محمود هلال
نعلم أن ثمن غالٍ جدا، وعال حتى لا علوَّ فوقه. قطرة دم واحدة تعدل الدنيا بأسرها لمن يفهم حرمة الدم وقيمة الإنسان.
غزة يحاربها عدو مجرم كما لم تكن في الإنسان جريمة، تلعق في كل يوم جراحها وتنهض من تحت الأنقاض تقاوم عدوا متوحشا هو خلاصة لغرب استعماري لا إنساني فاجر زرع هذا الكيان المسموم في قلب الأمّة لتظل تنزف دماؤها ويبقى هذا الغرب القاتل يشربها.
غزة تقاتل وحدها.. ذنبها أن مقاوميها تسلحوا بعقولهم ولبسوا إرادتهم وتوكلوا على ربهم ليزيحوا صخرة الاحتلال عن صدرهم.
غزة تقاتل وحدها، ونحن نرى نزفها ونتوجع لأجلها، ويزيدنا عجزنا عن نصرتها ومد العون لها وجعا على وجعنا.. نبتلع آلامنا فيشتدّ علينا الألم حتّى لقد يقول بعضنا، من هول ما يرى، الأمر لا يستحق.. كفى أهوالا تحطّمن من يرى فما ظنّك بالذي يعاني؟.
مقالات ذات صلة المقاوِمة الاسلامية..بين فلسطينية مشروعها.. وإيرانية تحالفها…رؤية تفكرية.. 2023/11/02انتبهوا..
ففي الجهة الأخر ملاحم بطولية تسطرها مقاومة أسطورية عرفت منذ البدء ألا تعويل لها إلا على ربها وعلى قدراتها.. وجبت الإشارة إلى تلك الملاحم والإشادة بالبطولات الأسطورية، تلك التي قلبت موازين العالم.
بطولات المجاهدين في الميادين طعنت كبرياء هذا العدو المجرم المغرور فراح يخبط خبط عشواء يقصف الحياة والأحياء في كلّ الأنحاء.. لنرى كل هذا الهول القياميّ.
هذه الأهوال التي نشاهدها، عاجزين عن إيقافها، هي المهر.. ومهر العروس يعلو ما علا كعبُها.. وليس أعلى من كعب فلسطين.
نبكي دم الأبرياء المسفوح
ولكنّنا نشيد بالمقاومة التي تصنع بإنجازها المعجزات وتقلب، ببطولاتها، المعادلات، وتكتب للتاريخ كتابا سيُضطَرّ العالم إلى قراءته.
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
د. شيماء الناصر تكتب: صورة المرأة المصرية في الدراما بين الترويج السلبي والإيجابية المفقودة
تُعد الدراما المصرية واحدة من أبرز الفنون التي تعكس ثقافة المجتمع وتوجهاته، حيث تلعب دورًا حيويًا في تشكيل الرأي العام وصياغة القيم.
ومع ذلك، فإن صورة المرأة في هذه الدراما غالبًا ما تتعرض لتصوير سلبي لا يعكس واقعها المتنوع، من خلال تكرارها في العديد من الشخصيات النمطية السلبية، مما يعزز من الصورة السلبية للمرأة، ويُحول هذه الصورة إلى واقع تعيشه كل سيدات المجتمع.
على مدى السنوات الماضية، برزت العديد من الأعمال الدرامية التي قدمت نماذج سلبية تعكس جوانب مشوهة من المجتمع، مسلطةً الضوء على العلاقات الدخيلة والعادات المستوردة، وبعض السلوكيات الهمجية وغير الأخلاقية للأفراد، وخاصة في الأحياء الشعبية، والتي لا تمثل في حقيقتها إلا تصرفات فردية كانت حتى وقت غير بعيد مرفوضة، بل كان فاعلها منبوذًا من قبل عادات وتقاليد الحارة المصرية، مما أثر سلبًا على القيم الثقافية الأصيلة والذوق العام.
وقد كان من أبرز ما تم تقديمه هو الصورة غير المتوازنة للمرأة المصرية، التي غالبًا ما تُصوَّر كمتسلطة أو منتقمة أو متمردة، متعددة العلاقات، منساقة وراء أمور الدجل والشعوذة.
