد مجال مغناطيسي ذاتي) يؤدي دورًا محوريًّا في تصنيع توربينات الرياح، ومحركات السيارات الكهربائية. أما بالنسبة لشبكات الكهرباء فتحتاج إلى كمية هائلة من النحاس والألومنيوم، ويُعَد النحاس حجر الزاوية لجميع التقنيات الكهربائية.
وبناءً على ذلك، من المتوقع أن يؤدي التحول إلى نظام الطاقة المتجددة إلى ارتفاع الطلب على هذه المعادن بمقدار أربع مرات على الأقل بحلول عام 2040، كذلك من المتوقع أن ينمو الطلب خلال العقدين المقبلين على كل من النحاس والعناصر الأرضية النادرة إلى أكثر من 40%، وقد يتراوح الطلب على كل من النيكل والكوبالت بين 60% و70%، بينما الليثيوم من المتوقع أن ينمو الطلب عليه بنحو 90% خلال الفترة نفسها.
بالإضافة إلى ذلك، سوف يتطلب تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2040 إلى زيادة استخدام الطاقة المتجددة، مما يتسبب في نمو الطلب على المعادن المستخدمة في المركبات الكهربائية والبطاريات بنحو ثلاثين مرة مقارنة بالطلب الحالي، كذلك سوف يشهد الليثيوم نموًّا في الطلب بأكثر من أربعين مرة، ويليه الجرافيت والكوبالت والنيكل بمعدل نمو يتراوح بين 20 و25 مرة مقارنةً بالطلب الحالي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2040.
وعلى نحو متصل، سوف يؤدي التوسع في شبكات الكهرباء إلى مضاعفة الطلب على النحاس خلال الفترة نفسها. كذلك سوف يسهم ارتفاع الطلب على الطاقة الكهروضوئية المستمدة من الشمس في ارتفاع الطلب على المعادن، أما بالنسبة للطاقة الكهرومائية والكتلة الحيوية والطاقة النووية فسوف تشكل نسبة طفيفة من الطلب على المعادن؛ وذلك نظرًا لمتطلباتها المعدنية المنخفضة نسبيًّا، وهذا في سيناريو التنمية المستدامة.
وذكر التقرير أن دول عديدة في المنطقة العربية تتمتع بمصادر الطاقة المتجددة، كذلك تمتلك العديد من المعادن والإمكانات اللازمة لتبني تكنولوجيا الطاقة المتجددة، وبناءً على ذلك، وفي إطار التوجه العالمي للتحول إلى الطاقة المتجددة، يمكن أن توفر المعادن العديد من الفرص لدول المنطقة الغنية بالموارد، وتشمل كلًّا من: التنويع الاقتصادي، وزيادة حجم الإيرادات، وزيادة عدد الوظائف المباشرة وغير المباشرة، وزيادة حجم تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، وتحسين عائدات الاستثمار، وتوفير فرص لتطوير البنية التحتية، وظهور أعمال تجارية جديدة تأخذ في اعتبارها البُعدَيْن: البيئي والاجتماعي.
وأشار التقرير إلى أن الزيادة السريعة في الطلب على المعادن أدت إلى زيادة المنافسة الجيوسياسية على الموارد المعدنية، وزيادة تقلُّب أسعارها في المدى القصير، وارتفاع مخاطر تعطُّل سلاسل التوريد. كما أن تطوير البنية التحتية للتعدين ومرافق المعالجة يتطلب عدة سنوات؛ مما يعني أنه لا يمكن زيادة الإنتاج بسرعة. بالإضافة إلى ذلك، أصبحت المعايير الاجتماعية والبيئية للتعدين أكثر صرامة؛ مما أدى إلى استغراق منح التصاريح بعض الوقت. بالإضافة إلى ذلك، هناك أيضًا تحديات بيئية يواجهها التعدين في الدول العربية، وتتمثل في: إزالة الغابات، وتدهور الأراضي، وتلوث التربة والهواء، وفقدان التنوع البيولوجي، والتخلص من المخلفات.
وقد استعرض التقرير أهم التوصيات لتعزيز دور المعادن في تحول الطاقة بالمنطقة العربية:
أولًا: توفير بيئة تشغيلية جيدة للاستثمارات طويلة الأجل في مجال الطاقة المتجددة، ووضع استراتيجية واضحة ومتكاملة لتحقيق التنمية المستدامة من قبل الحكومات.
