البرلمان التونسي يناقش مشروع قانون يجرم التطبيع مع إسرائيل
تاريخ النشر: 2nd, November 2023 GMT
شرع البرلمان التونسي الخميس في مناقشة مشروع قانون يجرم التطبيع مع إسرائيل وهو غير مسبوق في المنطقة ويتزامن مع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس.
وقال رئيس البرلمان إبراهيم بودربالة في خطاب افتتاح الجلسة: "سنبقى على موقفنا الثابت بأن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية لشعبنا وإننا ضد التطبيع وضد الاعتراف بشرعية هذا الكيان ونحن على موقف ثابت من أن فلسطين يجب أن تحرر من النهر الى البحر واسترجاع كامل الوطن".
وأضاف: "هناك تطابق وتناغم بين موقف مجلس نواب الشعب وموقف الرئيس وتطلعات شعبنا".
يتضمن "مقترح قانون يتعلق بتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني والاعتراف به والتعامل معه" ستة فصول وتم تقديمه من قبل مجموعة من النواب الداعمين للرئيس قيس سعيّد.
يعرف الفصل الثاني من مشروع القانون، "التطبيع اعترافاً وتعاملاً جريمة يعدّ مرتكبا لها كل شخص تعمد القيام أو المشاركة أو محاولة القيام بالتواصل أو الاتصال او الدعاية او التعاقد او التعاون بكل اشكاله بمقابل او بدونه بصفة عرضية او متواترة بشكل مباشر أو بواسطة من قبل الاشخاص الطبيعيين والمعنويين الذين ينتمون للكيان الصهيوني أفرادا ومؤسسات ومنظمات وجمعيات وهيئات حكومية او غير حكومية عمومية او خاصة باستثناء فلسطيني الداخل".
كما يجرم المشاركة بأي شكل من الأشكال في الأنشطة والفعاليات والتظاهرت والملتقيات والمعارض والمسابقات بأنواعها "التي تقام على الإقليم الذي تحتله أو تتحكم فيه سلطات الكيان الصهيوني".
توجه تهمة "الخيانة العظمى" إلى كل من "تخابر مع الكيان الصهيوني" ويعاقب مرتكب "جريمة التطبيع" بالسجن مدى الحياة أو لمدة تتراوح بين ستة سنوات و12 سنة وبغرامة مالية تصل إلى مئة ألف دينار (حوالي 30 ألف يورو).
وتونس التي استضافت منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة الراحل ياسر عرفات في الفترة من 1982 إلى 1994، تدعم القضية الفلسطينية بقوة.
ويعتبر الرئيس قيس سعيّد التطبيع "خيانة عظمى".
شاهد: 12 طن مستلزمات طبية وصحية.. أول شحنة مساعدات تونسية لغزةلماذا امتنعت تونس عن التصويت على قرار أممي يدعو إلى هدنة إنسانية في غزة؟الرئيس التونسي قيس سعيد خلال اجتماع أمني حول فلسطين: "أوقفوا العربدة الصهيونية"وشنّت حركة حماس هجوماً غير مسبوق في تاريخ الدولة العبرية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر تسلّلت خلاله إلى مناطق إسرائيلية عبر السياج الفاصل، وهاجمت بلدات حدودية وتجمعات سكنية، ما تسبب بمقتل قرابة 1400 شخص معظمهم مدنيون، واحتجز 240 شخصا رهائن، وفق السلطات الإسرائيلية.
وفي الجانب الفلسطيني، قتل 9061 شخصا بينهم 3760 طفلا، في قطاع غزة جراء القصف الإسرائيلي المتواصل منذ هجوم حماس، بحسب وزارة الصحة التابعة لحركة حماس.
شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية شاهد: فلسطينيون مزدوجو الجنسية يغادرون غزة عبر معبر رفح ويروون هول ما عاشوه تحت القصف فيديو: العثور على جثتي راعيين أصيبا بقصف إسرائيلي بجنوب لبنان على خلفية "الأحداث الإقليمية".. العراق يؤجل مؤتمر بغداد الذي يشارك فيه ماكرون برلمان تطبيع العلاقات تونس الصراع الإسرائيلي الفلسطينيالمصدر: euronews
كلمات دلالية: برلمان تطبيع العلاقات تونس الصراع الإسرائيلي الفلسطيني غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إسرائيل حركة حماس الشرق الأوسط طوفان الأقصى فلسطين قطاع غزة فرنسا قتل رفح معبر رفح غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إسرائيل حركة حماس الشرق الأوسط طوفان الأقصى یعرض الآن Next
إقرأ أيضاً:
هذا كل ما تغير في موقف العالم من حرب إسرائيل
لماذا الآن؟ هذا هو السؤال. لماذا الآن؟ لماذا بدأ المد يتحول فيما يتعلق بغزة بعد تسعة عشر شهرا من الهجوم المتواصل الذي كان واضحا للعيان أمام الجميع، والذي أعلنت عنه السلطات الإسرائيلية نفسها؟
يختلف التغير المشهود خلال الأسبوع الحالي في نبرة حديث قادة المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي اختلافا واضحا عن هراء الإعراب عن «الخوف»، والتأكيد لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. فالخطاب الآن يقول: إن أفعال إسرائيل «غير مبررة أخلاقيا»، و«غير متناسبة بالمرة»، وإن تهديدات قادتها «بغيضة». وبعض من هذا سوف يستمر في المستقبل. فقد ارتقت الحرب إلى مستوى الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، وهذا ما لا يمكن إنكاره، ولا يمكن الدفاع عنه، ولا يمكن التلاعب فيه. كان بوسع البعض أن يجادلوا في الأمر على مدى عام ونصف العام، لكن الآن لا يمكن لأحد الوقوف إلى منبر أو الجلوس إلى مائدة عشاء والقول بحجة تسوغ قتل مائة شخص كل يوم مثلما حدث في الأسبوع الماضي، أو أن لإسرائيل أي خطة عدا ما يعلنه قادتها المرة تلو المرة إذ يتكلمون عن التهجير والاستيطان. فقد ولَّى زمان التذرع بحجة أن هذا كله يرمي إلى إزالة حماس، وتركت إسرائيل حلفاءها، مثلما قال حلفاء لها في وسائل الإعلام البريطانية، وظهرهم للجدار.
