ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال عن حكم قول زمزم بعد الوضوء، ويقول السائل: ما حكم قول المسلم لأخيه "زمزم" بعد الوضوء؟ حيث يدَّعي البعض أنَّه لم يكن من هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولا من أصحابه، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها.

هل الوضوء أثناء الاستحمام صحيح أم يجب ستر العورة.

. الموقف الشرعي هل الوضوء يغني عن غسل الجنابة.. الموقف الشرعي لمن صلى على هذا النحو حكم قول زمزم بعد الوضوء

وأجابت دار الإفتاء، عن حكم قول زمزم بعد الوضوء، بأن ما اعتاده الناس في مصر وغيرها من دعاء المسلم لأخيه بعد الوضوء بقوله "زمزم" هو من العادات المستحسنة؛ لأنه دعاء بالوضوء أو الشرب أو الاغتسال من ماء زمزم المبارك.

وأوضحت دار الإفتاء، أن مراد الداعي بذلك هو الدعاء بأداء الحج أو العمرة اللذين يشتملان على الشرب من زمزم؛ من باب إطلاق اللازم وإرادة الملزوم، وإنما اختار الناس ماء زمزم في الدعاء دون غيره لبركته وفضله على سائر المياه؛ فهو من الدعاء المستحب شرعًا.

وأكدت دار الإفتاء، أن الدعاء عقب الوضوء مستحب، بالإضافة إلى ما اشتمل عليه من المعاني الجليلة، والمقاصد النبيلة؛ كدعاء المسلم لأخيه، وإدخال السرور على قلب المتوضئ، وإثارة لواعج الشوق إلى حرم الله وحرم نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، وشحذ الهمم وبعث النوايا على أداء فريضة الحج والعمرة، ومناسبة ذلك لحال المتوضئ.

وأما القول بأن ذلك بدعةٌ فهو قول باطل؛ لمخالفته لعموم أدلة الشرع، وتضييقه على الناس من غير حجة.

وأوضحت، أنه قد بيَّن الشرع أنَّ هناك هيئاتٍ وأحوالًا وأمكنة وأزمنة يكون فيها الدعاء أقرب للقبول وأرجَى للإجابة، وأنها من نفحات الله تعالى على عباده؛ كهيئة السجود، ورفع اليدين، وكحال التلبس بالعبادات المختلفة، وعقب الانتهاء منها؛ من تطهر ووضوء، وصلاة وصوم، وزكاة وحج، ومن الأمكنة: كالبيت الحرام، والمسجد النبوي، والروضة الشريفة، والمسجد الأقصى، وطور سيناء، ومن الأزمنة: كشهر رمضان، والعشر الأُوَل من ذي الحجة، وليلة القدر، وثلث الليل الأخير، ونحو ذلك.

فضل ماء زمزم

وذكرت دار الإفتاء فضل ماء زمزم، منوهة أنه اسمٌ للبئر المعروفة بمكة المُكرَّمة عند بيت الله الحرام، وماؤه خيرُ ماءٍ على وجه الأرض، وأفضل أنواع المياه بعد الماء النابع من أصابع النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم، ويكفي هذا الماءَ شرفًا أن الله تعالى اختاره لتَغسل به الملائكة الكرام صدر النبي المصطفى عليه وعلى آله الصلاة والسلام، في حادثة "شقِّ الصدر الشريف" المشهورة.

وجُمِع لماء زمزم من الفضل والشرف ما لم يُعرف لغيره؛ ففيها معنى الطعام، والشراب، والشفاء: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «خَيْرُ مَاءٍ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مَاءُ زَمْزَمَ فِيهِ طَعَامٌ مِنَ الطُّعْمِ وَشِفَاءٌ مِنَ السُّقْمِ» أخرجه الطبراني في معجميه "الأوسط" و"الكبير" من حديث ابن عبَّاس رضي الله عنهما.

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَأَبْرِدُوهَا بِمَاءِ زَمْزَمَ» أخرجه البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
وعن ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: "كُنَّا نُسَمِّي زَمْزَمَ شَبَّاعَةَ، وَنَزْعُمُ أَنَّهَا نِعْمَ الْعَوْنُ عَلَى الْعِيَالِ" أخرجه عبد الرزاق وابن أبي شيبة في "مصنفيهما"، والطبراني في "المعجم الكبير".