ثانيًا: وضع خطة استراتيجية لتطوير قطاع التعدين تهدف إلى تحقيق التعدين المستدام، ونشر المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة العالمية، وتنفيذ اللوائح بشكل صارم.
ثالثًا: تشجيع الاستثمار العام في رسم خرائط الموارد والتنقيب عن المعادن، ووضع أنظمة إدارة الموارد والاحتفاظ بقاعدة بيانات مركزية للمعادن، كذلك تبسيط التصاريح والتراخيص للتعدين وتمكين نظام النافذة الواحدة.
رابعًا: إعداد تقييم بيئي لدورة حياة المنجم باستخدام مناهج الإدارة التكيفية (عملية منظمة تهدف إلى اتخاذ قرارات قوية في مواجهة حالة عدم اليقين)، وإصدار تقارير بيئية سنوية، واعتماد إطار الاقتصاد الدائري للكربون في قطاع التعدين من خلال تعزيز كفاءة الموارد وتوسيع نطاق إعادة التدوير واستخدام المواد البديلة، وإنشاء هيئات رقابية مستقلة للإشراف على التعدين؛ لضمان الشفافية والمساءلة.
خامسًا: قد تتزايد الفجوة بين العرض والطلب على المعادن في المدى القصير، ومن ثَمَّ يمكن زيادة الاستثمارات في استكشاف وتطوير المناجم؛ مما يؤدي إلى تعزيز الإنتاج، كذلك يمكن إعادة تدوير المعادن، ودعم أنشطة الجمع والفرز الفعالة وتمويل البحث والتطوير في تقنيات إعادة التدوير؛ لتقليل فجوة الإنتاج.
وأكد التقرير في ختامه أنه ينبغي لدول المنطقة العربية الانخراط في سلاسل القيمة العالمية للمعادن، وإزالة العوائق التي تعتري القطاع، وتعزيز الاستثمار الخاص والعام فيه من خلال وضع سياسات واضحة، وإزالة المخاطر الاستثمارية لتحقيق الاستفادة المُثلى من التعدين، كذلك تحقيق المكاسب الاقتصادية، وضمان الانتقال إلى الطاقة النظيفة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار سوق المعادن الطاقة المتجددة التنمیة المستدامة الطلب على المعادن م الطاقة المتجددة من المتوقع أن تولید الطاقة ارتفاع الطلب ملیون وظیفة خلال الفترة العدید من ارتفاع ا د الطاقة أکثر من کذلک ت فی عام
إقرأ أيضاً:
«معلومات الوزراء»: 3 تحولات أساسية تُعيد تشكيل الاقتصاد العالمي مستقبلًا
في إطار اهتمام مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، برصد وتحليل كل ما هو متعلق بالتقارير الدولية التي تتناول الشأن المصري أو تدخل في نطاق اهتماماته، سلط المركز الضوء على عدد من التقارير الدولية التي ترصد التوقعات الاقتصادية العالمية، ومن ذلك تقارير لعدد من الجهات والمؤسسات الدولية أبرزها بنك مورجان ستانلي وبروجيكت سينديكت.
حيث سلط تقرير بنك مورجان ستانلي، - والذي جاء بعنوان «التوقعات الاقتصادية لمنتصف عام 2025: تباطؤ واسع النطاق»، الضوء على تباطؤ واسع في النمو الاقتصادي العالمي خلال عام 2025، المدفوع بتأثير الرسوم الجمركية الأمريكية وتراجع الطلب العالمي، مع تفاوت في السياسات النقدية والمالية بين الدول. كما يبرز اختلاف مسارات التضخم، واستمرار التحديات البنيوية في الصين، وتماسك نسبي في الهند واليابان، وسط حالة متزايدة من عدم اليقين على المستويين السياسي والاقتصادي في الولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية.
أوضح التقرير أنه من المتوقع أن يتباطأ النمو الاقتصادي العالمي إلى معدل سنوي يبلغ 2.9% في عام 2025، مقارنة بـ3.3% في 2024، مع انخفاضه إلى 2.5% بحساب الربع الرابع على أساس سنوي. ويُعزى هذا التراجع أساسًا إلى تباطؤ الاقتصاد الأمريكي الذي يؤثر سلبًا على بقية دول العالم. مشيرًا إلى أن هذا التباطؤ سيجعل من عام 2025 أضعف عام نمو منذ جائحة «كوفيد-19».