حتى نموذج المرأة البسيطة قُدم بشكل فج غير حقيقي بالمرة، وتم تصويرها بذات الصوت العالي، والألفاظ السوقية، والملابس غير اللائقة، والتي تسعى للكسب بأي طريقة أو وسيلة، حتى وإن كانت غير مشروعة، إلى جانب الظهور الفج لصورة "المعلمة" المدخنة، التي تدير مجموعات من البلطجية بشخصية مؤذية للآخرين، دون أن تعكس أيًا من النماذج الإيجابية التي تُظهر قوتها وقدرتها على مواجهة التحديات ودورها المحوري في الحياة.
إن هذه النماذج السلبية لا تعكس الواقع، بل تعزز من ثقافة العنف والتحرش والابتزاز ضد المرأة، كما أن تصوير المرأة في أدوار سلبية يعكس رؤية مشوهة تؤثر على الأجيال القادمة، وتُعزز من قوالب نمطية طالما حاربت المرأة للخروج منها.
وهنا، لابد أن نقف أمام التراجع الكبير والصادم في الدراما المصرية في تقديم النماذج الإيجابية الواقعية، وخاصة إذا أردنا أن نعد شعبًا طيب الأعراق، فلابد أن نعد له نموذج الأم المستقبلية الإيجابية، الداعمة، الملهمة، الواعية، والأمثلة لا حصر لها في المجتمع من سيدات قمن بأداء رسالات عديدة لأسرهن وللمجتمع، نساء تحملن الصعاب من أجل تأسيس أسرهن، وتحدين الأوقات والظروف لإثبات كفاءتهن في مختلف المجالات.
هذه النماذج، وإن كانت موجودة في المجتمع — وأنا لا أنكر ذلك — يجب أن تبقى في عداد النماذج المرفوضة، التي لابد أن تُؤَد وتُكافَح بنشر الأنماط والأفكار الإيجابية، كضوء يأبى أن يكون مثل هؤلاء حتى ظلًا له. ولا يجب أن يُصدروا على أنهم يمثلون جموع المجتمع المصري، وأن هذا النوع من الدراما هو ما يستسيغه الجمهور ولابد أن نتعامل معه بمنطق السوق (عرض وطلب)، وليس لصنع قيمة فنية ومنطق درامي. وهنا، لابد أن يُدَق ناقوس الخطر المجتمعي لما لهذا النوع من الدراما من تأثير على توجه الأفكار والقيم.
لذا، من الضروري أن نعيد النظر في كيفية تقديم المرأة في الأعمال الدرامية والإعلام بشكل عام.
يجب أن نركز على النماذج الإيجابية التي تعكس قوة المرأة وقدرتها على التغيير، مثل الأمهات اللاتي يتحملن الصعاب، ويعززن من قيم العطاء والتضحية، ورائدات الأعمال، وكثير من النماذج الإيجابية الملهمة، لمحاربة النماذج السلبية، من خلال خلق محتوى درامي يبرز القصص والقضايا الهادفة.
بالإضافة إلى تسليط الضوء على قصص نجاح واقعية تقدم شخصيات مستوحاة من نساء حقيقيات حققن إنجازات ملموسة، كذلك يمكن تعزيز وجود المرأة في المناصب الإبداعية (كتابة، إخراج، تصوير) لضمان أن تكون وجهات نظرهن وتجاربهن جزءًا من العمل الفني.
بل ويمكن إنتاج أعمال درامية موجهة بشكل خاص لأحد قضايا المرأة، وتقدم العلاج والحل القانوني، مستهدفة الجمهور النسائي.
كما يتعين على صُنّاع القرار في اللجان الرقابية أن يكونوا واعين للأثر الذي يمكن أن تحدثه هذه الأعمال على المجتمع، وأن يسعوا إلى تقديم محتوى يُعزز من القيم الإيجابية، بوضع قوالب وأطر استرشادية للشكل المسموح به لصورة المرأة المصرية، وضرورة أن يتقيد معدّو الأعمال الدرامية بتقاليد وأعراف المجتمع المصري، وإبراز سمات ثقافته، وكذلك المحافظة على الهوية المصرية في الأعمال من ملابس وإكسسوارات وأنماط معيشية.
ختامًا، فإن مراجعة الدراما تُعد ضرورة ملحة.
فيجب أن ندرك أن ما يُقدَّم من محتوى له تأثير عميق على تشكيل القيم والأفكار في المجتمع.
لذا، فإن التوجه نحو تقديم نماذج إيجابية سيساهم في رسم صورة أفضل للمرأة المصرية، ويُعزز من قيم المجتمع ككل.