رفعة الإنسان.. هو فقه سلطنة عمان
تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT
كما هي العادة وفي مِثل هذه المناسبات الخالدة تأتي الكلمات بلسمًا يشفي الصدور، وضوءًا يُنير الطريق، وأملًا في الغد نَحْوَ السَّير السَّديد المُعبَّق بسحر البخور العُماني، فاستمعنا لكلمات ليست كالكلمات، بل هي طمأنينة وابتسامة لغدٍ مُشرِق، ومواصلة لنهضة مُتجدِّدة وذلك من خلال الخِطاب السَّامي الَّذي ألقاه حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ في افتتاح دَوْر الانعقاد السَّنوي للدَّوْرة الثَّامنة لمجلس عُمان يوم الثلاثاء الرابع عشر من نوفمبر الماضي، والَّذي يأتي تزامنًا مع احتفالات سلطنة عُمان بعيدها الوطني الثالث والخمسين المَجيد، حيث جاء خِطاب جلالته ـ أعزَّه الله ـ شاملًا بليغًا مريحًا موزِّعًا باقات الأمل من خلال رصد ما يحلم به المواطن من آمال وأحلام ومستقبل زاهر وسط أجواء عالَميَّة غير مستقرَّة، إلَّا أنَّ طريق سلطنة عُمان دائمًا ما يسير بخطوات مدروسة ومرصودة بدقَّة نَحْوَ مواصلة النَّهضة ومواكبة النَّجاح بنجاح من خلال نهضة دائمة، مستمرَّة، مستقرَّة، لها مرتكزات عُمانيَّة خالصة وفريدة خالدة تاريخيَّة ومُتجدِّدة، لها إرث تاريخي وبُعد حضاري مستقبلي مدعم بكُلِّ أشكال التكنولوجيا والعِلْم، والثقافة والأدب، مزيَّنة ومطبَّقة بتعاليم الدِّين الإسلامي السَّمحة، حاضرة في تجنُّب تقلُّبات العالَم أو التأثُّر بمحدوديَّة ضيِّقة للغاية مع مخرجات السِّياسة العالَميَّة والإقليميَّة، فتكُونُ سلطنة عُمان دائمًا هي المحطَّة الأولى لالتقاء العقل والحكمة والبُعد عن الانفعالات وتسخين الأحداث، وهذا ما تخطوه السِّياسة العُمانيَّة الخارجيَّة منذ بدأت النَّهضة بداية السبعينيَّات وفجَّرت طاقاتها فعمَّت البلاد ونَعِم بخيرها العباد.
وفي الشَّأن الداخلي تشهد السِّياسات المتَّبعة للحكومة العُمانيَّة خلال فترات الأزمات العالَميَّة الأخيرة، سواء البيئيَّة أو الخلافات السِّياسيَّة والَّتي يطول تأثيرها العالَم كُلَّه والَّذي ـ بطبيعة الحال نحن جزء مِنْه ـ تشهد هذه السِّياسات الحكوميَّة ومن خلال مواصلة العمل وفق رؤية «عُمان 2040» تحقيق التوازن المالي والتخطيط الاقتصادي شديد الدقَّة لتجنُّب المخاطر الدوليَّة، حيث لا يشعر المواطن بأعباء تلك المرحلة المضطربة الَّتي يمرُّ بها العالَم، خصوصًا ذوي الدخل المحدود وأُسر الضمان الاجتماعي من خلال إرساء وتعزيز منظومة الحماية الاجتماعيَّة، وهو ما يبعث الاطمئنان لدى المواطنين، ووصلت لَهُم خاصيَّة التفرُّد بنعيم الاستقرار ورغد الحياة، مع التلاحم والتكاتف بَيْنَ أفراد المُجتمع وقائده والَّذي أسفرت نتائجه بما تنعم به البلاد، ويشعر به المواطن منذ تولِّي حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ مقاليد الحُكم في البلاد.
