28 مايو، 2025

بغداد/المسلة: كتب حيدر البرزنجي: في الوقت الذي كان من المفترض ان تصرف هذه الاموال على تمكين الشباب وتطوير مهاراتهم.

ومع كل استحقاق انتخابي جديد في العراق، يتكرر الحديث عن حجم الإنفاق الهائل الذي يطغى على مشهد الانتخابات، وتحديدًا ما يتعلق بالأحزاب السياسية الناشئة، والتحالفات المستجدة، وحتى المرشحين الأفراد الذين يضخّون أموالًا طائلة بلا أي وضوح في مصادر التمويل.

وتُقدّر بعض الأوساط السياسية والرقابية حجم ما الصرف في الانتخابات البرلمانية القادمة

بمبلغ يتراوح بين 2.5 إلى 3 ترليون دينار عراقي، وهو رقم صادم يعادل نحو 2 مليار دولار أمريكي، ويثير عشرات الأسئلة حول العدالة الانتخابية، ومشروعية المال المستخدم، وغياب آليات المراقبة والمحاسبة.

إنفاق بلا سقف… ولا ضوابط

في بلد يرزح تحت أزمات اقتصادية مزمنة، من انهيار البنى التحتية إلى البطالة المستفحلة، يبدو إنفاق هذه المبالغ الهائلة في موسم انتخابي أشبه بـ “مباراة مفتوحة للنفوذ المالي”.

وليس من النادر اليوم أن تُصرف ملايين الدولارات على مرشح واحد، كما حصل في إحدى الدوائر الانتخابية مؤخراً، حيث تم الكشف عن إنفاق 5 ملايين دولار من قبل مرشح محسوب على الأوساط التجارية.

وفي المقابل، تغيب أي إجراءات رقابية فعلية من قبل مفوضية الانتخابات أو الهيئات المالية المختصة، ما يجعل هذه الممارسات تمرّ بلا اعتراض أو مساءلة.

من أين تأتي هذه الأموال؟

لا أحد يعلم على وجه الدقة. بعض الأحزاب التقليدية قد يكون لها مصادر تمويل داخلية معروفة، لكن المثير للقلق هو بروز مرشحين جدد وأحزاب ناشئة يموّلون حملاتهم بملايين الدولارات، دون أي شفافية أو معرفة بمصادر هذه الأموال.

هنا يُطرح السؤال الكبير:

هل يتم تمويل هؤلاء من رجال أعمال؟ جهات خارجية؟ مصالح اقتصادية داخلية؟ أم أن المال السياسي دخل مرحلة “التبييض الانتخابي”؟

في كل الأحوال، الخطر واحد: شراء المواقع التشريعية وتحويل البرلمان إلى ساحة استثمار، لا تمثيل شعبي.

غياب المساءلة: الثغرة القاتلة

رغم وجود قوانين انتخابية تنظّم العملية الديمقراطية، إلا أن لا شيء يفرض على المرشحين أو الأحزاب الإفصاح عن مصادر تمويلهم، أو الالتزام بسقف مالي قانوني.

وكما لا توجد جهة مستقلة فعالة تقوم بمراجعة أو تدقيق حسابات الحملات الانتخابية.

ونتيجة لذلك، يختل التوازن بشكل خطير بين المرشحين القادرين على الإنفاق، والمرشحين المعتمدين على التأييد الشعبي فقط. وتتحوّل الانتخابات من تنافس برامجي إلى صراع مالي على النفوذ والهيمنة.
المقارنة مع التجارب الدولية: مغالطة شائعة.

يُبرّر البعض هذا الإنفاق الهائل بالقول إن “الانتخابات الأمريكية أيضاً تُنفق فيها المليارات”، لكن المقارنة هنا مضلِّلة:

• في الولايات المتحدة، هناك هيئة مستقلة (FEC) تفرض الإفصاح عن كل تبرع يتجاوز مبلغًا بسيطًا.

• توجد شفافية إعلامية ومجتمعية حول الإنفاق ومصادره.

• كما تخضع الحملات لرقابة دقيقة ومحاسبة حقيقية.

أما في العراق، فكل ذلك مفقود، ما يجعل المبالغ الضخمة بابًا خلفيًا للفساد، لا وسيلة لدعم الديمقراطية.

تساؤلات مفتوحة للرأي العام:

1. من يموّل الحملات التي تتجاوز عشرات المليارات؟

2. لماذا لا تكشف مفوضية الانتخابات عن بيانات الإنفاق؟

3. هل يمكن الحديث عن انتخابات “نزيهة” في ظل تفاوت مالي صارخ؟

4. ما هو مصير الديمقراطية حين تصبح المقاعد التشريعية تُشترى بدل أن تُنتخب؟

توصيات: حماية الانتخابات من المال السياسي

• تشريع قانون جديد يُلزم جميع المرشحين والأحزاب بالإفصاح الكامل عن مصادر تمويلهم.
• إنشاء هيئة رقابة مالية مستقلة لمراجعة الحملات الانتخابية.
• فرض عقوبات صارمة على الإنفاق غير المشروع أو التلاعب المالي.
• تمكين منظمات المجتمع المدني من مراقبة التمويل الانتخابي بحرية وشفافية.