أشار التقرير إلى أن السياسات التجارية الجديدة في الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة الزيادات الجمركية، قد أحدثت صدمة هيكلية للاقتصاد العالمي، حيث أدت حالة عدم اليقين الناتجة عن تلك الإجراءات إلى تقييد الطلب عالميًّا. وعلى الرغم من احتمال استمرار المفاوضات التجارية الأمريكية، إلا أنه من غير المرجح إزالة الرسوم بالكامل، مما يبقي على التوتر في النظام التجاري العالمي.
أوضح التقرير أن التوقعات تشير إلى أن التضخم سيواصل الانخفاض في معظم الدول، باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية، حيث قد تؤدي الرسوم الجمركية إلى ارتفاع أسعار المستهلكين، لتبلغ ذروتها بين 3% و3.5% في الربع الثالث من 2025. ومن المتوقع أن تؤدي أسعار النفط المنخفضة، وتقدير العملات، وتراجع الطلب إلى استمرار التباطؤ في نمو الأسعار عالميًّا، مع بلوغ التضخم العالمي 2.1% في عام 2025 و2% في عام 2026.
أفاد التقرير أنه في ظل تراجع النمو والتضخم، قد تتجه البنوك المركزية في أغلب الدول إلى خفض أسعار الفائدة. إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية تمثل حالة استثنائية، حيث من المرجح أن يُبقي الاحتياطي الفيدرالي على معدلات الفائدة دون تغيير حتى مارس 2026. وفي المقابل، ستزيد الحكومات في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا والصين من الإنفاق العام لتحفيز النمو، مما سيرفع مستويات العجز، لا سيما في كل من ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية.
وأوضح التقرير أنه من المتوقع أن يتباطأ الاقتصاد الأمريكي من نمو بلغ 2.8% في عام 2024 إلى 1.5% في عام 2025، ثم إلى 1% في عام 2026، نتيجة للقيود على الهجرة، وعدم اليقين بشأن السياسات، وارتفاع الرسوم الجمركية. كما من المتوقع أن يكون هناك ضغوط تضخمية إضافية بفعل نقص العمالة، لا سيما في قطاع الخدمات، على أن يبدأ التضخم في التراجع في عام 2026 مع ضعف الطلب وانخفاض الإنفاق الاستثماري.
ويرجح التقرير أن يحتفظ بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بموقفه الحذر حتى أواخر 2025، حين تبدأ الضغوط التضخمية في الانحسار، ليعقب ذلك ضعف في سوق العمل. وبناءً على ذلك، من المتوقع أن يخفض الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 175 نقطة أساس بحلول نهاية 2026، متجاوزًا ما يُعرف بمستوى «الحياد النقدي».
أما في منطقة اليورو، فإن ضعف الصادرات يمثل العائق الرئيس أمام النمو، ويتوقع أن ينمو الاقتصاد الأوروبي بنسبة 1% في عام 2025، مقارنة بـ0.8% في عام 2024، على أن يتراجع التضخم دون مستهدف البنك المركزي الأوروبي خلال نفس الفترة. ويرجح أن يواصل البنك المركزي الأوروبي دورة التيسير النقدي ليصل سعر الفائدة إلى 1.5% بنهاية العام.
وفي الصين، أوضح التقرير أنه من غير المتوقع أن تنجح جهود الحكومة في تحفيز الاقتصاد في تعويض الأثر السلبي للرسوم الجمركية الأمريكية. كما تواصل البلاد مواجهة ضغوط انكماشية وضعف في قطاع الإسكان. ويتوقع أن ينمو الاقتصاد الصيني بنسبة 4.5% في عام 2025 و4.2% في عام 2026، مقارنة بـ5% في عام 2024، مع استمرار التحديات البنيوية المرتبطة بالديون والاختلالات الاقتصادية.
وفي هذا الصدد، تشير التقديرات إلى أن اليابان ستستفيد من تحسن دخول الأسر بفضل زيادة الأجور وتباطؤ التضخم، ما يدعم ثقة المستهلك ويُبقي على نمو اقتصادي بنسبة 1% في عام 2025 و0.5% في عام 2026، ارتفاعًا من 0.2% في عام 2024. أما الهند، فتظل الاقتصاد الأسرع نموًا عالميًّا، مع توقعات بنمو يبلغ 5.9% في عام 2025 و6.4% في عام 2026، مدعومًا بقوة الطلب المحلي وتوسع صادرات الخدمات والسياسات الاقتصادية الداعمة للنمو.
