متابعة بتجــرد: يسافر فيلم “جلال الدين” للمخرج المغربي حسن بنجلون، الذي عرض الثلاثاء بالفضاء السينمائي “روكسي” بطنجة في إطار مسابقة الفيلم الروائي الطويل ضمن فعاليات الدورة الثالثة والعشرين للمهرجان الوطني للفيلم، بالمتفرج من الحياة اليومية العادية إلى الحياة الصوفية التي تعتمد بكل أسسها على الحب، التسامح، التقبل، والبحث عن الحقيقة.

وتدور أحداث الفيلم في ساعة ونصف الساعة حول شخصية “جلال الدين” الذي يرفض تقبل فكرة وفاة زوجته، فيقرر اعتزال الناس لمدة 20 سنة في رحلة بحث عن الذات داخل عوالم التصوف في إحدى الزوايا التي صار مع مرور الزمن شيخا بها. 

واستدعى حسن بنجلون في فيلمه شخصية صوفية مهمّة وهي مولانا جلال الدين الرومي (1207 ـ 1273)، ليقدم من خلاله قراءة حديثة لعوالم التصوف والتسامح مع الذات والآخر، حيث حافظ المخرج المغربي على التسمية والسلوك وأفعال الرجل، جاعلا إياه مرتديا ثوب الحداثة والمعاصرة.

ويتطرق العمل السينمائي الذي كان عرضه العالمي الأول من بوابة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته السابقة، للقضايا التي يسكت عنها المرء داخل المجتمع، قبل أن يصطدم بها عن غير قصد في آخر المطاف، في إشارة إلى سر دفين أخفاه بطل الفيلم جلال الدين، له علاقة بزوجة ابنه عادل، ومن شأنه أن يدمر الحياة الزوجية لابنه، فقرر أن يخفيه ويسكت عنه، إلا أن السر ظهر في الأخير ليدمر حياة ابنه.

وأعرب بنجلون خلال النقاش الذي أعقب العرض، عن شكره لكافة أعضاء الفريق الذي شارك معه في إنتاج هذا العمل السينمائي الذي شخص أحداثه كل من ياسين أحجام، والممثلة التونسية فاطمة ناصر، وعز العرب الكغاط، وفاطمة الزهراء بلدي، وأيوب اليوسفي، ومليكة الحماوي.   

وأشار بنجلون إلى أنه يسعى من خلال هذا الفيلم إلى فتح شهية المشاهد للتأمل في مجموعة من القيم التي من المفترض أن يتحلى بها الإنسان في علاقته مع الآخر داخل المجتمع، مثل الحب والسعادة والتسامح، وخاصة ما يتعلق بالمسكوت عنه “الذي نعيشه جميعا في حياتنا”، وفقا لوكالة المغرب العربي للأنباء.

وتتواصل فعاليات الدورة الـ23 للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة إلى غاية 4 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، بعرض مجموعة من الأفلام في إطار المسابقات الرسمية للفيلم القصير والفيلم الروائي الطويل، ومسابقة الفيلم الوثائقي الطويل، إضافة إلى عروض أفلام “بانوراما” الفيلم المغربي.

وتتنافس على جائزة الفيلم الروائي الطويل إلى جانب فيلم “جلال الدين”، أفلام “حميدة الجايح” لمصطفى الدرقاوي، “أيام الصيف” لفوزي بنسعيدي، “العبد” لعبدالإله الجوهري، “أزرق القفطان” لمريم التوزاني، “أبي لم يمت” لعادل الفاضلي، “واحة المياه المتجمدة” لمحمد رؤوف الصباحي، “ملكات” لياسمين بنكيران، و”إيقاعات تامازغا” لطارق الإدريسي.

وتعد هذه التظاهرة الثقافية التي ينظمها المركز السينمائي المغربي، موعدا سينمائيا وطنيا بارزا، يجمع عشاق السينما والفنانين الموهوبين وهواة الفن لتعزيز التفاعل والحوار وإثراء النقاش.

main 2023-11-03 Bitajarod

المصدر: بتجرد

كلمات دلالية: جلال الدین

إقرأ أيضاً:

محمد محيي الدين والوضاءة التي كانت عبر مناديله العديدة

محمد محيي الدين والوضاءة التي كانت عبر مناديله العديدة

محمد كبسور

محمد محيي الدين، مبدع سوداني متعدّد، ورائد من رواد التجديد في الشعر الحديث. قاص وروائي ومسرحي وصاحب ملكات أدبية رفيعة، له إسهامات مقدّرة في الشعر والمسرح والسيناريو والأفلام القصيرة. تميّزت كتابته بمخزون تاريخي وقراءة في الواقع السوداني المعاصر.

