بعد وصولها بريطانيا.. عائلات تحكي عن صدمة العيش في غزة ورحلة الخروج الخطيرة
تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT
قال بريطانيون من أصول فلسطينية إنهم عاشوا معاناة كبيرة خلال وجودهم في قطاع غزة، بعد أن شنت حركة حماس هجمات غير مسبوقة داخل الأراضي الإسرائيلية، إدت لاندلاع الحرب، وفقا لما ذكرت صحيفة "غارديان" البريطانية.
وفي السابع من أكتوبر الماضي، شنت حركة حماس، المصنفة إرهابية في أميركا ودول أخرى، هجوما على إسرائيل، مما أدى إلى مقتل نحو 1200 شخص، معظمهم من المدنيين وبينهم نساء وأطفال.
وردا على ذلك، تشن إسرائيل غارات متواصلة على قطاع غزة، بالإضافة إلى توغل بري، مما أدى إلى مقتل أكثر من 11 ألف شخص، أغلبهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال.
وأمضى ناصر سعيد وعائلته، 5 أسابيع محاصرين في مدينة جباليا شمالي قطاع غزة، قبل أن يتمكنوا أخيرا من عبور الحدود إلى بر الأمان، حيث عادوا إلى منزلهم في غرب لندن، الأحد الماضي، لكنهم ما زالوا يعانون من صدمة ما تعرضوا له.
وما يحكي سعيد (52 عاماً) أن "الكوابيس تراوده باستمرار، بأنه ظل عالقا في رحى الصراع" الذي أودى بحياة أفراد من عائلته.
وأوضح أن "أولاده ما زالوا يشعرون في رعب عند سماع أصوات أي ألعاب نارية مثلا"، لافتا إلى أن أسرته "لن تنسى أسابيع مأساوية من القصف العنيف على قطاع غزة، وكيف أنهم كانوا يعيشون دون كهرباء، في ظل إمدادات غذائية شحيحة وشرب مياه قذرة".
وقال متذكراً رحلتهم جنوباً إلى معبر رفح الحدودي: "توجب علينا المغادرة، فلم يكن لدينا أي خيار".
وأردف: "لم تتمكن السفارة البريطانية من فعل أي شيء، ولم يكن بمقدور أحد مساعدتنا.. كنا مهددين بالموت جوعا أو قصفا".
وفي حين أن الأسرة هي من بين مئات الرعايا الأجانب الذين نجوا من القصف والموت جوعا وعطشا، فإن أكثر من مليوني شخص في قطاع غزة، نصفهم تقريبا من الأطفال، ما زالوا تحت وطأة حصار مشدد فرضته القوات الإسرائيلية منذ السابع من أكتوبر.
وتواجه حكومة المملكة المتحدة وحزب العمال المعارض ضغوطا متزايدة لدعم وقف إطلاق النار والدعوات إلى احترام القوانين الدولية في الحرب، التي أصبحت الفصل الأكثر دموية في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ 75 عاما.
ويوم الإثنين، ردد مركز العدالة الدولي للفلسطينيين الدعوات لوقف إطلاق النار، وخاطب رئيس الحكومة البريطانية، ريشي سوناك، نيابة عن المجتمع الفلسطيني، منتقدًا "دعوات لندن غير الكافية لاتخاذ مواقف إنسانية أكثر صرامة".
وقال سعيد وعائلته إنهم عندما حاولوا مغادرة شمالي القطاع لأول مرة، "أطلق الجنود الإسرائيليون النار على سيارتهم".
ولفت سعيد إلى أنهم "ساروا جنوباً باتجاه الحدود، حيث قام بحماية ولديه، (8 و12 عاماً)، من منظر الجثث المتناثرة في الشوارع".
ونوه إلى أنه "كان يسير أمام أطفاله بمسافة 3 دقائق، حتى لا يجري قصفهم جميعا بغارة جوية" على حد قوله.
ويتذكر قائلاً: "قلت لأبنائي، فقط ارفعوا قطعة قماش بيضاء واتبعوني.. لم أكن أريد أن يرى أبنائي أي شيء قد يحدث لي".
