كيف أثرت الزخارف الإسلامية والخط العربي في الفن الغربي؟
تاريخ النشر: 2nd, November 2023 GMT
لطالما كان للفن الإسلامي أكبر الأثر على الفن الغربي خلال العصور الوسطى، حيث دخلت عدة عناصر فنية إسلامية على الفن الغربي عبر التبادل التجاري والفتوحات وحتى خلال فترة الحروب الصليبية.
على سبيل المثال لا الحصر، انتقل تصميم القبة والفسيفساء والزخارف العربية والفارسية إلى الغرب بعدما نقل الفنانون والمعماريون الأوروبيون التصاميم والتقنيات الإسلامية عبر قنوات مختلفة.
احتفظ الفن الإسلامي دائما بجودته الجوهرية وهويته الفريدة. وكما يجسد دين الإسلام أسلوب حياة ويعمل كقوة متماسكة بين الشعوب المتنوعة عرقيا وثقافيا، فإن الفن الذي تنتجه المجتمعات الإسلامية له خصائص أساسية محددة وموحدة.
بواسطة متحف الميتروبوليتان
كما شَقَّت الكثير من الأنماط الزخرفية والمعمارية طريقها إلى العمارة الغربية مثل القوس المدبب أو "الوغدة"، ما سمح بارتفاع أكبر ومساحات مفتوحة أضخم وأوسع. نرى ذلك واضحا مثلا في كنيسة البلاطين في القصر الملكي في باليرمو (صقلية في إيطاليا)، والأقواس الإسلامية "الفاطمية"، والقبة البيزنطية المُزينة بالفسيفساء والسقف المزين بالخطوط العربية منذ العصور الوسطى.
ويُعزى تأثر الأوروبيين بالفنون الإسلامية بهذا الشكل العميق، إلى أن المهندسين المعماريين الأوروبيين انبهروا بالأناقة والكفاءة الهيكلية للعمارة الإسلامية. كما تركت زخارف الجدران الإسلامية، ولا سيما الأنماط الهندسية المعقدة والأرابيسك، تأثيرا دائما على الفن الغربي. إذ أظهر الفنانون الإسلاميون إتقانا في إنشاء تصميمات معقدة تغطي الجدران بأكملها، باستخدام الأشكال الهندسية والعناصر الزهرية.
وكان الفنانون الأوروبيون، وخاصة خلال عصر النهضة، مفتونين بهذه الأنماط الزخرفية. فتبنوا الأنماط الإسلامية في أعمالهم وقاموا بتكييف ودمج اللغة البصرية للفن الإسلامي في لوحاتهم وحتى في المنسوجات والسيراميك والرسوم التوضيحية للكتب. وقد أدى هذا الاندماج إلى تطور أسلوب الأرابيسك في الفن الغربي، الذي يتميز بأوراق الشجر المعقدة والأنماط المتداخلة والزخارف الدقيقة المستوحاة من الجماليات الإسلامية.
تمت صياغة مصطلح الأرابيسك في حد ذاته في أوائل القرن الـ19 عقب حملة نابليون الشهيرة على مصر. وكلمة أرابيسك تعني ببساطة "على الطراز العربي". والأرابيسك يقوم في الأساس على تزيين الأسطح باستخدام الأشكال الزخرفية الهندسية المكونة من الخطوط والدوائر والأنماط المتكررة.
ويعتبر فن الأرابيسك -الذي يستخدم في تزيين الجدران والأسقف والأعمدة والقباب- أكثر الفنون الإسلامية تعبيرا عن التعقيد والجمال، وقد نُقل في العصور الوسطى إلى أوروبا وظهر في العديد من المعابد والمساجد والقصور مثل قصر الحمراء في غرناطة الذي تم بناؤه خلال الحكم الإسلامي لإسبانيا في القرنين الـ13 والـ14، وتم تزيين جدرانه وأسقفه ونوافيره بأنماط الأرابيسك المعقدة.
ويمكن رؤية تأثير فن الأرابيسك أيضا في العديد من الكاتدرائيات القوطية في جميع أنحاء أوروبا، مثل كاتدرائية بورغوس في إسبانيا، والتي تتميز بزخارف معقدة على واجهاتها وأقبيتها التي تذكرنا بأنماط الأرابيسك الموجودة في قصر الحمراء.
وقد وصل حجم انتشار هذا النمط من الزخارف الإسلامية في أوروبا إلى أن تم تزيين أسقف مكتبة الفاتيكان في عصر النهضة على يد الفنان دومينيكو فونتانا، بأمر من البابا سيكستوس الخامس في نهاية القرن الـ16.
كذلك تم تزيين مخدع ماري أنطوانيت في قصر فونتينبلو بفرنسا بالأرابيسك على طراز بومبيان من قِبل الأخوين روسو عام 1785.