ولكن بين الإدانة والغضب فجوة، فضلا عما يحدث على الأرض؛ فعندما يتعلق الأمر بإسرائيل تكون أدوات اللوم الدولي مكسورة. على مدار الحرب باتت المنظمات الدولية، والبعثات الإنسانية، ومحاكم العدل تعد عديمة الحيلة؛ بسبب عجزها عن تحويل ما تتوصل له من نتائج إلى أفعال. والكلام وحده لا معنى له؛ فغاية أمره أنه يرتد عن القبة الحديدية التي تتمترس بها إسرائيل من العقاب. وفي كل يوم يستيقظ العالم ليواجه قيادة إسرائيلية تنتهك كل قانون من قوانين الأخلاق أو المنطق؛ فالضحايا هم المعتدون، وعمال الإغاثة الإنسانية هم المنحازون، والجيش الذي يقتل عمالا غير مسلحين في المجال الطبي هو الجيش الأكثر أخلاقية في العالم، والأعلى هو الأسفل.
ومع أن التغير في لغة حلفاء إسرائيل الدوليين لافت للنظر؛ فسوف يكون من الخطر أن نغالي في تقدير أهمية ذلك. إذ لا يقتصر الأمر على عدم اكتراث السلطات الإسرائيلية، ولكنها تستمد قوة من الإدانة التي تثبت أن إسرائيل واقفة وحدها، ولا بد لها من الصمود؛ لأنها كالعادة تتعرض لسوء الفهم والتمييز، ولأنها محاطة بالأعداء. ثم إن هذا التغير لا يبدو فتحا عظيما إلا عند مقارنته بما سبقه. فلوقت طويل للغاية كان وصف ما يجري في غزة المستحق أمرا يستجلب تشويه السمعة بل التجريم؛ فثمة أشخاص موجودون الآن رهن الاحتجاز متهمون بوصف الواقع. وغاية القول هو أن العام ونصف العام الماضيين قد شهدا سلسلة من الفتوح التي لم تفض إلى شيء: من مظاهرات تاريخية، وتغير هائل في الرأي العام العالمي، وصراع في قلب المؤسسات السياسية والقانونية والأكاديمية في الغرب حول حق الاحتجاج على الإبادة الجماعية الجارية. حتى أصبحت فلسطين ـ وهي القضية التي كانت في حين من الدهر قضية هامشية ـ من قضايا المتن التي تكمن في القلب من السياسات والخطاب في الغرب. ومع ذلك؛ في ظل تقاعس الحكومات ذات النفوذ على إسرائيل عن العمل لم ينقذ شيء من ذلك روحا ولم يُنجِ نفسا.
غير أنه لا يزال في هذه اللحظة ما يمكن التوسع فيه ليصبح أمرا ذا معنى. فالسياسة تنزع إلى الثبات، من قبيل الحفاظ على التحالفات والوضع القائم. وتغيير ذلك يستوجب أزمة حقيقية، غير أن إسرائيل تمكنت من تصعيد حملتها على غزة إلى مستوى تجاوز حتى ذلك الحاجز العالي. وباكتفاء الحكومات بالمشاهدة بينما يتضور شعب جوعا، وتزهق أرواح أمام أعين الجميع، وتبرز ضلوع في صدور أطفال هامدين وتغور عيونهم في محاجرها؛ فإن هذه الحكومات تتعرض لوصمة التواطؤ. ولا علاقة لحرمان شعب من الطعام، وفرض هذه القوة عليه، بحملة عسكرية ذات أهداف استراتيجية لها أضرار جانبية مؤسفة، وإنما يتعلق بإنشاء جيتو عقاب جماعي. فنحن الآن شهود على كتابة فصل حاسم من فصول التاريخ. والذين يرعون هذا العمل معروفون بوضوح، وداعمون ومتعاطفون، ولكنهم يبدون الآن منزعجين من الوضع الذي يجدون أنفسهم فيه. وللزمن أيضا دوره؛ فقد طال الأمر كثيرا، وبات واضحا أنه يستحيل فرضه من خلال الاعتياد على القتل الجماعي. ولكن قد يكون هذا أيضا هو سمة الطور الراهن من أطوار حملة إسرائيل، وهو بوضوح شديد أشد همجية وسفورا في نواياه من الأطوار السابقة.