وبينما هم سعداء بالعودة إلى لندن، يفكر سعيد بحزن في أقاربهم الذين يريدون القدوم إلى بريطانيا، لكنهم غير قادرين على ذلك، موضحا: "نحن بحاجة إلى أن تحاول حكومة المملكة المتحدة المساعدة في وقف هذه الحرب".
"خيبة أمل كبيرة"
أما عائلة المستشار القانوني، فراس أبو وردة، فقد كانوا في زيارة لأقاربهم في قطاع غزة.
وقال فراس إنه سافر من لندن إلى مصر مرتين لمحاولة إخراج عائلته من القطاع، قبل أن يتمكن من الدخول إليهم قبل اندلاع الحرب.
وبعد جهود مضنية جرى إدراج أسمائهم أخيرا في قائمة المواطنين البريطانيين الذين سمح لهم بمغادرة غزة عند معبر رفح، الأسبوع الماضي.
وأوضح أنه سار مع زوجته وأطفاله الخمسة - اثنان منهم مصابان بالتوحد - لمدة 3 ساعات من شمالي القطاع باتجاه الجنوب، وذلك قبل أن يستقلوا سيارة أجرة إلى مدينة خان يونس.
ولدى وصولهم إلى مصر، جرى توزيع العائلة المكونة من 7 أفراد على غرفتين في أحد الفنادق، تحتوي كل منهما على سرير مزدوج، حيث كان الأب ينام على الأرض.
أبو وردة وعائلته وصلوا إلى لندن وعاد أطفاله إلى المدرسة، وهو يستعد للعودة إلى العمل بعد انتهاء إجازته المرضية، لكنه يفكر باستمرار في عائلته التي تركتها بمدينة جباليا، وينتقد بشدة "فشل حكومة المملكة المتحدة في مساعدة الفلسطينيين".
وقال: "ما زلت أشعر بخيبة أمل كبيرة إزاء موقف الحكومة من الطريقة التي تعاملت بها معنا نحن البريطانيين في غزة.. نحن بحاجة إلى أن تساعدنا الحكومة في جلب عائلتنا أيضًا، على غرار ما حدث مع لاجئين أوكرانيين".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی قطاع غزة إلى أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
غزة بين الحرب والنزوح الجماعي: إسرائيل تُخفف قيود الخروج وسط تحذيرات من "نكبة جديدة"
في مشهد متناقض مع الحصار الخانق، بدأت إسرائيل منذ مطلع العام بتخفيف بعض القيود المفروضة على مغادرة الفلسطينيين من غزة، ما سمح لحوالي ألف شخص – وفقًا لدبلوماسيين أجانب – بالمغادرة نحو دول أوروبية. اعلان
تعيش غزة واحدة من أسوأ مراحل الحرب منذ اندلاعها، بعد أن أطلقت إسرائيل، هجومًا بريًا واسع النطاق في شمال وجنوب القطاع تحت اسم "عملية عربات جدعون". وأمر الجيش الإسرائيلي سكان مدينة خان يونس، كبرى مدن الجنوب، بـ"الإخلاء الفوري"، في خطوة وصفها المتحدث العسكري أفيخاي أدرعي بأنها تمهيد لـ"هجوم غير مسبوق لتدمير قدرات التنظيمات الإرهابية"، في إشارة إلى حركة حماس.
الضربات الجوية الإسرائيلية شملت أكثر من 670 هدفًا في أسبوع، وتقول السلطات الإسرائيلية إنها تستهدف البُنى التحتية ومراكز القيادة لحماس، بينما أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" بمقتل العشرات الإثنين، بينهم 16 في خان يونس.
منذ بداية الحرب، التي اندلعت عقب هجوم حماس على جنوب إسرائيل في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، شنت تل أبيب حملة جوية وبرية مدمرة.
ووفقًا لوزارة الصحة في غزة، قُتل أكثر من 53,000 شخص في القطاع حتى الآن، فيما نزح معظم سكان غزة البالغ عددهم نحو مليوني نسمة عدة مرات داخل منطقة صغيرة محاصرة.
