مثّلت زيارة رئيس الجمهورية الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة البلجيكية (بروكسل)؛ للمشاركة في القمة المصرية الأوروبية الأولى نقطة انطلاق جديدة نحو تعاون أكثر عمقًا ومستقبل أكثر ازدهارًا في مسار العلاقات بين مصر وأوروبا.

وقد تمكنت مصر والاتحاد الأوروبي خلال السنوات الأخيرة من ترسيخ نموذج متوازن وفعّال في العلاقات الدولية؛ استنادًا إلى رؤية سياسية واقتصادية واضحة قادها السيد الرئيس السيسي، أسفرت عن بناء شبكة واسعة من الشراكات مع العواصم الأوروبية الكبرى، لتنتقل تلك العلاقات من إطار التعاون التقليدي إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة القائمة على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل؛ وهو ما منح مصر مكانة مؤثرة على الساحتين الإقليمية والدولية، ورسخ دورها كركيزة للأمن والاستقرار في الشرق الأوسط وأفريقيا وحوض المتوسط.

وأجمع دبلوماسيون - في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط مساء الأربعاء - على أن القمة المصرية الأوروبية الأولى جاءت تنفيذًا لاتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة الموقعة في مارس 2024؛ لتعكس الإرادة السياسية المشتركة لدى القاهرة وبروكسل في تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي والأمني، والانتقال بالعلاقات الثنائية إلى مرحلة جديدة أكثر تأثيرًا وفاعلية في مواجهة التحديات المشتركة.

وفي هذا الإطار، أكد السفير الدكتور أحمد إيهاب جمال الدين، مندوب مصر الدائم السابق لدى الأمم المتحدة في جنيف، مساعد وزير الخارجية الأسبق، الأهمية الخاصة للقمة المصرية الأوروبية الأولى في بروكسل بمشاركة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي وقادة الاتحاد الأوروبي، موضحًا أنها شكلت خطوة عملية نحو الارتقاء بمستوى الشراكة إلى آفاق أوسع من التعاون الاستراتيجي.
وأضاف أن تلك القمة أتاحت الفرصة لتعزيز الحوار السياسي والتنسيق في الملفات ذات الاهتمام المشترك مثل الأمن الإقليمي، والهجرة غير الشرعية، ومكافحة الإرهاب، والطاقة، والتنمية الاقتصادية، واستقرار منطقة المتوسط، فضلًا عن بحث آليات دعم الشراكات الاستثمارية والتنموية بين الجانبين.

ولفت إلى أن "قمة بروكسل" تعد نقطة تحول محورية في مسار العلاقات بين الجانبين، لاسيما في ظل التحديات الإقليمية والدولية الراهنة التي تستدعي تعزيز قنوات التشاور والتنسيق بين مصر والاتحاد الأوروبي.

وأشار إلى أن العلاقات المصرية الأوروبية اكتسبت - خلال السنوات الأخيرة - بعدًا استراتيجيًا يقوم على المصالح المتبادلة والتفاهم السياسي واحترام السيادة الوطنية، إلى جانب إدراك متبادل للأهمية المتزايدة لكل طرف في ظل التحولات التي يشهدها النظام الدولي.

وشدد "جمال الدين" على أن أوروبا تدرك جيدًا مكانة مصر كقوة إقليمية فعالة تسهم بفاعلية في ترسيخ الأمن والاستقرار ودعم مساعي التنمية في الشرق الأوسط وإفريقيا ومنطقة جنوب المتوسط، منوهاً بأن صوت مصر أصبح مسموعًا ومؤثراً على الساحة الدولية بفضل سياستها المتوازنة ودورها المسؤول في محيطها الإقليمي والدولي.

من جانبه، قال السفير عمرو رمضان، مساعد وزير الخارجية للشئون الأوروبية الأسبق، والمندوب الدائم الأسبق لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بجنيف، وسفير مصر الأسبق لدى البرتغال والنرويج، إن العلاقات التي تجمع مصر والاتحاد الأوروبي راسخة بحكم التاريخ والجغرافيا وتشابك المصالح، وهي علاقات استراتيجية، فضلًا عن محوريتها في السياسة الخارجية المصرية.

وأوضح أن الارتقاء بالعلاقات بين الجانبين في مارس 2024 إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية؛ جاء تجسيدًا لما وصلت إليه من تطور نوعي يعكس المصالح المتبادلة والتنسيق المستمر تجاه العديد من الملفات الإقليمية والدولية.

وأشار إلى أن انعقاد القمة المصرية الأوروبية الأولى بمشاركة السيد رئيس الجمهورية؛ جاء كخطوة مهمة تعكس اهتمام الاتحاد الأوروبي بتعميق العلاقات مع مصر، خاصة أن هناك بالفعل آليات تعاون قائمة مثل مجلس المشاركة وغيرها من آليات الحوار المنتظم، لكنها تُعقد على مستويات أقل من مستوى القمة.