وكان سيدنا العباس رضي الله عنه يقول: "ما أُحِبُّ أنَّ لي بها جميعَ أموالِ أهلِ مكةَ" أخرجه ابن سعد في "الطبقات".

وكان أهل مكة يُغسِّلون بها موتاهم؛ لبركتها وفضلها؛ فعن ابن أبي مليكة قال: "كنتُ أول من بشَّر أسماء رضي الله عنها بالإذن في إنزال عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، قال: فانطلقنا إليه، فما تَناوَلْنا منه شيئًا إلا جاء معنا، قال: وقد كانت أسماءُ رضي الله عنها وُضِعَ لها مِرْكَنٌ فيه ماءُ زمزم، وشَبٌّ يماني، فجعلنا نناولها عضوًا عضوًا فتغسله، ثم نأخذه منها فنضعه في الذي يليه، فلما فرغت منه أدرجناه في أكفانه، ثم قامت فصلت عليه، وكانت تدعو: "اللهم لا تُمِتْني حتى تُوليني جُثَّته"، فما أتت عليها جمعة حتى ماتت" أخرجه الفاكهي في "أخبار مكة"، وقال عقبه: "وأهل مكة على هذا إلى يومنا يغسلون موتاهم بماء زمزم، إذا فرغوا من غسل الميت وتنظيفه جعلوا آخر غسله بماء زمزم تبركًا به".

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: ماء زمزم زمزم الوضوء صلى الله علیه وآله وسلم رضی الله عنهما دار الإفتاء ماء زمزم

إقرأ أيضاً:

ما المقصود بإسباغ الوضوء على المكاره وحكمه؟ الإفتاء توضح

ورد إلى دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول صاحبه: ما المقصود بإسباغ الوضوء على المكاره؟ وما كيفيته؟ وما حكم استخدام الماء الدافئ لتسهيل إسباغ الوضوء في مثل ظروف الشتاء البارد؟

وأجابت الإفتاء عن السؤال قائلة: إسباغ الوضوء يكون بإكماله وإتمامه وإعطاء كل عضو حقه، ويتحقق بالماء البارد والدافئ على السواء.

حكم قائمة المنقولات عند الخلع إذا كان الزوج اشتراها بماله.. الإفتاء توضححكم نسيان ركعة في الصلاة.. الإفتاء: يجب إعادة الفرض كاملا في حالة واحدةحكم خلع الحجاب.. أمين الإفتاء: هو عبادة وليس عادة قابلة للتغييرهل تجوز الصدقة على الأقارب غير المقتدرين؟.. أمين الإفتاء يجيب

وتابعت: وأما "إسباغُ الوضوء على المكاره" فمعناه: أن يحرص المكلف على غسل أعضائه ويتمم مسح رأسه وأذنيه، مع ما قد يعتريه من مشاقَّ عند وضوئه يمكن تحملها كالوضوء بالماء البارد في الشتاء القارص، وكذا كل حال يُكرِه المسلم فيها نفسه على الوضوء متى تمكن من الوضوء ولم يترتب على ذلك ضرر به، وأما إذا تضرر من الوضوء بالماء البارد في الشتاء فاستعماله للماء الدافئ أولى، بل يثاب بترك الوضوء بالماء الشديد البرودة الذي يُلحق به ضررًا من استعماله أو يمنع من إسباغ الوضوء على الوجه الكامل، وحديث "إسباغ الوضوء على المكاره" مقيدٌ بالمشقة غير الشديدة.

بيان المراد بإسباغ الوضوء على المكاره وكيفيته

وأوضحت أن الإسباغ يطلق ويراد به عدة معانٍ منها: الإكمال والتوفية، يُقال: شيء سابغ، أي: كامل وافٍ، ومنه قول الله تعالى: ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾ [لقمان: 20]، أي: أتمها عليكم. وإسباغ الوضوء: إكماله وإتمامه وتوفيته، كما في "مختار الصحاح" للإمام الرازي (ص: 141، ط. المكتبة العصرية).