الشَّاهد من خلال مرور (53) عامًا من النَّهضة المباركة، وصولًا إلى النَّهضة المُتجدِّدة الَّتي أتمَّت العامَ الرابع أنَّ العمل الوطني في عُمان متميِّز، وأنَّ التلاحم والبحث عن العِلْم والتفرُّد بسياسات لها خاصيَّة بيئيَّة لا ينعم بها إلَّا أهْلُ سلطنة عُمان، وهي فِقْه خاصٌّ أولى أولويَّاته رفعة الإنسان وتطوُّره وتلاحمه مع قيادته الَّتي سخَّرت كُلَّ الإمكانات لِيكُونَ هو درَّة الحاضر والماضي والمستقبل مُكلَّلًا بروح الأصالة وكرَم البداوة الصحراويَّة، ورفاهيَّة الحياة العصريَّة المنعَّم بمبادئ وأخلاق يُحَسد عَلَيْها تشعرك بتلك الأصالة الَّتي تجد ملامحها في كُلِّ عمل وطني مُطعَّم بالتنمية والابتكار المتزامن مع العمل الصَّادق، لِيكُونَ في النِّهاية ما نشاهده وننعم به الآن في دَولة المؤسَّسات وسيادة القانون، لِيستمرَّ قطار التنمية باستحداث أفضل السُّبل وتوفيرها للرُّقي بالعمليَّة التعليميَّة الَّتي هي أساس التنمية، وتعزيز القدرات في مجال تقنيَّة المعلومات والتواصل الرَّقمي بما ينسجم مع أهداف رؤية «عُمان 2040»، إنَّ من أهمِّ ما يميِّز الاحتفال بالعيد الوطني هو إبراز الهُوِيَّة للعُمانيَّة الَّتي تجسَّدت في التكاتف من أجْل الوطن وتفضيل المصلحة العامَّة على المصلحة الشخصيَّة بتخطِّي الأزمات الَّتي يشهدها العالَم، وجعلت سلطنة عُمان نموذجًا استثنائيًّا في التطوُّر مُثمر المضمون ورائع الشَّكل ووفير الإنتاج برؤية عصريَّة ونهج تطويري كثير التفرُّد والتميُّز. فكُلُّ عامٍ وجلالة السُّلطان المُعظَّم وكُلُّ عُمان في تقدُّم مستمرٍّ ونهضة مستمرَّة.
جودة مرسي
godamorsi4@yahoo.com
من أسرة تحرير « »
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: من خلال العال م ع مانی
إقرأ أيضاً:
بنكُ التنمية يتجاوز 100 مليون ريال عُماني في تمويل المشروعات الصغرى
"العُمانية": حقق بنك التنمية إنجازًا نوعيًّّا، بتجاوز محفظته الإقراضية للمشروعات الصغرى حاجز 100 مليون ريال عماني حتى نهاية سبتمبر 2025، عبر تمويل أكثر من 20 ألف مشروع صغير في مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية، موزعة على جميع محافظات سلطنة عُمان بما يعكس التوازن التنموي بين جميع المحافظات.
ويأتي هذا الإنجاز ترجمة عملية لتوجهات الحكومة ممثلة في وزارة المالية، والذي من خلاله يجسد التزام البنك بدعم المشروعات الصغرى كأحد أبرز روافد النمو الاقتصادي، ووسيلة فعالة لتمكين الأفراد والأسر وتعزيز التشغيل الذاتي، في إطار رؤية "عُمان 2040" التي تضع الإنسان في قلب التنمية.
وتُجسد وزارة المالية في سلطنة عُمان دورًا محوريًّا في دعم المشروعات الصغرى، من خلال: دعم تأسيس بنك التنمية كمؤسسة تمويلية وطنية تُعنى بتمويل المشروعات الإنتاجية والخدمية، ليكون الذراع التنفيذية لسياسات التمكين الاقتصادي. وتوجيه السياسات التمويلية نحو الفئات ذات الأولوية، بما يضمن عدالة التوزيع وتحقيق التوازن التنموي بين المحافظات. وتحمل كلفة الفوائد لمشروعات المتفرغين لأعمالهم الخاصة.
وتوزعت المحفظة الإقراضية للمشروعات الصغرى على عدد من القطاعات الاقتصادية أبرزها قطاع الثروة السمكية بـ 8761 قرضًا، بقيمة تقارب 38.5 مليون ريال عُماني. وقطاع الزراعة والثروة الحيوانية بـ 3805 قروض، بنسبة 19 بالمائة من إجمالي المحفظة. وقطاع الصناعات الحرفية 2898 قرضًا، بنسبة 10بالمائة من إجمالي التمويل.
ويُعزى تصدر هذه القطاعات إلى أهميتها الحيوية في تحقيق الأمن الغذائي الوطني، إضافة إلى ارتباط العُمانيين الوثيق بهما كمهن تقليدية ومستدامة توفر عوائد مالية ممتازة ومستقرة، خصوصًا في المناطق الريفية والبحرية.