ونوه السفير عمرو رمضان بأن العلاقات بين مصر وأوروبا وصلت إلى مرحلة متقدمة من النضج وفهم متبادل لاحتياجات كل طرف، مضيفًا أنه خلال توليه مسؤولية العلاقات مع أوروبا بوزارة الخارجية بين عامي ٢٠١٧ و٢٠١٩ لمس عن قرب قوة هذه العلاقات وتطورها المستمر.

وذكّر في هذا السياق باستضافة مصر أول قمة بين دول جامعة الدول العربية ودول الإتحاد الأوروبى في شرم الشيخ فى فبراير عام ٢٠١٩ برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، والتي مثلت وقتها نقطة تحول في الحوار العربي الأوروبي.
وشدد على أن مصر - بالنسبة للبلدان الأوروبية - هي الشريك الأكبر والأكثر تأثيرًا في جنوب المتوسط، وتمثل سوقًا رئيسية للاتحاد الأوروبي باعتبار أن تعداد سكانها يوازي ربع سكان العالم العربي، كما يشكل استقرارها ركيزة لاستقرار الضفة الجنوبية، وهو ما توليه أوروبا أهمية قصوى لارتباطه بملفات الهجرة غير الشرعية ومكافحة الإرهاب والأمن المتوسطى.

وتابع إن مصر تُعد بوابة للتعاون الأوروبي مع الشرق الأوسط وأفريقيا، كما أنها شريك أساسي في جهود التنمية الإقليمية والتعاون الثلاثي مع الدول الإفريقية.
وأكد السفير عمرو رمضان أن الاتحاد الأوروبي هو الشريك التجاري الأول لمصر، كما يمتلك إمكانات متقدمة في مجالات الاقتصاد والاستثمار والتكنولوجيا والبحث العلمي، لافتاً إلى وجود برامج تعاون واسعة بين الجانبين تصب في مصلحة الطرفين؛ المصري والأوروبى.

واختتم بالتأكيد على أن مواقف أوروبا من العديد من القضايا الدولية أقرب إلى الرؤية المصرية مقارنة بأطراف دولية أخرى؛ وهو ما يعزز أهمية تعزيز آليات التشاور السياسي والتنسيق الاستراتيجي بين الجانبين في ظل التحولات العميقة التي يشهدها النظام الدولي.

من جهته، قال السفير الدكتور محمد حجازي، سفير مصر الأسبق لدى ألمانيا ومساعد وزير الخارجية الأسبق، إن زيارة السيد رئيس الجمهورية الرئيس عبد الفتاح السيسي لعاصمة أوروبا (بلجيكا) ومشاركته في "قمة بروكسل" دشنت مرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي والاستثماري مع القارة الأوروبية قائمة على المنفعة المتبادلة.

وأضاف السفير حجازي أن "قمة بروكسل" عكست رغبة مصر وأوروبا في تعميق العلاقات والتعاون المشترك، وأكدت التزام الجانبين (المصري والأوروبي) بتفعيل مسارات التعاون السياسي والاقتصادي والأمني.

وبين أن اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الجانبين تضم ستة محاور رئيسية هي: العلاقات السياسية والدبلوماسية، تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي، دعم التجارة والاستثمار، التعاون في مجالات الطاقة والمياه وتغير المناخ، الأمن ومكافحة الهجرة غير الشرعية، وتنمية رأس المال البشري والتعليم والبحث العلمي.

وأبرز السفير حجازي، حرص أوروبا على تعزيز الشراكة الاقتصادية مع القاهرة في مجالات الطاقة النظيفة والهيدروجين الأخضر والأمن الغذائي والأمن المائي والتحول الرقمي إلى جانب برامج الاستثمار والتنمية الصناعية.

وتابع إن الاتفاقيات، التي جرى توقيعها، ومشاركة الرئيس السيسي في الحدث الاقتصادي ودعوة الشركات والمؤسسات ورجال الأعمال الأوروبيين نحو التوجه للاستثمار في مصر وزيارتها؛ سيتيح التعرف الميداني عما حققته مصر من مراحل تطور في برنامج الاصلاح الاقتصادي، علاوة على ما يمكن أن يوفره من فرص وشراكة استثمارية وتكنولوجية وصناعية تحقق للجانبين مكاسب كبري وتفتح للشركات الأوروبية فرص مهمة في مصر وجنوب المتوسط وإفريقيا.
ونوه بدعوة الحكومات الأوروبية لتقديم الضمانات اللازمة لشركاتها الراغبة في العمل بالسوق المصرية، منوهاً بحرص مصر على تقديم كل الدعم الممكن لتعزيز وضمان نشاط تلك الشركات التي سيكون لنشاطها بالسوق المصرية وخارجها بداية إطلاق شراكة استثمارية كبرى تعود بالنفع على الجانبين، وعلى أمن واستقرار المنطقة.