وقال الإمام البغوي في تفسيره "معالم التنزيل" (6/ 290، ط. دار طيبة): [قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ﴾ أَتَمَّ وَأَكْمَلَ ﴿نِعَمَهُ﴾] اهـ.

وإسباغ الوضوء بالمعنى المشار إليه -أي: إتمامه وإكماله باستيعاب المحل بالغسل وإبلاغه مواضعه من الأعضاء، بأن يؤتي كل عضو حقه- جاءت به السنة النبوية المطهرة، فعن رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّهَا لَا تَتِمُّ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يُسْبِغَ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَيَغْسِلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، وَيَمْسَحَ بِرَأْسِهِ وَرِجْلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، ثُمَّ يُكَبِّرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَيَحْمَدَهُ، ثُمَّ يَقْرَأَ مِنَ الْقُرْآنِ مَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ وَتَيَسَّرَ» أخرجه أبو داود والنسائي.

والمكاره: جمع مَكرَهَة: وهو الشيء الذي يكرهه الإنسان ويشق عليه، والكره بالضم والفتح: المشقة، كما في "النهاية" لابن الأثير (4/ 168، ط. المكتبة العلمية).

والمراد بإسباغِ الوضوء على المكاره: أن يتوضأ المكلف متممًا غسل أعضائه، موفيًا مسح رأسه وأذنه، ويمتد مفهوم إسباغِ الوضوء على المكاره ليشمل كل مشقة تعتري المكلف عند إتمام وضوئه، سواء كانت تلك المشقة ألمًا من الماء شديد البرودة في الشتاء القارص، أو في تجاوز حدود الفرضِ في غسل الأعضاء، أو عناء البحث عن ماء الوضوء، أو تحملًا لكلفة شرائه ونحوها.

قال الإمام ابن عبد البر في "الاستذكار" (2/ 302، ط. دار الكتب العلمية): [وأما قوله: "إسباغ الوضوء على المكاره" الإكمال والإتمام، من ذلك قول الله عز وجل: ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ﴾ يعني: أتمها عليكم وأكملها. وإسباغ الوضوء: أن يأتي بالماء على كل عضو يلزمه غسله مع إمرار اليد، فإذا فعل ذلك مرة وأكمل فقد توضأ مرة، وأما قوله: "على المكاره"، فقيل: إنه أراد شدة البرد وكل حال يُكره المرء فيها نفسه على الوضوء، ومنه دفع تكسيل الشيطان له عنه] اهـ.

وعليه: فإن إسباغ الوضوء بإكماله وإتمامه وإعطاء كل عضو حقه يتحقق بالماء البارد والدافئ على السواء، فإذا طرأ ما يسبب مشقة أو أمرًا يكرهه المكلف حين وضوئه -كالوضوء بالماء البارد في الشتاء- وتوضأ على هذه الحال كان ذلك أدعى للثواب الجزيل من الله تعالى.

طباعة شارك إسباغ الوضوء على المكاره الوضوء المقصود بإسباغ الوضوء على المكاره الإفتاء

مقالات مشابهة

  • ثواب تجفيف الطرقات من مياه الأمطار
  • حكم الشرع في مقولة "خد الشر وراح"
  • دعاء الوضوء يفتح لك أبواب الجنة.. سنة عن النبي يغفلها كثيرون
  • هيئة كبار العلماء: البذاءة وعدم الحياء من باب نقص الإيمان
  • مولد السيدة نفيسة.. الإفتاء: يجوز الاحتفال بموالد آل البيت وإحياء ذكراهم
  • سنن الوضوء الصحيحة عن النبي
  • الوضوء وفق الطريقة النبوية الشريفة.. تفاصيل
  • هل يشترط ستر العورة عند الوضوء بعد الاستحمام؟.. أمين الإفتاء: اعتقاد غير صحيح
  • إسباغ الوضوء على المكاره وفضل استخدام الماء الدافئ في الشتاء
  • ما المقصود بإسباغ الوضوء على المكاره وحكمه؟ الإفتاء توضح