ويولي بنك التنمية اهتمامًا خاصًّا لهذه القطاعات، نظرًا لما تمثله من بُعد اجتماعي وثقافي هام، إذ تعد جزءًا من الموروث الحرفي والمهني العماني، فضلًا عن تأثيرها الاقتصادي المباشر في دعم التوازن التنموي وتوفير فرص العمل. كما تمثل هذه القطاعات مصدر دخل مستداما للعديد من المواطنين، خاصة في المناطق التي يعتمد سكانها على الزراعة، الثروة الحيوانية، أو الصيد البحري كمهن رئيسة.
ووضح سعادةُ محمود بن عبد الله العويني، رئيس مجلس إدارة بنك التنمية أن الحكومة تولي اهتمامًا بالغًا بالمشروعات الصغرى باعتبارها أداة فعالة في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ووسيلة لتمكين المواطنين وتحقيق الاستقرار للأسر. ولأهمية هذه الفئة ودورها الفاعل وتقديرا لأصحاب المشروعات المتفرغين لإدارتها فيقدم البنك القروض الميسرة دون فوائد دعمًا لهم لمواصلة مسيرة الإنتاج.
وقال سعادتُه في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية إن بنك التنمية تُعدّ هذه المشروعات مشروعات وطنية، فهي توفر فرص العمل، وتزيد الإنتاج، وتُسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي. مؤكدا على استعداد البنك الكامل للاستمرار في دعمها والوقوف جنبًا إلى جنب مع أصحابها، وتوسيع قاعدة المستفيدين، بل ومضاعفة أرقام التمويل خلال الفترة القادمة.
وأشار سعادتُه إلى أن المشروعات الصغرى نواة الاقتصاد ومحرك للتنمية وتُعد المشروعات الصغرى القاعدة الأولى لريادة الأعمال مؤكدا على أن هناك اهتمامًا حكوميًّا مباشرًا وتمكينًا مستدامًا وتحظى به الفئات المستفيدة وأهمية التمكين الاقتصادي للفئات ذات الأولوية، مثل: الشباب الباحثين عن فرص بناء مستقبلهم المهني.
ويُولي بنك التنمية اهتمامًا خاصًّا بدعم مشاريع التأسيس الأولي، حيث أثبتت التجارب أن العديد من المشروعات الكبيرة بدأت كأفكار صغرى، وتمكنت من التوسع والنجاح بفضل الدعم المناسب في مراحلها الأولى.
ويُقدّم بنك التنمية نماذج تمويلية مرنة وميسرة تشمل: قروضًا بدون فوائد تصل إلى 15 ألف ريال عُماني، بنسبة تمويل 90 بالمائة من تكلفة المشروع، وتُمنح للمتفرغين، وتشكل 68 بالمائة من المحفظة. وقروض بفوائد 3 بالمائة لغير المتفرغين لأعمالهم، بنسبة تمويل تصل إلى 80 بالمائة. وتشكل 32 بالمائة من المحفظة، وتمويل لرأس المال العامل بنسبة تصل إلى 20 بالمائة من قيمة التمويل، وفترات سماح مرنة تعتمد على طبيعة المشروع وتدفقاته النقدية.
وفي إطار مواكبته للتطورات، عمل البنك على تحول رقمي شامل في عملياته وخدماته، مما أدى إلى تسريع نمو حجم القروض، وتحسين تجربة المستفيدين، خاصة في فئة المشروعات الصغرى. وأصبح بإمكان رواد الأعمال التقديم ومتابعة طلباتهم إلكترونيًا، مما زاد من وتيرة الاستفادة ورفع كفاءة الوصول إلى التمويل في مختلف المحافظات.
ويُواصل البنك استثماراته في البنية الأساسية الرقمية لضمان وصول التمويل بسهولة وعدالة للفئات المستحقة. وأحدثت هذه المشروعات على الأفراد والمجتمع أثرًا اقتصاديًّا واجتماعيًّا ملموسًا، تمثل في: تمكين النساء وربات البيوت من تأسيس مشاريعهن الخاصة ودعم الشباب والخريجين لبناء مشاريعهم المهنية وتوفير مصادر دخل للمتقاعدين والباحثين عن عمل وتوفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة في مختلف الولايات ورفع الإنتاج المحلي في القطاعات غير النفطية.
ويؤمن بنك التنمية بأن التكامل بين مختلف الجهات الحكومية والخاصة والمجتمعية هو الأساس لتحقيق التمكين الفعلي والمستدام لهذه الفئة عبر بيئة تمكينية متكاملة.
يذكر أن المشروعات الصغرى، تشكّل القاعدة الأهم لبناء اقتصاد متنوع ومستدام، يكون فيه الإنسان هو المحور، والمشروع هو الأداة، والمستقبل هو الهدف.