جماليات الخط العربيكما يعد الخط الإسلامي أحد أكثر العناصر الفنية الإسلامية تأثيرا في الفن الغربي. ولأن الثقافة الإسلامية تولي أهمية كبيرة للكلمة المكتوبة، كان ولا يزال الخط العربي شكلا فنيا مهما على مر العصور الإسلامية. وقد فتنت الأناقة والصفات التعبيرية للخط العربي الفنانين الأوروبيين، الذين بدؤوا في دمج عناصر الخط في أعمالهم الخاصة.
دمج الخط العربي في المخطوطات الغربية المزخرفة بدأ إبان الحروب الصليبية، بعدما وصل إلى "القارة العجوز" عبر طرق التجارة بين أوروبا والشرق الأوسط والحروب الصليبية، في الوقت الذي كانت الكتب اللاتينية تُكتب فيه بأسلوب يُعرف باسم "الحرف الأسود".
وانتقل الأوروبيون لاستخدام أنماط الخط العربي خلال العصر القوطي، كما أدخلوا التصاميم الزهرية المعقدة والأشكال الهندسية في تزيين المخطوطات والمنسوجات. وقد استمر هذا التقليد حتى في عصر النهضة وهو ما ساهم في زيادة تقدير الجمال البصري والإمكانات التعبيرية لأشكال الخط في التقاليد الفنية الغربية.
تم استخدام الكلمة العربية المكتوبة لإنشاء بعض من أجمل الأعمال الفنية وأكثرها تطورا في العالم.
بواسطة دار مزادات كريستيز
ولا تزال إسبانيا تتمتع حتى اليوم بتراث عربي إسلامي غني من الخطوط التي تطورت في الأندلس، ومنها النقوش الأثرية في معالم مثل مسجد قرطبة وقصر الحمراء في غرناطة. ويرى المتخصص في التاريخ العربي وأستاذ تاريخ الفن في جامعة غرناطة خوسيه ميغيل بويرتا فيلتشيز، أن "تراث الخط العربي في الأندلس عظيم ولا يقارن".
ولم تضف هذه الزخارف بعدا جماليا مميزا فحسب، بل دفعت أيضا حدود الإبداع والتميز التقني في التقاليد الفنية الغربية، وقد أدى التبادل الثقافي الذي نشأ نتيجة لهذا التأثير إلى إثراء التراث الفني الأوروبي والغربي ككل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الخط العربی
إقرأ أيضاً:
تصعيد خطير في بحر الفلبين الغربي.. سفن صينية تهاجم قوارب صيد وتوقع جرحى
أعلن خفر السواحل الفلبيني، يوم السبت ، عن إصابة ثلاثة صيادين بجروح بعد أن أطلقت سفن صينية خراطيم المياه وقامت بمناورات خطيرة ضد قوارب صيد فلبينية في بحر الفلبين الغربي.
هجوم صيني ضد الفلبينوصرح المتحدث باسم خفر السواحل الفلبيني، العميد جاي تارييلا، بأن الحادث وقع يوم الجمعة 12 ديسمبر، بينما كان نحو 20 قارب صيد فلبيني يبحرون قبالة شعاب إسكودا، التي تقع على بعد 75 ميلاً بحرياً فقط، أي حوالي 140 كيلومتراً، من جزيرة بالاوان، ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة للبلاد التي تمتد لمسافة 200 ميل بحري، بحسب ما أفادت به وكالة رويترز للأنباء.
وأضاف تارييلا أن الصيادين تعرضوا للمضايقة من قبل سفن تابعة لخفر السواحل الصيني تحمل الرقمين "21559" و"21562"، بالإضافة إلى عدد من زوارق الميليشيا البحرية الصينية.
أسفرت رشقات مدافع المياه عالية الضغط عن إصابة ثلاثة صيادين بكدمات وجروح مفتوحة، كما لحقت أضرار بقاربي صيد.
وأضاف مسؤول في خفر السواحل الفلبيني أن زوارق مطاطية صغيرة صلبة الهيكل تابعة لخفر السواحل الكندي قطعت حبال مراسي عدة سفن فلبينية، مما عرّضها للخطر وسط تيارات قوية وحالة بحرية مضطربة.
وبعد تلقي بلاغات عن الهجوم المستهدف، أرسل خفر السواحل الفلبيني سفينتي الاستجابة متعددة المهام "مالاباسكوا" (MRRV-4403) و"كيب إنجانو" (MRRV-4411) إلى المنطقة لمساعدة الصيادين المتضررين.
ومع ذلك، قال تارييلا إن سفن خفر السواحل الفلبيني نفسها تعرضت لعرقلة متكررة ومناورات قريبة المدى من قبل سفن خفر السواحل الكندي 21559 و21562، وسفينة ثالثة تحمل الرقم "5204" في مقدمتها، أثناء توجهها إلى الموقع.
وقال تارييلا: "يدعو خفر السواحل الفلبيني خفر السواحل الصيني إلى الالتزام بالمعايير الدولية المعترف بها للسلوك، وإعطاء الأولوية لحماية الأرواح في البحر على التظاهر بإنفاذ القانون الذي يُعرّض حياة الصيادين الأبرياء للخطر".