كشف تحليل صور أقمار صناعية حديثة لقناة الجزيرة تمركز قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي بصورة رئيسية في شمال غرب وجنوب غرب مدينة غزة.

وأظهر التحليل تمركز آليات جيش الاحتلال خلف سواتر ترابية على طول ساحل غزة، إضافة إلى تموضع آليات الجيش الإسرائيلي داخل مدينة غزة في أحياء سكنية بعد تسويتها بالأرض.

ووفق الصور التي بثتها الجزيرة، فإن المربعات الحمراء في الصورة تظهر نقاط تجمع آليات جيش الاحتلال، فيما ترمز المربعات الصفراء إلى السواتر الترابية.

ماذا يعني هذا؟

وفي تحليله لهذه الصور الحديثة، قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري، إنها تعود إلى يوم 11 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري ما يعني أنها التقطت بعد مرور 11 يوما على بدء العملية البرية الإسرائيلية داخل قطاع غزة.

وبيّن أن القوات الإسرائيلية دخلت من محور الشمال الغربي لقطاع غزة وسلكت طريق الرشيد وصولا إلى أبراج الكرامة والمخابرات بعدما قطعت 6 كيلومترات معظمها أراض زراعية.

وأشار إلى أن حجم القوة التي دخلت من منطقة السياج تقدر بلواءين عسكريين فيما المنطقة صغيرة وضيقة وفيها معركة دفاعية، وهو ما دفع جيش الاحتلال لتدشين "مناطق انتظار متقدمة" من أجل تعويض الآليات التي تدمر وضرورة إرسال بديل لها.

ولفت إلى أن جيش الاحتلال أقام مناطق تجمع وسواتر ترابية متقدمة بهدف تأمين حماية مؤقتة بعدما انعطفت القوات القادمة من منطقة مخيم الشاطئ نحو الشرق ثم استدارت جنوبا.

وشدد على أن نقاط التعزيز مهمتها تعزيز طلائع القوات الإسرائيلية وتعويض الخسائر وتبديل الآليات المعطوبة.

أما فيما يتعلق بتمركز آليات جيش الاحتلال عند مدرسة ابتدائية مليئة بالنازحين وحول مربع المستشفيات، قال الدويري إن وضعها في هذه المناطق بهدف جعلها دروعا بشرية.

وأشار إلى أنها تعد نقطة تجمع متقدمة وضعت بأماكن حساسة لمنع كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وفصائل المقاومة من استهدافها بقذائف "الياسين 105".

وبيّن أن انفجار الآليات قد يلحق ضررا بالنازحين الفلسطينيين "لذلك يتخذ الجيش الإسرائيلي من المدارس والمستشفيات دروعا بشرية".

وحول مناطق التجمع والسواتر الترابية في جنوب غرب غزة وتحديدا بحي الشيخ عجلين، أوضح الخبير العسكري أنها أقيمت في مناطق فارغة حيث يتم إخفاء ثلثي هيكل الدبابة تجنبا لأي ضربات من المقاومة.

وقبل يومين أظهرت صور أقمار صناعية حصلت عليها قناة الجزيرة اختفاء 88 آلية عسكرية إسرائيلية متوغلة داخل قطاع غزة بين يومي 3 و8 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، ورجح الدويري تدميرها من قبل فصائل المقاومة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: جیش الاحتلال

إقرأ أيضاً:

المقاومة ليست خيارا ديمقراطيا

في زمن خُلطت فيه المفاهيم، وغُيّبت فيه المعايير، باتت المقاومة تُساءل كما تُساءل الحكومات، ويُحاكم المقاوم كما يُحاكم الفاسد، ويُطلب منه ما لا يُطلب حتى من المحتل. وهي مفارقة أخلاقية قبل أن تكون سياسية.

المقاومة، في جوهرها، ليست خيارا ديمقراطيا، ولا خاضعة لمعادلات التصويت وصناديق الاقتراع، ولا ينتظر أصحابها نتائج استطلاع رأي ليقرروا ما إذا كان من "اللائق" أن يقاوموا أم لا. هذا المنطق، في ذاته، يحمل كارثة فكرية وإنسانية؛ لأنك ببساطة تساوي بين شعب واقع تحت الاحتلال، ومحتلٍ غاصبٍ يستبيح الأرض والإنسان.

من قرر أن يقاوم لا يحتاج إلى تفويض من أحد، ولا يستأذن المقهورين في الدفاع عنهم.. لا ينتظر أن يُنصَّب رسميّا على مشروع الدفاع، فالمقاومة ليست وظيفة تُرشَّح لها، بل هي فعل ينبثق من أعماق الروح الحرة التي ترفض الذل. حتى لو قرر الناس كلهم أن يرضخوا، فمن حق الفرد أن يتمرد، ولو خضع الملايين تحت نير الاستعمار، فصوت واحد يصرخ في وجه الباطل كافٍ ليبدأ التغيير.

يُساءل المقاوم عن مصير المدنيين، بينما يُعفى المحتل من أي مساءلة وهو يقصف البيوت، ويدفن العائلات تحت الأنقاض، ويهدم المدارس والمساجد والمستشفيات
تاريخ الأمم يعلّمنا أن التحرر لا يُنتزع بتوقيع العرائض، ولا يُنال ببلاغات الشجب وحدها.. لم يُقم ثوار الجزائر استفتاء عاما قبل أن يبدأوا ثورتهم ضد المستعمر الفرنسي، ولم ينظّم الفيتناميون مؤتمرات حوار قبل أن يخرجوا لمواجهة المحتل الأمريكي، ولم يكن الجيش الجمهوري الأيرلندي بحاجة إلى أغلبية برلمانية لكي يدافع عن حقوق شعبه. هذه النماذج وغيرها لم تفكر بمفردات "التوافق الوطني" تحت وطأة الاحتلال؛ لأنها ببساطة كانت تعرف أن الحرية لا تأتي على طبق من فضة، ولا تهبط عبر البريد السياسي.

