اختلف أداء المنظّمات الدولية وهيئات الأمم المتحدة والسفارات الأجنبية ربطاً بالمواجهات العسكرية على الحدود اللبنانية الجنوبية، وانعكس ذلك على درجة التأهب وما تستتبعه من إجراءات اختلفت بين طرف وآخر.
وفي هذا السياق كتبت ندى ايوب في"الاخبار": أكثر الجهات استنفاراً كانت المنظّمات الدولية العاملة في لبنان، كـ"Save The Children" و"IRC" و"NRC" و"DRC" و"USPEAK" التي أنجزت إجلاء موظّفيها الأجانب الراغبين بالمغادرة.

ففي غضون 10 أيام من إبلاغ الموظّفين الأجانب بخطة المنظّمات لتسهيل سفرهم، غادر نحو 90% من هؤلاء. وطُلب من العدد القليل المتبقّي الابتعاد عن المناطق المصنّفة خطرة مع إرسال عنوان سكنه، على أن تتكفّل سفارة بلده بإجلائه في حال توسّعت الحرب. أما الموظّفون المحليون الذين حظرت المنظمات سابقاً مغادرتهم لبنان من دون إذن، فقد طلبت منهم تزويدها بإحداثيات عن أماكن سكنهم (share location)، ولكن من دون أي خطط لتوفير أماكن لجوء آمنة لهم، خصوصاً من يقيمون في مناطق عرضة للاستهداف، فيما يجري نقاش داخل بعض المنظمات الكبيرة باتخاذ إجراء كهذا في حال كانت ميزانياتها تسمح بذلك. كذلك تدرس بعض المنظمات استئجار مراكز جديدة لأن اندلاع الحرب سيفرض عليها تدخّلاً أكبر في مناطق مختلفة، ولا سيّما بعدما طلبت الحكومة اللبنانية من المنظمات المشاركة في خطة الطوارئ ووضع الميزانيات المتوقّعة للاستجابة. وقد أثار ذلك حفيظة الموظفين المحليين الذين اعتبروا أنّ أولوية استئجار المراكز تقدّمت لدى المنظمات على حساب توفير أماكن بديلة لطواقمها المحلّية التي ترزح تحت ضغط عمل مضاعف نتيجة مغادرة الموظفين الأجانب، وسيقع على عاتقها وحدها تنفيذ خطط الاستجابة لاحقاً.
ومن ضمن الإجراءات، «التطمينية» المتّخذة، صرفت المنظمات رواتب موظفيها قبل نهاية الشهر الماضي بعشرة أيام، وعرضت على من يحتاج منهم إلى الخضوع لجلسات دعم نفسي، وزادت من مخزون ما يُعرف بـ«عدّة البقاء على قيد الحياة» (survival kit)، داخل المكاتب. وهذه الإجراءات تكون موحّدة في العادة بين كل المنظمات.
بدورها، اتّخذت قوات الـ«يونيفل» والهيئات التابعة للأمم المتحدة إجراءات احترازية، بدرجة استنفار أدنى، وطلبت من العاملين لديها، لبنانيين وأجانب، نقل سكن عائلاتهم مؤقّتاً إلى مناطق شمال الليطاني. وصُرفت بدلات مالية لمن ليست لديهم مساكن في مناطق شمال الليطاني. وبالتوازي، خفّضت القوات الدولية حضور موظفيها إلى مراكز عملهم في جنوب الليطاني إلى الحد الأدنى، معتمدةً سياسة العمل عن بعد لمن تتيح له طبيعة مهامه ذلك. والأمر نفسه اعتمدته الهيئات التابعة للأمم المتحدة، كـ "UNICEF" و"UNHCR" و"WHO" و"UNDP" وسواها ممن لا تزال طواقم عملهم الأجانب موجودين في لبنان.
إلى ذلك، يصل إلى بيروت اليوم قادماً من رام الله وكيل الأمين العام لشؤون السلامة والأمن في الأمم المتحدة جيل ميشو من ضمن جولة في المنطقة على المراكز التابعة للأمم المتحدة والمنظمات الدولية. وتهدف الزيارة إلى مراجعة خطط الطوارئ والإنقاذ التي وُضعت لإجلاء العاملين في هذه المنظمات والمكاتب والمؤسسات والتأكد من سلامتهم في حال تطوّرِ الأوضاع وتوسّعِ الحرب.
اللافت أن سفارات أساسية بقيت تعمل، ولا سيّما سفارتا أميركا وبريطانيا بما يناقض السقف العالي لخطاب الدولتين، إذ، لم يُجلَ أيّ من الموظفين أو أسرهم، لا بل انضم إلى طواقم العمل في بيروت موظفون جدد، ضمن عملية تبديل روتينية.
 

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

العفو الدولية وهيومن رايتس تدعوان الحوثيين إلى الافراج عن موظفين إنسانيّين وحقوقيّين

دعت "منظمة العفو الدولية" و"هيومن رايتس ووتش" الجمعة، جماعة الحوثي إلى الإفراج فورا ودون شروط عن عشرات الموظفين من "الأمم المتحدة" ومنظمات المجتمع المدني اليمنية والدولية الذين احتجزوا تعسفا على مدار العام الماضي.

