تقرير:التصعيد على الحدود الجنوبية يشلّ قطاع الخدمات والفنادق في لبنان
تاريخ النشر: 16th, November 2023 GMT
جبيل "لبنان" "أ ف ب": في حانة وسط ساحة في الهواء الطلق في مدينة جبيل شمال بيروت، يفتقد ريشار العلم الزبائن الذين غالباً ما تكتظ بهم المنطقة، منذ بدء التوتر عند الحدود مع إسرائيل على وقع الحرب في قطاع غزة.
ويقول العلم (19 عاماً) بينما يعدّ المشروبات لروّاد الحانة لوكالة فرانس برس "فتحت زجاجة الويسكي هذه منذ أسبوعين وحتى الآن لم تفرغ.
وبعدما كان عدد الطاولات المحجوزة يتراوح بين أربعين وخمسين يومياً، بات حالياً لا يتجاوز السبع طاولات كحد أقصى، وفق العلم.
وشنت حركة حماس هجوما غير مسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر، ما دفع إسرائيل الى رد عنيف بقصف مدمّر على قطاع غزة يترافق منذ أسابيع مع عمليات برية داخل القطاع. وغداة اندلاع الحرب، بدأ حزب الله ينفذ عمليات ضد أهداف عسكرية إسرائيلية وفق قوله عبر الحدود اللبنانية، دعما لحماس. وتتواصل هذه الهجمات يوميا. وتردّ إسرائيل بقصف مناطق حدودية مستهدفة ما تصفه بتحرّكات مقاتلي حزب الله وبناه التحتية قرب الحدود.
ويثير ذلك مخاوف من توسّع الحرب الى جبهة جديدة، ودعت دول عدّة بينها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، رعاياها الى مغادرة لبنان وعدم السفر اليه. وسلكت دول خليجية المسار ذاته.
ويوضح العلم بينما يندر دخول زبون الى المكان "منذ أن بدأت الأحداث، توقفت حركة المطار وسحبت الدول رعاياها، فتراجعت وتيرة العمل" في المدينة الساحلية التي تعتمد بشكل كبير في مواردها على زوّارها من سكان المناطق الأخرى أو السياح.
على بعد عشرات الأمتار وفي الأزقة المتعرجة في سوق المدينة القديمة، تمرّ الساعات ثقيلة على منى مجاهد (60 عاماً) التي ترتشف القهوة أمام محلها لبيع التذكارات في انتظار مجيء زبائن.
وتقول السيدة التي غزا الشيب شعرها وخلفها رفوف تضيق بالتذكارات والتحف "يعتمد عملنا بأكمله على السياحة. منذ أحداث غزة لم نبع شيئاً".
وتضيف "الوضع سيء، لا عمل ولا مال. كما ترون نشرب القهوة".
وانعكس التصعيد اليومي في جنوب لبنان حيث قتل 88 شخصاً حتى الآن، بينهم عشرة مدنيين، سلباً على حركة الإقبال على المطاعم والملاهي والأسواق، وكذلك على نسبة إشغال الفنادق مع انعدام حركة الوافدين من الخارج، من مغتربين أو أجانب.
وجاء التوتر بعد صيف شهد حركة سياحية اعتمدت بالدرجة الأولى على المغتربين اللبنانيين، بعد أربع سنوات من انهيار اقتصادي غير مسبوق، فاقمه تفشي وباء كوفيد-19 ثم انفجار مرفأ بيروت صيف 2020.
ويقول نقيب أصحاب المطاعم والملاهي في لبنان طوني الرامي لفرانس برس "كنا قد طوينا صفحة السنوات الأربع ودخلنا زخماً جديداً، لكن للأسف جاءت هذه الحرب وعكّرت كل شيء".
وكان قطاع الخدمات في لبنان يستعد لموسم جيد نسبياً مع التخطيط لتنظيم مؤتمرات ومعارض، عدا عن إجازات أعياد نهاية العام التي تشكل محطة رئيسية على المفكرة السياحية.
ويوضح الرامي "نعيش اليوم حالة قلق. لا يعرف الناس متى ستتدحرج الجبهة في الجنوب ولا يمكنها التخطيط" لإجازات، مضيفاً "حتى المغترب اللبناني سيتردد في قرار المجيء أو عدمه ولن يجازف".
وبسبب التصعيد، خفّض طيران الشرق الأوسط، الناقل الجوي الوطني في لبنان، عدد رحلاته الى النصف.
وقالت المتحدثة الإعلامية ريما مكاوي لفرانس برس إن الشركة سجّلت انخفاضاً بنسبة 54 في المئة في عدد الركاب الوافدين جواً الى بيروت من دول الشرق الأوسط، مقارنة مع العام الماضي.
وانخفض عدد المسافرين الوافدين من أوروبا بنسبة ثلاثين في المئة، والوافدين من الخليج بنسبة 39 في المئة، مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي.
وخلال الأسبوعين الأولين من الحرب في غزة، ألغيت كل الحجوزات في فندق كافالييه في منطقة الحمرا في غرب بيروت.
ويقول أيمن ناصر الدين (41 عاماً) الذي يدير الفندق ذا الأربعة نجوم لفرانس برس "انخفضت نسبة الإشغال بشكل كبير جداً" مضيفاً "ليست لدينا حجوزات جديدة.. الوضع سيكون كارثياً إذا استمر على ما هو عليه".