لو أن الموقف الجديد الذي يتبناه القادة الغربيون يرمي إلى اتقاء المحاسبة فهو قليل للغاية ومتأخر كثيرا؛ فقد اكتملت السجلات توثيقا بالفعل. ولو أنه يرمي إلى ردع إسرائيل عن مواصلة خططها لتقويض الحياة، وإرغام الشعب على الرحيل، وتجويع من يبقون منه وقتلهم؛ فإن هؤلاء القادة يواجهون قوة ضاربة مستعملين في مواجهتها ما لا يتجاوز البيانات الصحفية. ولا تزال الفجوة بين أفعال إسرائيل وردود أفعال العالم شديدة الاتساع تفتقر إلى التناسب. ولقد وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالفعل إهانات لفرنسا، والمملكة المتحدة، وكندا متهما حكومتها بالوقوف في صف حماس لا لشيء عدا إقرارها بما هو واضح: وهو أن إسرائيل يجب أن تتوقف عن قتل الناس وتجويعهم. ففي أي عالم يعلن عضو في حكومة أن حكومته تعتزم محو البقية الباقية من منطقة وتهدف «بعون الرب» إلى إزالة سكانها؛ فلا يكون الرد على ذلك إلا محض تهديدات مبهمة بـ«عمل ملموس»؟ وأي رادع هو اللازم؛ لكي لا يحث مرة أخرى أن تذهب طبيبة إلى العمل ثم ترجع إلى رفات تسعة من أطفالها العشرة، وقد هلكوا بضربة واحدة؟
سوف يقتضي الأمر أكثر من مراجعة محادثات التبادل التجاري المستقبلية بين إسرائيل والمملكة المتحدة وتعليقها. فهذه الآليات وإشارات الاستنكار والاستياء الرامية إلى تحفيز الخارجين على القانون للرجوع إلى الصفوف قد حولتها إسرائيل إلى حطام واستفادت من بعدها عنها، فلا بد للإجراء اللازم أن يبدل المخاوف والافتراضات القديمة تبديلا. وأول ما يجب تبديله هو الاعتقاد السخيف بأن إسرائيل حليف يمثل عنصر استقرار في منطقة معادية، وأنها بلد يشترك مع الغرب في قيم حضارية ومن ثم يجب دعمه. والثاني هو الخوف من أن الانفصال عن إسرائيل سوف يخرب ترتيبات أمنية وتآزر تاريخي؛ فإسرائيل في نهاية المطاف قد فعلت ذلك بنفسها إذ أجهزت على ثوابت سياسية وأخلاقية عالميا وإقليميا، ولم يجارها حلفاؤها في ذلك بعد. وفور القبول بهذه الحقائق؛ فالأدوات التي يسهل استعمالها لمعاقبة البلاد جاهزة للحشد. وتبقى الولايات المتحدة هي الطرف ذو النفوذ الأكبر، لكنها ليست الفاعل الوحيد. فبلاد الاتحاد الأوروبي تمثل ثلث إجمالي التجارة العالمية لإسرائيل؛ لذا ينبغي السعي لفرض حظر. ولا بد من فرض عقوبات، لا على المستوطنين فقط وإنما على الساسة أيضا في الحكومة ممن أعانوا أولئك المستوطنين. ولا بد من احترام أحكام المحكمة الجنائية الدولية الصادرة بحق القيادة الإسرائيلية. ولا بد من تفعيل حصار يرسخ عمليا وضع الدولة المنبوذة الذي اكتسبته الحكومة الإسرائيلية منذ أمد بعيد من حيث المبدأ.
وحتى في هذه الحالة لا يجب أن يكون هذا كله إلا البداية، البداية المتأخرة إلى درجة مأساوية. وبوسع المرء أن يفسر لماذا لم يحدث شيء من ذلك حتى الآن؛ فذلك بسبب الآمال في أن يبقي دعم إسرائيل على بعض النفوذ، وبسبب المخاوف من أن يكون في اتخاذ إجراءات قوية تجزئة لإيران، وبسبب الولاء لفكرة الدَيْن التاريخي، والخوف من عالم مضطرب قد ينجم عن القطيعة مع إسرائيل. ولكن هذا العالم بات قائما بالفعل، ولم يعجّل قدومه إلا الجبن بدلا من أن يمنع قدومه.
والفلسطينيون من غزة إلى الضفة الغربية هم الذين يدفعون الثمن غاليا لهذا التقاعس، ولكن بقية العالم أصيبت أيضا بجرح غائر. ولو لم يحدث شيء فإن تفاقم هذا الجرح معنويا وسياسيا سوف يحيق بالعالم كله.