من أوائل الذين درسوا بالمعهد العالي للموسيقي والمسرح، وتخصص في الدراسات النقدية. عمل في مجال التعليم. غاب عن الوطن لفترة وعاد ليواصل اسهاماته الأدبية والفنية بمدينة ود مدني والتي استقر فيها حتي لحظة وفاته صباح الثلاثاء 26 مايو 2015م.

محمد محيي الدين من مؤسسي رابطة الجزيرة للآداب والفنون والتي عملت على اثراء الساحة الثقافية في الثمانينات والتسعينات بمعية رابطة سنار الأدبية ورابطة اولوس ورابطة أبناء دارفور ونهر عطبرة الأدبية.

كان مشاركاً في كثير من المنتديات والمهرجانات العربية والسودانية. وكانت آخر مشاركاته في لجنة تحكيم جائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي في محور الشعر.

يعتبر محمد محيي الدين من الأدباء الذين برزوا في السبعينيات وحاولوا التمرد على قيود و بناء قصيدة الستينيات. وهو من أوائل الذين كتبوا قصيدة التدوير، و وسم ببصمته جيلاً كاملاً بمدرسته التجريبية الشعرية والمسرحية. التقط التيارات السابحة في الهواء عاملاً على تحريك الساكن الإبداعي، وبذل مجهوداً كبيراً في تبني المواهب الشابة وفي تقديم خبرته لها، وتحلّقت أجيال كثيرة حوله فرفدها بمعارفه المختلفة.

نادَى محمد محيي الدين بكتابة القصيدة المفتوحة التي تستفيد من تقنيات السينما والحوار والنثر، وشكّل بذلك تياراً شعرياً رائداً في الكتابة التجريبية. ويمتلك محمد محي الدين القدرة علي اختصار تجارب شعرية وسردية عديدة داخل النص الواحد.

ولعل أعماله التي اطلت علي الجمهور مثل ديوان “الرحيل على صوت فاطمة” ومجموعة “عشر لوحات للمدينة وهي تخرج من النهر” أو تلك التي كانت في انتظار النشر مثل مجموعة “اتكاءة على سحابة وردية” هي التي وضعت محمد محي الدين ضمن الشعراء المميزين بالسودان.

كما أن قصائده التي تناولها بعض من المغنين المجدّدين، قد سلطت الضوء علي تجربته خصوصاً وسط الأجيال الجديدة، مثل قصيدة “المناديل الوضيئة” التي لحنها وغنّاها الفنان الراحل مصطفي سيد أحمد، و”مطر الليل” التي صدرت من ضمن ألبوم غنائي للفنانة ياسمين ابراهيم.

تجربة محمد محيي الدين المسرحية تجربة ثرّة دعمها بالدراسة في المعهد العالي للموسيقى والمسرح. ويعد محي الدين من مؤسسي مسرح الشارع، حيث عرضت مسرحياته في الشوارع السودانية في كثير من المدن. ويتداخل الشعر والمسرح في عالم محمد محي الدين، فبقدر ما يكون هو شاعراً متفجراً في اللغة والصورة الشعرية والبناء المعماري للقصيدة، يكون أيضاً كاتباً مسرحياً يسعى إلى ذلك مستفيداً من شاعريته “وفق وصف الشاعر يحي فضل الله”.

ولمحمد محيي الدين العديد من الدراسات عن المسرح نُشرت بالملاحق الثقافية بالصحف ومجلة الثقافة السودانية. وعلي أيام وجوده بالمعهد كان عضواً فعالاً في جماعة السديم المسرحية.

وفي بحثه عن التجريب، قدم محمد محيي الدين مسرحية “ضو البيت” اقتباساً عن رواية الكاتب الراحل الطيب صالح. وعرضت المسرحية عام 1985 بمسرح قاعة الصداقة وقدمتها جماعة السديم المسرحية والتي عرضت له أيضاً مسرحية “مطر الليل” ومسرحية “الرجل الذي صمت” ومسرحية “القطر صفر” ومسرحية “من كي لي كي” ومسرحية “القنبلة والعصفور” كما له مسرحية عن الشيخ فرح ودتكتوك. ومارس محمد محي الدين تجربة الإخراج المسرحي داخل جماعة السديم عبر إخراجه لمسرحيته “هبوط الجراد”.

وفي الكتابة للمسرح مارس محمد محيي الدين أيضاً التأليف المستند على نصوص كتاب آخرين، وأعد كثيرا من المسرحيات العربية مثل مسرحية “أنت قتلت الوحش” للكاتب المصري الشهير علي سالم، ومسرحية “اللغز” وهي إعادة كتابة للمسرحية المعروفة (أوديب ملكاً) لنفس الكاتب، وقام محمد محي الدين بسودنتها (العيش). كما قدّم مسرحية “الرحلة، موت بالجملة”، وهذا النص سودنة لمسرحية الكاتب العبثي الفرنسي (يوجين يونسكو) (ليلة القتلة).