وبعدما كان أكثر من نصف غرف الفندق البالغ عددها 65 محجوزاً خلال شهر نوفمبر، بات عدد الحجوزات اليوم يترواح بين خمسة و12 غرفة كحد أقصى، وفق ناصر الدين الذي يوضح أن الفندق كان محجوزاً بالكامل طيلة شهر ديسمبر قبل بدء التصعيد.
ويخشى القيمون على القطاع الفندقي في لبنان أن تطول تداعيات التصعيد، حتى لو ساد الهدوء على الحدود الجنوبية.
ويشرح نقيب أصحاب الفنادق والمؤسسات السياحية في لبنان بيار الأشقر لفرانس برس أن نسبة الإشغال في الفنادق تتراوح بين صفر وسبعة في المئة، بعدما كانت نحو 45 في المئة قبل بدء التصعيد.
ويضيف "تم الغاء كافة الحجوزات لشهرين أو ثلاثة الى الأمام، سواء من أفراد أو مجموعات سياحية أو مؤتمرات ومعارض".
ويشرح أنه حتى لو توقف التصعيد غداً "يجب أن ننتظر لشهر أو شهرين حتى ترفع الدول الحظر عن المجيء الى لبنان وننطلق من جديد".
ورغم الصعوبات والتحديات، يرى الأشقر أن بإمكان القطاع الفندقي والخدمات أن يلتقط أنفاسه متى عاد الاستقرار، في بلد اعتاد على مر العقود الحروب وعدم الاستقرار السياسي.
ويقول "نحن شعب لديه إرادة، شعب ولد في الحرب وعاش الحرب وما زال يقاتل"، متابعاً بتهكم "لولا لدينا خبرة طويلة الأمد في إدارة الأزمات، لكن القطاع أفلس منذ أمد".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی لبنان فی المئة
إقرأ أيضاً:
حركة حماس تدعو لأيام غضب عالمية نصرة لغزة في ذكرى استشهاد هنية
دعت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، اليوم الثلاثاء، إلى تصعيد الحراك الجماهيري العالمي أيام الجمعة والسبت والأحد، الموافق 1 و2 و3 آب/أغسطس القادم، احتجاجاً على استمرار العدوان والإبادة الجماعية والتجويع الذي يتعرض له أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة.
وفي بيان تلقت "عربي21" نسخة منه، أكدت الحركة أن يوم الأحد القادم، سيكون "يوماً عالمياً لنصرة غزة والقدس والأقصى والأسرى، وفاءً واستجابةً لنداء القائد الشهيد إسماعيل هنية (أبو العبد)، الذي استُشهد قبل عام في إحدى الغارات الإسرائيلية".
وحثّت "حماس" جماهير الأمة العربية والإسلامية، وكافة أحرار العالم، على المشاركة الواسعة في المسيرات والوقفات الجماهيرية في مختلف المدن والعواصم، رفضاً لما وصفته بـ"العدوان الصهيوني المتواصل على غزة"، واحتجاجاً على سياسة "التجويع الممنهج والإبادة الجماعية التي تطال النساء والأطفال والمرضى والمدنيين الأبرياء".
ودعت الحركة إلى تصعيد كافة أشكال التظاهر والاعتصام أمام السفارات الإسرائيلية والأمريكية، إضافة إلى سفارات الدول التي "توفر الغطاء السياسي والعسكري للاحتلال"، مطالبة بإجراءات ضغط سياسية ودبلوماسية وشعبية دولية لوقف الحرب الإسرائيلية ضد القطاع.
وأشارت إلى أن الدعوة لإحياء يوم 3 آب/أغسطس القادم تأتي بالتزامن مع الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد القيادي البارز إسماعيل هنية (أبو العبد)، مؤكدة أن "إحياء دعوته هو تجديد للعهد مع دماء الشهداء، وتأكيد على استمرار طريق المقاومة والصمود".
واختتم البيان بدعوة الشعوب الحية وقوى التحرر في العالم إلى تحويل هذه الأيام إلى "محطات نضال شعبي متواصلة"، بما يشمل التظاهرات، الضغط الإعلامي والدبلوماسي، والمقاطعة، من أجل إنهاء الاحتلال ووقف جرائمه بحق الشعب الفلسطيني.
ووفقاً لأحدث بيانات وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، فقد ارتفع عدد الوفيات بسبب المجاعة وسوء التغذية إلى 147 ضحية، بينهم 88 طفلاً، منذ بداية الحرب. وتُشير الوزارة إلى أن المجاعة باتت السبب الصامت الذي يزهق الأرواح يومياً، وسط غياب الغذاء والماء والدواء.
وتجاوزت حصيلة العدوان، الذي يحظى بدعم سياسي وعسكري من الولايات المتحدة، أكثر من 205 آلاف شهيد وجريح، غالبيتهم من النساء والأطفال، إلى جانب ما يزيد على 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين الذين يفتقرون إلى أبسط مقومات الحياة.
وبالرغم من التحذيرات الدولية المتكررة بشأن تفشي المجاعة في غزة، لا تزال سلطات الاحتلال تمارس سياسة التجويع كأداة من أدوات الحرب، وسط شلل دولي واضح في وقف الكارثة، وتجاهل متواصل للمطالبات بفتح ممرات إنسانية آمنة وتدفق المساعدات.