في المقابل، نحن نعيش اليوم حالة غريبة من "الترف السياسي"، حيث يُطلب من المقاوم أن يقدم تقريرا شاملا عن جدوى فعله، وتكلفته، وتداعياته الاقتصادية والدبلوماسية. يُساءل المقاوم عن مصير المدنيين، بينما يُعفى المحتل من أي مساءلة وهو يقصف البيوت، ويدفن العائلات تحت الأنقاض، ويهدم المدارس والمساجد والمستشفيات. يُطلب من المقاوم أن "يُراعي"، وأن "يتأنى"، وأن "يفكر بعقل الدولة"، مع أنه لا يملك دولة أصلا، ولا أرضا آمنة، ولا سيادة على شبر واحد من بلاده.

صحيح أننا نحب أن يُراعي المقاوم شعبه، وأن يحفظ ما استطاع من الأرواح، ولكن لا يمكن أن نحمّله وحده مسؤولية جرائم عدوه، ولا يجوز أن نخضعه لمقاييس الدولة المستقرة وهو يواجه كيانا عدوانيّا مسلحا مدعوما من أقوى القوى على وجه الأرض. من الظلم أن يُساءل من يدافع، بينما يُترك من يعتدي.

ليست القضية هنا أن نقدّس المقاومة أو نمنع انتقادها، ولكن أن نُعيد الأمور إلى نصابها، أن نفهم أن الاحتلال هو أصل الجريمة، وأن كل ما يتبعه من دم ودمار، هو نتيجة مباشرة له. ومن الظلم أن تُلقى الفاتورة على من يقاوم بدل أن تُحاسب من يحتل
ثم ما البديل؟ هل يُطلب من الناس أن ينتظروا رحمة المحتل؟ أم أن يقيموا مؤتمرات "سلام داخلي" وهو يذبح أبناءهم؟ هل المطلوب أن يُجروا انتخابات تحت الحراب ليقرروا إن كانوا يحبون المقاومة أم لا؟! وهل يفترض بالمقاوم أن يختبر شعبيته تحت القصف؟ هذا العبث لا يُقال في سياق الاحتلال، بل في أروقة دول تعيش استقرارا نسبيّا وتملِك قرارها السيادي، أما نحن، فالمعادلة مختلفة تماما.

أحيانا، حين تكثر الأصوات التي تُسائل المقاومة، أشعر أن البعض يتمنى لو لم تكن هناك مقاومة أصلا، كي لا يُحرَج أمام العالم، أو كي لا يضطر لتبرير موقفه. وهنا يصبح الخطاب الإنساني أداة للهروب من المعركة، بدل أن يكون حافزا لها. نريد مقاوما بلا معركة، ونضالا بلا ثمن، وتحررا بلا مواجهة. وهذا لا يحدث إلا في الخيال أو في كتب الأطفال.

إن المقاومة، بطبيعتها، مكلفة، وكل مقاومة حقيقية تحمل في طياتها ثمنا باهظا. هذا لا يعني أن نستسلم للفجائع، ولا أن نحتفي بالألم، ولكن أن نُدرك أن الصراع مع المحتل ليس مباراة متكافئة، بل هو معركة وجود، ومن يطالب المقاوم بأن يتصرف كما لو أنه يعيش في دولة ذات سيادة فإنه ببساطة لا يفهم معنى الاحتلال.

ليست القضية هنا أن نقدّس المقاومة أو نمنع انتقادها، ولكن أن نُعيد الأمور إلى نصابها، أن نفهم أن الاحتلال هو أصل الجريمة، وأن كل ما يتبعه من دم ودمار، هو نتيجة مباشرة له. ومن الظلم أن تُلقى الفاتورة على من يقاوم بدل أن تُحاسب من يحتل.

إن من حق كل شعب واقع تحت الاحتلال أن يختار طريقه نحو الحرية، ومن حقه أن يخطئ، وأن يتعلم، ولكن لا أحد يملك الحق أن يسلبه هذا الخيار باسم الديمقراطية أو الواقعية السياسية؛ لأن الحرية لا تُقاس بحسابات صندوق، ولا تُمنح بإجماع النخب، بل تنتزع بقرار فردٍ يرفض أن يعيش عبدا.

مقالات مشابهة

  • إصابة 6 جنود إسرائيليين ومحاولة اختراق خطيرة لموقع عسكري في خان يونس
  • خبير عسكري: محاولة اختراق موقع محصن للواء كفير هدفه أسر قادة إسرائيليين
  • خبير عسكري: الاحتلال في وضع دفاعي هش ولا يمكنه توسيع عملياته بغزة
  • خبير اقتصادي: لماذا يمنع الانتقالي اللجان البرلمانية من عملها بالمحافظات المحررة؟
  • خبير عسكري: عملية خان يونس تكشف قدرات متطورة للمقاومة
  • القسام تبث مشاهد من كمين مركب استهدف آليات الاحتلال شرقي خانيونس
  • المقاومة ليست خيارا ديمقراطيا
  • ماذا وراء تهديد إسرائيل بـضغط عسكري حقيقي في غزة؟
  • خبير عسكري: المقاومة بغزة فرضت معادلة قتال لم يعتدْ عليها جيش الاحتلال
  • في بغداد.. اتحاد الأدباء يستذكر الجواهري: شاعرٌ أقام للقصيدة مقامًا