ومع فشل المفاوضات الدولية، بما في ذلك اتفاق لوقف إطلاق النار بوساطة قطرية في كانون الثاني/ يناير الماضي بإشراف إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تجد غزة نفسها تحت قصف متواصل ونقص حاد في الغذاء والدواء، وسط تحذيرات من مجاعة وشيكة بعد أكثر من شهرين من الحصار الكامل.
Relatedردود فعل دولية غاضبة على استمرار الحصار الإسرائيلي على غزةلاهاي باللون الأحمر: أكبر مظاهرة في هولندا منذ 20 عامًا تندد بالحرب الإسرائيلية على غزةفي مشهد متناقض مع الحصار الخانق، بدأت إسرائيل منذ مطلع العام بتخفيف بعض القيود المفروضة على مغادرة الفلسطينيين من غزة، ما سمح لحوالي ألف شخص – وفقًا لدبلوماسيين أجانب – بالمغادرة نحو دول أوروبية، في مقدمتها فرنسا وألمانيا. ويشمل هذا الإجراء حاملي الجنسيات الأجنبية والمقيمين في الخارج، إضافة إلى الحاصلين على منح دراسية أو تأشيرات خاصة.
أياد أيوب، مهندس فلسطيني يبلغ من العمر 57 عامًا، كان أحد هؤلاء. غادر غزة الشهر الماضي إلى فرنسا مع زوجته وأطفاله الأربعة، بعد عام من الانتظار رغم حصوله على زمالة أكاديمية. وقال أيوب لرويترز: "أنا سعيد لتأمين مستقبل أبنائي، لكنني أشعر بالحزن لأني تركت خلفي عائلتي وأحبائي. للحظة أشعر بالفرح، ثم أتذكر ما يحدث في غزة".
الشاعرة دنيا الأمل إسماعيل، التي غادرت بدورها مع ابنيها ضمن نفس المجموعة، أكدت أن المغادرة مؤقتة، وقالت: "سنعود إلى غزة عندما تسمح الظروف، في أقرب وقت ممكن".
تسهيلات انتقائية واستجابة لضغوط دوليةبحسب دبلوماسيين أجانب تحدثوا لرويترز، فإن السلطات الإسرائيلية بدأت بإبلاغ الحكومات منذ أواخر العام الماضي بنيتها تخفيف القيود، حتى قبل طرح ترامب لفكرة "إعادة توطين الفلسطينيين". لكن الإجراءات لا تزال محدودة وانتقائية.
وقالت منظمة "جيشا" الحقوقية الإسرائيلية، إن "ما يبدو وكأنه تسهيلات هو في الواقع استجابة محدودة وغير شفافة لضغوط دولية ودعاوى قانونية".
وينفي الجيش الإسرائيلي أن تكون هذه التسهيلات جزءًا من خطة تهجير، ويؤكد أنها جاءت تجاوبًا مع طلبات من دول أجنبية. لكن تصريحات مسؤولين إسرائيليين، من بينهم وزير الداخلية موشيه أربيل، تعزز مخاوف الفلسطينيين. ففي نيسان/ أبريل، قال أربيل خلال إشرافه على مغادرة مجموعة إلى ألمانيا: "نشكر الرئيس ترامب على مبادرته… سنحوّل غزة إلى جنة، بمشيئة الله".
وينظر العديد من الفلسطينيين إلى هذه التحركات بعين الريبة. فالخوف من تكرار "النكبة" عام 1948، حين تم تهجير مئات الآلاف من ديارهم، لا يزال حاضرًا بقوة. ويؤكد تقرير لرويترز أن بعض المغادرين اختاروا عدم الكشف عن هويتهم خوفًا من انتقام فصائل مسلحة أو اتهامهم بالتواطؤ في مشروع تهجير.
وبينما تمكّن البعض من الخروج، لا يزال آلاف الفلسطينيين في غزة يحملون جنسيات أو تأشيرات تجعلهم مؤهلين للمغادرة، لكنهم يواجهون صعوبات بيروقراطية ومخاطر أمنية داخل القطاع المدمَّر.