 

وذكرت المنظمتان في بيان مشترك أن الاعتقالات التعسفية التي ينفذها الحوثيون ضد العاملين الإنسانيين لها تأثير مباشر على إيصال المساعدات المنقذة للحياة للأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إليها.

 

وقالت ديالا حيدر، باحثة اليمن في منظمة العفو الدولية: "من المروع أن يُحتجز تعسفا معظم هؤلاء الموظفين في الأمم المتحدة والمجتمع المدني قرابة عام لمجرد قيامهم بعملهم في تقديم المساعدات الطبية والغذائية، أو تعزيز حقوق الإنسان والسلام والحوار. كان يجب ألا يُعتقلوا أصلا".

 

وأضافت على الحكومات ذات النفوذ على الحوثيين وقيادة الأمم المتحدة تكثيف جهودها لضمان إطلاق سراح موظفي المنظمات غير الحكومية والأمم المتحدة.

 

وتابعت المنظمتان أن موجات الاعتقالات الوحشية هذه أدت أيضا إلى تفاقم الوضع الإنساني المتردي أصلا في اليمن، لأن العديد من المعتقلين كانوا يعملون على تقديم المساعدة أو الحماية إلى من هم في أمس الحاجة إليها في شمال اليمن. على الحوثيين الإفراج فورا عن جميع المعتقلين تعسفا.

 

وحسب البيان أفرج الحوثيون عن سبعة أشخاص فقط – بينهم موظف واحد في الأمم المتحدة، وخمسة في منظمات غير حكومية، وواحد في بعثة دبلوماسية. ما يزال 50 آخرون على الأقل اعتقلهم الحوثيون خلال العام الماضي محتجزين دون منحهم فرصة التواصل مع محامين أو عائلاتهم، ولم تُوجه إليهم أي تهمة.

 

في 11 فبراير/شباط، توفي عامل إغاثة في "برنامج الأغذية العالمي" أثناء احتجازه لدى الحوثيين. تزيد وفاته المخاوف بشأن سلامة الآخرين الذين ما يزالون محتجزين تعسفا في مراكز الاحتجاز التي يديرها الحوثيون، نظرا لسجل الحوثيين الحافل بالتعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة ضد المعتقلين.

 

في 10 فبراير/شباط، أعلنت الأمم المتحدة أنها علّقت جميع أنشطتها في صعدة ردا على احتجاز الحوثيين ستة من عمالها الإنسانيين هناك في يناير/كانون الثاني.

 

وأكدت أن الاعتقالات التي ينفذها الحوثيون تشكل جزءا من هجوم مستمر أوسع على الحيّز المدني في المناطق التي يسيطرون عليها. كما رافقت هذه الاعتقالات حملة إعلامية يقودها الحوثيون تتهم المنظمات الإنسانية وموظفيها بـ"التآمر" ضد مصالح البلاد من خلال مشاريعها، وتحذرهم من مخاطر "التجسس".

 

قالت نيكو جعفرنيا، باحثة اليمن والبحرين في هيومن رايتس ووتش: "على الحوثيين تسهيل عمل العاملين في المجال الإنساني وحركة المساعدات. على الدول ذات النفوذ جميعها، وكذلك الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني، استخدام الأدوات المتاحة كافة للحث على إطلاق سراح المعتقلين تعسفا ودعم أفراد عائلاتهم".

 

ومنذ 31 مايو/أيار 2024، نفذ الحوثيون سلسلة مداهمات في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، واحتجزوا تعسفا 13 موظفا من الأمم المتحدة و50 موظفا على الأقل في منظمات المجتمع المدني اليمنية والدولية. بين 23 و25 يناير/كانون الثاني 2025، نفّذ الحوثيون موجة اعتقالات أخرى واحتجزوا تعسفا ثمانية موظفين آخرين في الأمم المتحدة. دفعت هذه الاعتقالات الأمم المتحدة إلى الإعلان في يناير/كانون الثاني عن تعليق جميع التحركات الرسمية إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين وداخلها.

 


مقالات مشابهة

  • العفو الدولية ورايتس ووتش تطالبان الحوثيين بالإفراج عن موظفين أمميين
  • المنظمات الأهلية الفلسطينية: الاحتلال يستغل المساعدات لترسيخ النزوح وإذلال الفلسطينيين
  • خالد النمر: 6 نصائح صحية لضيوف الرحمن
  • العفو الدولية وهيومن رايتس تدعوان الحوثيين إلى الافراج عن موظفين إنسانيّين وحقوقيّين
  • ترامب يوسّع حربه على طلبة الجامعات الأجانب.. ما الذي نعرفه عن قصة التأشيرات؟
  • نقاط عسكرية على أنقاض المنازل .. آلية مساعدات غزة الجديدة تثير غضباً دولياً وتُتهم بانتهاك المبادئ الإنسانية
  • وزارة العمل تشهد إقبالا كبيرا من الشباب على توثيق عقود العمل بالخارج
  • الحسان:على العراق أن يكسب ثقة المؤسسات المالية الدولية من خلال الإصلاح الحقيقي
  • غزة أكثر الأماكن جوعا على وجه الأرض.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر
  • قرار مرتقب لاعتقالهما: سموتريتش وبن غفير على طاولة الجنائية الدولية