وأكد أن أوروبا تدرك أهمية الدور المصري في ترسيخ الاستقرار الإقليمي، وتنظر اليها بوصفها ركيزة أساسية للاستقرار في الشرق الأوسط وشريكًا محوريًا في تسوية الأزمات الإقليمية؛ وهو ما أثبتته القاهرة من خلال دورها المتوازن في إدارة ملفات المنطقة ونجاحها في جهود الوساطة ووقف التصعيد، وآخرها خلال قمة شرم الشيخ للسلام.

واختتم السفير محمد حجازي مؤكدًا أن "قمة بروكسل" ليست مجرد لقاء سياسي رفيع المستوى، بل تمثل انطلاقة جديدة لشراكة استراتيجية عميقة ومستدامة بين مصر والاتحاد الأوروبي؛ تعكس ثقة الجانب الأوروبي في الدور المصري وتطلعاته التنموية، وتفتح آفاقًا واعدة للتعاون في الاستثمار والطاقة والأمن الإقليمي، بما يدعم الاستقرار والتنمية في ضفتي المتوسط والعالم العربي وأفريقيا.

طباعة شارك الرئيس السيسي أوروبا دبلوماسيون مصر القاهرة مصر وأوروبا

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الرئيس السيسي أوروبا دبلوماسيون مصر القاهرة مصر وأوروبا المصریة الأوروبیة الأولى الرئیس عبد الفتاح السیسی مصر والاتحاد الأوروبی الشراکة الاستراتیجیة بین الجانبین العلاقات بین الشرق الأوسط مصر وأوروبا قمة بروکسل بین مصر على أن وهو ما

إقرأ أيضاً:

السفير محمد حجازي: القمة المصرية الأوروبية خطوة عملية لتعزيز التعاون السياسي والاقتصادي بين الجانبين

أكد السفير محمد حجازي مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن القمة المصرية الأوروبية الأولى تأتي لترجمة بنود اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي وقعها الرئيس عبد الفتاح السيسي مع الاتحاد الأوروبي في مارس 2024.

مدبولي: اليوم القمة المصرية الأوروبية استثنائية تاريخية تُعقد لأول مرة الكرملين: بوتين وترامب قررا عقد القمة لأن الوضع بأوكرانيا يتطلب تدخل القادة تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي والتجاري بين الجانبين

وأضاف في مداخلة هاتفية عبر قناة "إكسترا نيوز"، أنها تمثل خطوة عملية لتعزيز التعاون السياسي والاقتصادي والتجاري بين الجانبين.

وتابع، أن المنتدى الاقتصادي الموسع المرتقب سيتيح للشركات الأوروبية فرص استثمارية جديدة في مصر، خاصة في مجالات الصناعات الحديثة مثل الهيدروجين الأخضر والتكنولوجيا والرقمنة.

وأوضح محمد حجازي أن مصر نجحت في نقل الرؤية العربية إلى أوروبا عبر العديد من المحطات والاتصالات والزيارات، ما ساهم في تقريب وجهات النظر وتعميق التعاون بين الجانبين، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

أوروبا تعد شريكًا رئيسيًا لمصر بفضل قربها الجغرافي والسياسي

وأشار حجازي إلى أن أوروبا تعد شريكًا رئيسيًا لمصر بفضل قربها الجغرافي والسياسي من المنطقة العربية وقدرتها على التأثير في مسار عملية السلام في الشرق الأوسط.
 

مقالات مشابهة

  • خبير: القمة المصرية الأوروبية جاءت تتويجًا للشراكة الاستراتيجية بين مصر والاتحاد الأوروبي
  • "المصرية للاقتصاد": القمة المصرية الأوروبية مرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وبروكسل
  • أنيس: القمة المصرية الأوروبية تعكس مرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وبروكسل
  • السفير محمد حجازي: القمة المصرية الأوروبية خطوة عملية لتعزيز التعاون السياسي والاقتصادي بين الجانبين
  • القمة المصرية الأوروبية تتوج الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة والاتحاد الأوروبي (فيديو)
  • أبو هميلة: القمة المصرية الأوروبية تعزز الشراكة الاستراتيجية وتعمق التعاون الثنائي المشترك بين الجانبين
  • حجازي: القمة المصرية الأوروبية في بروكسل تعبر عن الشراكة الاستراتيجية الشاملة من الجانبين
  • السفير حجازي: القمة «المصرية الأوروبية» تعكس عمق الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وبروكسل
  • السفير أحمد أبو زيد: القمة المصرية الأوروبية خارطة طريق لأولويات الشراكة مع أوروبا