يقول محمد محيي الدين عن علاقة الشعر بالمسرح، “يمكن الإستفادة من الشعر في تطوُّر شكل الكتابة المسرحية ولكن يجب أن يتم ذلك بدون تعمُّد، أي لايمكن لمجرد أنك شاعر أن تكتب مسرحية. فالعملية الفنية هنا تخضع في المقام الأول لمعرفتك بفن المسرح معرفةً توازي معرفة أن تكتب قصيدة، كما أني أرى أنه يمكن أن يتطوّر شكل القصيدة بالإستفادة من المسرح، بل من الموروث من الأشكال الفنية الأخرى من (كولاج، فلاش باك، طرق ووسائل المونتاج الزماني والمكاني)”.

ويقول محمد محيي الدين “تجدني أمزج بين المسرح والشعر وأحيانا القصة، ولي مجموعة قصصية بعنوان «الرجوع إلى ضاحية المطر» فقدتها ، على كل ، إنها وسائلي وأدواتي في تعرية القبح وجعل هذا العالم أجمل ما أمكن ذلك”.

انحاز محمد محيي الدين للقصة بشكل كبير، وكان يري أن تجارب كتابة القصة في السودان في تطوّر أكيد برغم حالة الإنكار التي صاحبته.

وفي كتاباته القصصية استخدم الأسطورة والفنتازيا ممزوجة بالثقافة الشعبية السودانية في إطار حداثي لامس القصة العربية في تطور بنائها من حيث استخدام اللغة الموحية بدلالاتها وحوارها.

وعرف عن محمد محيي الدين الصراحة خصوصاً في ابداء الرأي حول كل ما يخص التجارب الأدبية والفنية.

وكثيراً ما كان ينتقد صمت وغياب الكُتاب الذين لديهم عطاء عميق وينتقد عزوفهم عن النشر، وينتقد الأثر السالب لذاك الغياب علي تواصل الأجيال. وكان يري أن انقطاع التواصل بين المبدعين الشباب والأجيال التي سبقتهم، أدى إلى انغلاق منتجات الشباب على التجارب الذاتية، فتمحورت حول الانفتاح على الثقافة العربية والافريقية والعالمية دون أن تلتقي كل الحلقات ما بين الثقافة المحلية والعالمية والعربية والافريقية. وكان يري ان التجربة الابداعية هى اتصال وليس انقطاع، وأن التجديد ليس في هدم التراث وليس في انقطاع تواصل التجارب الابداعية، التجديد في كشف عناصر الجِدّة في الواقع.

ولد  الشاعر والكاتب والمخرج المسرحي محمد محيي الدين في مدينة ود مدني في العام 1952م.

و رحل في 26 مايو 2015 إثر نوبة قلبية عن عمر ناهز 63 عاما. وشيع الشاعر الراحل في موكب مهيب إلى مقابر ود مدني.

له الرحمة و المغفرة.

الوسومالتعليم السودان الشاعر محمد محيي الدين المعهد العالي للموسيقي والمسرح رابطة أبناء دارفور رابطة الجزيرة للآداب والفنون رابطة اولوس رابطة سنار الأدبية محمد كبسور نهر عطبرة الأدبية

مقالات مشابهة

  • العراق يعلن استهدف 6 إرهابيين في “صلاح الدين” وسط البلاد
  • إطلاق جائزة “محمد لخضر حمينة” للإبداع السينمائي
  • محمد محيي الدين والوضاءة التي كانت عبر مناديله العديدة
  • “بشر الوالي بعودة مدينة الفولة” .. عضو السيادي الفريق أول كباشي يؤكد حرص الحكومة على تذليل التحديات التي تواجه غرب كردفان
  • مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم يتعلق بالصناعة السینمائیة وبإعادة تنظیم المركز السینمائي المغربي
  • تعيين الناقد سيد محمود سلام مديرًا لـ مسابقة الفيلم المصري بمهرجان الإسكندرية السينمائي الروائي الطويل
  •  “كراغ” يوضح: هذه حقيقة الكرة النارية الكبيرة التي أضاءت سماء الجزائر
  •  “كراغ” يوضح : هذه حقيقة الكرة النارية الكبيرة التي أضاءت سماء الجزائر
  • من المؤثرة البريطانية نيكي ليلي التي استضافها مهرجان كان السينمائي؟
  • سيد سلام مديرًا لمسابقة الفيلم المصري الطويل بمهرجان الإسكندرية السينمائي