أضاف التقرير أنه في أمريكا اللاتينية، من المتوقع أن يتوقف النمو في المكسيك خلال 2025، مع احتمال التعافي في عام 2026، بسبب تأثير الرسوم الجمركية والارتباط الوثيق بالاقتصاد الأمريكي، بالإضافة إلى ضعف الطلب المحلي وسوق العمل. ويرجح استمرار حالة عدم اليقين حتى منتصف عام 2026، موعد إعادة التفاوض على اتفاقية التجارة بين كل من الولايات المتحدة وكندا والمكسيك (USMCA).
أوضح التقرير أنه من المتوقع أن تحقق البرازيل نموًا في عامي 2025 و2026، وإن كان بوتيرة أبطأ. وتكمن أبرز التحديات في أسعار الفائدة المرتفعة، وتآكل الأجور، وضعف الاستثمارات قبيل الانتخابات الرئاسية المقررة في عام 2026، مما يضغط على إمكانات النمو في أكبر اقتصاد بأمريكا الجنوبية.
اتصالاً، سلط مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار الضوء أيضاً على تقرير منظمة بروجيكت سينديكت والذي جاء بعنوان «فهم الاقتصاد العالمي الجديد»، والذي تناول التحولات البنيوية التي تعيد تشكيل الاقتصاد العالمي، من خلال استعراض ثلاث عوامل رئيسة هي: اضطراب تدفقات رؤوس الأموال بسبب التوترات الجيوسياسية، والتفاوت الديموغرافي بين مناطق نامية تتسم بوجود قوة شابة بها وأخرى متقدمة تتجه نحو الشيخوخة، وتصاعد الانقسامات الإيديولوجية الذي يعمق تفكك العولمة ويزيد من تعقيد البيئة الاقتصادية وصعوبة التنبؤ بتوجهاتها المستقبلية.
أوضح التقرير أن البيئة الاقتصادية العالمية تشهد اليوم اضطرابًا متزايدًا، الأمر الذي يفرض على صانعي السياسات وقادة الأعمال والمستثمرين إعادة التفكير في النماذج الذهنية التي يستخدمونها لتحليل الاقتصاد العالمي، مشيراً إلى ثمة ثلاثة تحولات أساسية تُعيد تشكيل هذا الاقتصاد، وهي تدفقات رؤوس الأموال، والتغيرات الديموغرافية، والانقسامات الإيديولوجية، وهي جميعًا تدفع نحو عالم أكثر تجزؤًا وانغلاقًا.
أفاد التقرير أن تدفقات رؤوس الأموال تخضع لتغيرات ناتجة عن متطلبات تنظيمية كحظر الولايات المتحدة الأمريكية للاستثمار في الصين، وسعي المستثمرين وراء فرص جديدة لعوائد مرتفعة في مختلف القطاعات والمناطق، فقد تمثل الولايات المتحدة الأمريكية حاليًّا ما يقارب 70% من القيمة السوقية للأسهم عالميًّا، وتجذب أكثر من 70% من التدفقات إلى سوق الاستثمارات الخاصة البالغة 13 تريليون دولار. ويرجع ذلك إلى كون السوق الأمريكية الأكثر قدرة على تحقيق عوائد جذابة بفضل ريادتها في الابتكار وعمق سيولتها.
بالإضافة إلى، خطر الرفع المالي الخفي (Hidden Leverage) وديون القطاع المصرفي الموازي، إذ أفادت "ستاندرد آند بورز" بأن هذه البنوك امتلكت أصولًا مالية بقيمة 63 تريليون دولار بنهاية 2022، أي ما يعادل 78% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وفي عام 2024، شكلت هذه المؤسسات 70% من إقراض الرهن العقاري والتمويل عالي المخاطر في الولايات المتحدة الأمريكية، مما يستدعي من المستثمرين وقادة الأعمال التساؤل عن طبيعة الجهات الحائزة للديون، وأين تكمن نقاط التركّز المالي الكبرى.
والجدير بالذكر أن الرفع المالي الخفي هو استخدام الديون أو الأدوات المالية ذات المخاطر العالية بطريقة غير واضحة أو غير مُعلنة ضمن النظام المالي، بحيث لا تظهر هذه الالتزامات بشكل مباشر في الميزانيات العمومية للمؤسسات أو لا تخضع للرقابة التنظيمية الكاملة.