خاتمة:

في بلد يبحث عن ترسيخ الديمقراطية وسط أزمات متراكمة، لا يمكن ترك الانتخابات رهينة لأصحاب المال والنفوذ. فالسؤال الحتمي الذي يجب أن يُطرح اليوم:

هل نحن أمام ممارسة ديمقراطية؟ أم أمام مزاد مفتوح لشراء السلطة؟

ما لم تتم محاسبة من يضخون هذه الأموال، وتقييد تأثير المال السياسي، فإن صندوق الاقتراع سيتحوّل إلى صندوق استثمار لا صندوق تمثيل.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

أشهر استديو تحليلي رياضي إنجليزي ينتصر لمحمد صلاح: "توقفوا عن ذبح الفرعون”

شهد برنامج Sky Sports News نقاشاً حاداً حول مستقبل النجم المصري محمد صلاح في ليفربول، وذلك في أعقاب المقابلة "المتفجرة" التي أجراها يوم السبت الماضي بعد استبعاده من مباراة ليدز، وغيابه عن مباراة إنتر ميلان، وسط تزايد الحديث عن اهتمام أندية الدوري السعودي بضمه.

وقدم محلل كرة القدم، بول ميرسون، دفاعاً قوياً عن اللاعب المصري، مؤكداً أنه يقف في صف صلاح ويرى أنه تعرض "للكثير من الهجوم" غير المبرر.

تصريحات صلاح تشعل فضائيات إنجلترا.. "ليفربول ضخم بدونك وسلوت ليس جليس أطفالك"

وأوضح ميرسون أن صلاح، الذي وصفه بأنه "فائز"، ربما لم يكن يجب أن يجري المقابلة، ولكنه "إنسان" وكل ما قاله هو أنه يريد أن يلعب كرة القدم، متسائلاً كيف يمكن "ذبح" اللاعب على مجرد رغبته في المشاركة، لا سيما أن لاعبين آخرين رفضوا اللعب لأنديتهم ولم يتعرضوا لنفس الهجوم.

كما شدد ميرسون على أهمية صلاح في تاريخ النادي، مؤكداً أن ليفربول "ما كان ليفوز بأي شيء لولا محمد صلاح"، وإذا حُذفت أهدافه وتمريراته الحاسمة، فلن تجد أي "كؤوس في تلك الخزانة لفترة من الوقت".

وفي تحليله لأداء صلاح، وصفه ميرسون بأنه "أفضل أسوأ لاعب رأيته على الإطلاق"، مشيراً إلى أن ما يميزه هو أنه حتى في أسوأ أداء له، فإنه لا يتأثر و"يظهر دائمًا ويسجل".

وعزا ميرسون النقد الشديد الذي تعرض له صلاح إلى سوء مستوى دفاع ليفربول، معتبراً أن صلاح تحمل العبء الأكبر من النقد كـ"كبش فداء"، رغم أنه لم يكن أبداً مطالباً بالتراجع للدفاع. 

وأكد ميرسون أن غضب صلاح مبرر عندما "يفشل الفريق في التغلب على فرق صاعدة" بينما هو جالس على مقاعد البدلاء، خاصة وأنه التزم بالبقاء مع ليفربول ولم يرحل مجاناً، رغم إغراءات مالية كبيرة من السعودية.

اقرأ المزيد..

كامل الوزير: القطار السريع والطريق الصحراوي والصناعة محور الخطة العاجلة بالصعيد كامل الوزير: أسعار الطاقة في مصر أقل من الهند والمغرب وتركيا كامل الوزير: حصلنا على 300 أتوبيس من النصر للسيارات خلال سنة انقلاب دولي على "الإخوان".. هند الضاوي: ترامب يعتبر الجماعة أداة للديمقراطيين "يونيسيف": الأوضاع الإنسانية في غزة صعبة للغاية والاحتياجات تتزايد يومًا بعد يوم هل تؤمن بالله؟.. إيلون ماسك يفجر مفاجأة ويتراجع عن أمنية دخول النار (شاهد) من الرؤساء المرشحون لإدارة غزة؟.. فيديو الطريقة السينمائية لاستيلاء أمريكا على ناقلة نفط فنزويلية تثير ضجة عالمية.. فيديو لحظة هبوط طائرة فوق سيارة على الطريق السريع بأمريكا.. فيديو الجوع والبرد يجتمعان في غزة.. والسيول تزيد الطين بِلة (فيديو)

مقالات مشابهة

  • كيف ساعد «الفيتو الرئاسي» في تغيير المشهد بانتخابات النواب؟ محلل سياسي يجيب
  • سياسي: خطة المفوضية الأوروبية تجاه أموال روسيا المجمدة تهدد الاقتصاد الأوروبي
  • تقرير: 2025 عام مالي معقد في الاتحاد الأوروبي بسبب اتساع العجز
  • سداد ديون الغارمين بالزكاة والصدقات.. ضوابط مهمة
  • معتز الخصوصي: تسليم كشوف الحصر العددي لمندوبي المرشحين يضمن نزاهة وسلامة الانتخابات
  • معتز الخصوصي: رفض طعون المرحلة الثانية من الانتخابات دليل على انخفاض المخالفات
  • أشهر استديو تحليلي رياضي إنجليزي ينتصر لمحمد صلاح: "توقفوا عن ذبح الفرعون”
  • حماس تستهجن تقرير "العفو الدولية" الذي يزعم ارتكاب جرائم يوم 7 أكتوبر
  • للمحافظة على نزاهة الانتخابات.. ضبط شخصين بالمنيا لتوزيع أموال على الناخبين
  • الاتفاق على رئيس البرلمان ينتظر المصادقة على نتائج الانتخابات