وفي السياق الديموغرافي، أوضح التقرير أن الكثافة السكانية تستمر في الارتفاع عالميًّا، إذ تتوقع الأمم المتحدة بلوغ عدد السكان 11.2 مليار نسمة بحلول 2100، مقارنة بـ8.1 مليار حاليًّا، حيث يعيش قرابة 90% من سكان العالم في الأسواق الناشئة الأفقر، وتُظهر التوقعات استمرار النمو السكاني في مناطق مثل إفريقيا والهند والشرق الأوسط بمعدلات تفوق 2.1 طفل لكل امرأة، ما يعني بقاء هذه المناطق شابة.
وفي إفريقيا، على سبيل المثال، يشكِّل من هم دون سن 25 عامًا ما بين 50% و60% من السكان، مقارنة بـ20% فقط في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وفي المقابل، تشهد مناطق أخرى مثل أوروبا والصين تراجعًا في معدلات المواليد وشيخوخة سكانية متسارعة. في حين، تُظهر بيانات «يوروستات» أن عدد سكان الاتحاد الأوروبي سيبلغ ذروته عام 2026 عند 453.3 مليون نسمة، لينخفض لاحقًا إلى 419.5 مليون بحلول 2100.
وفي الصين، تفيد بيانات الأمم المتحدة بأن عدد سكانها سيتراجع من 1.4 مليار حاليًّا إلى أقل من 800 مليون في نهاية القرن. ولهذا التباين في الاتجاهات السكانية آثارٌ بعيدة المدى على الطلب والإنتاج العالمي للسلع كالطاقة والغذاء. فعلى سبيل المثال، لا تزال الهند تعتمد بشدة على الفحم والوقود الأحفوري لتلبية احتياجات سكانها الفقراء، مقارنة بالاعتماد على الطاقة المتجددة.
أما على الصعيد الأيديولوجي، أوضح التقرير أن التباعد بين الدول والمناطق أصبح أمرًا واقعًا يجب مراعاته. فانهيار التعددية وتجزئة التجارة وتدفقات رؤوس الأموال والهجرة وتبادل الأفكار أصبحت جميعها تدخل في حسابات الأسواق. ورغم أن كبرى الشركات الأمريكية ما زالت تحقق أكثر من نصف إيراداتها من خارج الولايات المتحدة الأمريكية، فإنها مطالبة بإعادة تقييم علاقاتها التجارية التقليدية وتحالفاتها المتوترة.
وعلى المدى القصير، قد تؤدي سياسات الرسوم الجمركية وعمليات الترحيل التي تنتهجها إدارة ترامب إلى ارتفاع الأجور وأسعار السلع والخدمات، ما يغذي التضخم. وسيرافق ذلك ارتفاع في تكلفة رأس المال، مما قد يضعف شهية الاستثمار لدى الشركات. أما على المدى البعيد، فإن فك العولمة وتطورات التكنولوجيا مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية ستُعمّق من الانقسامات الإيديولوجية.
أشار التقرير إلى أن التوترات الجيوسياسية تُظهر انقسامًا حادًا بين الرأسمالية الحكومية والرأسمالية السوقية، مع إعادة تشكيل التحالفات والمجموعات الدولية. كما أكد التقرير أن هذه التحولات تزيد من صعوبة تحقيق التوافق العالمي، حتى في جهود كانت محل احتفاء عالمي مثل مؤتمرات المناخ التابعة للأمم المتحدة. وفي ظل تباطؤ النمو العالمي، أصبحت التجارة والتمويل والطاقة والدين والذكاء الاصطناعي والهجرة تُستخدم كأدوات للنفوذ، ما يعقّد المشهد ويجعل التنبؤ بالسياسات أكثر صعوبة.
أوضح التقرير في ختامه أن التحولات المتسارعة في بنية الاقتصاد العالمي تفرض على صانعي السياسات وقادة الأعمال تقليص آفاقهم الزمنية في التخطيط واتخاذ القرار، مع اعتماد أفق زمني أقصر لا يتجاوز 18 شهرًا بدلًا من الدورات الاقتصادية التقليدية الممتدة. فوسط هذا القدر المتنامي من التقلبات، لم يعد بالإمكان الاعتماد إلى استقرار الأطر التنظيمية أو التوازنات الجيوسياسية أو المعطيات الاقتصادية، مما يجعل من المرونة والتكيّف السريع شرطًا أساسيًّا للنجاح في البيئة العالمية الجديدة.
اقرأ أيضاًالأحزاب المصرية تثمن بيان الخارجية حول الضوابط التنظيمية لزيارة المنطقة الحدودية
وزير الخارجية والهجرة يلتقى نظيره النرويجي لتعزيز العلاقات